مقالة فلسفية 05: هل ثقافة الإنسان تنسجم مع طبيعته دائما ؟
23 أبريل ,2009
مقدمة: يولد الولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه فقد كشف الحديث الشريف عن و جود جانب فطري في الإنسان مثل القدرات الكامنة فيه بالولادة و جانب مكتسب هو قابلية هذه القدرات للنمو و التطور في ظل ما يقدمه المجتمع و لكن هاذين الجانبان ( الفطري و المكتسب) هل هما متضادان أم متكاملان ؟ بمعنى آخر هل ما يكتسبه الإنسان “الثقافة” يضاف الى ما هو موجود لديه بالفطرة ” الطبيعة” أم يعارضه و يقاومه ؟ بمعنى آخر هل العلاقة بين الثقافة و الطبيعة هي علاقة تضاد و تنافر أم علاقة انسجام و تكامل ؟
التحليل القضية: ما هو ثقافي يعتبر مكملا لما هو طبيعي عند الإنسان
الحجة: إن الطبيعة باعتبارها المحيط ( أي الواقع الموضوعي المستقل عن الفرد ) أو باعتبارها الطبيعة البيولوجية (أي الفطرة و الغريزة عند أفراد النوع البشري ) فإنها قابلة للتأثر و الإنسان أدرك منذ القديم قدرته على التأثير في الطبيعة الموضوعية حيث صنع أدوات و معدات للعمل مكنته من استغلالها و مع التطور الفكري و العلمي اكتشف الإنسان ذاته بقدراتها و اندفاعاتها فراح يستغل هذه المعرفة المكتسبة في فهم العوائق الموضوعية و الذاتية من أجل إحداث التكييف معها فما تحسين الطرق البيداغوجية إلا محاولة الإبراز القدرات الفطرية كالذكاء و الموهبة.. الخ وما التعليم إلا استغلالا لقدرات العقل و ما الرياضة إلا استغلالا لقدرات الجسم فالثقافة تعمل على تنمية السلوك في حدود ما تقدمه الطبيعة
النقد : لكن ما هو ثقافي لا يقبل دائما الانسجام مع ما هو طبيعي فالكثير من العادات و القيم و القوانين تحد من الاستعداد الطبيعي الكامن لدى الفرد
النقيض: ما هو ثقافي يعتبر معارضا لما هو طبيعي عند الإنسان
الحجة: وكما أن الإنسان أدرك بقدرته على التأثير في الطبيعة سواء الذاتية أو الموضوعية بما يحقق له التلاؤم و الانسجام و التكامل معها فكذلك أدرك قدرته على الحد من تأثيرها عليه فأبدع وسائل للحد من مخاطر الطبيعة و صعوباتها كالسدود و الأنفاق …كما هذب دوافعه و اندفاعاته الطبيعية كالأنانية و حب السيطرة بما أوجده من قوانين و قيم اجتماعية وبما أوحى إليه الله من مبدأ و مثل دينية و أخلاقية فما التربية إلا وضع حد لطغيان الغرائز و بذلك فالثقافة جاءت لتقف في وجه الطبيعة حتى يعيش الإنسان في وفاق مع الآخرين
النقد: لكن ما هو ثقافي لا يعارض دائما ما هو طبيعي فقد تعمل الثقافة على توجيه و تهذيب الطبيعة لا الحد منها
التركيب : ما هو ثقافي ليس مكملا دائما و لا معارضا دائما لما هو طبيعي
ان الطبيعة و الثقافة باعتبارهم قدرتان كامنتان عند الإنسان فهما متداخلتان الى درجة الترابط الوثيق إذ لا يمكن الفصل بينهما إلا نظريا و هما يتعارضان أحيانا و يتكاملان أحيانا أخرى
الخاتمة : ان الفطري و المكتسب أي الطبيعة والثقافة شي آن ملازمان لشخصية الفرد فأحيانا يسلك الإنسان في حياته وفق ما تمليه عليه غرائزه و أحيانا و فق ما تمليه علية ثقافته و عليه فالصراع بينهما و الانسجام بينهما باق و ملازم له في حياته و هذا من أجل التكييف .