كيــف نحقــق التكـامـــل والانــدمــاج المغـــاربـــي؟
الاقتصـــادي، الاجتمـــاعـــي، الثقـــافــي
مــداخلـــة :
السيد / د. مصطفـــى الصالحيــن الهـونــي
خبيــراقتصــادي / ليبيــا
التكامــــل الاقتصــادي لأقطـــارالمغـــرب العــربـــي :
التحــــــديـــــــات والاستـــــراتيجيـــــات
مقــــــدمــــــة :
يشهد العالم اليوم اتجاهات عديدة لتبني خلق تكتلات اقتصاديةوذلك بهدف رفع القدرة على التعامل مع الانفتاح الذي يشهده العالم.. ويعتبر التكامل الاقتصادي أحد الأركان الأساسية لهذهالتكتلات حيث أنه يمثل نمطا جديدا لتحقيق مستويات أعلى من الأداء الاقتصادي بما يفيدالجهود الإنمائية التي تقوم بها كافة الدول في هذه التجمعات. إن موضوع التكاملالاقتصادي باختلاف صوره ونماذجه - أصبحيحتل المكانة الكبيرة سواء على مستوى الأدبيات أو البرامج العملية.
إن منطقة المغرب العربي والتي تشتمل على الأقطار التالية:ليبيا تونس الجزائر المغرب موريتانيا، تمت بلورتها كمفهوم إقليمي منذ عقودعديدة خلال مراحل كفاح هذه الأقطار من أجل الاستقلال وما بعدها وتمت صياغة المجهودات في تأسيس اتحاد المغرب العربي في فبرايرمن العام 1989. وقد تناولت المعاهدة في المجال الاقتصادي “تحقيق التنمية الصناعية والزراعيةوالتجارية والاجتماعيةللدول الأعضاء واتخاذ ما يلزم من وسائل لهذه الغاية خصوصا بإنشاء مشروعات مشتركة وإعداد برامجعامة ونوعية في هذا الصدد.. ” “1″.. ولذا فهي تنص على تحقيق تقدم ورفاهية مجتمعاتها“الأقطار” ومن ثم انتهاج سياسات مشتركة في جميع الميادين، بل تم الاتفاق علىالعمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها..” وأنشئت لجنة وزارية خاصةللاقتصاد والمالية في سنة 1990.
وبالرغم من هذه الأرضية التشريعية لاتحاد المغرب العربي إلا أنخطوات تحقيق آمال وطموحات أبناء هذه المنطقة كانت متواضعة ودون المستوى المطلوب.. من هنا ارتأت هذه الدراسة أن تسلط الضوء علىإمكانيات التعاون في صورة التكامل الاقتصادي بين أقطار هذه المنطقة، ومن هنا تثار الأسئلةالتالية :
1 . ما هو مفهوم التكامل الاقتصادي الذي يتلاءم مع خصائص اقطار هذه المنطقة أوالتجمع؟
2 . ما هي أهم السمات العامة لاقتصاديات أقطار تجمع المغرب العربي؟
3 . ما هي التحديات التي تواجه أقطار المغرب العربي الخارجية والداخلية؟ والتييمكن اعتبارها عوامل للتكامل بين أقطار التجمع؟
4 . وأخيرا ما هي الاستراتيجيات التي ينبغي الاشارة إليها لكي تتم دراستهاوالتي قد تكون أساسات للتكامل الاقتصادي؟
وستحاول هذه الدراسة تسليط الضوء للإجابة على الأسئلة السابقةوقد تناولت جوانب فرعية أخرى، إن الدراسة ستعتمد على مراجعة نظرية ووصفية للواقع الحالي، ثم تتبنى منهاجا عمليا لمفهوم التكاملوقد تم اختيار هذا المنهاج باعتبار أن هذه الندوة تؤكد على تفعيل الشراكاتبين أقطار المغرب العربي، وقد تمت مراعاة الموضوع بأسلوب مبسط حتى تعم الفائدة المرجوةللإخوة المتخصصين في المجالات الاجتماعية والثقافية بالإضافة للإخوةالاقتصاديين. وسوف نحاول تغطية الموضوع من خلال النقاط التالية :
· السمات السياسية لاقتصاديات المغربالعربي
· التكامل الاقتصادي: التعريــف
الأساليـب
المقومـات
· التحديـــــات: تحديـات داخليـة
تحديات خارجيـة
· الاستــراتيجيـــات
· الخلاصــــــــة
أولا : السمـات الأسـاسيـة لاقتصــاديـاتأقطــار المغـرب العـربـي
يتناول هذا الجزء من الدراسة الملامح الأساسية لاقتصاديات منطقةالمغرب العربي بناء على البيانات المتاحة، وسنقتصر على الدراسة الكلية بدون الولوج إلى تفاصيل أوضاع كل قطر على حدة إلا فيحالات محددة، وبالرغم من أهمية دراسة اقتصاديات الأقطار إلا أن ذلك يحتاجإلى مبحث مستقل.
1 . الجـــوانب الديمـــوغــرافيــــــــــة :
تشكل مساحة أقطار المغرب العربي الخمسة حوالي 6 مليون كيلومتر مربع، أي حوالي 42% منإجمالي مساحة الوطن العربي بينما يصل طول شواطئ هذه الأقطار والتي تمتد من شمال البحر الأبيض المتوسطإلى جانب من المحيط الأطلسي إلى حوالي 6500 كيلو متر “جدول رقم “1″.
يبلغ عدد سكان أقطار المغرب العربي حوالي 85 مليون نسمة أيحوالي 27% من سكان الدول العربية، ويمثل سكان الجزائر والمغرب حوالي 77% من سكان المغرب العربي، وتقدر الكثافة السكانية فيالمنطقة بحوالي 14 شخص لكل كيلو متر مربع، وتصل نسبة زيادة السكان في المتوسط إلى 1.7%سنويا، وهي في أعلى نسبة لها في موريتانيا تقترب من 3% ، بينما تكون في أقلنسبة لها في تونس من 1 إلى 1.2% سنويا. ولا يوجد اختلال هيكلي “تفاوت كبير” بين نسبة الإناث والذكور في هذه الأقطار.
يقدر عدد السكان الذين هم أقل من سن 20 سنة بحوالي 50% منإجمالي عدد سكان المغرب العربي، ويعني هذا بأنها مجتمعات شابة وسيؤدي هذا إلى ارتفاع نسبة حجم القوة العاملة المنتجة مستقبلا،كما يعني ارتفاع نسبة العمالة وضرورة مواجهة احتياجات هذه الشريحة منتسهيلات صحية وتعليمية واجتماعية.
انخفضت معدلات الأمية في أقطار المغرب العربي خلال العقودالثلاثة الأخيرة حيث تصل حاليا إلى أقل من 20% في تونس وليبيا والجزائر، أماالوضع في موريتانيافمازالت الأمية تقترب من 40% من عدد السكان وتنتشر كما في بقية البلدان العربية الأمية بالنسبةللنساء بصورة أكبر من الرجال.
سكان منطقة المغرب العربي هم أقرب إلى التجانس ، فاللغةالعربية هي اللغة السائدة والدين الإسلامي “السني” هو العقيدة الغالبة لحوالي 99% من السكان في جميع أقطار المغرب العربي.
لا توجد عوائق جغرافية طبيعية بين أقطار المنطقة، وكذلكالتاريخ الحديث، فجميع أقطارها تعرضت للاحتلال من قبل استعمار الدول الغربية – أسبانيا وفرنسا وإيطاليا. قبل نيلهااستقلالها خلال حقبة الخمسينيات من القرن الماضي..
تقدر القوة العاملة المنتجة – القادرة والراغبة في العمل –بحوالي 32% من عدد السكان أي حوالي 27.2 مليون نسمة وكما ذكرنا فإنه من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة نتيجة ارتفاع مساهمة السكانخاصة العنصـر النسائـي لسـوق العمـل وبدخول من هم أقل من 20 سنة لسوق العمل في المستقبلالقريـب.
أما نسبة البطالة فلا توجد إحصائيات دقيقة إلا أن نسبة 20%من القوة العاملة بصورة عامة يتم ذكرها في أغلب النشرات وإن كانت تختلف من قطر لآخر.
تنتشر ظاهرة الهجرة إلى المدن الرئيسية في كافة أقطار المغربالعربي وإن كانت تظهر بصورة كبيرة في بعض الأقطار مثل ليبيا إلا أن الحاجة تدعو إلى دراسة هذه الظاهرة في كافة أقطار المغربالعربي.. وتشير الدراسات إلى أن سكان المدن يمثلون حوالي 65% من إجماليالسكان في كافة أقطار المغرب العربي “2000م”.. “2″
2 . البنيــــــة الاقتصـــــاديـــــــــة :
يعتبر الناتج المحلي الإجمالي أحد أهم المؤشرات الاقتصاديةلمدى نمو وتطور وفاعلية اقتصاد الدول، وبالنسبة لمنطقة المغرب العربي فقد تم تقدير الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 177 بليوندولار “لسنة 2005″ حسب الأسعار الجارية وتختلف تقديرات الناتج المحليالإجمالي من قطر لآخر، فالجزائر يقدر إنتاجها المحلي الإجمالي بحوالي 66بليون دولار، أما المغرب فتشير التقديرات إلى حوالي 46 بليون دولار، أما بالنسبة إلىليبيا وتونس فهي بحدود 42 بليون دولار و23 بليون دولار على التوالي، وتختلف التقديرات بالنسبة لموريتانيا، إلا أنها مابين1 إلى 1.5 بليون حسب الأسعار الجارية”3″
بالنسبة إلى ليبيا فإن النشاط في مجال النفط والغاز يمثل نشاطارئيسيا يساهم المساهمةالكبيرة في حجم الناتج المحلي حوالي 65% ، بينما يمثل في الجزائر مع قطاع الصناعة التحويليةوالإستخراجية، حوالي 60% وبناء عليه فإن أسعـار هـذه المواد العالمية تؤثـر في حجمالناتج المحلي الإجمالي لهاتين الدولتيـن.
أما بالنسبة للمغرب فإن قطاع الخدمات يساهم بحوالي 40%والصناعة بحوالي 35% أماالزراعة فتساهم بحوالي 22% من الناتج المحلي.. أما تونس فهي تقترب من حال المغرب حيث يساهم قطاع الخدماتبالنسبة الأعلى 55% وتليه الصناعة بحوالي 32% ثم الزراعة في حدود 14% وفي حالة موريتانيافإن الزراعـة والصناعـةوالخدمـات تسـاهم بنسبة 25% ، و29% و42% على التوالي “جـدول “2″ “.
ترتبط اقتصاديات أقطار المغرب العربي بالعلاقات الخارجية حيثتمثل الصادرات ما يزيد عن 60% من حجم الناتج المحلي الإجمالي على مستوى متوسط أقطار المنطقة، وهذا يؤكد ما تمت الإشارةإليه في النقطة السابقة من ارتباط اقتصاديات هذه الأقطار بالتجارة الخارجية “جدول “3″ “.
إن كافة أقطار المغرب العربي تستعمل الدين الخارجي لكنهاتختلف من قطر لآخر، ففي حالة تونس فإن الدين الخارجي يقدر بحوالي 11.6 بليونأو حوالي 58% من حجم الناتج المحلي الإجمالي وكذلك الحال بالنسبة للمغرب والتي يقدر الدين الخارجي فيها بحوالي 20 بليون دولارأو حوالي 48% من حجم الناتج المحلي، أما بالنسبة للجزائر فإن الدين الخارجي يصل إلى حوالي 20بليون دولار إلى أنه يمثل حوالي 37% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وفي حالة ليبيا فإن حجم الدين الخارجي لا يتجاوز 4.7بليون دولار وهو يمثل حوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي ، ولا تتوفر إحصائيات دقيقة عنالوضع في موريتانيا بالنسبة للدين الخارجي.
مما سبق يمكن أن تتصف البنية الاقتصادية باعتماد اقتصادياتأقطار المغرب العربيعلى تصدير مادة أو أكثر من المواد الخام وهي اقتصاديات تابعة لدرجة كبيرة باقتصاديات العالم المتقدمخاصة أوربا، وتعاني كافة القطاعات باقتصاديات هذه الاقطار بضعف الانتاجية خاصة في قطاعالصناعة والزراعة وبالرغم من ضخامة حجم الدين الخارجي بالنسبة لحجم الناتج المحلي إلا أن أقطار هذه المنطقة لا يمكن اعتبارهااستثناء بالنسبة لأوضاع الأقطار النامية في منطقة أخرى.
3 . السيـــــاســــــات الاقتصــــاديــــــــــة :
تتبنى أقطار المغرب العربي بدرجات متفاوتة منهاج اقتصاد السوقفبينما كانت تونس والمغرب منذ استقلالهما انتهجتا سياسة الانفتاح الاقتصادي وإلى حد ما موريتانيا ، إلا أن الجزائر وليبيااتجهتا بعد ذلك – منذ حوالي عقدين – للتحرر من سيطرة القطاع العام على اقتصادياتهماالوطنية.
تتخذ هذه الدول من أسلوب التخطيط الاقتصادي لتحقيق مستهدفاتالنمو الاقتصادي ، وهذه المخططات المختلفة تنحصر أهدافها العامة في رفع مستوى المعيشة لدى المواطن في كل قطر عن طريق وضعالبرامج للاستغلال الأمثل لموارد كل قطر على حدة، وبما أن هذه الأقطار تتصفباعتمادها على مورد أو موردين في غالبية الاقطار، النفط والغاز بالنسبة للجزائر وليبيا،والفوسفات والمعادن بالنسبة للمغرب وموريتانيا فإن مجالات التنمية المتوازنةتظل محدودة في كل قطر، ولعل تونس تمثل استثناء من القاعدة السابقة “4″
لم تظهر سياسات واضحة لدعم عملية التبادل التجاري بين أقطارالمغرب العربي بالرغم من أن النظرة الاحادية للمنافع كان يجب أن تدفع لهذا الاتجاه حيث كبر حجم السوق في المنطقة سيكوندافعا لزيادة التبادل كذلك تكلفة النقل.
تحاول كافة الأقطار في المغرب العربي تنشيط دور القطاع الخاصللقيام بدوره في عملية التنمية الاقتصادية بل إن الدول ارتأت الآن خصخصة بعض المشروعات العامة في القطاعات الانتاجية، إلاأن الدول مازالت تشرف على القطاعات الاستراتيجية كالنفط والغاز والفوسفات كذلك على معظمقطاعات البنية الأساسية كالمواصلات والاتصالات.
من الملاحظ ضعف دور المؤسسات المالية في غالبية هذه الأقطارمما يحد من إقامة شركات كبرى محلية وبالرغم من تواجد أسواق مالية لتبادل الأسهم والسندات في بعض هذه الأقطار إلا أنها مازالت فيمراحل التطوير.
قامت كافة هذه الأقطار بإصدار تشريعات للاستثمار الأجنبي وذلكبهدف تقوية التكوينالرأسمالي لاقتصاديات أقطار المنطقة من جهة وبهدف نقل التقنية وتطبيقها في قطاعات معينة من جهةأخرى. وبصورة عامة فإن عملية استقطاب الاستثمار الأجنبي كانت موجهةللاستثمارات من خارج أقطار المنطقة إلا في حالات محدودة. وكان توافر الاحتياطياتالنفطية هو العامل الرئيسي للاستثمار في قطاع النفط والغاز خاصة في الجزائر وليبيا،ومستقبلا في موريتانيا،وكانت الامكانيات الطبيعية والموارد البشرية من العوامل التي تؤدي إلى تواجد الاستثمار الاجنبي فيقطاعات أخرى في كافة بلدان التجمع.
تبنت دول المنطقة سياسات متنوعة لتحقيق التوزيع العادلللمداخيل وكذلك سياسات اجتماعية لمحاربة الفقر ودعم ذوي المداخيل المحدودة وذلكبهدف تقليص الفجوةبين فئات وطبقات التجمع ولن يكون في الإمكان تقييم هذه السياسات في هذه الدراسة.
تضع كافة أقطار المنطقة السياسات المالية والنقدية والتجاريةبناء على ظروف وأوضاع ومراحل نمو كل قطر، وقامت الأقطار بعقد اتفاقيات ثنائية مع بعض الأطراف أو خارجها وبصورة مستقلة عنالتجمع.
4 . الأداء الإقتصـــــــــــــــــــادي :
بالرغم من الجهود المبذولة خلال العقود الثلاثة السابقة من قبلأقطار المغرب العربيلتحقيق معدلات كبيرة للتنمية، فإنها لم تستطع أن تحقق مستهدفاتها القطرية المنفردة، إذ مازالتاقتصادياتها تعتمد على تصدير المواد الخام باستثناء تونس، ويؤدي ذلك بطبيعةالحال إلى اعتبار اقتصادياتها تابعة وعرضة لمتغيرات دولية ليست في نطاق سيطرتها.”5″
إن مستوى الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات زيادته السنويةيعطي دلالات ومؤشرات على ضعف الكفاءة والانتاجية سواء بالنسبة لليد العاملةأو رأس المال، أو لعملية المزج والتنظيم اللازمة لدفع حركة التنمية المستدامة.
تتصف مكونات النواتج المحلية لأقطار المغرب العربي بعدم فعاليةالقطاع الصناعي، وهو المحرك الأساسي لعملية التنمية الاقتصادية بل إن طبيعة هذا القطاع تتوقف عند العمليات الاستخراجيةفمثلا لم تتطور الصناعات اللاحقة للنفط والغاز في الجزائر وليبيا وكذلكالحال بالنسبة للحديد في موريتانيا والفوسفات بالنسبة لتونس والمغرب، كذلك تعاني كافةالأقطار من ضعف المكونات التقنية في الإنتاج والذي يؤدي إلى خلق قيمة مضافة عالية.
من الملاحظ ان هناك الامكانات المتاحة لتطوير القطاعالزراعى فى المغرب والجزائر، والصيد البحرى فى كافة أقطار المغرب العربى الا أن الفجوة الغذائية تظهر بوضوح فى الكمياتالمستوردة من الحبوب واللحوم وبقية المواد الغذائية لهذه الأقطار ويستدعى ذلكدراسات معمقة وجادة فى هذا المجال الهام.
يقتصر القطاع الخاص فى أقطار المغرب العربى على بعض الانشطة الصغيرةوالهامشية، بل انه يعمد الى تعميق التبعية الاقتصادية للخارج عنطريق اساليب التوكيلات للشركات الاجنبية مما يعيق خلق كيانات مغاربية كبيرة سواء علىالمستوى القطرى أو مستوى المنطقة ومن الملاحظ ضعف الميل للادخار لدى الافراد وذلك بسبب عدم التشجيع اللازم وعدم وجود قنواتفاعلة لتحويل المدخرات الى استثمارات تصب فى الاقتصاد الوطنى.
تعانى اقتصاديات الاقطار فى هذه المنطقة من مشكلات هيكيليةكالبطالة الظاهرة والمقنعة كذلك معدلات التضخم المرتفعة مما يسبب فى ضعف دخول الافراد بالاضافة الى عدم معالجة مشكلاتتوزيع الدخول بتبنى السياسات الملائمة لذلك.
ان الاقطار فى هذه المنطقة حاولت اقامة البنية الاساسيةالمادية وقد تكون قد حققت بعض النجاحات فى هذا المجال كالطرق والمطارات الاأن ذلك يحتاج الى تطوير مستقبلى مرتبط بالتطور والنمو فى القطاعات الانتاجية والخدمية فى اقتصاديات هذه الاقطار.
من المفيد ان نؤكد ضرورة اقامة المعاهد والاكاديمياتالمتخصصة فى اجراء الدراسات التطبيقية الاجتماعية والعلمية والتى تتلاءم مع البيئة الاجتماعية والثقافية للمجتمعات فىالمغرب العربى.
ثانيـــــــا: التكامـــــــــلالاقتصـــــــــــــادى
1 ـ التعــــــــريـــــــــف :
تعنى كلمة التكامل ربط ودمج اجزاء فى وحدة واحدة ويتماستخدامها كمفهوم اقتصادى لتشير الى اشكال معينة من العلاقات الاقتصادية (6)وتتعدد تعريفات التكامل الاقتصادى لاختلاف المدارس الفكرية والنظرية فهناك من يرى ان التكامل هو أى عملية تقودالى التعاون بينما يرى آخرون انه يعنى ضرورة ادخال عناصر التنسيق بين الوحدات الانتاجية مع احتفاظهابشكلها وسماتها الخاصة، ويذهب البعض الى ان تتم عملية دمج كاملة للهياكلالاقتصادية لخلق هيكل جديد.
ان التكامل الاقتصادى هو ضرورة بين قطاعات الاقتصاد داخلالقطر حتى يمكن الاستغلال الامثل لمخرجات كل قطاع ويتم خلق اقتصاد متوازن. الا ان مفهوم التكامل فى هذه الدراسة ـ يتماستعماله بصورة أوسع للاشارة الى التكامل بين اقطار مختلفة. ويمكن تبنى تعريفالتكامل بأنه “عملية موضوعية مبرمجة لتنظيم اقتصاديات اقطار مشتركة بهدف اقامة علاقاتاقتصادية أقوى لتحقيق عوائد مشترك (متكافئة) واستغلال أفضل للامكانات والمواردالتى تمتلكها الاطراف(الاقطار) المساهمة مما يؤدى الى رفع الانتاجية والانتاج لكافة اقتصاديات التجمع او المنطقة (7).
ونحن نرى ان التعريفات الجامدة قد لا تؤدى الهدف ولذا فإنالدراسة ترى أن التكامل هو عملية ديناميكية مستمرة تتخذ مراحل متتابعة وسياقا وخطوات متواصلة تتم بناء على الظروفالموضوعية لكافة الاطراف المشتركة ولكنها تهدف فى النهاية للمنفعة الجماعية.
2 ـ الـمبــــــــادىء والأســــــاليـــــب :
· ان أسس التكاملالاقتصادى تتركز فى انها عملية مستمرة تحدد بواسطتها علاقات الانتاج ودور عناصروقوى الانتاج فى الاقتصاديات المتشابكة. وبطبيعة الحال سينجم عن ذلك تقسيم العملوالتخصص بين الوحدات الانتاجية على مستوى التجمع.
· ظهرت أنواع وأساليبمتعددة من التكامل يمكن ايجازها فيما يلي:
أ - التكامل الرأسى : وتتم فيه تجزئة العمليات الانتاجية الى مراحل، تستوطن كل مرحلة قطرا معينا، أى تكون مرحلة فى قطر ماوتستكمل فى قطر آخر المراحل التالية وهذا النوع من التكامل كان ظاهرا خلالمرحلة الاستعمار حيث كان انتاج المواد الاولية يتم فى المستعمرات وتتمعملية التصنيع فى الدول المستعمرة “المتقدمة”، وتتصف هذه النوعية بعدم عدالة توزيعالمنافع المتأتية من عملية التكامل حيث تستحوذ الدول المتقدمة على المكاسبالكبيرة من جراء القيمة المضافة “8″
ب - التكامل الافقى : وتتم فيه أيضا تجزئة العمليات الانتاجية ولكنها تتصف بانها تحدد عن طريق تقسيم العمليات بناء على التخصصوالمزايا النسبية، وتكون بين اقطار أو نظم متشابهة ومتجانسة، وتوزع المنافعبصورة متكافئة على أسس اقتصادية يتم الاتفاق حولها بين الاطراف المتشاركة.
· تعددت أساليب وأنواعالتكامل ايضا بناء على النظم السياسية والاقتصادية، ففي النظم الرأسمالية – خاصةفي بداياتها – على الجوانب التجارية “الأسواق” وذلك بالاتفاق بين الأقطار المشاركةعلى شروط موحدة تسمح بالمنافسة وإزالة الحواجز والقيود أمام تدفق السلع وعناصرالانتاج “9″، أما النظم الاشتراكية فكان التكامل يتم فيها وفقا لخطط مركزية تحددأدوار كل قطر في العمليات الانتاجية وبذلك يعتبر التكامل الاقتصادي جزءا من عمليةتكامل أوسع وأشمل لميادين أخرى.
· يتخذ التكامل عدة أشكالأو مراحل متتابعة مثل :
1 – المنطقــةالحـرة
2 - الاتحادالجمـركي
3 - السوقالمشتركـة
الاقتصـــادي، الاجتمـــاعـــي، الثقـــافــي
مــداخلـــة :
السيد / د. مصطفـــى الصالحيــن الهـونــي
خبيــراقتصــادي / ليبيــا
التكامــــل الاقتصــادي لأقطـــارالمغـــرب العــربـــي :
التحــــــديـــــــات والاستـــــراتيجيـــــات
مقــــــدمــــــة :
يشهد العالم اليوم اتجاهات عديدة لتبني خلق تكتلات اقتصاديةوذلك بهدف رفع القدرة على التعامل مع الانفتاح الذي يشهده العالم.. ويعتبر التكامل الاقتصادي أحد الأركان الأساسية لهذهالتكتلات حيث أنه يمثل نمطا جديدا لتحقيق مستويات أعلى من الأداء الاقتصادي بما يفيدالجهود الإنمائية التي تقوم بها كافة الدول في هذه التجمعات. إن موضوع التكاملالاقتصادي باختلاف صوره ونماذجه - أصبحيحتل المكانة الكبيرة سواء على مستوى الأدبيات أو البرامج العملية.
إن منطقة المغرب العربي والتي تشتمل على الأقطار التالية:ليبيا تونس الجزائر المغرب موريتانيا، تمت بلورتها كمفهوم إقليمي منذ عقودعديدة خلال مراحل كفاح هذه الأقطار من أجل الاستقلال وما بعدها وتمت صياغة المجهودات في تأسيس اتحاد المغرب العربي في فبرايرمن العام 1989. وقد تناولت المعاهدة في المجال الاقتصادي “تحقيق التنمية الصناعية والزراعيةوالتجارية والاجتماعيةللدول الأعضاء واتخاذ ما يلزم من وسائل لهذه الغاية خصوصا بإنشاء مشروعات مشتركة وإعداد برامجعامة ونوعية في هذا الصدد.. ” “1″.. ولذا فهي تنص على تحقيق تقدم ورفاهية مجتمعاتها“الأقطار” ومن ثم انتهاج سياسات مشتركة في جميع الميادين، بل تم الاتفاق علىالعمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها..” وأنشئت لجنة وزارية خاصةللاقتصاد والمالية في سنة 1990.
وبالرغم من هذه الأرضية التشريعية لاتحاد المغرب العربي إلا أنخطوات تحقيق آمال وطموحات أبناء هذه المنطقة كانت متواضعة ودون المستوى المطلوب.. من هنا ارتأت هذه الدراسة أن تسلط الضوء علىإمكانيات التعاون في صورة التكامل الاقتصادي بين أقطار هذه المنطقة، ومن هنا تثار الأسئلةالتالية :
1 . ما هو مفهوم التكامل الاقتصادي الذي يتلاءم مع خصائص اقطار هذه المنطقة أوالتجمع؟
2 . ما هي أهم السمات العامة لاقتصاديات أقطار تجمع المغرب العربي؟
3 . ما هي التحديات التي تواجه أقطار المغرب العربي الخارجية والداخلية؟ والتييمكن اعتبارها عوامل للتكامل بين أقطار التجمع؟
4 . وأخيرا ما هي الاستراتيجيات التي ينبغي الاشارة إليها لكي تتم دراستهاوالتي قد تكون أساسات للتكامل الاقتصادي؟
وستحاول هذه الدراسة تسليط الضوء للإجابة على الأسئلة السابقةوقد تناولت جوانب فرعية أخرى، إن الدراسة ستعتمد على مراجعة نظرية ووصفية للواقع الحالي، ثم تتبنى منهاجا عمليا لمفهوم التكاملوقد تم اختيار هذا المنهاج باعتبار أن هذه الندوة تؤكد على تفعيل الشراكاتبين أقطار المغرب العربي، وقد تمت مراعاة الموضوع بأسلوب مبسط حتى تعم الفائدة المرجوةللإخوة المتخصصين في المجالات الاجتماعية والثقافية بالإضافة للإخوةالاقتصاديين. وسوف نحاول تغطية الموضوع من خلال النقاط التالية :
· السمات السياسية لاقتصاديات المغربالعربي
· التكامل الاقتصادي: التعريــف
الأساليـب
المقومـات
· التحديـــــات: تحديـات داخليـة
تحديات خارجيـة
· الاستــراتيجيـــات
· الخلاصــــــــة
أولا : السمـات الأسـاسيـة لاقتصــاديـاتأقطــار المغـرب العـربـي
يتناول هذا الجزء من الدراسة الملامح الأساسية لاقتصاديات منطقةالمغرب العربي بناء على البيانات المتاحة، وسنقتصر على الدراسة الكلية بدون الولوج إلى تفاصيل أوضاع كل قطر على حدة إلا فيحالات محددة، وبالرغم من أهمية دراسة اقتصاديات الأقطار إلا أن ذلك يحتاجإلى مبحث مستقل.
1 . الجـــوانب الديمـــوغــرافيــــــــــة :
تشكل مساحة أقطار المغرب العربي الخمسة حوالي 6 مليون كيلومتر مربع، أي حوالي 42% منإجمالي مساحة الوطن العربي بينما يصل طول شواطئ هذه الأقطار والتي تمتد من شمال البحر الأبيض المتوسطإلى جانب من المحيط الأطلسي إلى حوالي 6500 كيلو متر “جدول رقم “1″.
يبلغ عدد سكان أقطار المغرب العربي حوالي 85 مليون نسمة أيحوالي 27% من سكان الدول العربية، ويمثل سكان الجزائر والمغرب حوالي 77% من سكان المغرب العربي، وتقدر الكثافة السكانية فيالمنطقة بحوالي 14 شخص لكل كيلو متر مربع، وتصل نسبة زيادة السكان في المتوسط إلى 1.7%سنويا، وهي في أعلى نسبة لها في موريتانيا تقترب من 3% ، بينما تكون في أقلنسبة لها في تونس من 1 إلى 1.2% سنويا. ولا يوجد اختلال هيكلي “تفاوت كبير” بين نسبة الإناث والذكور في هذه الأقطار.
يقدر عدد السكان الذين هم أقل من سن 20 سنة بحوالي 50% منإجمالي عدد سكان المغرب العربي، ويعني هذا بأنها مجتمعات شابة وسيؤدي هذا إلى ارتفاع نسبة حجم القوة العاملة المنتجة مستقبلا،كما يعني ارتفاع نسبة العمالة وضرورة مواجهة احتياجات هذه الشريحة منتسهيلات صحية وتعليمية واجتماعية.
انخفضت معدلات الأمية في أقطار المغرب العربي خلال العقودالثلاثة الأخيرة حيث تصل حاليا إلى أقل من 20% في تونس وليبيا والجزائر، أماالوضع في موريتانيافمازالت الأمية تقترب من 40% من عدد السكان وتنتشر كما في بقية البلدان العربية الأمية بالنسبةللنساء بصورة أكبر من الرجال.
سكان منطقة المغرب العربي هم أقرب إلى التجانس ، فاللغةالعربية هي اللغة السائدة والدين الإسلامي “السني” هو العقيدة الغالبة لحوالي 99% من السكان في جميع أقطار المغرب العربي.
لا توجد عوائق جغرافية طبيعية بين أقطار المنطقة، وكذلكالتاريخ الحديث، فجميع أقطارها تعرضت للاحتلال من قبل استعمار الدول الغربية – أسبانيا وفرنسا وإيطاليا. قبل نيلهااستقلالها خلال حقبة الخمسينيات من القرن الماضي..
تقدر القوة العاملة المنتجة – القادرة والراغبة في العمل –بحوالي 32% من عدد السكان أي حوالي 27.2 مليون نسمة وكما ذكرنا فإنه من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة نتيجة ارتفاع مساهمة السكانخاصة العنصـر النسائـي لسـوق العمـل وبدخول من هم أقل من 20 سنة لسوق العمل في المستقبلالقريـب.
أما نسبة البطالة فلا توجد إحصائيات دقيقة إلا أن نسبة 20%من القوة العاملة بصورة عامة يتم ذكرها في أغلب النشرات وإن كانت تختلف من قطر لآخر.
تنتشر ظاهرة الهجرة إلى المدن الرئيسية في كافة أقطار المغربالعربي وإن كانت تظهر بصورة كبيرة في بعض الأقطار مثل ليبيا إلا أن الحاجة تدعو إلى دراسة هذه الظاهرة في كافة أقطار المغربالعربي.. وتشير الدراسات إلى أن سكان المدن يمثلون حوالي 65% من إجماليالسكان في كافة أقطار المغرب العربي “2000م”.. “2″
2 . البنيــــــة الاقتصـــــاديـــــــــة :
يعتبر الناتج المحلي الإجمالي أحد أهم المؤشرات الاقتصاديةلمدى نمو وتطور وفاعلية اقتصاد الدول، وبالنسبة لمنطقة المغرب العربي فقد تم تقدير الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 177 بليوندولار “لسنة 2005″ حسب الأسعار الجارية وتختلف تقديرات الناتج المحليالإجمالي من قطر لآخر، فالجزائر يقدر إنتاجها المحلي الإجمالي بحوالي 66بليون دولار، أما المغرب فتشير التقديرات إلى حوالي 46 بليون دولار، أما بالنسبة إلىليبيا وتونس فهي بحدود 42 بليون دولار و23 بليون دولار على التوالي، وتختلف التقديرات بالنسبة لموريتانيا، إلا أنها مابين1 إلى 1.5 بليون حسب الأسعار الجارية”3″
بالنسبة إلى ليبيا فإن النشاط في مجال النفط والغاز يمثل نشاطارئيسيا يساهم المساهمةالكبيرة في حجم الناتج المحلي حوالي 65% ، بينما يمثل في الجزائر مع قطاع الصناعة التحويليةوالإستخراجية، حوالي 60% وبناء عليه فإن أسعـار هـذه المواد العالمية تؤثـر في حجمالناتج المحلي الإجمالي لهاتين الدولتيـن.
أما بالنسبة للمغرب فإن قطاع الخدمات يساهم بحوالي 40%والصناعة بحوالي 35% أماالزراعة فتساهم بحوالي 22% من الناتج المحلي.. أما تونس فهي تقترب من حال المغرب حيث يساهم قطاع الخدماتبالنسبة الأعلى 55% وتليه الصناعة بحوالي 32% ثم الزراعة في حدود 14% وفي حالة موريتانيافإن الزراعـة والصناعـةوالخدمـات تسـاهم بنسبة 25% ، و29% و42% على التوالي “جـدول “2″ “.
ترتبط اقتصاديات أقطار المغرب العربي بالعلاقات الخارجية حيثتمثل الصادرات ما يزيد عن 60% من حجم الناتج المحلي الإجمالي على مستوى متوسط أقطار المنطقة، وهذا يؤكد ما تمت الإشارةإليه في النقطة السابقة من ارتباط اقتصاديات هذه الأقطار بالتجارة الخارجية “جدول “3″ “.
إن كافة أقطار المغرب العربي تستعمل الدين الخارجي لكنهاتختلف من قطر لآخر، ففي حالة تونس فإن الدين الخارجي يقدر بحوالي 11.6 بليونأو حوالي 58% من حجم الناتج المحلي الإجمالي وكذلك الحال بالنسبة للمغرب والتي يقدر الدين الخارجي فيها بحوالي 20 بليون دولارأو حوالي 48% من حجم الناتج المحلي، أما بالنسبة للجزائر فإن الدين الخارجي يصل إلى حوالي 20بليون دولار إلى أنه يمثل حوالي 37% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وفي حالة ليبيا فإن حجم الدين الخارجي لا يتجاوز 4.7بليون دولار وهو يمثل حوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي ، ولا تتوفر إحصائيات دقيقة عنالوضع في موريتانيا بالنسبة للدين الخارجي.
مما سبق يمكن أن تتصف البنية الاقتصادية باعتماد اقتصادياتأقطار المغرب العربيعلى تصدير مادة أو أكثر من المواد الخام وهي اقتصاديات تابعة لدرجة كبيرة باقتصاديات العالم المتقدمخاصة أوربا، وتعاني كافة القطاعات باقتصاديات هذه الاقطار بضعف الانتاجية خاصة في قطاعالصناعة والزراعة وبالرغم من ضخامة حجم الدين الخارجي بالنسبة لحجم الناتج المحلي إلا أن أقطار هذه المنطقة لا يمكن اعتبارهااستثناء بالنسبة لأوضاع الأقطار النامية في منطقة أخرى.
3 . السيـــــاســــــات الاقتصــــاديــــــــــة :
تتبنى أقطار المغرب العربي بدرجات متفاوتة منهاج اقتصاد السوقفبينما كانت تونس والمغرب منذ استقلالهما انتهجتا سياسة الانفتاح الاقتصادي وإلى حد ما موريتانيا ، إلا أن الجزائر وليبيااتجهتا بعد ذلك – منذ حوالي عقدين – للتحرر من سيطرة القطاع العام على اقتصادياتهماالوطنية.
تتخذ هذه الدول من أسلوب التخطيط الاقتصادي لتحقيق مستهدفاتالنمو الاقتصادي ، وهذه المخططات المختلفة تنحصر أهدافها العامة في رفع مستوى المعيشة لدى المواطن في كل قطر عن طريق وضعالبرامج للاستغلال الأمثل لموارد كل قطر على حدة، وبما أن هذه الأقطار تتصفباعتمادها على مورد أو موردين في غالبية الاقطار، النفط والغاز بالنسبة للجزائر وليبيا،والفوسفات والمعادن بالنسبة للمغرب وموريتانيا فإن مجالات التنمية المتوازنةتظل محدودة في كل قطر، ولعل تونس تمثل استثناء من القاعدة السابقة “4″
لم تظهر سياسات واضحة لدعم عملية التبادل التجاري بين أقطارالمغرب العربي بالرغم من أن النظرة الاحادية للمنافع كان يجب أن تدفع لهذا الاتجاه حيث كبر حجم السوق في المنطقة سيكوندافعا لزيادة التبادل كذلك تكلفة النقل.
تحاول كافة الأقطار في المغرب العربي تنشيط دور القطاع الخاصللقيام بدوره في عملية التنمية الاقتصادية بل إن الدول ارتأت الآن خصخصة بعض المشروعات العامة في القطاعات الانتاجية، إلاأن الدول مازالت تشرف على القطاعات الاستراتيجية كالنفط والغاز والفوسفات كذلك على معظمقطاعات البنية الأساسية كالمواصلات والاتصالات.
من الملاحظ ضعف دور المؤسسات المالية في غالبية هذه الأقطارمما يحد من إقامة شركات كبرى محلية وبالرغم من تواجد أسواق مالية لتبادل الأسهم والسندات في بعض هذه الأقطار إلا أنها مازالت فيمراحل التطوير.
قامت كافة هذه الأقطار بإصدار تشريعات للاستثمار الأجنبي وذلكبهدف تقوية التكوينالرأسمالي لاقتصاديات أقطار المنطقة من جهة وبهدف نقل التقنية وتطبيقها في قطاعات معينة من جهةأخرى. وبصورة عامة فإن عملية استقطاب الاستثمار الأجنبي كانت موجهةللاستثمارات من خارج أقطار المنطقة إلا في حالات محدودة. وكان توافر الاحتياطياتالنفطية هو العامل الرئيسي للاستثمار في قطاع النفط والغاز خاصة في الجزائر وليبيا،ومستقبلا في موريتانيا،وكانت الامكانيات الطبيعية والموارد البشرية من العوامل التي تؤدي إلى تواجد الاستثمار الاجنبي فيقطاعات أخرى في كافة بلدان التجمع.
تبنت دول المنطقة سياسات متنوعة لتحقيق التوزيع العادلللمداخيل وكذلك سياسات اجتماعية لمحاربة الفقر ودعم ذوي المداخيل المحدودة وذلكبهدف تقليص الفجوةبين فئات وطبقات التجمع ولن يكون في الإمكان تقييم هذه السياسات في هذه الدراسة.
تضع كافة أقطار المنطقة السياسات المالية والنقدية والتجاريةبناء على ظروف وأوضاع ومراحل نمو كل قطر، وقامت الأقطار بعقد اتفاقيات ثنائية مع بعض الأطراف أو خارجها وبصورة مستقلة عنالتجمع.
4 . الأداء الإقتصـــــــــــــــــــادي :
بالرغم من الجهود المبذولة خلال العقود الثلاثة السابقة من قبلأقطار المغرب العربيلتحقيق معدلات كبيرة للتنمية، فإنها لم تستطع أن تحقق مستهدفاتها القطرية المنفردة، إذ مازالتاقتصادياتها تعتمد على تصدير المواد الخام باستثناء تونس، ويؤدي ذلك بطبيعةالحال إلى اعتبار اقتصادياتها تابعة وعرضة لمتغيرات دولية ليست في نطاق سيطرتها.”5″
إن مستوى الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات زيادته السنويةيعطي دلالات ومؤشرات على ضعف الكفاءة والانتاجية سواء بالنسبة لليد العاملةأو رأس المال، أو لعملية المزج والتنظيم اللازمة لدفع حركة التنمية المستدامة.
تتصف مكونات النواتج المحلية لأقطار المغرب العربي بعدم فعاليةالقطاع الصناعي، وهو المحرك الأساسي لعملية التنمية الاقتصادية بل إن طبيعة هذا القطاع تتوقف عند العمليات الاستخراجيةفمثلا لم تتطور الصناعات اللاحقة للنفط والغاز في الجزائر وليبيا وكذلكالحال بالنسبة للحديد في موريتانيا والفوسفات بالنسبة لتونس والمغرب، كذلك تعاني كافةالأقطار من ضعف المكونات التقنية في الإنتاج والذي يؤدي إلى خلق قيمة مضافة عالية.
من الملاحظ ان هناك الامكانات المتاحة لتطوير القطاعالزراعى فى المغرب والجزائر، والصيد البحرى فى كافة أقطار المغرب العربى الا أن الفجوة الغذائية تظهر بوضوح فى الكمياتالمستوردة من الحبوب واللحوم وبقية المواد الغذائية لهذه الأقطار ويستدعى ذلكدراسات معمقة وجادة فى هذا المجال الهام.
يقتصر القطاع الخاص فى أقطار المغرب العربى على بعض الانشطة الصغيرةوالهامشية، بل انه يعمد الى تعميق التبعية الاقتصادية للخارج عنطريق اساليب التوكيلات للشركات الاجنبية مما يعيق خلق كيانات مغاربية كبيرة سواء علىالمستوى القطرى أو مستوى المنطقة ومن الملاحظ ضعف الميل للادخار لدى الافراد وذلك بسبب عدم التشجيع اللازم وعدم وجود قنواتفاعلة لتحويل المدخرات الى استثمارات تصب فى الاقتصاد الوطنى.
تعانى اقتصاديات الاقطار فى هذه المنطقة من مشكلات هيكيليةكالبطالة الظاهرة والمقنعة كذلك معدلات التضخم المرتفعة مما يسبب فى ضعف دخول الافراد بالاضافة الى عدم معالجة مشكلاتتوزيع الدخول بتبنى السياسات الملائمة لذلك.
ان الاقطار فى هذه المنطقة حاولت اقامة البنية الاساسيةالمادية وقد تكون قد حققت بعض النجاحات فى هذا المجال كالطرق والمطارات الاأن ذلك يحتاج الى تطوير مستقبلى مرتبط بالتطور والنمو فى القطاعات الانتاجية والخدمية فى اقتصاديات هذه الاقطار.
من المفيد ان نؤكد ضرورة اقامة المعاهد والاكاديمياتالمتخصصة فى اجراء الدراسات التطبيقية الاجتماعية والعلمية والتى تتلاءم مع البيئة الاجتماعية والثقافية للمجتمعات فىالمغرب العربى.
ثانيـــــــا: التكامـــــــــلالاقتصـــــــــــــادى
1 ـ التعــــــــريـــــــــف :
تعنى كلمة التكامل ربط ودمج اجزاء فى وحدة واحدة ويتماستخدامها كمفهوم اقتصادى لتشير الى اشكال معينة من العلاقات الاقتصادية (6)وتتعدد تعريفات التكامل الاقتصادى لاختلاف المدارس الفكرية والنظرية فهناك من يرى ان التكامل هو أى عملية تقودالى التعاون بينما يرى آخرون انه يعنى ضرورة ادخال عناصر التنسيق بين الوحدات الانتاجية مع احتفاظهابشكلها وسماتها الخاصة، ويذهب البعض الى ان تتم عملية دمج كاملة للهياكلالاقتصادية لخلق هيكل جديد.
ان التكامل الاقتصادى هو ضرورة بين قطاعات الاقتصاد داخلالقطر حتى يمكن الاستغلال الامثل لمخرجات كل قطاع ويتم خلق اقتصاد متوازن. الا ان مفهوم التكامل فى هذه الدراسة ـ يتماستعماله بصورة أوسع للاشارة الى التكامل بين اقطار مختلفة. ويمكن تبنى تعريفالتكامل بأنه “عملية موضوعية مبرمجة لتنظيم اقتصاديات اقطار مشتركة بهدف اقامة علاقاتاقتصادية أقوى لتحقيق عوائد مشترك (متكافئة) واستغلال أفضل للامكانات والمواردالتى تمتلكها الاطراف(الاقطار) المساهمة مما يؤدى الى رفع الانتاجية والانتاج لكافة اقتصاديات التجمع او المنطقة (7).
ونحن نرى ان التعريفات الجامدة قد لا تؤدى الهدف ولذا فإنالدراسة ترى أن التكامل هو عملية ديناميكية مستمرة تتخذ مراحل متتابعة وسياقا وخطوات متواصلة تتم بناء على الظروفالموضوعية لكافة الاطراف المشتركة ولكنها تهدف فى النهاية للمنفعة الجماعية.
2 ـ الـمبــــــــادىء والأســــــاليـــــب :
· ان أسس التكاملالاقتصادى تتركز فى انها عملية مستمرة تحدد بواسطتها علاقات الانتاج ودور عناصروقوى الانتاج فى الاقتصاديات المتشابكة. وبطبيعة الحال سينجم عن ذلك تقسيم العملوالتخصص بين الوحدات الانتاجية على مستوى التجمع.
· ظهرت أنواع وأساليبمتعددة من التكامل يمكن ايجازها فيما يلي:
أ - التكامل الرأسى : وتتم فيه تجزئة العمليات الانتاجية الى مراحل، تستوطن كل مرحلة قطرا معينا، أى تكون مرحلة فى قطر ماوتستكمل فى قطر آخر المراحل التالية وهذا النوع من التكامل كان ظاهرا خلالمرحلة الاستعمار حيث كان انتاج المواد الاولية يتم فى المستعمرات وتتمعملية التصنيع فى الدول المستعمرة “المتقدمة”، وتتصف هذه النوعية بعدم عدالة توزيعالمنافع المتأتية من عملية التكامل حيث تستحوذ الدول المتقدمة على المكاسبالكبيرة من جراء القيمة المضافة “8″
ب - التكامل الافقى : وتتم فيه أيضا تجزئة العمليات الانتاجية ولكنها تتصف بانها تحدد عن طريق تقسيم العمليات بناء على التخصصوالمزايا النسبية، وتكون بين اقطار أو نظم متشابهة ومتجانسة، وتوزع المنافعبصورة متكافئة على أسس اقتصادية يتم الاتفاق حولها بين الاطراف المتشاركة.
· تعددت أساليب وأنواعالتكامل ايضا بناء على النظم السياسية والاقتصادية، ففي النظم الرأسمالية – خاصةفي بداياتها – على الجوانب التجارية “الأسواق” وذلك بالاتفاق بين الأقطار المشاركةعلى شروط موحدة تسمح بالمنافسة وإزالة الحواجز والقيود أمام تدفق السلع وعناصرالانتاج “9″، أما النظم الاشتراكية فكان التكامل يتم فيها وفقا لخطط مركزية تحددأدوار كل قطر في العمليات الانتاجية وبذلك يعتبر التكامل الاقتصادي جزءا من عمليةتكامل أوسع وأشمل لميادين أخرى.
· يتخذ التكامل عدة أشكالأو مراحل متتابعة مثل :
1 – المنطقــةالحـرة
2 - الاتحادالجمـركي
3 - السوقالمشتركـة