مقدمة عامة:
تعتبر الإدارة الصورة المعبرة عن مدى تقدم الدولة أو تخلفها فهي تستمد قوتها وصلابتها من قوة وصلابة الدولة كما تستمد عجزها من عجز الدولة وبذلك نحصل على إدارة قوية ومتحضرة أو العكس إدارة متخلفة وبالية، ومنذ أن عرفت الدول المتقدمة منها والمتخلفة أهمية الإدارة سعت لتجعلها أداةً رئيسيةً لتسيير شؤونها، فهي لا تخضع للتخمين والعشوائية بل لقواعد ومبادئ علمية وموضوعية.
أما بالنسبة للإدارة الجزائرية فهي تميل إلى التخلف أكثر منها إلى التحضر ما أدى إلى إصابتها بأمراض عديدة كالرشوة والفساد وغيرها من المظاهر السلبية التي أدخلت المجتمع في أزمة متعددة الجوانب، لذا وجب على الحكومة الإسراع في إجراء تحديث وعصرنة لإدارتها العمومية للخروج من الأزمة ولمسايرة التطورات العالمية والإلتحاق بركب الدول المتقدمة الناجحة في هذا المجال، والتساؤل المتبادر للأذهان هو عن إمكانية نجاح السلطات الجزائرية في عملية تطوير وعصرنة الإدارة العمومية لإخراجها من المشاكل العديدة بصفة عامة والبيروقراطية بصفة خاصة؟.
ولمحاولة تبسيط الإشكالية المطروحة نقوم بطرح الأسئلة التالية:
ماذا نقصد بالإدارة العمومية؟
ما هي مراحل تطور الإدارة العمومية في الجزائر؟
ما هي أهم مشاكل الإدارة العمومية الجزائرية؟
ماذا نقصد بعصرنة الإدارة العمومية، وهل تسير الجزائر في الطريق الصحيح نحو تحقيق هذه العصرنة الإدارية؟
ومحاولةً للإجابة عن هذه التساؤلات قسمنا البحث إلى فصلين رئيسيين، حيث تناولنا في الأول الإدارة العمومية بشكل عام من خلال المبحث الأول فيما خصصنا المبحثين الثاني والثالث للحديث عن تطور الإدارة العمومية الجزائرية منذ إنشائها وكذلك مشاكلها ومحاولات إصلاحها. أما الفصل الثاني فخصصناه للحديث عن العصرنة الإدارية في الجزائر من خلال المبحث الأول أما المبحث الثاني فتطرقنا من خلاله إلى مفهوم الإدارة الإلكترونية وسعي الجزائر إلى تطبيقها.
الفصل الأول: الإدارة العمومية الجزائرية
تمهيد:
عرفت الإدارة العمومية الجزائرية ومنذ تحقيق الاستقلال بفسادها والبيروقراطية المستشرية في أغلب قطاعات الإدارة،
فمن البلديات إلى الوزارات ومن القطاع الصحي إلى القطاع الصناعي، لذلك قمنا بتخصيص الفصل الأول للحديث عن الإدارة العمومية الجزائرية
ومختلف المراحل التي مرت بها بالإضافة إلى مختلف محاولات الإصلاح الإداري.
المبحث الأول: عموميات حول الإدارة العمومية.
تعتبر الإدارة العمومية الوسيلة التي تقوم من خلالها الدولة بتقديم خدمات عديدة ومتنوعة تتميز بالمجانية النسبية للمواطنين المنتمين لنفس البلد،
وبهذا فهي تشكل مركز الحوار بين أصحاب القرار والمواطنين.
المطلب الأول: تعريف الإدارة العمومية وأهميتها.
1. تعريف الإدارة العمومية :
نجد العديد من التعاريف للإدارة العمومية ونذكر منها:
يعرف ويلسن Wilson الإدارة العمومية بأنها :"الغاية أو الهدف العملي للحكومة موضوعه هو إنشاء المشروعات العامة
بأكبر قدر ممكن من الفعالية والاتفاق مع رغبات الأفراد وحاجاتهم، فعن طريق الإدارة العامة توفر الحكومات حاجات المجتمع
التي يعجز النشاط الفردي عن الوفاء بها".
كذلك هو الأمر بالنسبة لجيلينيي Gilinier الذي يرى أن الإدارة العمومية هي "تنفيذ السياسة العامة للدولة عن طريق الإدارات العمومية".
ويعرف فوزي حبيش الإدارة العمومية على أنها : "مجموعة نشاطات وأعمال المنظمة، تقوم بأدائها قوى بشرية تعينها السلطات الرسمية العامة
وتوفر لها الإمكانيات المالية اللاَزمة بهدف تنفيذ الخطط الموضوعة لها وبالتالي تحقيق الأهداف العامة المرسومة لها، بأكبر كفاية إنتاجية وأقل تكلفة".
كما نجد أن ماكنمارا "Mc Namara" يعرف الإدارة العامة بأنها: "الوسيلة التي يتم من خلالها التنظيم العقلاني لكل التغيرات الإنسانية،
الاجتماعية، الاقتصادية، التكنولوجية، والسياسية حيث يتم نشر هذا التنظيم في المجتمع من خلال إدارة المنظمات العمومية".
نلاحظ من خلال التعاريف السابقة أن الإدارة العمومية هي "مزيج من القوانين واللوائح التنظيمية والعلاقات التي تساعد
على تنفيذ السياسة العامة للدولة، كما أن ممارسة هذا النوع من الإدارة لا يتم بصورة عشوائية، وإنما يجب مراعاة
عنصرين أساسيين هما: الاهتمام بالمورد البشري والاهتمام بالمورد المالي".
2. أهمية الإدارة العمومية:
وجود الإدارة حتمي في كل المجتمعات البشرية التي تملك إمكانيات مادية وفنية وطبيعية تساعدها على تحقيق أهدافها وتنفيذ واجباتها.
الإدارة العمومية هي الركيزة الأساسية لأي دولة حديثة.
لابد من وجود جهاز تنفيذي قادر على الإشراف على شؤون الدولة.
الإدارة العمومية تقف وراء كل إنجاز ضخم لا تستطيع أو لا ترغب المؤسسات الأخرى القيام بها.
المطلب الثاني: وظائف الإدارة العمومية.
تقوم الإدارة العمومية بمجموعة من الوظائف المتداخلة والمتزامنة تتمثل في: التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة حسب معظم علماء الإدارة.
1.التخطيط:
هو التقدير سلفاً لما يجب عمله، كيف؟ متى؟ ومن سيقوم به؟، ويعرفه جورج تيدي بأنه "الاختيار المرتبط بالحقائق ووضع
واستخدام الفروض المتعلقة بالمستقبل عند تصور وتكوين الأنشطة المقترحة التي يُعتقد بضرورتها لتحقيق النتائج المنشودة".
وتقوم عملية التخطيط على المراحل التالية:
أ- تحديد الأهداف: تقوم السلطة السياسية عموما ًبهذه المهمة مع مساهمة الإدارة العمومية بمختلف هياكلها.
ب- تحديد الوسائل والإمكانيات: وذلك يتحقق بدراسة القوانين والأنظمة المتعلقة بالهدف المراد تحقيقه ومدة تنفيذ
المشروع وتحديد قيمة الأموال اللازمة ودراسة كيفية ضمانها وأوجه إنفاقها ثم تحديد الجهاز البشري اللازم لتنفيذ الخطة.
ج- توزيع الخطة: على الأعوان العموميين والإدارات الفرعية المطلوب منها تنفيذ ما تم تخطيطه.
د-متابعة الخطة وتقويمها: تقوم السلطات العمومية المختصة بمتابعة وتنفيذ الخطة وفقاً للتقديرات المحددة سابقاً، واكتشاف الإختلالات
وتعديل الخطة إن تطلب الأمر.
2. التنظيم:
هو حلقة ربط بين جميع وظائف الإدارة العمومية من تخطيط وتوجيه ورقابة. ويُعرف على أنه "جميع الأنشطة اللازمة لتحقيق
الأهداف وإسناد مهمة الإشراف على كل مجموعة لشخص تمنح له السلطات الإشرافية اللازمة".
وهي وظيفة تقوم على تحديد مكونات الجهاز الإداري وتحديد المسؤوليات وصلاحيات كل وحدة إدارية وعلاقة هذه الوحدات
ببعضها البعض وهو ما يُظهر في الأخير مكونات الهيكل التنظيمي للإدارة العمومية حيث يعتبر الهيكل التنظيمي الوسيلة
والأداة المساعدة على تحقيق أهدافها من حيث إحداث الوظائف العامة وتصنيفها وشغلها ومهامها...وغيرها من العناصر
الأخرى المساهمة في قيام وظيفة التنظيم.
3. التوجيه:
تضاعفت أهمية التوجيه مع اتساع الجهاز الإداري في المنظمات والإدارات العمومية والذي يُعرف على أنه "التوفيق بين
نشاط الجماعة التي تعمل على تحقيق عرض مشترك وبث الانسجام بين أفرادها والوظيفة التي بمقتضاها يستطيع الإداري أن ينميَ هيكلاً"
والجدير بالذكر أن وظيفة التوجيه يندرج تحتها ثلاثة عناصر أساسية تشكل قاعدة أساسية في ممارسة هذه الوظيفة
وهي: الاتصال والتحفيز والقيادة.
4. الرقابة:
تعتبر الرقابة وظيفة ضرورية في جميع مستويات الإدارة، تقوم على أدوات وأساليب كمية ووصفية يتم من خلالها التحقق
من مدى تحقيق الأهداف والسياسات العمومية، وتصحيح مسار العمل لرفع الكفاءة والفعالية.
وقد عرفها هنري فايول بأنها "تنطوي على التحقق مما إذا كان كل شيء يحدث طبقاً إلى نقاط الضعف والأخطاء بقصد
معالجتها ومنع تكرار حدوثها".
وتتمثل الأهداف الأساسية للرقابة في:
مراقبة مدى سير الخطة الموضوعة ومستوى تحقيق الإنجاز في كل مرحلة.
السعي لتحقيق الجودة في العمل والتنسيق بين مختلف الوحدات الإدارية.
البحث عن تحقيق أفضل النتائج ومواجهة الصعوبات والمشاكل بأقل خسائر.
تقديم مدى رضا المواطن على مستوى الخدمة.
وتتضمن الرقابة العناصر التالية: الهدف، المعالجة (كيفية ومدى تنفيذ الخطة)، مراعاة أنماط ودراسة مستوى الأداء،
التقييم العام ومعالجة الانحرافات.
المبحث الثاني: مشاكل الإدارة الجزائرية و محاولات إصلاحها.
من المعروف أن الإدارة العمومية الجزائرية عانت من مشاكل عديدة ومتنوعة تسببت في العديد من الأزمات وكذا
فقد الثقة بين المواطن والإدارة العمومية.
المطلب الأول: وضع الإدارة الجزائرية قبل وبعد الاستقلال.
قمنا بتقسيم وضع الإدارة العمومية الجزائرية إلى فترتين رئيسيتين: الإدارة العمومية في عهد الاحتلال الفرنسي وبعد الاستقلال.
الإدارة في عهد الاحتلال الفرنسي.
كانت الحكومة الفرنسية تعتبر الجزائر ولاية من الولايات التابعة لدولتها، نظراً لموقعها الجغرافي وشساعة رقعتها.
لذلك جاء التنظيم الإداري في الجزائر حريصاً على استقرار المعمرين الأوروبيين في الجزائر، فقد كان متوافقاً مع نمط معيشتهم
وحاجاتهم دون الاهتمام بالسكان الأصليين الذين خصصت لهم نظاماً قمعياً. وكمثال على الإدارة العمومية في عهد الاستعمار
ما حدث في 1949 حيث قسمت الجزائر إلى ثلاثة ولايات هي: الجزائر، قسنطينة ووهران وكانت كل ولاية يحكمها الوالي
ومجلس عام، أما البلديات فنميز ثلاثة أنواع:
1. بلديات ذات صلاحيات تامة تخضع للقانون الفرنسي 1884.
2. بلديات مختلطة تخضع في تسييرها للقانون الخاص لـ1919.
3. المناطق الجنوبية تخضع للإدارة العسكرية.
الإدارة العمومية بعد الاستقلال.
إن الدعامات الأساسية في بناء الدولة الجزائرية لما بعد الاستقلال تمثلت في التوجه الاشتراكي واللامركزي والتوازن الجهوي،
ورغم أن الجزائر حققت استقلالها السياسي إلا أنها لم تحققه إدارياً، حيث بقيت تابعةً للمنظومة الإدارية الفرنسية، فورثت
هذه الإدارة مشاكل كثيرة منها انعدام الإطارات اللازمة القادرة على تسيير البلاد، فيما سبب خروج المعمرين
الذين كانوا يشغلون الوظائف الإدارية فراغ في مختلف الإدارات.
لم تتمكن الجزائر من تشريع دستور خاص بها، لذا اعتمدت على التشريع الفرنسي، إلا بعض المواد التي تتنافى مع مبادئ الثورة.
ويتجلى ذلك من خلال قانون 31 ديسمبر 1962، واستمر هذا الوضع إلى غاية 5 جويلية 1975 حيث تم تشكيل لجنة
وطنية للتشريع مهمتها مراجعة وجزأرة كل النصوص الموجودة والمطبقة.
وفي دستور 1976 عملت الإدارة العمومية على تحقيق المصلحة العامة عن طريق الصناعات الثقيلة، وبعد وقوع الأزمة
الاقتصادية العالمية سنة 1986 وهبوط أسعار البترول انتهجت الجزائر سياسة التقشف وتسريح العمال.
وفي سنة 1990 فاز حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذي تم حله لاحقاً وبداية الصدام بين أعوان الحزب وأعوان الإدارة
واتهامها بالتزوير. تلت هذه المرحلة العشرية السوداء التي تم فيها هدم وحرق الكثير من المؤسسات الإدارية.
المطلب الثاني: المشاكل التي عانت منها الإدارة الجزائرية.
مما لا شك فيه أن الإدارة الجزائرية واجهت وعبر مختلف مراحلها وتطوراتها عدة مشاكل تسببت في نشوب عدة صراعات
وأزمات اجتماعية خصوصاً في ثمانينيات القرن الماضي، ولعل أهم هذه المشاكل وبإجماع من الباحثين والمتخصصين في المجال الإداري
كان مشكل البيروقراطية والتي لا تزال إلى حد اليوم منتشرةً في الجهاز الإداري الجزائري.
1. تعريف البيروقراطية:
كلمة بيروقراطية مركبة من شقين:
بيرو Bureau: وتعني مكتب.
قراطية Quay: أصلها إغريقي وتعني القوة.
أي قوة أو سلطة المكتب، ويعرفها ماكس فيبر بأنها تنظيم عقلاني للمكاتب، الذي يتبع مبدأ الهيكلية المكتبية،
أي أن مكتب صغير يتبع مكتب أعلى منه وهذا المكتب يتبع المكتب الأعلى منه.
2. مشاكل الجهاز البيروقراطي للإدارة العمومية الجزائرية:
شهدت الجزائر بعض الانفتاح في مجال الإدارة العمومية بعد1996 ولكن هذا لم يخلص الإدارة العمومية
الجزائرية من التناقضات التي كانت تعيش فيها بعدما تداول الجهاز الإداري عدة جهات ( قيادة عسكرية، قيادة سياسية، قيادة بيروقراطية)
جعلها تعاني من مشكلات عديدة يمكن تلخيصها في:
بيروقراطية متصلبة:
ما يميز سلوك القادة الإداريين هو التطبيق الحرفي لأوامر القيادات العليا مما وسع الهوة بينهم وبين مرؤوسيهم من جهة
وبين الإدارة والمواطنين من جهة ثانية ما نتج عنه بطء في اتخاذ القرارات وتنفيذها لتعدد مستويات التنظيمات الإدارية
وهذا ما يؤدي في معظم الأحيان إلى شلل الجهاز الإداري واتصافه بالجمود وتعدد الإجراءات.
المركزية الشديدة:
يميل القادة الإداريين إلى المركزية وعدم تفويض السلطة والمسؤولية لمن هم دونهم للسيطرة على زمام الأمور بأنفسهم وبالتالي هم لا يحصلون على المعلومات الكافية عند وضع القرار كون البيروقراطيين المنفذين هم الأقرب للمواطنين ما ينتج عنه صعوبة بين الالتزام بالإجراءات المسطرة والاستجابة للاحتياجات الاجتماعية.
التهرب من المسؤولية:
ما يميز الإدارة العمومية الجزائرية هو غياب الالتزام والشعور بالمسؤولية لدى أغلبية القادة من جهة وبروز
مشكلة عدم تطابق المسؤولية مع السلطة المخولة للموظفين من جهة أخرى وهذا ما يجده المسؤولون حجة للتهرب
من المسؤولية الكاملة عن أعمالهم عوض المغامرة باتخاذ القرارات الإستراتيجية المناسبة، إما لنقص كفاءتهم أو تخوفا من عواقب تخطي السلطة المخولة لهم.
استغلال النفوذ:
يسعى معظم القادة الإداريين للوصول إلى المناصب العليا لتحقيق المصالح الشخصية والأهداف الذاتية لا غير وبسط النفوذ
والسلطة مما يجعل حتى أتباعهم يتصرفون مثلهم ما يجعل الظاهرة منتشرة وسط المسيرين والأعوان العموميون.
الولاء للرئيس وليس للوظيفة:
نجد ظاهرة الولاء للرؤساء في الدول النامية ككل ما يجعل شخصية المرؤوسين تذوب وتنصهر ويكتفوا بالتبعية التامة
محاولين التقرب من رؤسائهم والتودد إليهم للحصول على دعمهم ويتغاضوا عن أخطائهم وعيوبهم منتظرين أن يأتي دورهم ليصبحوا قادة.
هجرة الكفاءات من القطاع العام:
تعاني الإدارة العمومية الجزائرية من ظاهرة هجرة الإطارات الأكفاء إلى القطاع الخاص أو إلى خارج الوطن أين يجدون اعتبار
مادي ومعنوي ويمكن القول أن نقص الحوافز والوساطة في التعيين والترقية من بين أسباب الهجرة.
الروتين الإداري:
أي الشكليات التي يجب أن تتوفر في المعاملة الرسمية، والممرات التي يجب أن تجتازها قبل أن تصل إلى نهايتها فتعقيد الإجراءات
أصبحت معيقة للعمل ليشير الروتين الإداري إلى حالة مرضية خطيرة تغلغلت بشكل كبير ما خل بالإدارة الجزائرية.
الفساد الإداري:
خطوة الفساد الأولى هي في التمييز بين المواطنين الذين يتجهون إلى الإدارات العمومية لطلب العمل أو الاستفادة من خدماتها
" الأقربون أولى بالمعروف"، أما ثاني خطوة فهي قبول الرشاوى إما لتسهيل الخدمات أو إنجاز بعض المعاملات غير الرسمية
وتنتهي بوضع يده على الأموال العمومية. والفساد الأكبر يتحقق عند تحالف الفساد الإداري مع الفساد السياسي لتصبح الدولة محلا
للنصب والنهب والسرقة، والجزائر عرفت كامل الخطوات.
ضعف الخلل الإداري:
ظهر العجز في ملامح الإدارة العمومية الجزائرية في تحقيق الأهداف المسطرة لها ما يترجم نفور المواطنين وتذمرهم منها ما
يفقد المواطن الثقة بالإدارة وكأهم مظاهر الخلل الإداري: البطء في تقديم الخدمة(البيروقراطية)، كثرة التصديقات المطلوبة على بعض
الوثائق الإدارية دون فائدة، عدم الاهتمام بشكاوى المواطنين.
انتشار ظاهرة التسيب واللامبالاة:
إن ظاهرة التسيب متجذرة داخل الإدارة العمومية الجزائرية، وتظهر أكثر في المستويات الإدارية الدنيا، والتي تتعامل بشكل مباشر
مع المواطنين البلدية مثلا، فتراضي الموظفين في العمل يؤدي إلى فقدان الملفات أو التماطل في تقديم الخدمة، وأيضا الأخطاء المرتكبة
في ملأ الأوراق الإدارية.
المبحث الثالث: محاولات إصلاح الإدارة الجزائرية وأسباب فشلها.
كان الإصلاح الإداري في الجزائر ضرورةً حتمية في العديد من الفترات، وهذا بالنظر لإستمرار تفشي الأزمات السابقة الذكر.
المطلب الأول: محاولات الإصلاح الإداري في الجزائر.
بعد المشاكل التي واجهت الإدارة العمومية الجزائرية في مختلف مراحلها منذ الاستقلال أصبح الإصلاح الإداري
ضرورة حتمية للخروج من هذه الدوامة من المشاكل، والتي كانت البيروقراطية أكثر المشاكل تفشياً، ويُعرف الإصلاح الإداري
بأنه "الجهود المنظّمة وبشكل مقصود لإحداث تغييرات جوهرية في بنية البيروقراطية العامة وإجراءاتها وفي اتجاهات وسلوك
الإداريين العاملين بها من أجل زيادة الفاعلية التنظيمية وتحقيق أهداف التنمية الوطنية. إنها عملية منظمة لتعديل العلاقة بين
البيروقراطية والعناصر الأخرى في المجتمع".
قامت الجزائر وبصدد إصلاح المنظومة الإدارية التي كانت تعاني من أوضاع متدهورة بعدة مشاريع وكذا إنشاء هيئات متخصصة
في الإصلاح الإداري، ونذكر منها وحسب الترتيب الزمني:
1966: إنشاء مديرية عامة للتنظيم والإصلاح الإداري وهذا في إطار تنظيم المركزية لوزارة الداخلية.
1968: تحولت إلى مديرية عامة للتنظيم والإصلاح الإداري والعلاقات العامة.
1976: إعادة تنظيم إدارة وزارة الداخلية، ثم إنشاء مديرية عامة للتكوين والتعاون والإصلاح الإداري تضم ثلاثة نيابات :
مديرية خاصة بالتنظيم، الهياكل الإدارية والبحث الإداري.
1982: أنشئت كتابة الدولة المكلفة بالوظيف العمومي والإصلاح الإداري لدى الوزير الأول.
1983: إنشاء لجنة وطنية للإصلاح الإداري لدى كتابة الدولة للوظيف العمومي.
1984: تأسست محافظة الإصلاح والتجديد الإداري، حلت محل كتابة الدولة للوظيف العمومي.
1988: مرسوم 88-131 الذي يتضمن تنظيم العلاقة بين ال1988: مرسوم 88-131 الذي يتضمن تنظيم العلاقة بين الإدارة والمواطن.
1994: تعيين وزير منتدب لدى وزير الداخلية مكلف بالجماعات المحلية والإصلاح الإداري.
1996: عُوض بوزير منتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالإصلاح الإداري والوظيف العمومي. وفي نفس السنة جرت
تجربة لتحديث الإدارة اهتمت بثلاثة إدارات أخذت كعينات: البلدية، مركز البريد ومصالح الضرائب.
1999: طرح مشروع القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
2000: إنشاء لجنة إصلاح هياكل الدولة.
2003: إنشاء المديرية العامة للإصلاح الإداري.
المطلب الثاني: فشل محاولات الإصلاح الإداري في الجزائر
رغم الجهود الكبيرة والاهتمام الذي أولته الدولة الجزائرية لعملية الإصلاح الإداري إلا أن جل هذه الإصلاحات أو محاولات
الإصلاح باءت بالفشل، ويعود هذا الفشل لعدة أسباب نلخصها في ثلاثة مجموعات رئيسية: سياسية، اقتصادية وإدارية.
أولاً: الأسباب السياسية.
إن حالة عدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن أثر سلباً على الإدارة العمومية فمنذ أكتوبر 1988 دخلت الجزائر أزمة سياسية
حادة أدت إلى شلل شبه كلي لمعظم الأجهزة والمرافق من جهة وانشغال مختلف الحكومات التي تميزت هي الأخرى بعدم الاستقرار
بحل مشكل الأمن والإرهاب من جهة أخرى وهذا ما جعل مشكل الإصلاح الإداري ثانوياً وغير عاجل بالمقارنة مع الوضع الأمني
الخطير الذي كانت تعيشه الجزائر.
بالإضافة إلى كون التعددية السياسية تجربة جديدة على المجتمع الجزائري مما أدى إلى نشوء تيارات متعارضة داخل المجتمع،
وتصاعد الصراعات والتشابكات، وهذا ما بدا واضحاً إبتداءاً من جوان 1991 من خلال سلسلة الأحداث السياسية التي عرفتها الجزائر.
ثانياً: الأسباب الاقتصادية.
إن الإستراتيجية الاقتصادية الاشتراكية المعتمدة على الصناعة الثقيلة بالدرجة الأولى لم تعرف نجاحاً في الجزائر،
وقد زاد تدهور سعر البترول (الممول الأساسي للاقتصاد الوطني) من حدة الوضع مما أدى إلى نشوب أزمة اقتصادية ومالية تميزت بزيادة المديونية الخارجية للجزائر.
أدى هذا الوضع إلى اتخاذ إجراءات عاجلة أهمها: خفض ميزانية الإدارات العمومية، استقلالية المؤسسات العمومية الاقتصادية وإعلان إفلاس العديد منها.
نتيجة لهذه الأسباب اهتمت معظم الحكومات وحتى الأحزاب السياسية بالمشكلة الاقتصادية بالدرجة الأولى باعتبارها ذات أثر واضح
على الحياة الاجتماعية للمواطنين دون الاهتمام بالإدارة.
ثالثاً: الأسباب الإدارية.
يقصد بها المشاكل ذات الطابع الإداري المحض وهي:
1. إن سلسلة الإصلاحات التي تم عرضها في النقاط السابقة عبارة عن إصلاحات جزئية، متقطعة وعشوائية. بالإضافة إلى
عدم استقرار المقررين الذي نتج عن التعديلات الحكومية المستمرة مما أدى إلى بقاء العديد من برامج الإصلاح الإداري في المرحلة النظرية.
2. عدم استقرار الهيئات المكلفة بالإصلاح الإداري فهي تابعة لوزارة الداخلية تارةً وإلى مديرية الوظيف العمومي تارةً أخرى.
فهي غير مستقرة وغير معروفةَ الأهداف، بالإضافة إلى تغير العاملين بها أدى إلى نقص التجربة في ميدان الإصلاح الإداري.
3. كانت معظم الإصلاحات الإدارية مستلهمة من نماذج أخرى خاصة الفرنسية، مما أدى إلى عدم نجاعتها وعدم تقبلها في
كثير من الأحيان من طرف الموظفين لكونها غريبة عن بيئتهم الاجتماعية والثقافية.
4. الاستهانة بعملية الإصلاح الإداري من طرف الجميع وعلى كل المستويات من القيادة إلى القاعدة في الهرم الإداري،
ويتوضح هذا في تأجيل الإستراتيجيات.
خلاصة الفصل:
بعد دراستنا لوضع الإدارة العمومية الجزائرية نستخلص أن أداء الإدارة العمومية الجزائرية لم يكن في مستوى تطلعات
المواطن، وكانت العلاقة بين المواطن والإدارة غالباً ما تتسم بالتوتر وعدم الثقة، بالإضافة إلى إنتشار الفساد الإداري الذي
لم تسلم منه أي إدارة عمومية صغيرة كانت أم كبرى، كل هذا أدى إلى تفجر الوضع الإجتماعي في العديد من المرات مثل ما حدث في 1988 وفي 2010.
الفصل الثاني: عصرنة الإدارة العمومية الجزائرية
تمهيد:
بعد تطرقنا في الفصل السابق لوضع الإدارة العمومية في الجزائر وكذا المشاكل التي واجهتها بالإضافة على
محاولات الإصلاح الفاشلة لهاته الإدارة، نتطرق في هذ الفصل إلى مفهوم "تحديث الإدارة العمومية الجزائرية"
والذي تتبناه الحكومة الجزائرية مؤخراً في محاولة للتخلص من المشاكل المتكررة والمستعصية الحل رغم كثرة الإصلاحات.
المبحث الأول: تحديث الإدارة العمومية الجزائرية.
يقصد بها عملية التكيف مع التحولات من خلال إدخال وسائل وأساليب تسيير حديثة، ونمط ثقافة تنظيمية جديدة قائمة
على مفهوم الجودة، مع التركيز على الإدارة بالنتائج وليس الإدارة بالوسائل والأهداف.
المطلب الأول: أولويات عصرنة الإدارة العمومية الجزائرية.
نتطرق في هذا الجانب إلى ذكر مختلف القطاعات أو الهيئات الواجب إصلاحه أو عصرنتها وهي:
1- التعمق في تطبيق اللامركزية، ومحاولة تقريب القرارات الإدارية من الحقيقة الإجتماعية.
2- تقوية عملية صنع القرار، متابعة التنفيذ، والمراقبة العامة من أجل الإستغلال الأفضل أو الفعال لموارد الأمة.
3- تحقيق الإحترافية في الوظيفة العمومية، وتطبيق مناهج التسيير العمومي مع التركيز على الموارد البشرية والإتصالات.
4- تقوية الإقتصاد الحكومي من منظور التنمية المستدامة.
5- تطوير سلك العدالة بإعتبارها أساساً لدولة القانون.
المطلب الثاني: محاور العصرنة الإدارية.
تتلخص رهانات التحديث أو العصرنة في الجزائر في إدخال التكنولوجيا وتحويل المعرفة إلى خدمات، لمجاراة التطور
الحاصل في البيئتين الداخلية والخارجية، لتحقيق رضا الموظف والمواطن وبلوغ جودة الخدمة والمنتوج.
وكنظرة واعية للدولة الجزائرية بأن عصرنة الإدارة العمومية سيكون الباب المؤدي إلى تحديث سياسي وتبني دولة الحق
والقانون، اقترحت إصلاحات مست ميادين كبرى وحساسة ويمكن ترجمتها على الشكل التالي:
أ. عصرنة وترشيد الإدارة العمومية: وهي سياسة مطابقة لتجديد الخدمة العمومية المطبقة في الدول الغربية، ويتم ترشيد
المؤسسات العمومية الجزائرية بإدخال نماذج تسيير القطاع الخاص (تجديد وسائل وأنظمة التسيير)، وتوسيع مجال تسيير الخدمة
العمومية للمؤسسات الخاصة والمجتمع المدني إلى جانب خلق حركية في المجالات الآتية:
دعم التناسق بين مختلف الإدارات المركزية وإعادة توزيع المهام بين الإدارات المركزية والإقليمية لإنعاش التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الاستعانة بأولى الخبرات للتحكم في تكاليف الإدارة العمومية وتقليصها.
التكامل بين المصالح المكلفة بمحاربة الغش بجميع أشكاله.
أما عن جهود الدولة في عصرنة الجهاز الإداري فتتمحور حول:
عصرنة مناهج العمل وتعميم استعمال الإعلام الآلي وشبكة الإعلام الداخلية(intranet).
تشجيع التكوين المتخصص وذلك بإعادة النظر في سياسة التكوين المعتمدة من طرف المدرسة الوطنية للإدارة ليرتكز التكوين
ابتداءا من 2008 على تعليم وتكوين الإطارات السامية مع فتح مسابقة الالتحاق لخريجي الجامعات والمعاهد في تخصصات محددة
وتكون فترة التكوين 3سنوات وكذلك رد الاعتبار لمراكز التكوين المهني.
تخفيف إجراءات وآجال إنجاز المشاريع.
تطوير وتعزيز الشفافية في المرافق العمومية.
وبالفعل فقد تخلت الدولة عن بعض القطاعات جزئيا لتترك مجال التسيير للقطاع الخاص، كما هو الحال في قطاع البريد والمواصلات
الذي استطاع هذا القطاع من الخروج من سياسة الإدارة التقليدية بخلق المنافسة بين الخواص (نجمة، جازي، موبيليس)، بينما احتفظت
الدولة ببعض القطاعات كالتربية والصحة، كما تم إعادة هيكلة بعض المؤسسات العمومية كالكهرباء والغز الطبيعي التي تتحول من مؤسسة
عمومية صناعية وتجارية تحت الوصاية إلى مؤسسة عمومية اقتصادية وتجارية، وإنشاء مؤسسات عمومية مستقلة لتوزيع المياه والتهيئة
خاضعة لقواعد تجارية في التسيير.
وفي جانب طرق التسيير العمومي تم إدخال عملية التعاقد وإشراك أفراد القانون الخاص في استغلال الخدمة العمومية خاصة الموانئ، المطارات والطرق السيارة.
ب. إعادة توزيع المهام بين الإدارة المركزية والمحلية: تحظى الإدارات المركزية بمكانة هامة في مشروع إصلاح الدولة لقربها
من السلطة السياسية ويتمثل تحديثها في إعادة توجيهها نحو المهام الإستراتيجية عن طريق إعادة تنظيمها وتحديد الكفاءات القيادية التي
ستقوم بهيكلة وتنظيم أعمال الحكومة والتنسيق ما بين الوزارات حتى لا تبقى هذه الأخيرة منشغلة بتنفيذ المهام الروتينية وتنتقل إلى التنظيم،
التنسيق، التنبؤ والرقابة وتقييم السياسات العامة لضمان تماسك واستمرارية الخدمات العمومية.
أما فيما يخص الإدارة المحلية فقد ركزت الإصلاحات على ضرورة إعادة الاعتبار للجماعات المحلية (البلدية والولاية) وإدخال تصنيف إداري
جديد قائم على المناطق تعزيزا للديمقراطية المحلية، وكون اللامركزية العمود الفقري لترشيد علاقة الدولة بالأقاليم ومبدأ أساسي للتنظيم الإداري،
تحظى بحضور ملفت في الخطابات السياسية، فالسلطات المحلية هي الأقرب إلى مشاكل المواطنين.
ولهذا عمدت الدولة إلى تحويل السلطات والكفاءات الإدارية والتقنية إلى هذه الوحدات، فقد سطرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية برنامج
لترقية وتأهيل الإطارات على المستوى المحلي عن طريق:
تزويد الجماعات المحلية منذ سنة 2003 بالإطارات المؤهلة (تقنيين وإداريين).
إعادة تشكيل جهاز التكوين عبر استرجاع مراكز التكوين المهني وإنشاء مؤسسات أخرى عبر مناطق الوطن.
استرجاع المدرسة الوطنية للإدارة منذ 2005 وإصلاح نظام التكوين بها.
ولترقية مكانة الجماعات المحلية ودورها، تم اتخاذ التدابير التالية:
مراجعة قانوني البلدية والولاية: لتكييف الإدارة المحلية مع واقع التعددية السياسية وتأكيد مكانة اللامركزية في مسار التنمية الوطنية وتعزيزها كفضاء للديمقراطية.
ترشيد مساهمة الجماعات المحلية: وذلك فيما يتعلق بتسيير الحياة المحلية بتكوين أعوان مصالح البلدية خاصة التقنية منها
وتحسين الخدمة للمواطن إلى جانب ترشيد مساهمتها في التنمية الوطنية ودعم مخططات التنمية والتهيئة الإقليمية على المستوى الولائي البلدي.
تحسين الطاقات المالية للجماعات المحلية: وهذا بتزويدها بالوسائل لمالية التي تسمح لها بتحقيق أهدافها التنموية وترشيد
نفقاتها بتحميلها المسؤولية أكثر في تحديد الوعاء الجبائي وبعض نسب الضرائب وفي تحصيل الضرائب والرسوم.
دعم مشاركة المواطنين في التكفل بالشؤون المحلية: وهذا بترقية مشاركة المجتمع المدني في التكفل بالشؤون المحلية
في ظل احترام المهام المسندة للإدارة والمنتخبين المحليين.
ج. تثمين الموارد البشرية: باعتبار العنصر البشري هو محرك التنمية في كل بلد، سعت الدولة الجزائرية إلى ترقية ظروف
الوظيفة العمومية لضمان جاذبيتها بدءا من شروط التوظيف إلى غاية وضع قواعد لنهاية الخدمة مرورا بتقويم شروط التعيين، الترقية، التكوين...إلخ.(مراجعة قانون الوظيف العمومي)
كما تم إعادة النظر في حقوق وواجبات أعوان الدولة بشكل يثمن الموارد البشرية ويساهم في بلوغ النوعية في التسيير بإضفاء
المرونة على القوانين وتحديث مناهج إدارة الأفراد بما يتلائم مع الدور الجديد للدولة، حيث تم تحديث قانون أساسي لكل فئة من
أعوان الدولة، موظفي الجماعات المحلية، موظفي المؤسسات العمومية...الخ.
كما يشجع هذا القانون الجديد عنصر الكفاءة بتحديد راتب الموظف وفقا لمؤهلاته ومستواه التعليمي، لكي تدرج أقدميته في الوظيفة كمرتبة فعلية.
وفي إطار سياستها لتحسين مستوى الكفاءات على المستوى المحلي قامت الدولة بالاستعانة بالجهات التالية:
عقد شراكة مع المعهد المتخصص في التسيير والتخطيط لتكوين موظفي الإدارة المحلية.
عقد شراكة مع المدرسة الوطنية للإدارة لتكوين رؤساء الدوائر.
عقد شراكة مع جامعة التكوين المتواصل لتكوين رؤساء البلديات.
هذا إلى جانب مراجعة القوانين الأساسية الخاصة بأعوان وزارة الداخلية والجماعات المحلية.
المطلب الثالث: عصرنة الإدارة العمومية الجزائرية من خلال البرنامج الخماسي 2010-2014.
يعتبر البرنامج الخماسي 2010-2014 برنامجاً طموحاً أقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ورُصد له مبلغ 682 مليار دولار
وذلك للإرتقاء بالجزائر إلى مصاف الدول الراقية. وقد شمل هذا البرنامج مختلف المجالات والأصعدة على المستوى الإداري والإجتماعي والإقتصادي والبشري.
وقد كان للإدارة العمومية نصيبها من هذا البرنامج سعياً إلى عصرنتها من أجل التكفل الأفضل بإحتياجات المواطن وبالتالي ضمان
أكبر قدر من الإستقرار والإنسجام الإجتماعي، لذا على الإدارة العمومية السهر على تقديم خدمة عمومية ذات نوعية جيدة والحرص
على إحترام وتقدير المواطنين سعياً لتطوير سبل التواصل والحوار بين الإدارة العمومية والمواطنين، وقد نص البرنامج على
العصرنة في القطاعات المختلفة من خلال النقاط التالية:
-الجماعات المحلية: وذلك من خلال:
-إستكمال الإصلاحات المؤسساتية مع مراجعة قانوني البلدية والولاية.
-تحسين وعصرنة المصالح العمومية.
-تحسين وتأهيل الموارد البشرية.
-تنفيذ الإجراءات المتعلقة بتحديث وتأمين وظائف السفر والهوية (الهوية الإلكترونية والبيومترية).
-قيام إدارة الجمارك بعمليات إصلاح وتحديث تهدف إلى تكييفها مع التحولات الوطنية والدولية لتحسين الأداء.
قطاع التكوين: والذي يعتبر عصب التنمية وفي هذا الصدد يشمل البرنامج الخماسي:
-خلق 160 ألف منصب تكوين ل122 معهد وطني متخصص في التكوين المهني.
-إنجاز 401 مركزاً مهنياً للتكوين والتمهين.
-إنجاز 72 معهد للتعليم المهني و431 توسيعاً و85 مؤسسة داخلية و12 مؤسسة نصف داخلية و93 مكتبة وإقتناء 1400 قسم للتكوين.
القطاع الصحي: وتتضمن التعليمات الصادرة عن رئيس الجمهورية:
-إتخاذ كل الإجراءات التي ترمي إلى إبقاء تواصل العلاج والتكفل السريع بالمرضى وعقلنة تسيير الهياكل القاعدية للصحة العمومية.
-تعزيز الطاقم شبه الطبي الذي يعُد 100 ألف موظف في كل التخصصات والذين يمارسون في المؤسسات الصحية العمومية
وذلك بفضل شبكة تتكون من 42 مدرسة مختصة.
-تواصل جهود التكوين لضمان تغطية صحية لجميع ولايات البلاد.
-إنشاء مدرسة وطنية للتسيير والإدارة الصحية لتكوين إطارات التسيير للمؤسسات الصحية.
-إنشاء أكثر من 1000 هيكل صحي.
-إعادة تأهيل الصيدلة المركزية للمستشفيات لتأمين وتنظيم تزويدد الهياكل الصحية العمومية بالمنتوجات الصيدلانية.
المبحث الثاني: الإدارة الإلكترونية في الجزائر.
مع تطور وتقدم تكنولوجيا الإعلام والاتصال أصبح لزاماً على الجزائر استغلال هذه الوسائل في تطوير منظومتها الإدارية،
من خلال تطبيق ما يسمى بالإدارة الإلكترونية "e-management" .
المطلب الأول: تعريف الإدارة الإلكترونية وأهدافها.
1-تعريف الإدارة الإلكترونية:
يمكن تعريف الإدارة الإلكترونية أنها:
"إستراتيجية إدارية لعصرنة المعلومات، تعمل على تحقيق خدمات أفضل للمواطنين والمؤسسات، مع استغلال أمثل لمصادر المعلومات المتاحة
من خلال توظيف الموارد المادية والبشرية و المعنوية المتاحة في إطار الكتروني حديث من اجل استغلال أمثل للوقت و المال والجهد
و تحقيقا للمطالب المستهدفة و بالجودة المطلوبة".
وكذلك عرفت الإدارة الالكترونية بأنها "عملية تحويل كافة الأعمال والخدمات الإدارية التقليدية إلى أعمال وخدمات إلكترونية
تنفذ بسرعة عالية ودقة متناهية وبدون استخدام ألورق Paperless Management "
ومن هنا نقول أن الإدارة الإلكترونية تتمثل في "استغلال الوسائل الإلكترونية الحديثة في تقديم الخدمات الإدارية من أجل
تسهيل المعاملات الإدارية وتوفير الوقت والجهد"
2-أهداف الإدارة الإلكترونية:
1. تقليل كلفة الإجراءات الإدارية و ما يتعلق بها من عمليات.
2. زيادة كفاءة عمل الإدارة من خلال تعاملها مع المواطنين و الشركات و المؤسسات.
3. استيعاب عدد أكبر من العملاء في وقت واحد إذ أنّ قدرة الإدارة التقليدية بالنسبة إلى تخليص معاملات العملاء تبقى محدودة
و تضطرّهم في كثير من الأحيان إلى الانتظار في صفوف طويلة.
4. إلغاء عامل العلاقة المباشرة بين طرفي المعاملة أو التخفيف منه إلى أقصى حد ممكن مما يؤدي إلى الحد من تأثير العلاقات
الشخصية و النفوذ في إنهاء المعاملات المتعلقة بأحد العملاء.
5. القضاء على البيروقراطية بمفهومها الجامد و تسهيل تقسيم العمل و التخصص به.
6. التأكيد على مبدأ الجودة الشاملة بمفهومها الحديث.
7. إلغاء نظام الأرشيف الوطني الورقي و استبداله بنظام أرشفة الكتروني مع ما يحمله من ليونة في التعامل مع الوثائق و المقدرة
على تصحيح الأخطاء الحاصلة بسرعة و نشر الوثائق لأكثر من جهة في أقل وقت ممكن و الاستفادة منها في أي وقت كان.
المطلب الثاني: الإدارة الإلكترونية في الجزائر.
تعتبر عملية تخفيف الإجراءات الإدارية وتقريب الإدارة من المواطن ضمن الورشات الكبرى التي باشرت فيها الدولة.
ولتحسين الخدمات وتخفيف الإجراءات الإدارية، اتخذت السلطات العمومية جملة من التدابير من شأنها أن تسمح بتسهيل الأمور للمواطن
و رفع العوائق البيروقراطية من أجل تقليص الشرخ الموجود بين الإدارة والمواطن. وفي انتظار المراجعة القريبة لقانون الحالة المدنية.
تم الشروع في وضع عدة آليات لتطوير الإدارة وتكييفها مع التقدم التكنولوجي، وهي ديناميكية أطلقت قبل عدة أشهر، على غرار
رقمنة سجل الحالة المدنية، حيث انطلقت عملية تجريبية على مستوى بلديتي حسين داي وباب الواد بالجزائر العاصمة ،
قبل تعميمها تدريجيا على كامل التراب الوطني. كما وضعت الدولة الخطوة الأولى في طريق العصرنة بافتتاح أول بلدية الكترونية بالجزائر،
بالمقر الفرعي الإداري لحي 500 مسكن بباتنة. البلدية الالكترونية المرتكزة أساسا على التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال،
ستسمح بسحب الوثائق الإدارية خلال ثوان فقط، على مستوى الشباك الالكتروني. وهي تقنية تجسد أيضا إمكانية إعداد وتسليم الوثائق
على مستوى فروع البلدية، دون أن يضطر المواطن للتنقل إلى مقر الحالة المدنية الرئيسي بالبلدية.
البلدية الإلكترونية: دشنت أول بلدية الكترونية بالجزائر يوم 14 مارس 2011، بالمقر الفرعي الإداري لحي 500 مسكن بباتنة.
و بحضور وزير البريد و تكنولوجيات الإعلام و الاتصال، موسى بن حمادي، أصدرت أول شهادة ميلاد ( 12خ) في بضع ثوان فقط،
على مستوى الشباك الالكتروني، وهي تقنية تجسد أيضا إمكانية إعداد وتسليم الوثائق على مستوى فروع البلدية، دون أن يضطر
المواطن للتنقل إلى المقر الرئيسي للحالة المدنية. هذه البلدية الالكترونية الممثلة كتجربة رائدة، تستطيع أيضا إصدار في نفس الظروف،
شهادات الزواج و الوفاة، قي انتظار تمديد العملية إلى كل الوثائق الإدارية الصادرة من طرف البلدية.
الخلاصة العامة:
في النهاية يجدر بنا أن نؤكد أن الإدارة العمومية الجزائرية في حاجة كبيرة إلى تغيير جذري لوضعيتها وأن هناك ضرورة
لتحديد الإستراتيجية الملائمة لتطويرها ووضع مخطط علمي وواقعي يهدف لوضع نهاية للتخلف الإداري وجعل إدارة الغد أكثر تكيفاً
مع جزئيات النظام الإقتصادي والإجتماعي وحتى السياسي الحالي والمستقبلي للجزائر.
ومن خلال التصريحات والإجراءات والمشاريع المتخذة من طرف الدولة الجزائرية حول ضرورة عصرنة الإدارة العمومية
وتخليصها من البيروقراطية والفساد وتجديد ثقة المواطن فيها ومواكبة التطورات العالمية في مجال الإدارة، نرى أن الإدارة العمومية الجزائرية
ربما تسير في الاتجاه الصحيح نحو العصرنة والتحول إلى ما هو أفضل وأحسن ولعل أحداث السكر والزيت في جانفي 2011 قد ذكرت الدولة
بضرورة الاهتمام بالمواطن وانشغالاته وحاجياته التي كانت مهملة على مر عقود من الزمن، ومن هذا فإن الإدارة الجزائرية مطالبة بالتعامل بالليونة
اللازمة لإرضاء رغبات المواطنين ولتجنب أزمات وكوارث اجتماعية جديدة قد لا يُحمد عقباها.
قائمة المراجع
بالعربية:
- أغادير سالم العيدروس، مقدمة في الإدارة، جامعة أم القرى ، السعودية، د ت.
- طارق المجذوب، الإدارة العامة، العملية الإدارية والوظيفة العامة والإصلاح الإداري، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 2000
- فوزي حبيش، الإدارة العامة والتنظيم الإداري، دار النهضة العربية، بيروت، 1991
- بشير عباس العلاق، الإدارة مبادئ وظائف وتطبيقات، الدار الجماهيرية للنشر، ليبيا، 2004
-جاسم مجيد، أساسيات علم الإدارة، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 2005.
- لعرابي كريمة، دور القيادة في التغيير التنظيمي، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، 2009.
ـ فيرم فاطمة الزهراء، الموظف العمومي ومبدأ حياد الإدارة في الجزائر، مذكرة لنيل شهادة ماجيستر، جامعة الجزائر، 2004.
بالفرنسية:
- Azeddine ABDENNOUR- RÉUNION SUR LES PRIORITÉS EN GOUVERNANCE DE L'INNOVATION ET DE L'ADMINISTRATION PUBLIQUE DANS LA RÉGION DE LA MÉDITERRANÉE, NAPLES, 17-20 mai 2004
المواقع الإلكترونية:
- هاني عرب، تسيير الإدارة العامة، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
- [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] 27/01/2012، 11:15
-[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
تعتبر الإدارة الصورة المعبرة عن مدى تقدم الدولة أو تخلفها فهي تستمد قوتها وصلابتها من قوة وصلابة الدولة كما تستمد عجزها من عجز الدولة وبذلك نحصل على إدارة قوية ومتحضرة أو العكس إدارة متخلفة وبالية، ومنذ أن عرفت الدول المتقدمة منها والمتخلفة أهمية الإدارة سعت لتجعلها أداةً رئيسيةً لتسيير شؤونها، فهي لا تخضع للتخمين والعشوائية بل لقواعد ومبادئ علمية وموضوعية.
أما بالنسبة للإدارة الجزائرية فهي تميل إلى التخلف أكثر منها إلى التحضر ما أدى إلى إصابتها بأمراض عديدة كالرشوة والفساد وغيرها من المظاهر السلبية التي أدخلت المجتمع في أزمة متعددة الجوانب، لذا وجب على الحكومة الإسراع في إجراء تحديث وعصرنة لإدارتها العمومية للخروج من الأزمة ولمسايرة التطورات العالمية والإلتحاق بركب الدول المتقدمة الناجحة في هذا المجال، والتساؤل المتبادر للأذهان هو عن إمكانية نجاح السلطات الجزائرية في عملية تطوير وعصرنة الإدارة العمومية لإخراجها من المشاكل العديدة بصفة عامة والبيروقراطية بصفة خاصة؟.
ولمحاولة تبسيط الإشكالية المطروحة نقوم بطرح الأسئلة التالية:
ماذا نقصد بالإدارة العمومية؟
ما هي مراحل تطور الإدارة العمومية في الجزائر؟
ما هي أهم مشاكل الإدارة العمومية الجزائرية؟
ماذا نقصد بعصرنة الإدارة العمومية، وهل تسير الجزائر في الطريق الصحيح نحو تحقيق هذه العصرنة الإدارية؟
ومحاولةً للإجابة عن هذه التساؤلات قسمنا البحث إلى فصلين رئيسيين، حيث تناولنا في الأول الإدارة العمومية بشكل عام من خلال المبحث الأول فيما خصصنا المبحثين الثاني والثالث للحديث عن تطور الإدارة العمومية الجزائرية منذ إنشائها وكذلك مشاكلها ومحاولات إصلاحها. أما الفصل الثاني فخصصناه للحديث عن العصرنة الإدارية في الجزائر من خلال المبحث الأول أما المبحث الثاني فتطرقنا من خلاله إلى مفهوم الإدارة الإلكترونية وسعي الجزائر إلى تطبيقها.
الفصل الأول: الإدارة العمومية الجزائرية
تمهيد:
عرفت الإدارة العمومية الجزائرية ومنذ تحقيق الاستقلال بفسادها والبيروقراطية المستشرية في أغلب قطاعات الإدارة،
فمن البلديات إلى الوزارات ومن القطاع الصحي إلى القطاع الصناعي، لذلك قمنا بتخصيص الفصل الأول للحديث عن الإدارة العمومية الجزائرية
ومختلف المراحل التي مرت بها بالإضافة إلى مختلف محاولات الإصلاح الإداري.
المبحث الأول: عموميات حول الإدارة العمومية.
تعتبر الإدارة العمومية الوسيلة التي تقوم من خلالها الدولة بتقديم خدمات عديدة ومتنوعة تتميز بالمجانية النسبية للمواطنين المنتمين لنفس البلد،
وبهذا فهي تشكل مركز الحوار بين أصحاب القرار والمواطنين.
المطلب الأول: تعريف الإدارة العمومية وأهميتها.
1. تعريف الإدارة العمومية :
نجد العديد من التعاريف للإدارة العمومية ونذكر منها:
يعرف ويلسن Wilson الإدارة العمومية بأنها :"الغاية أو الهدف العملي للحكومة موضوعه هو إنشاء المشروعات العامة
بأكبر قدر ممكن من الفعالية والاتفاق مع رغبات الأفراد وحاجاتهم، فعن طريق الإدارة العامة توفر الحكومات حاجات المجتمع
التي يعجز النشاط الفردي عن الوفاء بها".
كذلك هو الأمر بالنسبة لجيلينيي Gilinier الذي يرى أن الإدارة العمومية هي "تنفيذ السياسة العامة للدولة عن طريق الإدارات العمومية".
ويعرف فوزي حبيش الإدارة العمومية على أنها : "مجموعة نشاطات وأعمال المنظمة، تقوم بأدائها قوى بشرية تعينها السلطات الرسمية العامة
وتوفر لها الإمكانيات المالية اللاَزمة بهدف تنفيذ الخطط الموضوعة لها وبالتالي تحقيق الأهداف العامة المرسومة لها، بأكبر كفاية إنتاجية وأقل تكلفة".
كما نجد أن ماكنمارا "Mc Namara" يعرف الإدارة العامة بأنها: "الوسيلة التي يتم من خلالها التنظيم العقلاني لكل التغيرات الإنسانية،
الاجتماعية، الاقتصادية، التكنولوجية، والسياسية حيث يتم نشر هذا التنظيم في المجتمع من خلال إدارة المنظمات العمومية".
نلاحظ من خلال التعاريف السابقة أن الإدارة العمومية هي "مزيج من القوانين واللوائح التنظيمية والعلاقات التي تساعد
على تنفيذ السياسة العامة للدولة، كما أن ممارسة هذا النوع من الإدارة لا يتم بصورة عشوائية، وإنما يجب مراعاة
عنصرين أساسيين هما: الاهتمام بالمورد البشري والاهتمام بالمورد المالي".
2. أهمية الإدارة العمومية:
وجود الإدارة حتمي في كل المجتمعات البشرية التي تملك إمكانيات مادية وفنية وطبيعية تساعدها على تحقيق أهدافها وتنفيذ واجباتها.
الإدارة العمومية هي الركيزة الأساسية لأي دولة حديثة.
لابد من وجود جهاز تنفيذي قادر على الإشراف على شؤون الدولة.
الإدارة العمومية تقف وراء كل إنجاز ضخم لا تستطيع أو لا ترغب المؤسسات الأخرى القيام بها.
المطلب الثاني: وظائف الإدارة العمومية.
تقوم الإدارة العمومية بمجموعة من الوظائف المتداخلة والمتزامنة تتمثل في: التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة حسب معظم علماء الإدارة.
1.التخطيط:
هو التقدير سلفاً لما يجب عمله، كيف؟ متى؟ ومن سيقوم به؟، ويعرفه جورج تيدي بأنه "الاختيار المرتبط بالحقائق ووضع
واستخدام الفروض المتعلقة بالمستقبل عند تصور وتكوين الأنشطة المقترحة التي يُعتقد بضرورتها لتحقيق النتائج المنشودة".
وتقوم عملية التخطيط على المراحل التالية:
أ- تحديد الأهداف: تقوم السلطة السياسية عموما ًبهذه المهمة مع مساهمة الإدارة العمومية بمختلف هياكلها.
ب- تحديد الوسائل والإمكانيات: وذلك يتحقق بدراسة القوانين والأنظمة المتعلقة بالهدف المراد تحقيقه ومدة تنفيذ
المشروع وتحديد قيمة الأموال اللازمة ودراسة كيفية ضمانها وأوجه إنفاقها ثم تحديد الجهاز البشري اللازم لتنفيذ الخطة.
ج- توزيع الخطة: على الأعوان العموميين والإدارات الفرعية المطلوب منها تنفيذ ما تم تخطيطه.
د-متابعة الخطة وتقويمها: تقوم السلطات العمومية المختصة بمتابعة وتنفيذ الخطة وفقاً للتقديرات المحددة سابقاً، واكتشاف الإختلالات
وتعديل الخطة إن تطلب الأمر.
2. التنظيم:
هو حلقة ربط بين جميع وظائف الإدارة العمومية من تخطيط وتوجيه ورقابة. ويُعرف على أنه "جميع الأنشطة اللازمة لتحقيق
الأهداف وإسناد مهمة الإشراف على كل مجموعة لشخص تمنح له السلطات الإشرافية اللازمة".
وهي وظيفة تقوم على تحديد مكونات الجهاز الإداري وتحديد المسؤوليات وصلاحيات كل وحدة إدارية وعلاقة هذه الوحدات
ببعضها البعض وهو ما يُظهر في الأخير مكونات الهيكل التنظيمي للإدارة العمومية حيث يعتبر الهيكل التنظيمي الوسيلة
والأداة المساعدة على تحقيق أهدافها من حيث إحداث الوظائف العامة وتصنيفها وشغلها ومهامها...وغيرها من العناصر
الأخرى المساهمة في قيام وظيفة التنظيم.
3. التوجيه:
تضاعفت أهمية التوجيه مع اتساع الجهاز الإداري في المنظمات والإدارات العمومية والذي يُعرف على أنه "التوفيق بين
نشاط الجماعة التي تعمل على تحقيق عرض مشترك وبث الانسجام بين أفرادها والوظيفة التي بمقتضاها يستطيع الإداري أن ينميَ هيكلاً"
والجدير بالذكر أن وظيفة التوجيه يندرج تحتها ثلاثة عناصر أساسية تشكل قاعدة أساسية في ممارسة هذه الوظيفة
وهي: الاتصال والتحفيز والقيادة.
4. الرقابة:
تعتبر الرقابة وظيفة ضرورية في جميع مستويات الإدارة، تقوم على أدوات وأساليب كمية ووصفية يتم من خلالها التحقق
من مدى تحقيق الأهداف والسياسات العمومية، وتصحيح مسار العمل لرفع الكفاءة والفعالية.
وقد عرفها هنري فايول بأنها "تنطوي على التحقق مما إذا كان كل شيء يحدث طبقاً إلى نقاط الضعف والأخطاء بقصد
معالجتها ومنع تكرار حدوثها".
وتتمثل الأهداف الأساسية للرقابة في:
مراقبة مدى سير الخطة الموضوعة ومستوى تحقيق الإنجاز في كل مرحلة.
السعي لتحقيق الجودة في العمل والتنسيق بين مختلف الوحدات الإدارية.
البحث عن تحقيق أفضل النتائج ومواجهة الصعوبات والمشاكل بأقل خسائر.
تقديم مدى رضا المواطن على مستوى الخدمة.
وتتضمن الرقابة العناصر التالية: الهدف، المعالجة (كيفية ومدى تنفيذ الخطة)، مراعاة أنماط ودراسة مستوى الأداء،
التقييم العام ومعالجة الانحرافات.
المبحث الثاني: مشاكل الإدارة الجزائرية و محاولات إصلاحها.
من المعروف أن الإدارة العمومية الجزائرية عانت من مشاكل عديدة ومتنوعة تسببت في العديد من الأزمات وكذا
فقد الثقة بين المواطن والإدارة العمومية.
المطلب الأول: وضع الإدارة الجزائرية قبل وبعد الاستقلال.
قمنا بتقسيم وضع الإدارة العمومية الجزائرية إلى فترتين رئيسيتين: الإدارة العمومية في عهد الاحتلال الفرنسي وبعد الاستقلال.
الإدارة في عهد الاحتلال الفرنسي.
كانت الحكومة الفرنسية تعتبر الجزائر ولاية من الولايات التابعة لدولتها، نظراً لموقعها الجغرافي وشساعة رقعتها.
لذلك جاء التنظيم الإداري في الجزائر حريصاً على استقرار المعمرين الأوروبيين في الجزائر، فقد كان متوافقاً مع نمط معيشتهم
وحاجاتهم دون الاهتمام بالسكان الأصليين الذين خصصت لهم نظاماً قمعياً. وكمثال على الإدارة العمومية في عهد الاستعمار
ما حدث في 1949 حيث قسمت الجزائر إلى ثلاثة ولايات هي: الجزائر، قسنطينة ووهران وكانت كل ولاية يحكمها الوالي
ومجلس عام، أما البلديات فنميز ثلاثة أنواع:
1. بلديات ذات صلاحيات تامة تخضع للقانون الفرنسي 1884.
2. بلديات مختلطة تخضع في تسييرها للقانون الخاص لـ1919.
3. المناطق الجنوبية تخضع للإدارة العسكرية.
الإدارة العمومية بعد الاستقلال.
إن الدعامات الأساسية في بناء الدولة الجزائرية لما بعد الاستقلال تمثلت في التوجه الاشتراكي واللامركزي والتوازن الجهوي،
ورغم أن الجزائر حققت استقلالها السياسي إلا أنها لم تحققه إدارياً، حيث بقيت تابعةً للمنظومة الإدارية الفرنسية، فورثت
هذه الإدارة مشاكل كثيرة منها انعدام الإطارات اللازمة القادرة على تسيير البلاد، فيما سبب خروج المعمرين
الذين كانوا يشغلون الوظائف الإدارية فراغ في مختلف الإدارات.
لم تتمكن الجزائر من تشريع دستور خاص بها، لذا اعتمدت على التشريع الفرنسي، إلا بعض المواد التي تتنافى مع مبادئ الثورة.
ويتجلى ذلك من خلال قانون 31 ديسمبر 1962، واستمر هذا الوضع إلى غاية 5 جويلية 1975 حيث تم تشكيل لجنة
وطنية للتشريع مهمتها مراجعة وجزأرة كل النصوص الموجودة والمطبقة.
وفي دستور 1976 عملت الإدارة العمومية على تحقيق المصلحة العامة عن طريق الصناعات الثقيلة، وبعد وقوع الأزمة
الاقتصادية العالمية سنة 1986 وهبوط أسعار البترول انتهجت الجزائر سياسة التقشف وتسريح العمال.
وفي سنة 1990 فاز حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذي تم حله لاحقاً وبداية الصدام بين أعوان الحزب وأعوان الإدارة
واتهامها بالتزوير. تلت هذه المرحلة العشرية السوداء التي تم فيها هدم وحرق الكثير من المؤسسات الإدارية.
المطلب الثاني: المشاكل التي عانت منها الإدارة الجزائرية.
مما لا شك فيه أن الإدارة الجزائرية واجهت وعبر مختلف مراحلها وتطوراتها عدة مشاكل تسببت في نشوب عدة صراعات
وأزمات اجتماعية خصوصاً في ثمانينيات القرن الماضي، ولعل أهم هذه المشاكل وبإجماع من الباحثين والمتخصصين في المجال الإداري
كان مشكل البيروقراطية والتي لا تزال إلى حد اليوم منتشرةً في الجهاز الإداري الجزائري.
1. تعريف البيروقراطية:
كلمة بيروقراطية مركبة من شقين:
بيرو Bureau: وتعني مكتب.
قراطية Quay: أصلها إغريقي وتعني القوة.
أي قوة أو سلطة المكتب، ويعرفها ماكس فيبر بأنها تنظيم عقلاني للمكاتب، الذي يتبع مبدأ الهيكلية المكتبية،
أي أن مكتب صغير يتبع مكتب أعلى منه وهذا المكتب يتبع المكتب الأعلى منه.
2. مشاكل الجهاز البيروقراطي للإدارة العمومية الجزائرية:
شهدت الجزائر بعض الانفتاح في مجال الإدارة العمومية بعد1996 ولكن هذا لم يخلص الإدارة العمومية
الجزائرية من التناقضات التي كانت تعيش فيها بعدما تداول الجهاز الإداري عدة جهات ( قيادة عسكرية، قيادة سياسية، قيادة بيروقراطية)
جعلها تعاني من مشكلات عديدة يمكن تلخيصها في:
بيروقراطية متصلبة:
ما يميز سلوك القادة الإداريين هو التطبيق الحرفي لأوامر القيادات العليا مما وسع الهوة بينهم وبين مرؤوسيهم من جهة
وبين الإدارة والمواطنين من جهة ثانية ما نتج عنه بطء في اتخاذ القرارات وتنفيذها لتعدد مستويات التنظيمات الإدارية
وهذا ما يؤدي في معظم الأحيان إلى شلل الجهاز الإداري واتصافه بالجمود وتعدد الإجراءات.
المركزية الشديدة:
يميل القادة الإداريين إلى المركزية وعدم تفويض السلطة والمسؤولية لمن هم دونهم للسيطرة على زمام الأمور بأنفسهم وبالتالي هم لا يحصلون على المعلومات الكافية عند وضع القرار كون البيروقراطيين المنفذين هم الأقرب للمواطنين ما ينتج عنه صعوبة بين الالتزام بالإجراءات المسطرة والاستجابة للاحتياجات الاجتماعية.
التهرب من المسؤولية:
ما يميز الإدارة العمومية الجزائرية هو غياب الالتزام والشعور بالمسؤولية لدى أغلبية القادة من جهة وبروز
مشكلة عدم تطابق المسؤولية مع السلطة المخولة للموظفين من جهة أخرى وهذا ما يجده المسؤولون حجة للتهرب
من المسؤولية الكاملة عن أعمالهم عوض المغامرة باتخاذ القرارات الإستراتيجية المناسبة، إما لنقص كفاءتهم أو تخوفا من عواقب تخطي السلطة المخولة لهم.
استغلال النفوذ:
يسعى معظم القادة الإداريين للوصول إلى المناصب العليا لتحقيق المصالح الشخصية والأهداف الذاتية لا غير وبسط النفوذ
والسلطة مما يجعل حتى أتباعهم يتصرفون مثلهم ما يجعل الظاهرة منتشرة وسط المسيرين والأعوان العموميون.
الولاء للرئيس وليس للوظيفة:
نجد ظاهرة الولاء للرؤساء في الدول النامية ككل ما يجعل شخصية المرؤوسين تذوب وتنصهر ويكتفوا بالتبعية التامة
محاولين التقرب من رؤسائهم والتودد إليهم للحصول على دعمهم ويتغاضوا عن أخطائهم وعيوبهم منتظرين أن يأتي دورهم ليصبحوا قادة.
هجرة الكفاءات من القطاع العام:
تعاني الإدارة العمومية الجزائرية من ظاهرة هجرة الإطارات الأكفاء إلى القطاع الخاص أو إلى خارج الوطن أين يجدون اعتبار
مادي ومعنوي ويمكن القول أن نقص الحوافز والوساطة في التعيين والترقية من بين أسباب الهجرة.
الروتين الإداري:
أي الشكليات التي يجب أن تتوفر في المعاملة الرسمية، والممرات التي يجب أن تجتازها قبل أن تصل إلى نهايتها فتعقيد الإجراءات
أصبحت معيقة للعمل ليشير الروتين الإداري إلى حالة مرضية خطيرة تغلغلت بشكل كبير ما خل بالإدارة الجزائرية.
الفساد الإداري:
خطوة الفساد الأولى هي في التمييز بين المواطنين الذين يتجهون إلى الإدارات العمومية لطلب العمل أو الاستفادة من خدماتها
" الأقربون أولى بالمعروف"، أما ثاني خطوة فهي قبول الرشاوى إما لتسهيل الخدمات أو إنجاز بعض المعاملات غير الرسمية
وتنتهي بوضع يده على الأموال العمومية. والفساد الأكبر يتحقق عند تحالف الفساد الإداري مع الفساد السياسي لتصبح الدولة محلا
للنصب والنهب والسرقة، والجزائر عرفت كامل الخطوات.
ضعف الخلل الإداري:
ظهر العجز في ملامح الإدارة العمومية الجزائرية في تحقيق الأهداف المسطرة لها ما يترجم نفور المواطنين وتذمرهم منها ما
يفقد المواطن الثقة بالإدارة وكأهم مظاهر الخلل الإداري: البطء في تقديم الخدمة(البيروقراطية)، كثرة التصديقات المطلوبة على بعض
الوثائق الإدارية دون فائدة، عدم الاهتمام بشكاوى المواطنين.
انتشار ظاهرة التسيب واللامبالاة:
إن ظاهرة التسيب متجذرة داخل الإدارة العمومية الجزائرية، وتظهر أكثر في المستويات الإدارية الدنيا، والتي تتعامل بشكل مباشر
مع المواطنين البلدية مثلا، فتراضي الموظفين في العمل يؤدي إلى فقدان الملفات أو التماطل في تقديم الخدمة، وأيضا الأخطاء المرتكبة
في ملأ الأوراق الإدارية.
المبحث الثالث: محاولات إصلاح الإدارة الجزائرية وأسباب فشلها.
كان الإصلاح الإداري في الجزائر ضرورةً حتمية في العديد من الفترات، وهذا بالنظر لإستمرار تفشي الأزمات السابقة الذكر.
المطلب الأول: محاولات الإصلاح الإداري في الجزائر.
بعد المشاكل التي واجهت الإدارة العمومية الجزائرية في مختلف مراحلها منذ الاستقلال أصبح الإصلاح الإداري
ضرورة حتمية للخروج من هذه الدوامة من المشاكل، والتي كانت البيروقراطية أكثر المشاكل تفشياً، ويُعرف الإصلاح الإداري
بأنه "الجهود المنظّمة وبشكل مقصود لإحداث تغييرات جوهرية في بنية البيروقراطية العامة وإجراءاتها وفي اتجاهات وسلوك
الإداريين العاملين بها من أجل زيادة الفاعلية التنظيمية وتحقيق أهداف التنمية الوطنية. إنها عملية منظمة لتعديل العلاقة بين
البيروقراطية والعناصر الأخرى في المجتمع".
قامت الجزائر وبصدد إصلاح المنظومة الإدارية التي كانت تعاني من أوضاع متدهورة بعدة مشاريع وكذا إنشاء هيئات متخصصة
في الإصلاح الإداري، ونذكر منها وحسب الترتيب الزمني:
1966: إنشاء مديرية عامة للتنظيم والإصلاح الإداري وهذا في إطار تنظيم المركزية لوزارة الداخلية.
1968: تحولت إلى مديرية عامة للتنظيم والإصلاح الإداري والعلاقات العامة.
1976: إعادة تنظيم إدارة وزارة الداخلية، ثم إنشاء مديرية عامة للتكوين والتعاون والإصلاح الإداري تضم ثلاثة نيابات :
مديرية خاصة بالتنظيم، الهياكل الإدارية والبحث الإداري.
1982: أنشئت كتابة الدولة المكلفة بالوظيف العمومي والإصلاح الإداري لدى الوزير الأول.
1983: إنشاء لجنة وطنية للإصلاح الإداري لدى كتابة الدولة للوظيف العمومي.
1984: تأسست محافظة الإصلاح والتجديد الإداري، حلت محل كتابة الدولة للوظيف العمومي.
1988: مرسوم 88-131 الذي يتضمن تنظيم العلاقة بين ال1988: مرسوم 88-131 الذي يتضمن تنظيم العلاقة بين الإدارة والمواطن.
1994: تعيين وزير منتدب لدى وزير الداخلية مكلف بالجماعات المحلية والإصلاح الإداري.
1996: عُوض بوزير منتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالإصلاح الإداري والوظيف العمومي. وفي نفس السنة جرت
تجربة لتحديث الإدارة اهتمت بثلاثة إدارات أخذت كعينات: البلدية، مركز البريد ومصالح الضرائب.
1999: طرح مشروع القانون الأساسي للوظيفة العمومية.
2000: إنشاء لجنة إصلاح هياكل الدولة.
2003: إنشاء المديرية العامة للإصلاح الإداري.
المطلب الثاني: فشل محاولات الإصلاح الإداري في الجزائر
رغم الجهود الكبيرة والاهتمام الذي أولته الدولة الجزائرية لعملية الإصلاح الإداري إلا أن جل هذه الإصلاحات أو محاولات
الإصلاح باءت بالفشل، ويعود هذا الفشل لعدة أسباب نلخصها في ثلاثة مجموعات رئيسية: سياسية، اقتصادية وإدارية.
أولاً: الأسباب السياسية.
إن حالة عدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن أثر سلباً على الإدارة العمومية فمنذ أكتوبر 1988 دخلت الجزائر أزمة سياسية
حادة أدت إلى شلل شبه كلي لمعظم الأجهزة والمرافق من جهة وانشغال مختلف الحكومات التي تميزت هي الأخرى بعدم الاستقرار
بحل مشكل الأمن والإرهاب من جهة أخرى وهذا ما جعل مشكل الإصلاح الإداري ثانوياً وغير عاجل بالمقارنة مع الوضع الأمني
الخطير الذي كانت تعيشه الجزائر.
بالإضافة إلى كون التعددية السياسية تجربة جديدة على المجتمع الجزائري مما أدى إلى نشوء تيارات متعارضة داخل المجتمع،
وتصاعد الصراعات والتشابكات، وهذا ما بدا واضحاً إبتداءاً من جوان 1991 من خلال سلسلة الأحداث السياسية التي عرفتها الجزائر.
ثانياً: الأسباب الاقتصادية.
إن الإستراتيجية الاقتصادية الاشتراكية المعتمدة على الصناعة الثقيلة بالدرجة الأولى لم تعرف نجاحاً في الجزائر،
وقد زاد تدهور سعر البترول (الممول الأساسي للاقتصاد الوطني) من حدة الوضع مما أدى إلى نشوب أزمة اقتصادية ومالية تميزت بزيادة المديونية الخارجية للجزائر.
أدى هذا الوضع إلى اتخاذ إجراءات عاجلة أهمها: خفض ميزانية الإدارات العمومية، استقلالية المؤسسات العمومية الاقتصادية وإعلان إفلاس العديد منها.
نتيجة لهذه الأسباب اهتمت معظم الحكومات وحتى الأحزاب السياسية بالمشكلة الاقتصادية بالدرجة الأولى باعتبارها ذات أثر واضح
على الحياة الاجتماعية للمواطنين دون الاهتمام بالإدارة.
ثالثاً: الأسباب الإدارية.
يقصد بها المشاكل ذات الطابع الإداري المحض وهي:
1. إن سلسلة الإصلاحات التي تم عرضها في النقاط السابقة عبارة عن إصلاحات جزئية، متقطعة وعشوائية. بالإضافة إلى
عدم استقرار المقررين الذي نتج عن التعديلات الحكومية المستمرة مما أدى إلى بقاء العديد من برامج الإصلاح الإداري في المرحلة النظرية.
2. عدم استقرار الهيئات المكلفة بالإصلاح الإداري فهي تابعة لوزارة الداخلية تارةً وإلى مديرية الوظيف العمومي تارةً أخرى.
فهي غير مستقرة وغير معروفةَ الأهداف، بالإضافة إلى تغير العاملين بها أدى إلى نقص التجربة في ميدان الإصلاح الإداري.
3. كانت معظم الإصلاحات الإدارية مستلهمة من نماذج أخرى خاصة الفرنسية، مما أدى إلى عدم نجاعتها وعدم تقبلها في
كثير من الأحيان من طرف الموظفين لكونها غريبة عن بيئتهم الاجتماعية والثقافية.
4. الاستهانة بعملية الإصلاح الإداري من طرف الجميع وعلى كل المستويات من القيادة إلى القاعدة في الهرم الإداري،
ويتوضح هذا في تأجيل الإستراتيجيات.
خلاصة الفصل:
بعد دراستنا لوضع الإدارة العمومية الجزائرية نستخلص أن أداء الإدارة العمومية الجزائرية لم يكن في مستوى تطلعات
المواطن، وكانت العلاقة بين المواطن والإدارة غالباً ما تتسم بالتوتر وعدم الثقة، بالإضافة إلى إنتشار الفساد الإداري الذي
لم تسلم منه أي إدارة عمومية صغيرة كانت أم كبرى، كل هذا أدى إلى تفجر الوضع الإجتماعي في العديد من المرات مثل ما حدث في 1988 وفي 2010.
الفصل الثاني: عصرنة الإدارة العمومية الجزائرية
تمهيد:
بعد تطرقنا في الفصل السابق لوضع الإدارة العمومية في الجزائر وكذا المشاكل التي واجهتها بالإضافة على
محاولات الإصلاح الفاشلة لهاته الإدارة، نتطرق في هذ الفصل إلى مفهوم "تحديث الإدارة العمومية الجزائرية"
والذي تتبناه الحكومة الجزائرية مؤخراً في محاولة للتخلص من المشاكل المتكررة والمستعصية الحل رغم كثرة الإصلاحات.
المبحث الأول: تحديث الإدارة العمومية الجزائرية.
يقصد بها عملية التكيف مع التحولات من خلال إدخال وسائل وأساليب تسيير حديثة، ونمط ثقافة تنظيمية جديدة قائمة
على مفهوم الجودة، مع التركيز على الإدارة بالنتائج وليس الإدارة بالوسائل والأهداف.
المطلب الأول: أولويات عصرنة الإدارة العمومية الجزائرية.
نتطرق في هذا الجانب إلى ذكر مختلف القطاعات أو الهيئات الواجب إصلاحه أو عصرنتها وهي:
1- التعمق في تطبيق اللامركزية، ومحاولة تقريب القرارات الإدارية من الحقيقة الإجتماعية.
2- تقوية عملية صنع القرار، متابعة التنفيذ، والمراقبة العامة من أجل الإستغلال الأفضل أو الفعال لموارد الأمة.
3- تحقيق الإحترافية في الوظيفة العمومية، وتطبيق مناهج التسيير العمومي مع التركيز على الموارد البشرية والإتصالات.
4- تقوية الإقتصاد الحكومي من منظور التنمية المستدامة.
5- تطوير سلك العدالة بإعتبارها أساساً لدولة القانون.
المطلب الثاني: محاور العصرنة الإدارية.
تتلخص رهانات التحديث أو العصرنة في الجزائر في إدخال التكنولوجيا وتحويل المعرفة إلى خدمات، لمجاراة التطور
الحاصل في البيئتين الداخلية والخارجية، لتحقيق رضا الموظف والمواطن وبلوغ جودة الخدمة والمنتوج.
وكنظرة واعية للدولة الجزائرية بأن عصرنة الإدارة العمومية سيكون الباب المؤدي إلى تحديث سياسي وتبني دولة الحق
والقانون، اقترحت إصلاحات مست ميادين كبرى وحساسة ويمكن ترجمتها على الشكل التالي:
أ. عصرنة وترشيد الإدارة العمومية: وهي سياسة مطابقة لتجديد الخدمة العمومية المطبقة في الدول الغربية، ويتم ترشيد
المؤسسات العمومية الجزائرية بإدخال نماذج تسيير القطاع الخاص (تجديد وسائل وأنظمة التسيير)، وتوسيع مجال تسيير الخدمة
العمومية للمؤسسات الخاصة والمجتمع المدني إلى جانب خلق حركية في المجالات الآتية:
دعم التناسق بين مختلف الإدارات المركزية وإعادة توزيع المهام بين الإدارات المركزية والإقليمية لإنعاش التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الاستعانة بأولى الخبرات للتحكم في تكاليف الإدارة العمومية وتقليصها.
التكامل بين المصالح المكلفة بمحاربة الغش بجميع أشكاله.
أما عن جهود الدولة في عصرنة الجهاز الإداري فتتمحور حول:
عصرنة مناهج العمل وتعميم استعمال الإعلام الآلي وشبكة الإعلام الداخلية(intranet).
تشجيع التكوين المتخصص وذلك بإعادة النظر في سياسة التكوين المعتمدة من طرف المدرسة الوطنية للإدارة ليرتكز التكوين
ابتداءا من 2008 على تعليم وتكوين الإطارات السامية مع فتح مسابقة الالتحاق لخريجي الجامعات والمعاهد في تخصصات محددة
وتكون فترة التكوين 3سنوات وكذلك رد الاعتبار لمراكز التكوين المهني.
تخفيف إجراءات وآجال إنجاز المشاريع.
تطوير وتعزيز الشفافية في المرافق العمومية.
وبالفعل فقد تخلت الدولة عن بعض القطاعات جزئيا لتترك مجال التسيير للقطاع الخاص، كما هو الحال في قطاع البريد والمواصلات
الذي استطاع هذا القطاع من الخروج من سياسة الإدارة التقليدية بخلق المنافسة بين الخواص (نجمة، جازي، موبيليس)، بينما احتفظت
الدولة ببعض القطاعات كالتربية والصحة، كما تم إعادة هيكلة بعض المؤسسات العمومية كالكهرباء والغز الطبيعي التي تتحول من مؤسسة
عمومية صناعية وتجارية تحت الوصاية إلى مؤسسة عمومية اقتصادية وتجارية، وإنشاء مؤسسات عمومية مستقلة لتوزيع المياه والتهيئة
خاضعة لقواعد تجارية في التسيير.
وفي جانب طرق التسيير العمومي تم إدخال عملية التعاقد وإشراك أفراد القانون الخاص في استغلال الخدمة العمومية خاصة الموانئ، المطارات والطرق السيارة.
ب. إعادة توزيع المهام بين الإدارة المركزية والمحلية: تحظى الإدارات المركزية بمكانة هامة في مشروع إصلاح الدولة لقربها
من السلطة السياسية ويتمثل تحديثها في إعادة توجيهها نحو المهام الإستراتيجية عن طريق إعادة تنظيمها وتحديد الكفاءات القيادية التي
ستقوم بهيكلة وتنظيم أعمال الحكومة والتنسيق ما بين الوزارات حتى لا تبقى هذه الأخيرة منشغلة بتنفيذ المهام الروتينية وتنتقل إلى التنظيم،
التنسيق، التنبؤ والرقابة وتقييم السياسات العامة لضمان تماسك واستمرارية الخدمات العمومية.
أما فيما يخص الإدارة المحلية فقد ركزت الإصلاحات على ضرورة إعادة الاعتبار للجماعات المحلية (البلدية والولاية) وإدخال تصنيف إداري
جديد قائم على المناطق تعزيزا للديمقراطية المحلية، وكون اللامركزية العمود الفقري لترشيد علاقة الدولة بالأقاليم ومبدأ أساسي للتنظيم الإداري،
تحظى بحضور ملفت في الخطابات السياسية، فالسلطات المحلية هي الأقرب إلى مشاكل المواطنين.
ولهذا عمدت الدولة إلى تحويل السلطات والكفاءات الإدارية والتقنية إلى هذه الوحدات، فقد سطرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية برنامج
لترقية وتأهيل الإطارات على المستوى المحلي عن طريق:
تزويد الجماعات المحلية منذ سنة 2003 بالإطارات المؤهلة (تقنيين وإداريين).
إعادة تشكيل جهاز التكوين عبر استرجاع مراكز التكوين المهني وإنشاء مؤسسات أخرى عبر مناطق الوطن.
استرجاع المدرسة الوطنية للإدارة منذ 2005 وإصلاح نظام التكوين بها.
ولترقية مكانة الجماعات المحلية ودورها، تم اتخاذ التدابير التالية:
مراجعة قانوني البلدية والولاية: لتكييف الإدارة المحلية مع واقع التعددية السياسية وتأكيد مكانة اللامركزية في مسار التنمية الوطنية وتعزيزها كفضاء للديمقراطية.
ترشيد مساهمة الجماعات المحلية: وذلك فيما يتعلق بتسيير الحياة المحلية بتكوين أعوان مصالح البلدية خاصة التقنية منها
وتحسين الخدمة للمواطن إلى جانب ترشيد مساهمتها في التنمية الوطنية ودعم مخططات التنمية والتهيئة الإقليمية على المستوى الولائي البلدي.
تحسين الطاقات المالية للجماعات المحلية: وهذا بتزويدها بالوسائل لمالية التي تسمح لها بتحقيق أهدافها التنموية وترشيد
نفقاتها بتحميلها المسؤولية أكثر في تحديد الوعاء الجبائي وبعض نسب الضرائب وفي تحصيل الضرائب والرسوم.
دعم مشاركة المواطنين في التكفل بالشؤون المحلية: وهذا بترقية مشاركة المجتمع المدني في التكفل بالشؤون المحلية
في ظل احترام المهام المسندة للإدارة والمنتخبين المحليين.
ج. تثمين الموارد البشرية: باعتبار العنصر البشري هو محرك التنمية في كل بلد، سعت الدولة الجزائرية إلى ترقية ظروف
الوظيفة العمومية لضمان جاذبيتها بدءا من شروط التوظيف إلى غاية وضع قواعد لنهاية الخدمة مرورا بتقويم شروط التعيين، الترقية، التكوين...إلخ.(مراجعة قانون الوظيف العمومي)
كما تم إعادة النظر في حقوق وواجبات أعوان الدولة بشكل يثمن الموارد البشرية ويساهم في بلوغ النوعية في التسيير بإضفاء
المرونة على القوانين وتحديث مناهج إدارة الأفراد بما يتلائم مع الدور الجديد للدولة، حيث تم تحديث قانون أساسي لكل فئة من
أعوان الدولة، موظفي الجماعات المحلية، موظفي المؤسسات العمومية...الخ.
كما يشجع هذا القانون الجديد عنصر الكفاءة بتحديد راتب الموظف وفقا لمؤهلاته ومستواه التعليمي، لكي تدرج أقدميته في الوظيفة كمرتبة فعلية.
وفي إطار سياستها لتحسين مستوى الكفاءات على المستوى المحلي قامت الدولة بالاستعانة بالجهات التالية:
عقد شراكة مع المعهد المتخصص في التسيير والتخطيط لتكوين موظفي الإدارة المحلية.
عقد شراكة مع المدرسة الوطنية للإدارة لتكوين رؤساء الدوائر.
عقد شراكة مع جامعة التكوين المتواصل لتكوين رؤساء البلديات.
هذا إلى جانب مراجعة القوانين الأساسية الخاصة بأعوان وزارة الداخلية والجماعات المحلية.
المطلب الثالث: عصرنة الإدارة العمومية الجزائرية من خلال البرنامج الخماسي 2010-2014.
يعتبر البرنامج الخماسي 2010-2014 برنامجاً طموحاً أقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ورُصد له مبلغ 682 مليار دولار
وذلك للإرتقاء بالجزائر إلى مصاف الدول الراقية. وقد شمل هذا البرنامج مختلف المجالات والأصعدة على المستوى الإداري والإجتماعي والإقتصادي والبشري.
وقد كان للإدارة العمومية نصيبها من هذا البرنامج سعياً إلى عصرنتها من أجل التكفل الأفضل بإحتياجات المواطن وبالتالي ضمان
أكبر قدر من الإستقرار والإنسجام الإجتماعي، لذا على الإدارة العمومية السهر على تقديم خدمة عمومية ذات نوعية جيدة والحرص
على إحترام وتقدير المواطنين سعياً لتطوير سبل التواصل والحوار بين الإدارة العمومية والمواطنين، وقد نص البرنامج على
العصرنة في القطاعات المختلفة من خلال النقاط التالية:
-الجماعات المحلية: وذلك من خلال:
-إستكمال الإصلاحات المؤسساتية مع مراجعة قانوني البلدية والولاية.
-تحسين وعصرنة المصالح العمومية.
-تحسين وتأهيل الموارد البشرية.
-تنفيذ الإجراءات المتعلقة بتحديث وتأمين وظائف السفر والهوية (الهوية الإلكترونية والبيومترية).
-قيام إدارة الجمارك بعمليات إصلاح وتحديث تهدف إلى تكييفها مع التحولات الوطنية والدولية لتحسين الأداء.
قطاع التكوين: والذي يعتبر عصب التنمية وفي هذا الصدد يشمل البرنامج الخماسي:
-خلق 160 ألف منصب تكوين ل122 معهد وطني متخصص في التكوين المهني.
-إنجاز 401 مركزاً مهنياً للتكوين والتمهين.
-إنجاز 72 معهد للتعليم المهني و431 توسيعاً و85 مؤسسة داخلية و12 مؤسسة نصف داخلية و93 مكتبة وإقتناء 1400 قسم للتكوين.
القطاع الصحي: وتتضمن التعليمات الصادرة عن رئيس الجمهورية:
-إتخاذ كل الإجراءات التي ترمي إلى إبقاء تواصل العلاج والتكفل السريع بالمرضى وعقلنة تسيير الهياكل القاعدية للصحة العمومية.
-تعزيز الطاقم شبه الطبي الذي يعُد 100 ألف موظف في كل التخصصات والذين يمارسون في المؤسسات الصحية العمومية
وذلك بفضل شبكة تتكون من 42 مدرسة مختصة.
-تواصل جهود التكوين لضمان تغطية صحية لجميع ولايات البلاد.
-إنشاء مدرسة وطنية للتسيير والإدارة الصحية لتكوين إطارات التسيير للمؤسسات الصحية.
-إنشاء أكثر من 1000 هيكل صحي.
-إعادة تأهيل الصيدلة المركزية للمستشفيات لتأمين وتنظيم تزويدد الهياكل الصحية العمومية بالمنتوجات الصيدلانية.
المبحث الثاني: الإدارة الإلكترونية في الجزائر.
مع تطور وتقدم تكنولوجيا الإعلام والاتصال أصبح لزاماً على الجزائر استغلال هذه الوسائل في تطوير منظومتها الإدارية،
من خلال تطبيق ما يسمى بالإدارة الإلكترونية "e-management" .
المطلب الأول: تعريف الإدارة الإلكترونية وأهدافها.
1-تعريف الإدارة الإلكترونية:
يمكن تعريف الإدارة الإلكترونية أنها:
"إستراتيجية إدارية لعصرنة المعلومات، تعمل على تحقيق خدمات أفضل للمواطنين والمؤسسات، مع استغلال أمثل لمصادر المعلومات المتاحة
من خلال توظيف الموارد المادية والبشرية و المعنوية المتاحة في إطار الكتروني حديث من اجل استغلال أمثل للوقت و المال والجهد
و تحقيقا للمطالب المستهدفة و بالجودة المطلوبة".
وكذلك عرفت الإدارة الالكترونية بأنها "عملية تحويل كافة الأعمال والخدمات الإدارية التقليدية إلى أعمال وخدمات إلكترونية
تنفذ بسرعة عالية ودقة متناهية وبدون استخدام ألورق Paperless Management "
ومن هنا نقول أن الإدارة الإلكترونية تتمثل في "استغلال الوسائل الإلكترونية الحديثة في تقديم الخدمات الإدارية من أجل
تسهيل المعاملات الإدارية وتوفير الوقت والجهد"
2-أهداف الإدارة الإلكترونية:
1. تقليل كلفة الإجراءات الإدارية و ما يتعلق بها من عمليات.
2. زيادة كفاءة عمل الإدارة من خلال تعاملها مع المواطنين و الشركات و المؤسسات.
3. استيعاب عدد أكبر من العملاء في وقت واحد إذ أنّ قدرة الإدارة التقليدية بالنسبة إلى تخليص معاملات العملاء تبقى محدودة
و تضطرّهم في كثير من الأحيان إلى الانتظار في صفوف طويلة.
4. إلغاء عامل العلاقة المباشرة بين طرفي المعاملة أو التخفيف منه إلى أقصى حد ممكن مما يؤدي إلى الحد من تأثير العلاقات
الشخصية و النفوذ في إنهاء المعاملات المتعلقة بأحد العملاء.
5. القضاء على البيروقراطية بمفهومها الجامد و تسهيل تقسيم العمل و التخصص به.
6. التأكيد على مبدأ الجودة الشاملة بمفهومها الحديث.
7. إلغاء نظام الأرشيف الوطني الورقي و استبداله بنظام أرشفة الكتروني مع ما يحمله من ليونة في التعامل مع الوثائق و المقدرة
على تصحيح الأخطاء الحاصلة بسرعة و نشر الوثائق لأكثر من جهة في أقل وقت ممكن و الاستفادة منها في أي وقت كان.
المطلب الثاني: الإدارة الإلكترونية في الجزائر.
تعتبر عملية تخفيف الإجراءات الإدارية وتقريب الإدارة من المواطن ضمن الورشات الكبرى التي باشرت فيها الدولة.
ولتحسين الخدمات وتخفيف الإجراءات الإدارية، اتخذت السلطات العمومية جملة من التدابير من شأنها أن تسمح بتسهيل الأمور للمواطن
و رفع العوائق البيروقراطية من أجل تقليص الشرخ الموجود بين الإدارة والمواطن. وفي انتظار المراجعة القريبة لقانون الحالة المدنية.
تم الشروع في وضع عدة آليات لتطوير الإدارة وتكييفها مع التقدم التكنولوجي، وهي ديناميكية أطلقت قبل عدة أشهر، على غرار
رقمنة سجل الحالة المدنية، حيث انطلقت عملية تجريبية على مستوى بلديتي حسين داي وباب الواد بالجزائر العاصمة ،
قبل تعميمها تدريجيا على كامل التراب الوطني. كما وضعت الدولة الخطوة الأولى في طريق العصرنة بافتتاح أول بلدية الكترونية بالجزائر،
بالمقر الفرعي الإداري لحي 500 مسكن بباتنة. البلدية الالكترونية المرتكزة أساسا على التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال،
ستسمح بسحب الوثائق الإدارية خلال ثوان فقط، على مستوى الشباك الالكتروني. وهي تقنية تجسد أيضا إمكانية إعداد وتسليم الوثائق
على مستوى فروع البلدية، دون أن يضطر المواطن للتنقل إلى مقر الحالة المدنية الرئيسي بالبلدية.
البلدية الإلكترونية: دشنت أول بلدية الكترونية بالجزائر يوم 14 مارس 2011، بالمقر الفرعي الإداري لحي 500 مسكن بباتنة.
و بحضور وزير البريد و تكنولوجيات الإعلام و الاتصال، موسى بن حمادي، أصدرت أول شهادة ميلاد ( 12خ) في بضع ثوان فقط،
على مستوى الشباك الالكتروني، وهي تقنية تجسد أيضا إمكانية إعداد وتسليم الوثائق على مستوى فروع البلدية، دون أن يضطر
المواطن للتنقل إلى المقر الرئيسي للحالة المدنية. هذه البلدية الالكترونية الممثلة كتجربة رائدة، تستطيع أيضا إصدار في نفس الظروف،
شهادات الزواج و الوفاة، قي انتظار تمديد العملية إلى كل الوثائق الإدارية الصادرة من طرف البلدية.
الخلاصة العامة:
في النهاية يجدر بنا أن نؤكد أن الإدارة العمومية الجزائرية في حاجة كبيرة إلى تغيير جذري لوضعيتها وأن هناك ضرورة
لتحديد الإستراتيجية الملائمة لتطويرها ووضع مخطط علمي وواقعي يهدف لوضع نهاية للتخلف الإداري وجعل إدارة الغد أكثر تكيفاً
مع جزئيات النظام الإقتصادي والإجتماعي وحتى السياسي الحالي والمستقبلي للجزائر.
ومن خلال التصريحات والإجراءات والمشاريع المتخذة من طرف الدولة الجزائرية حول ضرورة عصرنة الإدارة العمومية
وتخليصها من البيروقراطية والفساد وتجديد ثقة المواطن فيها ومواكبة التطورات العالمية في مجال الإدارة، نرى أن الإدارة العمومية الجزائرية
ربما تسير في الاتجاه الصحيح نحو العصرنة والتحول إلى ما هو أفضل وأحسن ولعل أحداث السكر والزيت في جانفي 2011 قد ذكرت الدولة
بضرورة الاهتمام بالمواطن وانشغالاته وحاجياته التي كانت مهملة على مر عقود من الزمن، ومن هذا فإن الإدارة الجزائرية مطالبة بالتعامل بالليونة
اللازمة لإرضاء رغبات المواطنين ولتجنب أزمات وكوارث اجتماعية جديدة قد لا يُحمد عقباها.
قائمة المراجع
بالعربية:
- أغادير سالم العيدروس، مقدمة في الإدارة، جامعة أم القرى ، السعودية، د ت.
- طارق المجذوب، الإدارة العامة، العملية الإدارية والوظيفة العامة والإصلاح الإداري، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 2000
- فوزي حبيش، الإدارة العامة والتنظيم الإداري، دار النهضة العربية، بيروت، 1991
- بشير عباس العلاق، الإدارة مبادئ وظائف وتطبيقات، الدار الجماهيرية للنشر، ليبيا، 2004
-جاسم مجيد، أساسيات علم الإدارة، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 2005.
- لعرابي كريمة، دور القيادة في التغيير التنظيمي، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، 2009.
ـ فيرم فاطمة الزهراء، الموظف العمومي ومبدأ حياد الإدارة في الجزائر، مذكرة لنيل شهادة ماجيستر، جامعة الجزائر، 2004.
بالفرنسية:
- Azeddine ABDENNOUR- RÉUNION SUR LES PRIORITÉS EN GOUVERNANCE DE L'INNOVATION ET DE L'ADMINISTRATION PUBLIQUE DANS LA RÉGION DE LA MÉDITERRANÉE, NAPLES, 17-20 mai 2004
المواقع الإلكترونية:
- هاني عرب، تسيير الإدارة العامة، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
- [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] 27/01/2012، 11:15
-[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]