لا تخذل من ينتظر معايدتك..وأنت في قلبه!

انتظار المعايدة أكبر خذلان على النسيان
جدة، تحقيق- منى الحيدري
في العيد لا تنس أن تعايد الذين طبعوا قبلة دافئة على جبين حياتك وأحبوا وجودك بينهم ورسموا البسمة فوق شفاهك ويقدرون حضورك على مسرح حياتهم.. ولا الذين يثمنون قيمتك ويحتمون بدفئك في فصل الشتاء وتزدهر زهورك في ربيع حياتهم رغم غيابهم عنك ما زالوا يحتفظو ن لك بكل الود والتقدير.. لذلك حاول ألا تخذلهم في العيد بغيابك.. عايدهم بعبارة كل عام وأنتم بخير.. كل عام وأنتم وقود الفرح في حياتي.. كل عام وأنتم الرصيد الإنساني الأجمل.. إعتذر لهم ووضّح لهم بأنك في كل مرة قصرت بالسؤال عنهم والاهتمام بهم تركت ودون قصد مساحات من الجمود والبرود في مشاعرهم، واستيقظت على بشرى هلال العيد في السماء ينير طريق خطواتك اليهم قائلاً لهم:"أنتم أحبتي وأصدقائي وإخوتي تستحقون السؤال والوصال من قلبي أحبكم".. وافتح صندوق قلبك، وأخرج لهم هدايا العيد بمشاعر طيبة وأمنيات صادقة ودعوات غالية بحجم الفضاء.

فرحة العيد لا تكتمل إلاّ بعودة العلاقة بين الزوجين

متحف الفرح
العيد والفرح وجهان لإحساس واحد يتشكل داخلك عندما تتوقف للحظة وتسترجع ذكرياتك مع هؤلاء الغائبين عن أحداثك اليومية؛ فأجندة أرقامك الهاتفية هي خارطة عناوينهم الجغرافية لك، ولذلك حاول أن تبحث فيها عن أولئك الذين يستحضرهم العيد إليك ودون موعد سابق؛ لتعانق الفرحة في معايدة رقيقة منهم وأنت تتأمل صورهم الجميلة التي صممت لنفسها بروازا أنيقا على جدار قلبك تطالعه من وقت لآخر..هذا الجدار الذي يشبه المتحف ويجمع بين ممراته العتيقة تماثيل المشهورين في العالم لا يبتعد كثيراً عن تفاصيل متحف قلبك الذي يجمع بين زواياه مواقف المحبين لك، والذين ساندوا نداء حاجتك العاطفية والمعنوية والمادية يوماً ما.. ففي اللحظة التي تكون أنت غارقا فيها في معاناتك تمتد اليك من وسط الزحام أيديهم لتنتشل جسدك المتعب وتفكيرك الشارد ويأسك الكبير؛ فيرتفع سقف ثقتك إلى أعلى مدى؛ لتتيقن بأن المحبين الصادقين لازالوا يتكاثرون كحبات السنابل الذهبية من حولك، وأنك بالتأكيد لست وحدك وسط طوفان الحياة العالي؛ لأن قلوبهم العامرة بالحب والعطاء قادرة على اشعال قناديل الفرح في حياتك وفي كل وقت.. لذلك لا تنساهم في العيد.
علاقة الطرف الواحد مشكلة نعيشها أحيانا في علاقتنا بالطرف الآخر، وهي علاقة التي لا يمكن وصفها إلاّ بالعلاقة البائسة والمشوهة.. علاقة مبتورة الأطراف؛ لأنها علاقة تعيشها وحدك ومع نفسك، وكأنك كنت تمد يديك لتصافح الرياح والأعاصير، أو كأنك كنت تسير بقدمين عاريتين فوق حد السكين، أو كأنك كنت تجرد نفسك من هويتها وشعورها العاطفي الحالم عندما ترتمي بكل ثقلك في منتصف طريق الطرف الآخر المزدحم بالكثير من علامات الاستفهام حول أسباب وجودك في حياته.. هذا الوجود الذي كان يكبر يوماً بعد آحر باهتمامك أنت بتفاصيله الصغيرة؛ فاضطر لإيقاف سرعتك العالية نحوه بتسجيل مخالفة كانت قاسية عليك؛ لأنك تجاوزت السرعة المحددة للمرور إلى قلبه فأنت ربما لم تلمح وجود هذه الإشارات التحذيرية على طرفي الطريق المؤدي اليه التي لا تسمح لك بتجاوز السرعة العاطفية لتصل إلى عمق هذا القلب؛ عندها قد تجد نفسك غير قادر على مواصلة هذا الاندفاع ولا العودة إلى الوراء؛ لأن هذه العودة الإجبارية تحتاج منك إلى قوة.. وقوتك تلاشت سعياً اليه؛ فتجد نفسك عاجزاً عن تبرير نفسك أمام نفسك، فأصعب الهزائم تلك التي تكون من القلب وإلى القلب فلا تتألم؛ فكلا طرفي العلاقات الإنسانية قابلان للجزر والمد، وحاول أن تبتلع الصدمة التي تفاجئك بهدوء؛ لتطفئ لهيب الموقف المحرج الذي وضعك داخل بروزه الضيق، وتجاوز الألم مهما كان؛ فالعيد مناسبة تستحق أن تقترب من قلوب جميع الناس، ولا تجعل ذكرياتك المؤلمة تشطر قلبك إلى أجزاء متناثرة.. امنح قلبك الكبير الكثير من فرص التسامح، وبادر بمعايدة هذا الطرف الذي تغافل عن وجودك بجانبه.

لحظة الرحيل تشل القلب عن حركة الحياة

مشاعر صادقة
وتحرص "أم صلاح" على معايدة اقاربها ومعارفها -الذين لا تلتقي بهم غالباً- وتهنئهم برسالة الكترونية كافية لاختصار الوقت، وتجاوز المواقف السلبية، مشيرة إلى أن العيد مناسبة رائعة لإذابة الخلافات، وتوطيد العلاقات بين الناس، خاصة ممن هم أقرب صلات الرحم أليك.
وتتجدد علاقة "أبو هتان" بأقاربه وزملاء دراسته في مناسبة العيد التي يعتبرها بمثابة توثيق حقيقيى لاستمرارية هذه العلاقة فيما بينهم، موضحاً أن المعايدة لا يجب أن تقتصر على الأقارب، بل يجب أن تتجاوز المسافات وتصل إلى كل الناس حتى حارس العمارة والسائق وعامل النظافة؛ فهم بأمس الحاجة إلى أن نشعرهم أنهم يعيشون وسط أهاليهم، وأن من حقهم أن يفرحوا ونساعدهم على هذا الفرح بتقديم هدايا بسيطة بطاقة شحن أو تقديم عيدية مادية.
وقالت "أم فتون" إن العيد كان سبباً في عودتها إلى بيتها وإعادة العلاقة مع زوجها، وذلك عندما تدخل أهل الخير، مؤكدة على أن الأمور التي تكون م***ة ومتأزمة تنفرج بعون الله في مناسبة العيد؛ لأنه مناسبة للفرح وجمع الشمل، وهذا ما يجعل البعض يحرص على التدخل في حل المشكلات في شهر رمضان والعيد؛ لكسب الأجر.

لحظة الرحيل تشل القلب عن حركة الحياة

وتعتقد السيدة "أسماء المدني" أن فرحة العيد يجب أن تكون مفهوما وشعورا يشمل كل شهور السنة، متسائلة: لماذا نحصر الفرح في أيام العيد الثلاثة دون سواه؟، ولماذا لا نتعامل مع هذا المفهوم في كل أمور حياتنا؛ فالقلوب إذا تراكمت عليها المواقف تصدأ؟، معتبرة أن معايدة الناس الذين يأتون في الترتيب بعد أهالينا شعور جميل، خاصة إذا كانوا أصحاب مواقف رائعة معنا في الحياة.
وأشارت "نورة القحيص" إلى أن رفقة دروب الحياة هم أولئك أصحاب المواقف المتميزة في حياتنا، ويجب أن يكونوا حاضرين في كل مناسباتنا الجميلة وعلى وجه الخصوص في العيد؛ فمواقفهم كفيلة بأن نضع فوق رؤوسهم تاج الامتنان لكل ما قدموها؛ فهم يمنحونا الأمل والأصدقاء هم كنز الحياة الذي لا يفنى؛ لذلك أنا لا أنسى هذه الكوكبة من الناس وأعايدهم مع أهلي فهم بحق يشكلون الجزء الثاني من عائلتي.
وقال السيد "عبدالحكيم النعمان" إن الله سخر له أخا لم تلده أمه، حيث تعرفت على عائلة كريمة في المستشفى أثناء تعرضي لحادث سير مفجع في بلاد الغربة قبل سنوات طويلة، وأصبحوا يقسمون وقت الزيارة بيني وبين قريبهم، وتوطدت علاقتي بهم بشكل كبير؛ لدرجة انهم اصروا على أن اقضي فترة النقاهة في بيتهم، وبعد عودتي إلى بلادي أصبحنا نتواصل بشكل دائم في المناسبات المختلفة، وعندما يحين موعد العيد أحرص على معايدتهم وأرسل لهم هدايا العيد؛ فالمسافات لا يمكن أن تفصل بيني وبينهم، وإذا قصرت في السؤال عنهم أرسل لهم رسالة تتضمن مشاعري الطيبة، وأنني ممتن لوجودهم في حياتي؛ فالله عوضني بهم وهم خير زاد الحياة.