تقرير صهيوني:الفسيفساء الطائفية والمذهبية تخدم نظام الرئيس الاسد
تقرير صهيوني:الفسيفساء الطائفية والمذهبية تخدم نظام الرئيس الاسد  48ed12281ae1f6453d2d5ec95b17e082_XL

قدر الخبير الصهيوني في الشؤون العربية، عاميت كوهين، أنّ الرئيس بشار
الأسد لا يزال يستطيع حماية نظامه من الإنهيار، رغم شيوع تقديرات مغايرة في
الغرب مفادها أنّه حان الوقت للبدء بالتفكير في "اليوم التالي للأسد"، كما
أنّ 23 مليون سوري بدأوا منذ الآن يفكرون بذلك، ويبدو الأمر حالياً، فإن
"اليوم التالي للأسد" قد يتأخر قليلاً.
فيما قال البروفيسور، إيال زيسر،
عميد كلية العلوم الإنسانية في جامعة "تل أبيب"، أن كل شيء لا يزال
مفتوحاً، فالأسد يقاتل في سبيل حياته، وهو نازف، لكنه لا يزال صامداً، ولا
يوجد تفكك تام في النظام، ومع ذلك فإنّه من الواقعي الحديث عن اليوم
التالي، لأننا في وضع لم يعد يفاجئ أحداً، لكني أتردد في القول أننا قريبون
من ذلك.
لكن د. "يهودا بلنغاه"، رئيس دائرة دراسات الشرق الأوسط في
جامعة "بار ايلان"، يعتقد بأن التغيير السلطوي في سوريا ليس واقعاً
منتهياً، لأنه يحتمل أن يمر وقت طويل إلى أن يحدث التحول الذي يريد
الأمريكيون والأوروبيون أن يروه، فالأسد يستخدم أساليب قمع وحشية، فظيعة،
ولكن في نهاية المطاف ينجح في البقاء، فهو يقمع بعنف البؤر الأساسية، ولا
يسمح للأحداث بالانتقال إلى دمشق نفسها، كما أن مدينة حلب، الثانية في
حجمها، بقيت هادئة.
أجهزة الاستخبارات
ويرى "كوهين" أنّ الأسد في
محاولة لقمع الاضطرابات واحتوائها، يستخدم منظومة متفرعة من أجهزة
الاستخبارات التي هدفها الأساس على مدى عشرات السنين حماية النظام، وتنتشر
في كل حي وقرية، ويراقب الواحد الآخر، لمنع الانقلابات الداخلية، وأساس
القمع تنفذه الاستخبارات العسكرية وقسم الاستخبارات في سلاح الجو، وهي
تنشغل بأعمال الاعتقال والقتل المقصود للمتظاهرين على حد سواء، وتحت قوات
الأمن الرسمية يعمل "الشبيحة"، ميليشيا شبه عسكرية، تتكون أساساً من نشطاء
حزب البعث، وهم موالون للأسد تماماً، يلبسون المدني، وينفذون "العمل
القذر"، وتحاول منع الاحتجاج في مهده، بالاعتقالات أو تصفية النشطاء
المركزيين.
وفي الأسابيع الأخيرة، عندما شعر النظام بأنه يفقد السيطرة
في مدينة معينة، أُرسلت وحدات الجيش لممارسة القمع الوحشي غير مكبوح
الجماح، وكانت المدينة الأولى التي استقبلت هذا التكتيك درعا، جنوبي
الدولة، كما جرت حملات عسكرية واسعة ضد بضع مدن، على رأسها حماة ودير الزور
واللاذقية.
وأضاف: يستخدم الأسد حتى الآن 9 فرق لقمع الثورة، القوة
الأساس تعود لفرقة المدرعات 4، الموالية لشقيقه ماهر، كما بعث لباقي المدن
بفرق من الحرس الجمهوري، وفرقتين من القوات الخاصة، ما يعني أن حجم النشاط،
وقيام بعض الوكالات بتكليف من الحكومة بالتخطيط، والتحكم والجهود
اللوجستية، يُبين بأن هذه الأعمال موجهة ومنسقة ومنفذة من الجهات الأعلى في
النظام، والقوة الفتاكة تستخدم عن عمد، انطلاقاً من النية لسحق الاحتجاج
الموجه ضده.
وقد أشار الخبير العسكري الصهيوني، عاموس هرئيل، إلى أن
شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش لا يمكنها برغم التغطية الاستخبارية
"الفاخرة" للساحة السورية، توقع الموعد الدقيق لانهيار النظام هناك، لكن
التطورات تسير باتجاه واحد فقط، لأن إعادة سفراء عرب من دمشق، والخط
المتصلب لتركيا، يدلان على أن الأمور تسير في "الانزلاق نحو المنحدر".
(القناة العبرية الثانية)
شروخ داخل الجيش
لكن "زيسر" يرى أن الأمل
الكبير في أوساط خصوم الأسد من الداخل ومن الخارج هو نشوء شروخ داخل الجيش،
فالسيناريو المعقول يتحدث عن "بطانية قصيرة"، تؤدي لتآكل قدرته على
استخدام الوحدات المختارة والموالية له فقط، حتى الآن برز 50 رقم بؤرة
مظاهرات في كل أرجاء سوريا، والمعارضة انتقلت لمراكز المدن، مما اضطر
النظام للعمل في محيطات أكثر تعقيداً، وجراء ذلك، ازداد عدد القتلى، وبذل
الجهود في حراسة حدوده، فمن جهة، يحاول منع اللاجئين من الفرار إلى تركيا
لتقليص الأدلة، مما يخلق حرجاً ومساً شديداً بصورته، وبالتوازي، يحاول منع
دخول المعارضة، لاسيما السلاح والوسائل، لكن التخوف هو من تسلل متطرفين
إسلاميين من لبنان والعراق لمحاولة ضعضعة الاستقرار في الدولة أكثر فأكثر.
ومع
ذلك، ورغم أن قوات النظام لم تُهزم، وإمكانيات الشروخ في الجيش تبدو
طفيفة، فان الآلية نحو مشاكل أكبر لا تزال قائمة، بسبب الطابع الواسع
لأعمال العنف، لا يمكن للنظام حشد الجنود في عدد أكبر من الأماكن، والضغط
المتواصل من المظاهرات سيزيد بقدر أكبر جهود الجيش، واحتمالية أعلى لمزيد
من الفرار منه، كلما شدد النظام العنف، وإذا ما تضرر ولاؤه، سيستخدم النظام
قوات الأمن بقدر أكبر، مما سيدفعها للتآكل، ويستنزفها، كما قد تنشأ معارك
بين وحدات الجيش وقوات الأمن، رغم أن الأدلة على الفرار هامشية تماماً حتى
الآن، فعندما أُرسلت الفرقة 5 لقمع الاضطرابات في درعا، فر ضباط وجنود،
وتتحدث التقديرات عن العشرات والمئات، ومع ذلك، فليس هذا هجراً لوحدات
كاملة، تقاتل بجانب الثوار، كما حصل في ليبيا.
لكن "بلنغاه"، يرى أن
الحكم العلوي في سوريا يسيطر في دائرتي القوة الرئيستين، والدائرة الثالثة
تسيطر في وحدات مركزية في الجيش، يديرها مسلمون سنة تحالفوا مع حزب البعث،
وهم منفذو إرادة الحكم، ويعوضون بكثير من المال، فيما يزعم "زيسر" أن صورة
الاحتجاج لا تتعلق بأن الأقلية العلوية ضد باقي الدولة، فنصف السوريين مع
الأسد، والدروز والمسيحيون يفضلونه على حكم الأغلبية السنية، إلى جانب أن
السنة في المدن الكبرى، لاسيما دمشق وحلب، يشكلون القطاع التجاري، عقدوا
تحالفاً مع الحكم العلوي، ويسرهم الاستقرار الذي يتيح لهم مواصلة نمط
حياتهم، وتخوفهم بالطبع من سيطرة التيار الإسلامي.
المستقبل الغامض
من
جهة ثالثة، ذكر "كوهين" أن أحد الأسباب المركزية للغموض حول مستقبل سوريا
هو هوية المعارضة، فالتقدير أنه لا توجد منظمة واحدة أو قيادة موحدة تقود
الاحتجاج، ما يجعلها أقرب لأن تكون "علبة سوداء"، بحيث يدور الحديث عن
شظايا منظمات، كل واحدة ذات أجندة مختلفة، توحد الآن صفوفها.
كما أن
أساس المظاهرات تنظمها لجان محلية، تستغل شبكة الانترنت لخلق جبهة واحدة مع
رسائل موحدة، هذه اللجان، التي بدأت بتنسيق أحداث الاحتجاج داخل الجماهير
المحلية، تحولت بالتدريج إلى "لجان التنسيق المحلية لسوريا"، وهي منظمة
عليا للتنظيمات من معظم المدن والبلدات، وتقدم المساعدة في تنسيق نشاطات
اللجان المختلفة، والتحرك الميداني، ونشر البيانات المشتركة بمواقفها
السياسية.
"زيسر" من جهته، يُقدر بتصاعد العنف، دون الانتقال إلى حرب
أهلية، وهو لا يرى أيضاً سيناريو "انقلاب بلاط"، لأن الحكم العلوي يعرف أن
المشكلة ليست لدى بشار، بل في طبيعة الحكم، فيما يرجح "بلنغاه" إمكانية هذا
الانقلاب، إذا وصلت الطائفة العلوية لتسوية ما مع السنة، تُغير طبيعة
الحكم في الدولة، ومع ذلك فإنه بين إسقاط النظام وتثبيت الوضع في اليوم
التالي، كل شيء يمكن أن ينهار، ومن الصعب التخمين ما سيحصل هناك، فالأكراد
مثلا ينتمون لتحالف المعارضة، ويشكلون 10% من السكان، يتطلعون للحكم
الذاتي، ومن غير المعقول أن السنة الذين يحلمون بسوريا الكبرى، سيسمحون لهم
بالانفصال لإقامة كيان سياسي، كما أن تركيا سترى في مثل هذا السيناريو
تهديداً مباشراً عليها، مما سيضعضع الاستقرار.
يصل "كوهين" إلى خلاصة
مفادها أنه في ضوء انعدام اليقين، من الصعب القول إن سقوط الأسد سيخدم
المصلحة الصهيونية، لأن في تل أبيب من يعتقد بأن الحفاظ على الوضع القائم
قدر الإمكان هو الخيار الأفضل، لأنه يدفع الحكم السوري للانشغال في الشؤون
الداخلية، ويخلق توتراً في أوساط حلفائه الطبيعيين: إيران، حزب الله وحماس،
رغم أن سقوطه من شأنه أن يعرض للخطر الهدوء على طول الحدود السورية.
لكن
"بلنغاه" لا يعرف من سيصعد مكان الأسد، وأي قوة سيُدخل، بشار نعرفه، صحيح
أنه يخضع لنفوذ إيران وحزب الله، لكنه أحياناً يعمل أيضاً كعامل معتدل،
ونعرف السلوك العسكري والسياسي لديه، وقد تحدثنا معه في الماضي، يحتمل أن
يكون من الأفضل في هذه اللحظة أن يبقى هذا الرجل، بالتوازي، على "إسرائيل"
العمل في كل سبيل ممكن لتحاول الاستعداد لما يحصل في اليوم التالي، لأنه في
هذه اللحظة من الصعب جداً وصف هذا اليوم.
المنتدى الصهيوني للمخابرات
عن العبرية، ترجمة: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية