فيس بوك.. "مهد" الثورات و"مُزيح" الرؤساء

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



ساهَمت
شبكة الإنترنت وما أوْجَدته من مواقع التواصُل الاجتماعي وفي مقدمتها "فيس
بوك"، في تسريع معدلات تراكُم الغضب لدى الشعوب العربية خلال السنوات
الأخيرة، ثُمّ في نقل وقائع الانتفاضات الشعبية إلى أنحاء الوطن العربي
بداية من تونس ومرورًا بمصر في انتظار دولٍ عربية أخرى.


ففي
أقل من شهر اندلعت ثورتان شعبيتان عربيتان أطاحتَا بأقدم نظامين للحكم في
الشرق الأوسط في مصر نظام الرئيس السابق حسني مبارك (30 عامًا) وفي تونس
الرئيس السابق زين العابدين بن علي (23 عامًا).. وفي كلتا الحالتين كان
الـ"فيس بوك" منصة الانطلاق والدليل لها.


ففي
أول ثورة تكنولوجية في التاريخ نجحت ثورة 25 يناير المصرية في أن تُكرِّس
أدوات العصر الجديد وتسخر المحمول والإنترنت وخاصة المواقع الاجتماعية
التي جاء على رأسها فيس بوك التي جعلت منه منصة إطلاق مجموعات وفعاليات
التظاهر وتوثق للثورة وتنشر الفيديوهات والصور التاريخية التي أسقطت نظام
الرئيس المصري السابق حسني مبارك بعد 30 عامًا من الحكم.


جيل
25 يناير شبّ على تناقل المعلومات عبر البريد الإلكتروني ونشر الآراء عبر
غرف الدردشة والفيديوهات عبر موقع الفيديو الشهير "يوتيوب" ثُم تَمّ تجميع
كل ما سبق في موقع "فيس بوك".


وفي
سرد موجز لدور فيس بوك في خلق جيل من "الثوار" الإلكترونيين نعود لعام
2008 حيث نظّم عمال المحلة عام 2008 إضرابًا لرفع الأجور وكانت البداية
عندما التقطت ناشطة على الإنترنت الخبر وأنشأت له مجموعة على فيس بوك من
أجل دعم الإضراب وانضمّ لهذه المجموعة ما يقرب من نصف المليون شخص.


وتحول
الإضراب من المحلة إلى إضراب شعبي وتَمّ تدشين حركة 6 أبريل أول حركة
سياسية على الفيس بوك وكانت نقطة الانطلاق لما خلفها من الأنشطة
والفعاليات على الموقع.


وبعدها
بأشهرٍ قُتِل مواطن في الإسكندرية اسمه خالد سيعد على يد مُخْبِرين تابعين
للشرطة ليفجر الغضب في صدور الشباب فأنشئوا صفحة "كلنا خالد سعيد" واشترك
فيها مئات الآلاف الذين تحولوا من الإنترنت إلى التحرك في الشارع عبر
مظاهرات حاشدة للتنديد بتعذيب الشرطة.


طوال
تلك الفترة ظل "فيس بوك" مرآة عاكسة لكل التطورات الحقوقية والسياسية في
مصر، وعندما دعا مؤسس صفحة كلنا خالد سعيد وهو وائل غنيم مدير التسويق في
جوجل إلى مظاهرةٍ حاشدةٍ لعرض المطالب الشباب على النظام وحدّد لها يوم 25
يناير وهو نفس يوم الاحتفال بأعياد الشرطة وتبعه بعد ذلك حركة 6 أبريل ثم
إنشاء صفحة باسم تاريخ نفس اليوم على الفيس بوك، لم يكن أحد يتخيل أن
تكون تلك شرارة لثورة شعبية تنتهي بإسقاط نظام دام أكثر من 30 عامًا في 18
يومًا وعبر موقع إلكتروني هو الفيس بوك.


وكان
25 يناير نقطة البدء لمظاهرة شبابية جعل العالم كله يرصدها عن قرب، ويعيد
حساباته، بدءًا من الجيران مثل سوريا التي حجبت الدخول إلى الفيس بوك قبل
أن تعود وتعيد تشغيله مرة أخرى، وصولاً إلى الصين التي بادرت بحجب البحث
عن مفردة "مصر"، تفاديًا لعدوى الغضب التي قد تصيب شبابها وأخيرًا ليبيا
التي هددت من يدخل إلى "فيس بوك".


وبالفعل جاء يوم 25 أبريل لتنشط مجموعات الفيس بوك في تحميس الشباب والمتظاهرين للنزول إلى الشارع ووضع الخطوط العريضة لتحركاتهم.

فكانت
بداية الانتفاضة الشعبية حيت توقع الأمن ألا تتعدى المظاهرة عدة المئات
ولمدة زمنية لن تتعدى الساعتين غير أنه تفاجأ بالعدد الكبير واستمرارهم في
ميدان التحرير (مهد الثورة) لعدة ساعات طالت حتى غربت الشمس ومازال
المتظاهرون متواجدون في الميدان، مما دفع الأمن إلى فقدان أعصابه واللجوء
إلى القوة المفرطة وسقوط قتلى، مما شجع الشباب على الاستمرار في المظاهرات
والدعوات ليوم جمعة الغضب 28 يناير.


وفي
محاولة من الحكومة لسيطرة على الوضع الذي خرج عن سيطرتهم لجئوا إلى وأد
الثورة من مهدها عبر إبعاد المتظاهرين عن "الفيس بوك" عبر قطع خدمة
الإنترنت كليًّا عن أرجاء الجمهورية لكن بعد فوات الأوان وبعد أن أطلق فيس
بوك العنان للشباب للتغيير.


وبعد
عودة خدمة الإنترنت بأسبوع بدأت تنهال صور المظاهرات والقتلى والجرحى
وأسلوب تعامل الشرطة مع المتظاهرين مما فجّر الغضب أكثر في نفوس
المتظاهرين وخرجت الأعداد بعدها بالملايين. كما بدأت ظهور مجموعات على
الفيس بوك مثل شباب 25 يناير ومؤيدي حركة 25 أبريل وغيرها. حتى جاء يوم 11
فبراير ويعلن مبارك تَنحّيه عن السلطة ومولد مصر جديدة.


الأمر
لا يختلف كثيرًا في تونس الذي ساهم فيها فيس بوك في الإطاحة أيضًا بالرئيس
السابق زين العابدين بن على في 14 يناير الماضي. ولعب فيس بوك دورًا
كبيرًا في نقل الأثر العميق الذي أحدثه مشهد انتحار التونسي محمد بوعزيزى.


وساهم
"فيس بوك" في تعريف التونسيين بما حدث في سيدي بوزيد (موطن بوعزيزي) ، ثم
في نقل وقائع الانتفاضة إليهم. وكان الفضل الأول، على الصعيد الإلكتروني،
يعود إلى كاميرات الهواتف النقَّالة التي نقلت الصور إلى "فيس بوك" وغيره
من المواقع الاجتماعية.


وأتاح
"فيس بوك" إمكانات بثّ هذه التغطية بشكل فوري. وازداد دور "مجتمع
الإنترنت" في الأيام التالية على نشر الصور "والفيديوهات" والآراء
والتعليقات والنصائح. إلى أن انتهى هذا المشهد برحيل أول رئيس عربي طالما
وصف بأنه ديكتاتوري تلاه بعد ذلك نظام مبارك.. وفي انتظار ثورات جديدة
قادمة بدأت ملامحها تبدو في الأفق خاصة في سوريا والبحرين واليمن والجزائر
ويلعب فيها الـ"فيس بوك" منصة الانطلاق.