ادار عزيز عينيه حوله ..رجال ونساء بلا حصر ..الكل يرفرف بجناحيه لهفة الى ولوج الحلم .. رفرف بجناحيه مثلهم ، وهو يمنى النفس بما لذوطاب من الاحلام التى حرم منها كثيرا ، فهو منذ صغره حينما يستيقظ لايخرج مباشرة من الحلم الى الردهة او الحمام ، بل يظل - كما اوصاه المرحوم والده - قابضا على طرفه ، رافضا ان يفارقه دون ان يشده معه ، ولو لحظات الى ارض الحجرة ،فاحصا ومدققا ، ولايقف الامر عند هذا فهو كثيرا ماكان يمضى الى امه ، فيضيف الى احلامها حلمه ، فتأخذه منه بود وتقلبه وتمحصه ، ثم تصب فى اذنه مالذ وطاب من قطائف امنياتها له ، فمرة تبشره بنجاح فى دراسته طال غيابه ، ومرة تلفه بعباءة امل فى زواج قريب وهكذا ..لذا فحينما انتشر فى المدينة خلال الايام الفائتة ان هناك رجلا يوزع الاحلام مجانا ..احلاما مزينة بزينة لم ير الناس مثل بريقها .. واعلن التليفاز هذا واقتطع بسكين المذيعين بعضا منها.. التهمته الاعين فورا .. وقررت هجر اعشاشها والطيران اليه لدخول الحلم الذى يحكى عنه ..فى البداية ونظرا لخبرته الطويلة مع الاحلام قرر عزيز فحص الحلم وتمحيصه وعرضه على معمل ابحاث خبرته ليرى مدى صدقه ..قالوا بدايه الحلم العبور من بوابة من الكلمات البراقة ذات المقابض الحريرية التى تشد القلوب شدا الى عبورها لترى بعدها مالم ترمن قبل..وتم تحديد مكان التجمع بداية الصحراء ، لتسع الاجساد القادمة ، والاحلام الكثيرة ، والاجنحة المرفرفة شوقا لولوج الحلم ..مضى عزيز الى هناك ..رأى رجالا ونساء بلا حصر ، بعضهم تجمع صانعا اربعة اعمدة بشرية صاعدة الى اعلى ، حاملة منصة دائرية بها ميكروفون له اذرع مطاطية تتحرك فى الهواء ..لحظات وصعد رجل ضخم الرأس فمه يأخذ معظم وجهه على الاكتاف ، الى ان وصل الى اعلى ، ووقف فوق المنصة ممسكا بالميكروفون بكلتا يديه ، واضعا فوهته داخل فمه ، لتمتد اذرع الميكروفون المطاطية الى الاذان ، تصب فى كل منها الحلم رويدا وعلى مهل ، وبذات الزينة التى طالعتهم فى التليفاز .
سمع عزيز بعض الكلمات ..شعر انه مايزال طافيا على بركة الواقع ولم ينغمس فى الحلم بعد .اقترب من احدهم :-
- لايعجبنى هذا الحلم ..هل تبادله بحلمك ؟
ضربه الاخر بمنقاره هامسا :- صه .لاتخرجنى من الحلم
مسح جناحه لطفا :- اذن ادخلنى فى حلمك
استدار اليه سائلا – مالون عقلك ؟
ومضى عنه .
يعتبر عزيز نفسه من الخاصة فى الاحلام ..فهو فى السوق يضع حلمه على باب حانوته ليراه الخلق ويجلس الى مكتبه بجوار الباب ..يدخل الزبون يسأله عن حلمه ..يطلب من تابعه ، وهو رجل بلا احلام ..يمضغ الصمت ، ويتلفع بنظرات طينية التربة ، لايملك من متاع الحياة الا رأسا يهزها لأسفل علامة الفهم ، كلما طلب منه عزيز ان يمنح زبونا حلما من الحانوت نظير اجر ..فاذا انتهى اليوم اهلت شلة الاوهام على الحانوت ..دارت حول عزيز وبدأت شحن نافوخه بخيالاتها المتنوعة .هو ايضا يمنحهم بعضا مما لديه ، قصائد زجليه بارعة ملفوفة بنبرات صوته الصعيدى المميز وهو يقف مصاحبا اعمدة الحانوت بجلبابه الطويل ، قائلا فى ضحكة مجلجلة لن اترك جلباب ابى ، ويعيد حكاية حكاها الاف المرات ، مؤكدا حكمة المرحوم والده الذى علم من مصادره الخاصة انه سيموت قريبا - كان ذلك قبل موته بسنوات - فقرر ان يشاركه معه فى تجارته ..يشترى الاحلام جملة ويبيعها قطاعى ..ويكتفى هو بالاشراف عن بعد ، الى ان توفاه الله دون ان تتأثر تجارته .
عاد الى الرجل بجواره :- اريد حلما أخر
اشار له بجناحه الى رجل المنصة الذى هبط راكبا الاكتاف الى الارض ، بعد ان وعد الجميع بقيادتهم الى مدينة الاحلام .
بدا الموقع على البعد عظيم البناء ..بوابة مزركشة بنقوش ذهبية عريضة ، تتوسطها عبارة تصنعها طيور تحلق حول بعضها فى نظام.. مدينة الاحلام ..و ممرات ممتدة الى الداخل عليها حرس يحملون اجهزة للكشف على الرؤس ، وضبط كل من لايحمل حلما لطرده فورا ومنع دخوله ..رأى عزيز هذا فضرب بجناحيه الهواء فرحا ، وفرد صدره العريض وسط الاجنحة المضمومة ، وفتح منقاره قاصدا ان يقول زجلا من ازجاله التى يمتع بها شلة الاوهام..غير انه رأى المناقير حوله تستعد لنقره بلا رحمة فلزم الصمت ..عبرت الجموع البوابات الى الداخل ، كل معه حلمه سعيد به الى عنابر هائلة الحجم من زجاج شفاف ، بها موائد ممتدة ومقاعد جلس عليها الجميع ..من الخارج رأت الاعين رجل المنصة يمسك بذات الميكروفون ذى الاذرع وفمه يبتلع الفوهة..الاذرع تمتد الى العنابر ..تلتصق بزجاجها ..والكلام يصل الى الرؤس محسوسا :- ليضع كل منكم حلمه امامه
نفذ الجميع الامر ..صورت الكاميرات الاحلام والاعين ذات الاحداق المتألقة ، والمناقير المغلقة رضا واملا ..بعد انتهاء التصوير امر الحراس بجمع الاحلام ..جمعوها وخرجوا بها ..تم اغلاق العنابر من الخارج ..وقف الحراس على الا بواب .
اما من بالداخل فقد اسسوا مدينة شرق اوسطية عاشوا فيها بانتظار رجل المنصة - او اى رجل آخر اوحتى امرأة - يفتح لهم الابواب ويعيد اليهم احلامهم من جديد .
رد باقتباس
سمع عزيز بعض الكلمات ..شعر انه مايزال طافيا على بركة الواقع ولم ينغمس فى الحلم بعد .اقترب من احدهم :-
- لايعجبنى هذا الحلم ..هل تبادله بحلمك ؟
ضربه الاخر بمنقاره هامسا :- صه .لاتخرجنى من الحلم
مسح جناحه لطفا :- اذن ادخلنى فى حلمك
استدار اليه سائلا – مالون عقلك ؟
ومضى عنه .
يعتبر عزيز نفسه من الخاصة فى الاحلام ..فهو فى السوق يضع حلمه على باب حانوته ليراه الخلق ويجلس الى مكتبه بجوار الباب ..يدخل الزبون يسأله عن حلمه ..يطلب من تابعه ، وهو رجل بلا احلام ..يمضغ الصمت ، ويتلفع بنظرات طينية التربة ، لايملك من متاع الحياة الا رأسا يهزها لأسفل علامة الفهم ، كلما طلب منه عزيز ان يمنح زبونا حلما من الحانوت نظير اجر ..فاذا انتهى اليوم اهلت شلة الاوهام على الحانوت ..دارت حول عزيز وبدأت شحن نافوخه بخيالاتها المتنوعة .هو ايضا يمنحهم بعضا مما لديه ، قصائد زجليه بارعة ملفوفة بنبرات صوته الصعيدى المميز وهو يقف مصاحبا اعمدة الحانوت بجلبابه الطويل ، قائلا فى ضحكة مجلجلة لن اترك جلباب ابى ، ويعيد حكاية حكاها الاف المرات ، مؤكدا حكمة المرحوم والده الذى علم من مصادره الخاصة انه سيموت قريبا - كان ذلك قبل موته بسنوات - فقرر ان يشاركه معه فى تجارته ..يشترى الاحلام جملة ويبيعها قطاعى ..ويكتفى هو بالاشراف عن بعد ، الى ان توفاه الله دون ان تتأثر تجارته .
عاد الى الرجل بجواره :- اريد حلما أخر
اشار له بجناحه الى رجل المنصة الذى هبط راكبا الاكتاف الى الارض ، بعد ان وعد الجميع بقيادتهم الى مدينة الاحلام .
بدا الموقع على البعد عظيم البناء ..بوابة مزركشة بنقوش ذهبية عريضة ، تتوسطها عبارة تصنعها طيور تحلق حول بعضها فى نظام.. مدينة الاحلام ..و ممرات ممتدة الى الداخل عليها حرس يحملون اجهزة للكشف على الرؤس ، وضبط كل من لايحمل حلما لطرده فورا ومنع دخوله ..رأى عزيز هذا فضرب بجناحيه الهواء فرحا ، وفرد صدره العريض وسط الاجنحة المضمومة ، وفتح منقاره قاصدا ان يقول زجلا من ازجاله التى يمتع بها شلة الاوهام..غير انه رأى المناقير حوله تستعد لنقره بلا رحمة فلزم الصمت ..عبرت الجموع البوابات الى الداخل ، كل معه حلمه سعيد به الى عنابر هائلة الحجم من زجاج شفاف ، بها موائد ممتدة ومقاعد جلس عليها الجميع ..من الخارج رأت الاعين رجل المنصة يمسك بذات الميكروفون ذى الاذرع وفمه يبتلع الفوهة..الاذرع تمتد الى العنابر ..تلتصق بزجاجها ..والكلام يصل الى الرؤس محسوسا :- ليضع كل منكم حلمه امامه
نفذ الجميع الامر ..صورت الكاميرات الاحلام والاعين ذات الاحداق المتألقة ، والمناقير المغلقة رضا واملا ..بعد انتهاء التصوير امر الحراس بجمع الاحلام ..جمعوها وخرجوا بها ..تم اغلاق العنابر من الخارج ..وقف الحراس على الا بواب .
اما من بالداخل فقد اسسوا مدينة شرق اوسطية عاشوا فيها بانتظار رجل المنصة - او اى رجل آخر اوحتى امرأة - يفتح لهم الابواب ويعيد اليهم احلامهم من جديد .
رد باقتباس