منتديات الجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الجزائردخول

منتديات الجزائر


description خصائص التربية النبوية Empty خصائص التربية النبوية

more_horiz

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خصائص التربية النبوية

لقد
أوضح القرآن الكريم أن المقصود من البعثة النبوية هو التعليم والتربية،
فمنذ أن عهد الله عز وجل إلي إبراهيم الخليل ببناء البيت العتيق، دعا
إبراهيم - عليه السلام - ربه دعوة جامعة، لها وزنها ودلالتها، وهي تحمل مدلولين مهمين، هما:


الأول:
التوحيد الخالص لله سبحانه، وتقرير العبادة له عز وجل، والاستسلام لأمره
وتشريعه، والخضوع المطلق لطاعته، بعيدا عن الشرك والوثنية، مع الإخلاص وحسن
التوجه وسلامة القصد، والاستقامة علي التصور الصحيح، وإسلام الوجه لله
تبارك وتعالي.


الثاني:
تربية الفرد الصالح، والجيل الناشئ، والأمة المسلمة، تربية مثالية تسمو
بها علي الآخرين، وتقودها إلي الارتقاء والعلياء علي مر الزمن، وكر العصور.


قال عز وجل: (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم)(1).

وتشمل
التزكية: تصحيح العقائد والأفكار، وتغيير أساليب التفكير باتجاه الأفضل،
والأحسن، والأكثر فائدة، والأعظم تأثيرا، كما تشمل نبذ التقليد وتعطيل
العقل.


وفد قام رسول الله صلي الله عليه وسلم بهذه المهمة
خير قيام، حيث ربي العقيدة، والأخلاق، والنفس، والروح، وحرك دوافع الإصلاح
والخير، وأعد الناس الإعداد الشامل والدقيق، وهيأ الجو النظيف، ليشب الجيل
كي يتحمل أعباء الحياة، ويقوم بأمانة الاستخلاف، ولنتأمل قوله صلي الله
عليه وسلم:
(إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم)(2)

ومن هنا نتبين حاجة الناس الملحة إلي السنة النبوية،
وتربيتها، وهديها،وقد أشار ابن القيم إلي ذلك، وأوضح احتياج الناس الأكيد
إلي التربية النبوية، فقال: (ومن ها هنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة
إلي معرفة الرسول صلي الله عليه وسلم وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به،
وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلي السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في
الآخرة إلا علي أيدي الرسل،ولا سبيل إلي معرفة الطيب والخبيث علي التفصيل
إلا من جهتهم، ولا ينال رضا الله ألبتة إلا علي أيديهم، فالطيب من الأعمال
والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم وما جاؤوا به،فهم الميزان الراجح الذي علي
أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعتهم
يتميز أهل الهدي من أهل الضلال...فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلي
روحه، والعين إلي نورها، والروح إلي حياتها.


فأي
ضرورة وحاجة فرضت، فضرورة العبد وحاجته إلي الرسل فوقها بكثير، وما ظنك
بمن إذا غاب عنك هديه، وما جاء به طرفة عين، فد قلبك وصار كالحوت إذا فارق
الماء، ووضع في المقلاة، فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به الرسل كهذه
الحال، بل أعظم، ولكن لا يحس بهذا إلا قلب حي و: (ما لجرح بميت إيلام).


وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي
صلي الله عليه وسلم، فيجب علي كل من نصح نفسه، وأحب نجاتها وسعادتها، أن
يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به، ويدخل به في عداد
أتباعه وشيعته وحزبه، والناس في هذا بين مستقل، ومستكثر، ومحروم، والفضل
بيد الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم)
(3).

والتربية
النبوية فضلا عن أهميتها، فإنها تمتاز بمجموعة من الخصائص والميزات تجعل
من الضرورة علي كل مسلم ومسلمة ترسم خطاها، والنهل من معينها، واتباع
هداها، والاقتباس منها، حتي تكون الحياة صحيحة مستقيمة، والبناء قويا
شامخا. من أهم هذه الخصائص:




الخصيصة الأولي: تربية ربانية:

والمراد من الربانية هنا أمران:

1 - ربانية الغاية والوجهة. 2 - ربانية المصدر والمنهج.

أولا: ربانية الغاية والوجهة:

ربانية
الغاية والوجهة تعني أن يكون هدف المسلم وغايته في كل أعماله، وجميع
حركاته وسكناته مرضات الله عز وجل، وحسن الصلة بالله تبارك وتعالي، قال
تعالي: (
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)(4).

وما
كانت عبادة الإنس والجن من أجل نفع يصل إلي الله سبحانه وتعالي من وراء
ذلك، فهو سبحانه غني عن العالمين، لا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، وإنما
خلقهم من أجل عبادته ليكملهم بهذه العبادة، وليصل بهم عن طريقها، ليكونوا
أهلا للقائه سبحانه، وليتجلي عليهم إذا تزكوا بأنواره وفيوضاته.


وقد
نوع لهم سبحانه العبادة، فلم يجعلها علي وتيرة واحدة حتي لا يملوا، وحتى
يكون في تنوعها تزكية لجوانب متعددة، وزوايا مختلفة من الطبيعة البشرية،
وحتى تتناسب - علي تفاوت فيما بينها - مع كل الفطر والاستعدادات.


وفهم بعض الناس مراد الله سبحانه، وفهموا توجيهه للبشرية نحو الكمال الذي يجب أن يصل

إليه
كل من يرجو لقاء الله سبحانه، وعلموا أن السعادة كل السعادة إنما هي في
الانضواء تحت اللواء الإلهي، والدخول في الساحات الربانية، فطبعوا الحياة
بطابع العبادة، وجعلوا أعمالهم عبادة، وحركاتهم عبادة، وسكناتهم عبادة، بل
وأنفاسهم عبادة، وجعلوا من المصنع محرابا، ومن المعمل معبدا، فكانت حياتهم
عبادة.


ولقد خاطب الله تعالي رسوله محمدا - صلي الله عليه وسلم - بهذه الحقيقة، وأمره أن يعلنها ويبلغها للناس، فقال: (قُلْ
إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً
مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ
إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ (163)
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ
)(5)، وقال تعالي:(قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)(6).

الله قل وذر الوجود وما حوي إن كنت مرتادا بلوغ كمال

فالكل دون الله إن حققته عدم علي التفصيل والإجمال

واعلم بأنك والعوالم كلها لولاه في محو وفي اضمحلال

من لا وجود لذاته من ذاته فوجوده لولاه عين محال

وقد
كانت حياة نبينا صلي الله عليه وسلم - وهو القدوة الطيبة والأسوة الحسنة
لأمته - مثالا حيا للعبادة الحقة، والإخبات التام، والإخلاص الكامل، يتجلي
ذلك في كل أوقاته، وجميع مواقف حياته، وهذه لقطات متنوعة لمواقف مختلفة من
حياته صلي الله عليه وسلم، فيها من التوجيه والإرشاد الكثير، عسي أن تكون
محفزة علي الاقتداء، وباعثة علي التأسي .


روي
البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن نبي الله صلي الله عليه وسلم كان
يقوم من الليل حتي تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله،
وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال:
(أفلا أكون عبدا شكورا)(7)

وروي البخاري أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: (اللهم
لك الحمد، أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد لك ملك السموات
والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض،ولك الحمد أنت ملك
السموات
والأرض، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق،
والنار حق، والنبيون حق، ومحمد صلي الله عليه وسلم حق، والساعة حق، اللهم
لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت،
فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر
لا إله إلا أنت - أو لا إله غيرك)
(8).

وفي غزوة أحد لما حدث للمسلمين ما حدث من انكسار بعد الانتصار
أقبل صلي الله عليه وسلم علي أصحابه يواسيهم، ويخفف من مصابهم، ويسكب في
نفوسهم من الإيمان، ما يملؤها رضا بقضاء الله، وتسليما لأمره، وإذعانا
لحكمه، وسجل هذا الرضا والتسليم، بهذا الدعاء الذي تتجلي فيه العبودية
الكاملة المطلقة لرب العالمين.


روي الإمام أحمد والحاكم من حديث عبيد الله بن رفاعة الزرقي رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (استووا
حتي اثني علي ربي، فصاروا خلفه صفوفا فقال: اللهم لك الحمد كله، اللهم لا
قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لمن هديت،
ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما
قربت، اللهم ابسط علينا من بركاتك،ورحمتك، وفضلك، ورزقك ن اللهم إني أسألك
النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللهم إني أسألك النعيم يوم الغلبة،
والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا، وشر ما منعت منا،
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق
والعصيان


واجعلنا
من الراشدين، اللهم توفنا مسامين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير
خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك، ويصدون عن سبيلك،
واجعل عليهم رجزك وعذابك، اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب، إله
الحق)
(9).

وفي غزوة الأحزاب يشارك رسول
الله صلي الله عليه وسلم أصحابه في حفر الخندق، ويحمل معهم التراب، ويضرع
إلي الله سبحانه وتعالي، معترفا بفضله، سائلا إياه الثبات في الأمر،
والعزيمة علي الرشد، والنصر علي الأعداء.


روي
البخاري من حديث البراء قال: لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله صلي
الله عليه وسلم، رأيته ينقل من تراب الخندق حتي واري عني التراب جلدة بطنه -
وكان كثير الشعر - فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل من التراب
يقول:


اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينـا

فـأنـزلن سكينة علينـا وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الألي قد بغوا علينـا وإن أرادوا فتنة أبينـا

قال: ثم يمد صوته بآخره(10).

هذا هو رسول الله صلي الله عليه وسلم،
الله مقصده من وراء كل عمل، وغايته من وراء كل حركة وسلوك،هكذا كان شأنه
صلي الله عليه وسلم في السراء والضراء، في الشدة والرخاء، في النعماء ووقت
البلاء، وهو القائل رغم ما بذل من جهد وقدم من عمل: (اللهم إن لم يكن بك
علي غضب فلا أبالي..... لك العتبي حتي ترضي، ولا قوة إلا بالله)
(11).

وعلي هذا النحو ربي الصحابة الكرام، وأسس بهم خير أمة أخرجت للناس .






(1) سورة البقرة / 129.
(2) أخرجه
أبو داود، كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، رقم
(8)، والنسائي، كتاب الطهارة، باب النهي عن الاستطابة بالروث، رقم (40)
وابن ماجه، كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة وانهي عن الروث والرمة،
رقم (313) وابن خزيمة في صحيحه، كتاب الوضوء، باب النهي عن الاستطابة بدون
ثلاثة أحجار، رقم (80).
(3) زاد المعاد (1 / 69 - 70).
(4) سورة الذاريات / 56.
(5) سورة الأنعام / 161 - 164.
(6) سورة الأنعام / 91.
(7) صحيح الخاري، كتاب التفسير، باب قوله " ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر " رقم (4837).
(8) صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب التهجد بالليل، رقم (1120).
(9) أخرجه أحمد (3 / 414) وقال الهيثمي في المجمع (6 / 121، 122): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه الحاكم (1 / 507 - 3 / 23، 24).
(10) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق، رقم (4106).
(11) قال
الهيثمي في المجمع (6 / 35): رواه الطبراني وفيه ابن إسحاق مدلس ثقة،
وبقية رجاله ثقات،وأخرجه الخطيب في الجامع.(..2 / 275 رقم 1839).


شبكة السنة النبوية وعلومها

description خصائص التربية النبوية Emptyرد: خصائص التربية النبوية

more_horiz
مشكورة اختي راما
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد