وقفات حق في ذكرى المولد

يا مولدًا أنعِم به من مولدِ = = أضحيتَ وِردي في الحياةِ ومورِدي
وأقول للتاريخ رنّم واشهدِ = = وبفضلِ أحمدَ في العوالم غرّدِ
سادَ البريّة وهو بعدُ كَبُرعُمِ = = من للبرايا مثلُ ذاكَ السيّدِ
إن كان شطرُ الحُسنِ خُصَّ بيوسُفٍ = = فالحُسنُ كل الحُسنِ عند محمدِ
إن كان ءاخرُ مُرشدٍ برسالةٍ = = لكنه بالفضل أوّل مُرشدِ




ها هو ربيع الأول يترقرق كما النور
في بوارق الفجر، ويأتنّق كما الزهور في بيارق النصر. كيف لا، وهو من ألقى
لديه الدهر عصاه وأشرقت الأرض بنور سناه. إنه الموعد والمورِد والمولِد.
إنه يوم مولد أعظم شخص عرفه التاريخ، فهو أفضل الأنبياء، وأمته أفضل
الأمم، وكتابه أفضل الكتب، وشريعته أفضل الشرائع.
هو ءاخر الأنبياء بعثًا وأولهم فضلا، هو وسيلة ءادم إلى الله، هو صاحب
الشفاعة الكبرى { يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى
اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. ولئن علا شأن الملوك الأصياد والأمراء الأنجاد
بمدح الشعراء فبمدحنا له نحن الذين نعلو لأنه نال مدحًا لا يعلوه في
العالمين علاء ونال ثناء لا يقاربه ثناء حيث امتدحه الله في غير ءاية من
القرءان وهل بعد الفرقان بيان وتبيان.
إن يعلُ ممدوحٌ بمدح مُفوَّهٍ = = فلقد علا بالمدحِ مادحُ احمدِ
وإن شئت فاسمع لأعدائه حيث شهدوا له بالأمانة والصدق ورجاحة العقل قديمًا
وحديثًا ومن أواخرها "المائة الأوائل" الذي وُضع في الغرب وسمى مائة شخص
اعتبرهم أهم شخصيات التاريخ واعتبر أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو أول
المائة وقديمًا قيل "والفضل ما شهدت به الأعداء".
حتى كفار قريش الذين كانوا يصفونه بالصدق والأمانة والشمائل الحسنة
والمناقب العالية، أرادوا أن يتّهموه فتناقضت تهمهم وتكاذبت افتراءاتهم
فقالوا عنه مجنون وساحر وكذاب وشاعر كما روى لنا القرءان الكريم في غير
ءاية.

فبالله كيف يستقيم أن يكون الشخص مجنونًا وشاعرًا في ءان !!!

لذا فإننا نتوقع في كل حين حملة شعواء كتلك التي قامت في الدنمارك وغيرها،
ولكننا نستنكرها أشد الاستنكار، فهي حملات تتجدد على كر العصور ومر الدهور
من داخل الأمّة وخارجها. أما في الخارج فيرون أن النور القادم من تخوم
التاريخ الضارب في ءافاق النجوم يتوهج ولا يخبو وأنه كصارم لا ينبو وجواد
لا يكبو. فهالتهم هذه النضارة التي لا تذوي الحضارة التي لا تشيخ فنضحوا
مما انطوت عليه صدورهم من وهم ووهن وقد قيل: "وكل إناء بالذي فيه ينضح".
وأما هجمة الداخل فلطالما رأينا أقلامًا تنفث بالسم وأصواتًا تنعق بالإثم
من أشياخ معممين حيث قالوا في الأنبياء مقالة السوء فأحدهم يقول والعياذ
بالله إنّ الرسول يُخطئ في الاجتهاد في التشريع، والله سبحانه وتعالى
يقول: { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}.
وهو ذات الشخص الذي يتهم الرسول بالتشويش على الأمة، ويتهم سيدنا موسى
بالعِناد، ويزعم أن سيدنا هارون سكت عن الشرك، كما يزعم أن الرسول كان
يعامل المنافقين على أنهم مسلمون مع علمه بحالهم، عنيت به يوسف القرضاوي.
إننا مع استنكارنا للرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم نقول: أين
المستنكرون لما يقوله القرضاوي؟!! وكذلك امثاله من الذين يُعمِلون معاول
الهدم في صرح الإسلام ويكيلون الشتم لنبينا عليه الصلاة والسلام.

لماذا يُصدَّر القرضاوي ولا يُعترض عليه إلا من قلة قليلة من هنل وهناك.
"فطوبى للغرباء الذين يُصلحون ما أفسد الناس" في عصر تعلو فيه التحوت
"أراذل الناس" ويفشو فيه الكذب والقابض فيه على دينه كالقابض على جمر.
إنّ البعض بدل التحذير من القرضاوي يقومون بالافتراء على جمعية المشاريع
الخيرية الإسلامية ورمي الإشاعات الكاذبة، ومن ذلك زعمهم أن الجمعية تكفّر
مشايخ دار الفتوى فإننا نقول كما قال علماء الأمّة إنه لا يُكفَّر أحدٌ من
أهل القِبلة بذنب ما لم يستحله وكان معلومًا من الدين بالضرورة، وإنه لم
يصدر عن الجمعية أو عن أحد من مشايخها أي كلام فيه تكفير لمشايخ دار
الفتوى أو لسماحة مفتي الجمهورية. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا
رجعت عليه".
إن جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، وطُلاب المحدّث الشيخ عبد الله
الهرري المعروف بالحبشي، يرفضون مبدأ التكفير الشمولي الذي تنتهجه بعض
الجماعات التي تكفّر عموم الأمة حكامًا ومحكومين، بما فيهم من علماء
ومشايخ ودُعاة بدعوى أنهم ينبذون بعض أفكار هذه الجماعات أو يحكمون
بالقانون.
إن جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية وطلاب المحدّث الهرري من حيث الفقه
على المذهب الشافعي، ومن حيث العقيدة على مسلك افمام أبي الحسن الأشعري أي
على مسلك الأشاعرة الذي هو مسلم مئات الملايين من المسلمين في مشارق الأرض
ومغاربها. ونحن نعلم أن بعض المغرضين يعملون على تشويه حقيقة منهج الجمعية
وضرب علاقاتها بدار الفتوى.

وأختم بما قاله الشاعر في مدح الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم:



فأغِث إلهي إننا في حيرةٍ = = عزَّ النصير وأنت خير مؤيّدِ
أدرِك رسول الله أمتك التي = = سيمت بخسفٍ من لئيم مُلحِدِ
فلقد غدونا للئامِ كقصْعةٍ = = يتجاذبون اللحم فوق الموقدِ
إنا توسلنا بجاه المصطفى = = أن ترفع البلوى وكيد المُعتدي




بقلم رئيس فرع جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية في البقاع
الشيخ أسامة السيّد