القواعد الآمرة أو الناهية



وهي القواعد التي تتضمن خطابا
موجها للأفراد بأداء عمل معين أو امتناع عنه ،و هي التي لا يجوز للأفراد
مخالفتها و بالتالي يقع باطل كل اتفاق على مخالفتها.

ويمكن القول
هنا أن القواعد الآمرة هي تلك التي تكون بين الشخص و عامة الناس.وأمام هذه
القواعد تنعدم حرية الأفراد،ومثال ذلك القواعد القانونية التي تحرم جريمة
القتل أو سرقة في قانون العقوبات حيث لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها
أو تبديلها تحت ذريعة الرضي و سلطتن الإرادة لان مخالفة هذه القواعد يهدد
المجتمع وسلامته ولاقتصر ذلك على القواعد قانون العقوبات فحسب فمحاولة
الاتفاق مثلا على تشغيل صغار السن ،فقد منع المشرع الجزائري تشغيل صغار
السن و ربطهم بعقود عمل ،حرصا منه على تامين قسط وافر لهم من التعليم و
حمايتهم من أي استغلال .وقد ورد ذلك المنع في الفصل الثاني من قانون العمل
رقم 90-11 ولاسيما من المواد 15الى 19 منه. حيث منع منعا مطلقا تشغيل
الأطفال الذين لم يبلغوا16سنةالا إذا تم التشغيل بمقتضى ترخيص الولي الشرعي
للقاصر بعقد عمل بعد إذن الولي الشرعي تشغيل القصر في الأشغال الخطيرة أو
التي تنعدم فيها النظافة و الصحة أو تمس أخلاقياتهم كالعمل في المحاجر و
الأعمال الشاقة و الملاهي و الحانات سواء ذالك في الليل أو في النهار و
سواء تعلق ذلك بالذكور أو الإناث.

مثال أخر: تنص المادة 61من
القانون الحالة المدنية، الأمر رقم 20 الصادر في 19فيفري 1970 بقولها "يصرح
بالمواليد خلال خمسة أيام من المولدة إلى ضابط الحالة المدنية للمكان،و
إلا فرضت العقوبات المنصوص عليها في المادة 442 بالفقرة الثالثة من قانون
العقوبات"

علما بان المادة 442 من قانون العقوبات في فقرتها الثالثة
تنص على عقوبة الحبس من عشرة أيام على الأقل إلى شهرين على الأكثر و غرامة
من 100 إلى 1000 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من حضر ولادة طفل و
لم يقدم عنها الإقرار المنصوص عليه في القانون.

أمثلة أخرى :يتخذ صيغة النهي:

ما نصت عليه المادة 333 من التقنين المدني من انه لا يجوز إثبات التصرف القانوني إذا زادت القيمة على 1000دج إلا بالكتابة.

ما
نصت عليه المادة 141 من التقنين العقوبات الجزائري من أن "كل قاضي أو موظف
أو ضابط عمومي يبدأ في ممارسة الأعمال وظيفته قبل أن يؤدي- بفعله-اليمن
المطلوبة لها يجوز معاقبته بغرامةمن500الى1000دج".

القواعد المكملة أو المفسرة



وقد
تسمى أيضا بالقواعد المقررة و يقصد بها تلك القواعد التي يجوز للأفراد
الاتفاق على ما يخالفها من العبرة في ذلك المشروع يرى ضرورة أن يترك
للأفراد الحرية تنظيم العلاقات الخاصة بهم بالشكل الذي يروه مناسبا لهم
طالما أنها لا تهدد امن و سلامة المجتمع فهم اقدر على تنظيم مصالحهم ة
بالتالي يجوز الاتفاق على ما يخالفها أو استبعادها ،بيد أنها تصبح ملزمة
إذا هم سكتوا عنها .

ومثال ذلك: ما نصت عليه المادة 368 من القانون المدني الجزائري و التي نصها:

"إذا وجب التصدير المبيع إلى المشتري فلا يتم التسليم إلا إذا وصلت إليه ما لم يوجد اتفق يخالف ذلك".

هذا
النص عبارة عن قاعدة مكملة للإرادة المتعاقدين البائعين و المشترين،أو
مفسرة لما اتفقوا عليه إذا لم يكونوا قد اتفقوا على هذه النقطة من فبل ،
بمعنى أن تصدير الشيء المباع من محطة الشحن إلى الجهة التي يريدها المشتري
لا تعتبر تسليما لشيء المباع ،لان التسليم يتم عندما يصل الشيء المباع فعلا
إلى الجهة التي حددها المشتري .تلك هي القاعدة القانونية التي و ضعها
المشرع لكي تكون ملزمة الطرفين ، البائع و المشتري ، إذا كان يجهلانها أو
إذا كان لم يتفقا غير ذلك ،و لهذا نشاهد في آخر الفقرة عبارة ما لم يوجد
اتفاق يخالف ذلك.

مثال أخر:البيع بشرط التجربة الشائع في الحياة
المدنية و التجارية على السواء و يقع على الأشياء التي يراد التأكد من
صلاحيتها بعد التجربة كالآلات و السيارات ..و قد نص المشرع الجزائري على
البيع بشرط التجربة في المادة 355 من القانون المدني الجزائري "في البيع
على الشرط التجربة يجوز للمشتري أن يقبل المبيع أو يرفضه و على البائع أن
يمكنه من التجربة فإذا رفض المشتري المبيع يجب عليه أن يعلن الرفض في المدة
المتفق عليها فإذا لم يكن هناك اتفاق على المدة ففي مدة معقولة يعينها
البائع، فإذا انقضت هذه المدة و سكت المشتري مع تمكنه من التجربة المبيع
اعتبر سكوته قبولا .

معيار التفرقة بين القواعد الآمرة و المكملة



لقد
اتضح لنا أن القانون يهدف إلى تنظيم العلاقات في المجتمع من خلال تنظيم و
ضبط مصالح الأفراد من جهة و حفظ امن المجتمع و سلامته من جهة أخرى ن نتيجة
لذلك أن القاعدة الآمرة هي التي لا يجوز مخالفتها لعلاقتها بأمن المجتمع و
نظامه ،بينما القاعدة المكملة ،هي التي يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها و
ذلك لعدم تعلقها بالنظام في المجتمع و انصراف أثرها إلى الأفراد فقط .بيد
أن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يتسنى لنا التمييز بين القواعد الآمرة و
المكملة ؟الجواب في ذلك هو هناك طريقتان لذلك:

المعيار الأول :المعيار الشكلي

يقوم
المعيار الشكلي على اعتماد ألفاظ النص ذاته طريقا لمعرفة القاعدة
القانونية ،إن كانت آمرة أو مكملة و ذلك من خلال العبارة المستخدمة في
القاعدة و هل يجوز الاتفاق على ما يخالف حكمها من عدمه ، فإذا كانت العبارة
تدل على عدم الجواز الاتفاق على مخالفتها كانت آمرة و إن ذلك على جواز ذلك
كانت مكملة و الغالب في هذه الحالة استخدم المشرع ألفاظا متداولة مثل :يجب
–لا يجوز – يمنع – لا يصح – يعتبر باطلا – لا يمكن – إذا و جب – يصح – و
الأمثلة كثيرة في القانون.

المعيار الثاني:المعيار الموضوعي

قد
لا تتضمن القاعدة لفظ أمر يوحي بالنهي أو امتناع كدليل على أن القاعدة
آمرة أو أنها لا تتضمن نصا يسمح بالاتفاق على مخالفتها كدليل على أن
القاعدة مكملة أو المفسرة و عندئذ يجب البحث عن معيار آخر خارج اللفظ و
النص الذي جرت به القاعدة القانونية و ذلك من خلال البحث في موضوع القاعدة
القانونية و مدى علاقتها بالنظام العام أو المصالح الأساسية للمجتمع لذلك
يطلق على هذا المعيار بالمصطلح الموضوعي أو المعنوي لأنه يكمن في موضوع
القاعدة و المراد منها.فإذا كانت تتعلق بالنظام العام وامن المجتمع و
سلامته كانت القاعدة آمرة و العكس إذا كانت تنحصر على علاقة الأفراد فيما
بينهم فهي مكملة أو مفسرة

و مثال ذلك : المادة 369 من القانون
المدني الجزائري " إذا هلك المبيع قبل تسليمه بسبب لا بد للبائع فيه سقط
البيع و استرد المشتري الثمن إلا إذا وقع الهلاك بعد أعذار المشتري بتسليم
المبيع".