هل ا لفرضية شرط ضروري في كل بحث تجريبي
مشكلة العلوم التجريبية
يمكن طرح العديد من الأسئلة في مشكلة العلوم التجريبية منها :
هل الفرضية شرط في المنهج التجريبي ؟
يمكن طرح هذا السؤال بصيغ مختلفة منها
هل يمكن الإستغناء عن الفرضية في المنهج التجربي؟
هل الفكرة العقلية شرط في البحث العلمي ؟
يقولهنري بواكاريه: إن التجريب بدون فكرة سابقة غير ممكن لأته يستعجل تجربة
عقيمة ذلك لأن الملاحظة الخالصة و التجربةالساذجة لا تكفيان لبناء العلم
حلل هذا القول و ناقشه
قبل أن نبدأ التحليل أريد أن أوضح لماذا
طرحت الفرضية مشكلا دون الخطوتيين المتبقيتين : لأن الفرضية تختلف في
طبيعتها عن طبيعة المنج التجربي فالمنهج التجريبي ذا طابع حسي و الفرية ذات
طابع عقلي بينما الملاحظة و التجربة حسيتين
ونحن نعلم أن الجدال كان قائما بين النزعة العقلسية و النزعة التجريبية
المقدمـة : طرح المشكلة
إن الفرضية هي تلك الفكرة التي توحي بها الملاحظة للعالم ، فتكون بمثابة
خطوة تمهيدية لوضع القانون العلمي ،أي فكرة مؤقتة يسترشد بها المجرب في
إقامته للتجربة ،لأن الباحث يلاحظ الظاهرة أولا ثم يحاول فهمها و تفسيرها
فيقترح لها حلا ، فتكون الفرضية مشروع قانون يضعه العالم إنطلاقا مما تكوّن
لديه من ملاحظات و تصورات حول الظاهرة لكن الفرضة و دورها في البحث
العلمي كانت محل إختلاف بين الالإتجاه العقلي الذي يؤكد على ضرورتها و
أصحاب النزعة التجربية الذين برفضونها و يدعون إلى ضرورة الإستغناء عنها من
هنا نطرح الإشكال التالي : هل الفرضية شرط ضروري في البحث العلمي أم أنه
يمكن الإستغناء عنها ؟
التوسيع : محاولة حل المشكلة
عرض منطق الأطروحة
يذهب
أنصار الإتجاه العقلي إلى أنّ الفرضية كفكرة تسبق التجربة أمر ضروري في
البحث العلمي و لا يمكن الإستغناء عنها لأنها تستهدف إيجاد حل يخلّص الباحث
من التناقض الذي طرحته الظاهرة المشكلة و توجه الباحث و ترسم له معالم و
خطوات البحث كما يؤمن أنصار هذا الإتجاه أ، الكشف العلمي يعود إلى تأثير
العقل أكثر من تأثير الظاهر الحسية
و من أهم المناصرين للفرضية كخطوة ضرورية في البحث العلمي نجد الفيلسوف و الفيزيولوجي الفرنس كلود برنار1878/1813
الذي
يقول: إن الحادث يوحي بالفكرة و الفكرة ـ الفرضية ـ تقودإلى التجربة و
تحكمها ،و التجربة تحكم بدورها على الفكرة . كما يؤكد أيضا دور الفرض دون
أت يحط من دور التجربة في قوله : ـالفكرة هي مبدأ كل برهنة و كل اختراع ، و
إليها ترجع كل مبادرة ـ
و
كذلك هنري بوانكاريهالفيلسوف و الفرنسي 1854ـ1912 يضم صوته إلى صوت كلود
برنار و يدافع عن الفرضية إذ يقول : إن التجريب بدون قكرة سابقة غير ممكن ،
لأنه يستعجل كل تجربة عقيمة ، ذلك لأن الملاحظة الخالصة و التجربة الساذجة
لا تكفيان لبناء العلم ـ ممّا يدّل على أن الفكرة التي يسترشد بها الباحث
في عمله تكون من بناء العقل
و
ليس يثلأتير الأشياء الملاحظة وهذا ما جعل بوانكاريه 1854-1912م يقول أيضا
كما أن الكومة الحجارة ليست بيتا, فكذلك تجميع الحوادث ليس علما
مناقشة
لكن
اعتماد الباحث على عقله و خياله في تصور الحل الملائم للظاهرة المشكلة قد
يبعده عن الحقيقة الظاهرة, ثم إن الفرضية لا تكون صحيحة دائما, إذ أن الفرض
لا يكون علميا و لا يكون مفيدا في البحث إلا اذا توفرت فيه شروط معينة
لذلك
عرض الأطروحة النقيضة
و
يذهب أنصار الاتحاد التجريبي إلى أن الفرصية تقوم على خيال الباحث في تصور
الحل, و أن الخيال يشكل عائقا في وجه الباحث, مما يشكل عائقا في البحث
العلمي و لهذا يرى التجربيون ضرورة استبعاد الفرض من البحث التجريبي و
استبدالها يقواعد الاستقراء, فهم يرون في الاستقراء الطريقة المثلى في
تحصيل القوانين العامة انطلاقا من الحالات الخاصة, و لهذا كان فرنسيس بيكون
ينصح العالم بأن يترك الأشياء تسجل حقائقها دون أن يعطلّها. و كان ماجندي
يقول لتلميده كلورد برنار-1813-1878م اترك عبائتك و خيالك عند باب المخبر
بمعنى أترك الأفكار المسبقة و توقعاتك و خيالك عند كل بحث و خذ بالحقائق
الملموسة
أما
جون ستيوارت مل -1806-1873م فكان يقول ـ إن الطبيعة كتاب مفتوح و لإدراك
القوانين التي تتحكم فيها ما عليك إلاّ أن، تطلق العنان لحواسك أما عقلك
فلا ـ وهو ما دفع به إلى اصطناع بعض الطرق الاستقرائية التي تمكن الباحث من
فهم الظاهرة و الوقوف على عللّها ، دون الخروج عن الطابع الحسي للظاهرة و
هي : قاعدة الإتفاق أو التلازم في الحضور ـ قاعدة الإختلاف أو التلازم في
الغياّب ـ قاعدة التلاوم في التغيير ـ قاعدة البواقي
مناقشة
لكن
عقل العالم ينبغي أن يكون فعّالا و هذا ما تغفله قواعد الإستقراء التي
وضعها ستوارت مل حيث تهمل العقل و نشاطه في البحث رغم أنه الأداة الحقيقية
لكشف العلاقات بين الظواهر عن طريق وضع الفروض فدور الفرض يكمن في تخيّل ما
لا يظهر . هذا لا يعني أن الطرق الإستقرائية لا قيمة لها.و
بل
تفيد العالم في فهم الظاهرة و ربطها بالظواهر الأخرى التي تربطها بها
علاقات و لكن لا يمكنها حل محّل الفرضية ممّا لهذه الأخيرة من دور و عليه
تبقى الفرضية من أكثر خطوات المنهج التجريبي فعالية إذ تدخل في وظيفة
تكاملية مع الخطوات الأخرى و هذا ما عبّر عنه غاستون باشلارالفيلسوف
الإبستيمولوجي الفرنسي 1884ـ 1962 في قوله : الفرض الفاشل يساهم في إنشاء الفرض الناجح عن طريق توجيه الفكر
التركيب
يظهر
لنا التكامل الموجود بين الطرق الإستقرائية و الفرض العلمي فهما ليسا
متناقضين و يمكن أن يجتمعا في البحث الواحد غذ يعتمد الباحث على وضع الفروض
العلمية دون الإستغناء عن استعمال الطرق الإستقرائية إذا سمحت ظروف
الظاهرة بذلك
الخاتمة : حل المشكلة
إن الفرضيةخطوة مهمّة من خطوات المنهج التجريبي
أعتبرها
كلود برنار نقطة بداية لكل بحث تجريبي باعتبارها أمرا عقويا يندفع إليه
العقل بصوررة عفويةو تعبر عن علقرية الباحث و قدرته على تجسيدها في شكل
قانون علمي ن و عليه فالفرضية ضرورية لا يمكن الإستغناء عنها و استبعادها
من أي بحث تجريبي