قلة هم من يملكون المقدرة على انصاف الناس ووصفهم بطريقة عادلة بحيث لا يبخسونهم حقهم واولئك هم من اشراف الناس واكرمهم، في حين ان القران الكريم طالب الناس بالتخلق بهذا الخلق حتى مع العدو وذلك غاية المروءة فقال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } المائدة 8 وربط هذا الخلق الفضيل بالتقوى من اجل الوصول الى نتيجة تنص على ان حسن معاملة العبد مع الخلق تورثه غاية ما يصبو اليه وهو رضا الخالق عنه ، وكأن الله تعالى يقول لهم لا يتأتى ان تكون تقيا معي وشقيا مع عبادي وإن كانوا اعداءك فلا يدفعنكم ذلك الشنآن (العداوة) على عدم العدالة والانصاف بل انصفوهم هو اقرب للتقوى.
واذا كان هذا مع العدو فكيف يكون الانصاف مع الصديق والاخ والحبيب والقريب المؤمن الغيور الصابر الصالح المجاهد، وهذا يدعونا لنتساءل امام هذه القيم الربانية والمبادئ السماوية هل كنا منصفين مع اخواننا المتظاهرين الاباة الذين افترشوا الارض ارضا لهم والتحفوا بالسماء غطاءا لهم متحملين مشقة البرد والحر وقد ذهب منهم الشهداء ووقع فيهم الجرحى واعمالهم معطلة ودكاكينهم مقفلة وارزاقهم مضيقة واهاليهم في حاجة وعوز وضيق مع تعرضهم لمختلف التهديدات والمضايقات من قبل مليشيات الحكومة واجهزتها الامنية العميلة وابتلائهم بالخونة والمندسين والمتصيدين والطامعين والراغبين ركوب الموجة من المنافقين الذين لهم اكثر من وجه وبالاضافة الى ذلك فان كواهل بعضهم تنوء بالضغط من قبل عوائلهم واقاربهم بسبب الخوف من ظلم الحكومة ؟
ومع هذا كله فان المتظاهرين الاحرار ثابتون مرابطون صابرون لا يثنيهم عن عزيمتهم شيئا ولم يخرجهم الا نصرة المظلوم وشرف الحرائر المغتصبات في سجون الاحتلال الصفوي واجرهم على الله عزوجل.
وامام هذه الظروف لا يعقل ان نقف امامهم بدون انصاف ، بل الواجب ان نقف امامهم بكل اكبار واجلال واعظام واحترام لانهم الرجال الابطال الاحرار الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر وأكرم الشهداء يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب ثم رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله.
هولاء هم الذين رفعوا العذاب عن اهل الارض وابقوا فيها الخير لان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له إنك ظالم فقد تودع منهم.
ان عادة المحتلين الذين ينتهكون حرمات البلاد اذا اجبروا على الهزيمة فانهم لا يخرجون منها الا بعد ان يخربوا البلاد ويفسدوها ويبذروا فيها بذرة السوء وان امريكا عندما اجبرت على الهزيمة والانسحاب من العراق ما خرجت الا وقد سلمت بغداد للفرس المجوس وان هولاء الفرس احتلوا بغداد العروبة من جديد وان هذه الحقوق المسلوبة لا يردها الا رجال من امثال هولاء الاحرار الذين يجب ان نقف معهم ونساندهم بكل ما اوتينا من قوة ومال وتشجيع ونصرة حتى تستمر جذوة الجهاد وعندها سينعم الكل بثمارها ، وبخلافه لا سامح الله اذا تخلينا عن مسؤوليتنا وامانتنا فسنتحمل وزر امة العراق باكملها الى يوم القيامة ، واذا كان كل واحد منا يخاف على ابنه او اخيه او تخاف الزوجة على زوجها والبنت على ابيها والتاجر على امواله والموظف على وظيفته وراتبه فمن سيرد الحقوق لاهلها ومن سينصف المظلوم ومن سيحرر السجينات ؟ وعندها فمن المؤكد ان الدور سيأتي على هذا الابن والاب والزوج والتاجر والموظف حتى تحتلنا ايران شيئا فشيئا.
ان المتظاهرين المرابطين الاحرار بدأوا بقطف ثمار رباطهم وجهادهم بحيث ظهر الارباك والخوف في صفوف الحكومة العميلة والبرلمان المزيف واصبحت الحكومة الصفوية متخبطة وهي تجر انفاسها الاخيرة لانها تخشى ان تتحول التظاهرات الى ثورة كما حصل في سوريا وغيرها من البلدان وعندها لن تصمد هذه الانظمة الدكتاتورية امام ارادة الشعوب الحرة وستسقط لا محالة ويؤمئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
د . ابو الهدى العراقي
16-4-2013