صحراء سیناء: عاصفة الثورات العربیة والایام الصعبة لتل ابیب/ بقلم: ناصر محبي

هل سیشهد الشرق الاوسط حرباً جدیدة علی حدود فلسطین المحتلة؟ هذا السؤال
تردد کثیراً بعد سماع اخبار المجازر التي ارتکبها الکیان الصهیوني ضد
المواطنین في قطاع غزة وحرس الحدود المصریین.
ولقطاع غزة ومعبر
رفح وصحراء سیناء اهمیة کبیرة جداً في المعادلات العسکریة والسیاسیة واذا
ما قام الکیان الصهیوني باحتلال هذه المواقع من جدید فان منطقة الشرق
الاوسط ستواجه انفجارات جدیدة ولذلك فان ردود الفعل الشعبیة علی الهجمات
الاسرائیلیة الاخیرة جاءت سریعة ومدویة، فالمواطنون المصریون حاصروا سفارة
الکیان الصهیوني بالقاهرة وطالبوا بطرد السفیر الصهیوني، اما في غزة فقد تم
ابطال الهدنة والبدء في انتفاضة جدیدة ضد الجیش الصهیوني.
والسؤال الذي یطرح نفسه الآن: ماهو هدف الکیان الصهیوني من تنفيذه لموجة جدیدة الهجمات علی قطاع غزة؟.
وللاجابة علی ذلك نقول:
1- مما
لاشك فیه ان الغارات الصهیونیة الاخیرة لها صلة مباشرة بالظروف الداخلیة
التي یشهدها الکیان، ففي الداخل یشهد موجة من الاحتجاجات الاسرائيلية، وعلی
الصعید الاقلیمي فان الصهاینة باتوا محاصرین من عدة جوانب، والمسألة
الاکثر اهمیة هي ان قادة تل ابیب لم یجدوا بعد سبیلاً للخلاص من الازمة
التي یمرون بها.
في مثل هذه الظروف فان الکیان الصهیوني اعتمد سیاسة
الهروب الی الامام کما اعتمد اسلوباً جدیداً للتنکیل بالفلسطینیين، فقد
صعد هذا الکیان موخرا من هجماته علی قطاع غزة واعتقل العدید من اهالي قطاع
غزة ومن المقدسيين في الضفة الغربیة.
ویجب القول بان قلق الکیان
الصهیوني ينطلق من التطورات الجدیدة التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط،
التطورات التي ادت الی تعزیز قدرة ومکانة جبهة المقاومة في المنطقة، وواضح
من الشعارات التي یرفعها الثوار هو ان جیلاً جدیداً من شعوب العالم العربي
باتت ترفض السیاسة التي یمارسها الکیان الصهیوني الغاصب للقدس وان هذا
الجیل یدعم انتفاضة الشعب الفلسطیني من اجل تحقیق مطالبه الشرعیة
والقانونیة، والاکثر من ذلك هو ان وسائل الاعلام الصهیونیة اکدت تفجر
الازمات داخل الکیان الغاصب، واکدت هذه الوسائل من ان مکانة الکیان
الصهیوني بدات تهتز بيد الثورات العربیة الاخیرة والاحداث الاخیرة التي
شهدتها الاراضي المحتلة اکدت بانه اذا ما تعرضت مکانة الکیان الصهیوني الی
الخطر. فأن هذا الکیان سینتهك جمیع القوانین والاعراف الدولية والانسانیة.
2-
بعد ان تحمل الکیان الصهیوني هزیمتین في عدوان 2006 مع المقاومة اللبنانیة
وعدوان غزة 2008 مع المقاومة الفلسطينیة، بدأت الهیکلیة العسکریة للکیان
الصهیوني تسیر نحو الانهیار، ومن نتائج هذا الانهیار من الداخل بروز
الخلافات والانشقاقات الجدیة بین الاجهزة الامنیة والعسکریة مع القطاع
السیاسي في هذا الکیان، وکلما تطرق الحدیث عن امکانیة نشوب حرب جدیدة، فان
القیادة العسکریة للکیان الصهیوني تثير مسالة تعاضم قوة وقدرة المقاومة في
جمیع ارجاء العالم العربي.
فخلال العامین الاخیرین حاول الکیان
الصهیوني ومن خلال قیامه بالعدید من المناورات العسکریة الایحاء بانه قادر
علی مواجعة ایة حرب جدیدة قد تنشب في المنطقة، وثبت من خلال التجارب
الماضیة بانه من الواضح ان هذا الکیان ومن اجل تغییر المعادلات السیاسیة في
المنطقة یلجأ الی نظریة افتعال حرب جدیدة.
وهذه هي حقیقة الکیان
الصهیوني، الا انه لا یوجد ادنى شك من ان هذا الکیان لم یعد قادراً علی
تحقیق احلامه العسکرتاریة بعد ان تحمل هزیمتین کبيرتین خلال عامي 2006
و2008، وفي ضوء هاتین الهزیمتین بدأت العجرة العکسية من داخل الكيان
الصهيوني الی الخارج وخیر دلیل علی ذلك الاحصائیات التي نشرت خلال الاشهر
الاخیرة.
3- لم یکن مستبعداً ان یبدي الکیان الصهیوني رد فعل عنیف معاد
للمصالحة الوطنیة بین حركتي فتح وحماس، فاساس الفکر الصهیوني ینصب على بث
الخلافات والشقاق بین الفصائل الفلسطینیة، ففي احدی المراحل مارس هذا
الکیان الضغوط علی تنظیمات الحکم الذاتي وفي مرحلة اخری مارس مثل هذه
الضغوط علی القاهرة التي استضافت محادثات المصالحة بین فتح وحماس، وفي
الوقت الحاضر تمارس حکومته نتانیاهو وبالتنسيق مع واشنطن الضغط علی محمود
عباس لمواصلة مفاوضات التسوية وتخلیه عن المصالحة مع حماس.
ومن
الاسالیب الجدیدة التي بات الکیان الصهیوني یمارسها هو توسیع هجماته
وضرباته العسکریة وتوسیع بناء المستوطنات في مدینة القدس المحتلة فالطبیعة
التوسیعة لنتانیاهو لاتقتصر علی القدس فقط بل توسعت في الضفة الغربیة وسائر
المناطق الفلسطینیة والعربیة، والمهم هنا هو ان استمرار الکیان الصهیوني
بمواصلة سیاساته التوسعیة علی حساب الشعب الفلسطیني واراضیه یؤکد عجز
الأمم المتحدة والمراجع الدولیة لوقف السياسة التوسعیة الصهیونیة، ومن جانب
آخر یمکن القول بان سیاسات الکیان الصهیوني بصورة عامة ترفض رفضاً کاملاً
منح الفلسطینیين والعرب اي حق من حقوقهم القانونیة والمشروعة، وکما قال
نتانیاهو عدة مرات انه اذا ما اعترف العرب بالکیان الصهیوني فانه سیقبل
بالاعتراف بدولة محمود عباس الفاقدة للجیش والقوة الامنیة والسیاسیة و
الاقتصادیة.
والعالم العربي وبعد مضي 60 عاماً من المواجهة
والمفاوضات وقف الیوم علی هذه الحقیقة من ان الحقوق الذاتیة للفلسطینیین
بان یکون لهم وطن وحکومة مستقلة لاتحتاج للحصول علی تصریح من الآخرین، وان
سیاسة القمع التي یمارسها الکیان الصهیوني ضد الفلسطینیین وکذلك سیاساته
التوسعیة تشیر الی فشل سیاسة المساومة و التسوية.