تمهيد:الإنسان هو مجموعة من الدوافع النفسية والانفعالية التي تسيطر على نشاطه العام واليومي في الحياة, لذا فلكل فرد واقعه الخاص.وهذا الأخير يتجلى في الجانب العقلي أي الذكاء والجانب الطاقوي بمعنى النشاط ويليه الجانب العاطفي الذي سوف نتطرق إليه في بحثنا هذا ’ بحيث نجد الطفل بحاجة دائمة إلى المادة الخام من الحنان والحب والشعور بالأمان لينمو سليما ويفرض نفسه ويثبت وجوده ,هذا يفرض على الطفل العيش في تبعية المحيط وهذا ينتج علاقة تتولد تدريجيا أو تتكون شيئا فشيئا بين الطفل ومحيطه العائلي , وضعف الطفل يجعله مركز اهتمام العائلة خاصة الأم التي يرتبط بها بشكل وثيق ,فشخصية ومستقبل الطفل متعلق بمدى قدرة هذه الأم نفسها على توفير محيط محفز للطفل ويساعده على تحقيق عدد من الإكتسابات والوصول إلى مستويات نضج عالية سواء كان هذا على المستوى النفسي أو المستوى أو المستوى الحركي أو المستوى اللغوي أو المستوى العقلي ( الذكاء) وخاصة المستوى العاطفي.تحديد مفهوم الحرمان العاطفي:مفهوم الحرمان : Privation:"وهي كلمة مشتقة من حزم أو منع الشيء والحرمان هو غياب شيء موجود وضروري وغيابه يؤدي إلى أضرار" اما في موسوعة عـلم النفس فيعرف الحـرمان عام "1949 بأنه الشيء أو إلغاءه، ويعرف بأنه الحاجة هنا هي الرغبة غير مشبعة"أما مفهوم الحرمان كما جاء في الموسوعة الطبية عام 1981 يعني"غياب بعض العناصر الضرورية لنمو الحياة العاطفية خاصة وشخصية الفرد عامة وتنعكس عواقب الحرمان على الاتزان النفسي ال\ي يظهر بوضوح في السنوات الأولى من حياة الطفل .أما في قاموس علم النفس فقد عرفه سيلاني : N SILLANI بأنه غياب أو نقص الحنان بحيث تعتبر الحاجات العاطفية ذات أهمية كبرى بالنسبة للإنسان وعدم إشباعها يؤدي إلى نتائج وخيمة على نفسية وسلوكات الطفل.مفهوم الحرمان "v.Smirnoffيعني الحرمان من الحاجات النفسية الأساسية هذه الحاجات التي لا يمكن أن تقتصر على الحاجات الضرورية للحياة ولكنها تشمل بنفس الأهمية لحاجات النمر العاطفي"مفهوم الحرمان حسب فيديد vidide"أن الحرمان العاطفي هو غياب أو نقصان على مستوي العلاقات العاطفية والأسرية "أما اجورياجيرا Ajurria.Guerre"فانه يري أن الحرمان العاطفي متعدد الأشكال وتعريفه صعب يمثل نقص التفاعل وغياب آلام عن الطفل ،ويؤكد على أهمية عملية التفاعل الايجابي بين الطفل وأمه مع ،يؤكد صعوبة تحديد وتعريف الحرمان العاطفي. " تعريف الطفل المحروم :"يقوم الطفل المحروم على منع الطفل من الطفل من الحصول على ما يحتاجه وقد يمثل هذا الاحتياج قيمة كبرى عند الطفل ،ويرجع هذا الحرمان إلى مصدر معين قد يكون من الوالدين او احدهما بالدرجة الأولى أو البديل عنهما "2-حالات الحرمان العاطفي:2-1-الحرمان من حنان الأم :إن الحنان بالنسبة للفرد هو العلاقة الأولية المهمة في المجتمع، وهو علاقة الطفل بأمه لأنها الشخص الأول البالغ الذي يبدأ التعامل معه مند طفولته والدور التي تلعبه الأم يحدد كثيرا من اتجاهات الطفل حيال المجتمع وسلوكه ودرجة تكيفهولقد أجريت عدة أبحاث سيكولوجية وتربوية تعالج موضوع الطفل وعلاقته بأمه خلال مراحل نموه.ومن جهة أخرى نجد العالم "Ribbler "إن حاجة الصغير للحب أساسية وتتبع مباشرة من عوامل مرتبطة بالمحافظة على حياته في مرحلة الطفولة المبكرة ومن يهيئ ذلك للطفل هي الأم بالدرجة الأولىومن جهة أخرى يقول"سيبتر" 1949 عن العلاقة أم –طفل مايلي :"لا يهم عدد الألعاب، الرفاهية المادية والرعاية المفرطة في الغداء والنظافة لاشيء يعوض هذا الاتصال وحده التبادل العاطفي قادر تحويل رضيع ذكي واجتماعي.فاستجابات الأم الناجحة أثناء الرضاعة تسمح بتكون الذات الحقيقية ،التي تمثل كل السلوكات العفوية ،فلهذا تعتبر ميلاني كلاين "ثدي الأم ذو دور مهم في self كونه أول موضوع يتعرف عليه الطفل ، وقد قامت أبحاث كثيرة حول الوضعية الارضاعية مسندة إلى فرضية أن مواقف الأم خلال الإرضاع تؤثر على الرضيعفبحضور وجه الأم والاحتكاك بها وبفضل كل العنايات والتوجهات التي تقدمها لطفلها فإنها تدفعه إلى تنمية مستواه الذكائى والمعرفي ،لأنها النمو العقلي والمعرفي مرهون بالوجود الكلي للام .ولهذا فالأم لها دور بالغ واثر كبير في النمو النفسي والاجتماعيMontessoriللطفل وصفت "العاطفة الامومية بالفيتامين النفسي للنمو ،اد أن الطفل بحاجة ماسة إلى الشعور بحب الأم أو بديلها ،شرط أن تكون معلقة به حقا وحاضرة بصفة دائمة إلى جانبه ."- أما يولني اعتبر أن "الحب الامومي ضروري للصحة العقلية بقدر ضروريات الفيتامينات والبروتينات للصحة الجسدية." 5 ومن هنا تبين أن السلوك الامومي ليس غريزة بمفهوم نموذج سلوكي ،يظهر بصفة آلية في كل الأحوال ،بل هو جملة استعدادات فطرية التي لا تظهر إلا في ظروف الاجتماعية خاصة ،وكلما كانت العلاقة حارة ودافئة بين الطفل وأمه مثلت دعامة أساسية في الصحة النفسية للطفل في الحاضر والمستقبل .الحرمان من حنان الأب :- رغم الرعاية الكبيرة والمسؤولية الخالصة للام في تربية طفلها، فهدا لا يعني تهميش دور الأب في التربية فإلام لا تستطيع أن تعوض لأبنائها النقص الذي ينشأ عن غياب الأب و عدم العناية بالإشراف عليهم و مصاحبتهم .- حسب الدراسات التي قام بها الكثير من الباحثين توصلوا إلى إن دور الأب مهم في الأسرة حيث يقول وينكون "الأب يلعب دور مهم بحيث يعمل على حماية العلاقة الثنائية أم- طفل ضد كل مايمكن أن يتدخل فيها و كذلك ضروري لمساعدة الأم في تنفيذ سلطتها"- أما يوثفنوشت يرى أن "لا يمكن لأي عضو أخر من العائلة أن يؤدي دور الأب نظرا لكون الاتـزان العــائلي يتوقف عليه إلـى حد كبير" فدور الأب أو صورته القوية ضرورية لنمو الطفل نموا اجتماعيا سعيدا , لان الأب يساهم بدور فعال في تكوين الذات العليا للطفل ، فمتى كان التواجد قوي للأب اكتسب الطفل اتجاهات ومبادئ دعامة له في المستقبل ,فلا يمكن للام أن تعوض هذا النقص من الأب إذ يشير بينز بأنه: "ليس من الممكن في العالم كله أن تكون هناك امرأة تلعب دور الأم والأب معا ".- فضرورة الحياة ومتطلباته تتطلب وجود الأب واتصاله مباشرة بأبنائه، يجعل الطفل يقلده بطريقة شعورية أو لا شعورية وخاصة في السنوات الأولى، ومن هنا يتجسد دور الأب في تكوين شخصية أبنائه لاكتساب معايير أخلاقية, فغياب الأب وانشغاله بالعمل أو لأمر ما يعرف بالغياب المعنوي للأب وله تأثيرات سلبية على الأطفال تتجلى معرضين لإكساب معايير أخلاقية خارج الإطار الأسري، وبالتالي إلى الانحراف بأنواعه.- الحرمان المحض (الكامل) :ويعني به وضع الطفل في مؤسسة إيوائية ,تساهم في نشأته وذلك باعتبارها مؤسسة اجتماعية تربوية .حيث نجد الطفل في حالة عجز الأسرة الطبيعية عن رعايته نتيجة لتفككها أو انهيار أو نتيجة لعوامل شخصية لتهيأ له الجو النفسي لتعويضه عن الحرمان العاطفي أو المادي لإشباع حاجاته البيولوجية والنفسية والاجتماعية والمعرفية لينمو نموا طبيعيا ,لكن من سلبيات هذا التكفل هو أنه عندما يوضع في المؤسسة فإنه يفتقد إلى البديل الثابت للأم وبذالك ما يفترضه القانون من تغيير الموظفين والمربيين من مصلحة لأخرى.ويشير العالم فارب: "أن الأطفال المحرومين من أسرهم الطبيعية ومن عطف الأم والأب كثيرا ما يعانون من صعوبات الكلام والنطق وعدم القدرة على التعبير عن النفس بسهولة وبعضهم يعاني القلق وعدم الاستقرار الانفعالي"أنواع الحرمان العاطفي:3-1 الحرمان الكلي :أي فقدان الطفل للعلاقة بالأم وبمن يحل محلها وذلك منذ الشهور الأولى للحياة بحيث ينشأ داخل مؤسسات رعاية الأطفال المحرومين ويترك هذا النوع من الحرمان أثار سيئة وخطيرة ودائمة على النمو الجسمي والعقلي والعاطفي والاجتماعي للطفل إذ أن مظهر هؤلاء الأطفال يتصفون بالتخلف كما يبدو عليهم اضطرابات سلوكية (الكذب ,السرقة والعدوانية) وهذا السلوك يزيد تفاقما خلال المراهقة لكونهم اكتسبوا القوة التي تساعدهم على القيام بهذا السلوك وهذا قد يكون له تأثير في الكبر بحيث لا يستطيع هؤلاء الأفراد مواجهة الواقع لأنهم لا يتمكنون من الاستقلال الذاتي ويميلون إلى الانقياد والاعتماد على الآخرين وعلى المؤسسة.3-2 الحرمان الجزئي:يقصد بهذا النوع نشأة الطفل بين والديه ومروره بالتجربة العلائقية الأولى معها خلال الطفولة الأولى بصرف النظر عن قيمة هذه العلاقة)ايجابية أم سلبية(ويعقب هذا انهيار سواء كلي أو جزئي لهذه العلاقة وغالبا ما يحدث هذا الحرمان العاطفي في فترة الكمون ويترك آثار واضحة على التوازن والتكيف للشخصية مستقبلا وتتوقف هذه الاتار على أمرين:3-2-1 السن: الذي حدث فيه الحرمان حيث كلما صغر السن, كلما كانت الأضرار اللاحقة بالشخصية اكبر.3-2-2 نوعية العلاقة السابقة بين الطفل ووالديه قبل الحرمان.3-3 النبذ العاطفي من قبل الأهل:في هذا النوع يظل الطفل مقيما مع أهله محتفظا بروابط معهم وإذا كانت هذه الروابط مأزقيه فلا يحدث الانفصال ولا يحدث أي انهيار في العلاقة فبعد صراعات عنيفة وفي سن متقدمة نسبيا ينفض الآهل يديهم من الطفل بشكل واضح ومن هنا تأتي محاولات من طرف الطفل أو الوالدين أو احد من الأهل للقضاء على هذه الصراعات إذ يحصل نوع من الوفاق بين الوالدين ولكنه يجتاز مراحل حرجة تؤدي إلى التباعد والدي يأخذ طابع الإهمال وإلغائه من مجال اهتمامهم4- الأسباب التي تؤدي إلى الحرمان العاطفي :4-1 الوفاة :ونقصد بالوفاة فقدان الوالدين أو احدهما وخاصة في الطفولة المبكرة وهذا يترتب عنه حرمان الطفل من الجو الأسري بعد أن يبعث به على المؤسسات الخاصة بالأطفال المحرومين من العائلة ويكثر هذا النوع من الأطفال المحرومين بعد الحرب حيث يكثر اليتامى بعد فقدان أبائهم إبان الحرب، كذلك يكثر هذا النوع بعد الكوارث الطبيعية.4-2التفكك العائلي (الطلاق) :تعتبر الأسرة مؤسسة اجتماعية هامة جدا في المجتمع حيث أنها من أهم وسائل التعلم والتنشئة الاجتماعية للأم والأب دورا هاما في هذه التنشئة لكن هناك الكثير من الآباء لا يحاولون الحفاظ على الجو الأسري وينتهي الأمر بالطلاق والانفصال مما يترتب بعث الأطفال إلى المؤسسات الرعوية وهذا يؤدي إلى شعور الطفل بأنه غير مرغوب فيه.4-3 الإهمال :إن الإهمال من قبل الوالدين في شكل أفكار أو نقد أو حرمان لفترة طويلة تؤدي إلى عدم الشعور بالأمن وإلى سوء تكيفه,تتمثل في استجاباته في خضوعه أو تمرده على تلك الأوضاع أو تكون على شكل انطواء على نفسه وتظهر نتيجة إفراط الوالدين في إهمال الطـفـل في مرحلة لاحقة من عمره على شكل تشرد أو إدمان مخدرات وهذه السلوكات ناتجة عن الشعور بالذنب المنبثق من شعوره بالكراهية هذا بالإضافة إلى أن الانفعال التي يقوم بها الطفل المهمل قد تعتبر عن حاجاته إلى الإشباع الانفعالي والذي كان فيه مدة طويلة4-4 القسوة في المعاملة :إن القسوة في المعاملة تتمثل في أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة على أساليب العقاب واللامبالاة بشخصية الفرد ,فإن العقاب القائم على استخدام العنف المقترن بالغضب أو التهديد، إن الطفل في حد ذاته لا يكون دائما مصدر السرور بالنسبة للأبوين ,فقد يرفض الأبوان أو إحداهما الطفل قبل ولادته أو بعدها وقد يشعر الطفل بفقدانه لعطف أبويه و فقدانه لبعض الامتيازات التي كان يقوم بها من قبل وهذه الحالة ذات تأثير كبير في الحياة النفسية وخاصة في مرحلة المراهقة.4-5البنوة غير الشرعية:هؤلاء الأطفال يربون على أساس أنه لا وجود لأي فرد من أقاربهم يعترف بشرعيته بحيث يجدون الرفض التام من قبل الآباء فلا يريدون رؤيتهم ولا يرغبون ملاقاتهم مثل هؤلاء الأطفال غير الشرعيين يريدون على أساس أنه لا وجود للوالدين الذين يعترفون بهم لأن دخولهم معترك الحياة جاء بطريقة غير شرعية لا يسمح بها القانون والدين ,وبالتالي يكون مصيرهم الدخول إلى المؤسسات الخاصة وتقوم الدولة بتكفلهم وإعطائهم نوع من الرعاية ,إن هذا قد يسبب للطفل شعور بالحزن والأسى كما يصاحبه شعور بالخيبة واليأس وسوء التكيف وكره النفس بحيث يعيش بدون هدف معين في هذه الحياة وتمر الأيام بدون أن يستفيد منها كثيرا العزلة’تفكير مشتت’يبالغ كثيرا في الاعتماد على الآخرين في كل شيء وهناك أسباب أخرى منها عدم وجود الأسرة ويحدث هذا بسبب التقلب الانفعالي للوالدين وعجزهما عن إقامة علاقات أسرية صحيحة ويرجع ذلك بدوره إلى أنهم حرموا أثناء طفولتهم من الحياة البيئية السوية وكذلك وجود الجو الأسري مع عجزه لسبب ما هي المرض المزمن والظروف الاقتصادية المزرية للعائلة وانهيار الجو الأسري بسبب التحاق الأم بعمل شاق.5- النظريات المفسرة للحرمان العاطفي:5-1 نظرية التحليل النفسي :وتشير إلى نوعية العلاقة الداخلية,النزوة التي يمتاز بها الطفل لاشعوريا اتجاه الأم ,أي العلاقة التي تتخلص في الاتجاهات الأولية الغذاء ,التعبير والتجمع للانطباعات ’فالعلاقة الموضوعية هنا تتسم بتكوين الأنا الموضوعي(الليبيدي),وهذه العلاقة هي التي تحدد الموضوع ,فهي تتعلق بالاستمرارية وإذا لم تكن مؤسسة بثبات فإن تعلم الموضوع يكون صعبا5-2 نظرية التعلق :إن التجارب التي قام بها هارلو 1958 على الحيوان وخاصة دراسته على القردة أثبتت أهمية السلوك المتعلق والآثار الوخيمة على صحة الصغير ومصيره عندما يحرم من تلبية هذه الحاجة وقد ذكر بولي أنه يجب ترك مفهوم التعلق العاطفي اتجاه الأم واستبدالها بتثبيت نشاط للطفل مشكلا مفهوم التعلق وهذا الأخير استخلص الباحثون أنه "عندما لا نلبي حاجة الطفل إلى التعلق فإنه يضطرب سلوكه وخاصة علاقته مع أقرانه"5-3 نظرية التعلم:تعتبر أن الحرمان لا يتعلق بنقص عاطفي فحسب بل وأيضا من الميراث إذ بينت الدراسات وفي عمل الخلايا والأنسجة العصبية أن تطور وظائف الجهاز العصبي يتم بالتجربة والتمارين,كما إن المراكز العصبية المحرومة من الميراث تتلف بعد مدة معينة.وأخيرا تبقى هذه النظريات الثلاث متكاملة لأن الطفل بحاجة إلى عواطف ومثيرات اجتماعية وفكرية وحسية وذلك في ظل محيط ثابت وقوي.6- أثار الحرمان العاطفي :6-1 أثار الحرمان العاطفي الجزئي :يترك الحرمان العاطفي الجزئي أثار واضحة على توازن وتكيف الشخصية ويتجلى ذلك من خلال القلق والحاجة الملحة إلى الحب والمشاعر القوية والانتقام وينتج عن هذه الأخيرة الشعور بالألم واكتئاب الطفل الذي لم يكتمل بعد نضجه العقلي والانفعالي لا يستطيع أن يقاوم كل هذه الانفعالات وقد يؤدي به إلى أمراض عصبية ونقص ثبات العلاقات الاجتماعية.6-2 أثار الحرمان العاطفي الكلي:يكون ضرورة أعمق وقد يعوق تماما قدرة الطفل على إقامة العلاقات مع الناس لأنهم تركوه في وحدة انفعالية وبدون العناية والرعاية التي يحتاجها الطفل وهي تلك الرعاية التي تعطيها الأم لأبنائها دون مقابل فالعناق واللعب والرضاعة طل ذلك يوفر الراحة النفسية والجسدية للطفل وكما ذكرنا فإن الحرمان الكلي في مرحلة الطفولة المتأخرة يؤدي بالطفل إلى تكوين صورة سلبية للمجتمع ولنفسه مما يؤدي به كنتيجة فقدان الرغبة في العيش وتكوين فكرة الانتحار واليأس.7-نتائج الحرمان العاطفي على الصعيد النفساني :لقد أكدت البحوث التي قام بها الدكتور "مصطفى سويق" في رسالة للدكتورة عن الأسس النفسية للتكامل الإجتماعي :"إن انتزاع الطفل من كنف أمه ومن العائلة ووضعه في مؤسسة عامو يؤدي إلى اضطرابات نفسية وتأخر من كل النواحي سواء من نموه الجسمي أو العقلي أو الاجتماعي ، ونظرا للخطوة التي يلحقها الحرمان العاطفي المبكر على الطفل قامت عدة بحوث بدراسة انفصال الولد عن الأم في السنوات الأولى من حياته وملاحظة تأثيرات الإنفصال المبكر والمدة الطويلة المستغرقة التي قد تؤدي إلى تأخر عاطفي خطير فقد عولجت أثار الإنفصالات الكثيفة والمبكرة والطويلة تحت إسم استشفاء,فأثار الإنفصال عن الأم تظهر بسرعة في نكوص عام لكل طاقات الطفل ولكنها تمس في البداية المكتسبات الوظيفية القريبة الأكثر تعرضا.فاللغة تتأثر هي الأولى وكذلك كل الدائرة التوافق كما يدعوها "جزيل فيشوش" الاتصال مع محيطه وألعابه وكل ما يدل على بدء التأهيل الإجتماعي وإذا إستمر القصور العاطفي فإن هذا النكوص يحتاج تدريجيا لقطاعات أكثر بدائية فتنهار المكتسبات الحركية (المشي) وفي مرحلة قصوى تتأثر الوظائف الغذائية (الهضم والتنفس) وضعف الدفاعات الفيزيولوجية يعرض الولد للضغط والإصابة بالأمراض .إن تأثيرات الحرمان العاطفي المبكر لا تؤدي نتائجها إلى نقص بدائي بل إلى نقص نهائي إذ ينخرط العجز في بنية التنظيم النفسي والجسدي للفرد ويؤكد أن التقصير في العلاقات الغيرية يسهل إنتقال الدوافع العدوانية والليبدية فتجدر الإشارة إلى أن كل تقصير مطول يؤدي إلى تأخر النمو النفسي العاطفي ويشكل التأخر ألذكائي فيه عنصرا ثابتا فهذا التأخر ذو الأهمية المتفاوتة ويؤثر بشكل خاص على المجالات المعرفية وعلى اكتساب اللغة والتكامل الإجتماعي فمن يعيش في جو الحرمان العاطفي وعدم الاستقرار والأمان يصبح ذا حساسية مفرطة ومشعر اجتماعي وانفعالي صعب ميالا للانطواء على النفس ,فاقد الشعور بالواقع والثقة بالنفس وبالمستقبل والحياة، ولقد أطلق راكميه 1954 إسم عدم الشخص نظرا لعدم البلوغ المكتسب والذي يدل على عجز في الأنا وفي وظيفته كوسيط بين الفرد ومحيطه وعدم القدرة على الحب وعدم القدرة على تلقي الحب وعدم العاطفة التي تحل محل الإقبال الأولى على الالتماس الاجتماعي، كلها تشوش علاقات الطفل مع الغير ويمكن اعتبارها كعوامل أساسية لعدم التكيف وحتى للمواقف الاجتماعية فيما بعد (بوليبي 1946-1951)...بالتوفيق