بحث حول تحريف القرآن
لسماحة آية الله العظمى
السيد محمود الحسني
(دام ظله الشريف)
إعداد
أحد طلبة الحوزة العلمية الصادقة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصل إلى مكتب سماحة ولي أمر المسلمين آية الله العظمى السيد محمود الحسني (دام ظله) استفتاء حول وقوع التحريف في القرآن المجيد:
ما هو موقف الشيعة الإمامية من القرآن الكريم وما حكم من قال ان في القرآن زيادة أو نقص وما هو رأيكم بالأقوال الآتية عن بعض العلماء:
ــ قال نعمة الله الجزائري: (الأخبار مستفيضة بل المتواترة والتي تدل بصريحها على وقوع التحريف في القرآن(كلاماً ومادةً وإعراباً))([1]) .
ــ قال الحر العاملي (يمكن القول في حكمه (أي تحريف القرآن) انه من ضروريات مذهب التشيع)([2]) .
ــ وهل ورد في كتب الشيعة الإمامية (كتب الأخبار) رواية عن أهل البيت(عليهم السلام) تقول ان القرآن غير محرف ؟ ومن كم طريق تثبت الشيعة الإمامية تواتر القرآن ؟ وما هي هذه الطرق ؟
فأجاب سماحته بما يلي :
* بسمه تعالى:-
معنى التحريف
الشهرة العظيمة (القريبة من الإجماع ان لم يكن الإجماع الكاشف) بين علماء الشيعة الإمامية ومحققيهم على القول بعدم التحريف وما نقل عن البعض بوجود التحريف ربما يرجع إلى معاني أخرى للتحريف غير المعنى المتنازع فيه ومن معاني التحريف المستعملة :-
1- التحريف في التفسير { ومن الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه} وهذا واضح لا خلاف فيه .
2- التحريف في التطبيق وأتباع الأحكام وامتثالها, [ عن الإمام الباقر(عليه السلام) ] {وكان من نبذهم الكتاب ان أقاموا حروفه وحرفوا حدوده , فهم لا يرونه ولا يرعونه , والجهالة يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية } وهذا لا خلاف فيه .
3- التحريف بمعنى النقص أو الزيادة في الحروف أو الحركات (مع التحفظ على القرآن المنزل) وهذا واقع لا خلاف فيه بوجود العديد من القراءات والكل أو الجل غير متواتر ومن الواضح ان القراءات تختلف فيما بينها بزيادة أو نقصان في الحروف أو الحركات .
4- التحريف بمعنى الزيادة أو النقيصة بكلمة أو كلمتين أو آية (من التحفظ على القرآن المنزل) ومثل هذا التحريف واقع عند الأخوان السنة , فمثلاً وقع الخلاف عندهم وخاصة المالكية في كون البسملة أو لا , وكذلك وقع الإجماع على ان الخليفة الثالث حرق العديد من المصاحف وهذا يثبت وجود مثل هذا التحريف على الأقل في الصدر الأول من الإسلام .
5- التحريف بمعنى النقيصة في الآيات والسور بما يؤدي إلى عدم التحفظ على القرآن المنزّل , أي ان القرآن الذي بين أيدينا لا يشمل جميع القرآن الذي نزل من السماء , هذا التحريف هو محل النزاع بين الخاصة والعامة . فالشيعة خاصة كما ذكرنا ان الشهرة العظيمة بين علمائهم ومحققيهم على القول بعدم التحريف وما نقل عن البعض فيحمل على باقي المعاني للتحريف وليس على هذا المعنى .
أما عند الأخوان السنة فالمشهور(ان لم يكن الإجماع) عند مفسريهم وعلمائهم كما نقل عنهم في الصحاح ان التحريف بهذا المعنى قد وقع في القرآن ويوجد العديد من الموارد أذكر منها :
1- ذكر السيوطي : أول من جمع القرآن أبو بكر , وكتبه زيد .... وان عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها لأنه كان وحده .
2- عن عمر بن الخطاب (الخليفة الثاني) : كنا نقرأ { ولا ترهبوا آبائكم فأنه كفر بكم } .
3- عن أبي موسى الأشعري : أنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فنسيتها , غير أني قد حفظت منها { لو كان لأبن آدم واديان من المال , لأبتغي وادياً ثالثاً , ولا يملئ جوف ابن آدم إلا التراب } .
4- وقال أيضاً : كنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى التسبيحات فأنسيتها غير أني حفظت منها { يا أيها الذين أمنوا لم تقولوا ما لا تفعلوا فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة } .
أدلة ومؤيدات عدم التحريف
ويستدل على عدم وجود التحريف في القرآن , بالقرآن والسنة والسيرة المتشرعية بصورة مباشرة وبالمطابقة أو التضمن أو الالتزام وأذكر لك باختصار بعض تلك الموارد :
1- قوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ } الحجر/9 .
2- قوله تعالى : { .... إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ # لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فصلت / 41-42.
3- الروايات الصادرة من النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والتي تحث على حفظ القرآن ومثل هذه الروايات تشير إلى وجود القرآن وجمعه في زمن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) .
4- الاقتران بين العترة والكتاب وعلى أنهما باقيان في الناس إلى يوم القيامة .
5- إرشاد الأئمة(عليهم السلام) لأصحابهم بالاستدلال بالقرآن , كما ان الأئمة أنفسهم(عليهم السلام) كانوا يستدلون به .
6- الروايات الدالة على طرح ما خالف الكتاب والأخذ بما وافق الكتاب .
7- الروايات الدالة على ان ما خالف القرآن زخرف وباطل
أ- فلو كان فيه زيادة فأن مخالفة الزيادة ليس بزخرف لأنها ليست من القرآن , وهذا يعني طرح مثل تلك الروايات المخالفة للزيادة , وهذا مخالف للواقع .
ب – ولو كان فيه نقيصة فلو كانت النقيصة في بعض المخصصات , فإذا خالفت الرواية العام القرآني الذي له مخصص في الواقع لكنه قد نقص وضاع في الظاهر ففي هذه الحالة سوف نطرح هذه الرواية المعارضة المخالفة للعام تطبيقاً للروايات الدالة على أنها زخرف وباطل , علماً ان هذه الرواية المطروحة ليست مخالفة للعام لوجود المخصص في الواقع .
8- الأدعية الواردة عند ختم القرآن .
وللتفصيل راجع المصادرة التالية :
1- الاحتجاج/ الطبرسي / ج1 / 370.
2- تفسير الميزان / الطباطبائي/ ج12 / 103 .
3- بحار الأنوار / المجلسي / ج89 .
4- البيان / السيد الخوئي .
لسماحة آية الله العظمى
السيد محمود الحسني
(دام ظله الشريف)
إعداد
أحد طلبة الحوزة العلمية الصادقة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصل إلى مكتب سماحة ولي أمر المسلمين آية الله العظمى السيد محمود الحسني (دام ظله) استفتاء حول وقوع التحريف في القرآن المجيد:
ما هو موقف الشيعة الإمامية من القرآن الكريم وما حكم من قال ان في القرآن زيادة أو نقص وما هو رأيكم بالأقوال الآتية عن بعض العلماء:
ــ قال نعمة الله الجزائري: (الأخبار مستفيضة بل المتواترة والتي تدل بصريحها على وقوع التحريف في القرآن(كلاماً ومادةً وإعراباً))([1]) .
ــ قال الحر العاملي (يمكن القول في حكمه (أي تحريف القرآن) انه من ضروريات مذهب التشيع)([2]) .
ــ وهل ورد في كتب الشيعة الإمامية (كتب الأخبار) رواية عن أهل البيت(عليهم السلام) تقول ان القرآن غير محرف ؟ ومن كم طريق تثبت الشيعة الإمامية تواتر القرآن ؟ وما هي هذه الطرق ؟
فأجاب سماحته بما يلي :
* بسمه تعالى:-
معنى التحريف
الشهرة العظيمة (القريبة من الإجماع ان لم يكن الإجماع الكاشف) بين علماء الشيعة الإمامية ومحققيهم على القول بعدم التحريف وما نقل عن البعض بوجود التحريف ربما يرجع إلى معاني أخرى للتحريف غير المعنى المتنازع فيه ومن معاني التحريف المستعملة :-
1- التحريف في التفسير { ومن الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه} وهذا واضح لا خلاف فيه .
2- التحريف في التطبيق وأتباع الأحكام وامتثالها, [ عن الإمام الباقر(عليه السلام) ] {وكان من نبذهم الكتاب ان أقاموا حروفه وحرفوا حدوده , فهم لا يرونه ولا يرعونه , والجهالة يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية } وهذا لا خلاف فيه .
3- التحريف بمعنى النقص أو الزيادة في الحروف أو الحركات (مع التحفظ على القرآن المنزل) وهذا واقع لا خلاف فيه بوجود العديد من القراءات والكل أو الجل غير متواتر ومن الواضح ان القراءات تختلف فيما بينها بزيادة أو نقصان في الحروف أو الحركات .
4- التحريف بمعنى الزيادة أو النقيصة بكلمة أو كلمتين أو آية (من التحفظ على القرآن المنزل) ومثل هذا التحريف واقع عند الأخوان السنة , فمثلاً وقع الخلاف عندهم وخاصة المالكية في كون البسملة أو لا , وكذلك وقع الإجماع على ان الخليفة الثالث حرق العديد من المصاحف وهذا يثبت وجود مثل هذا التحريف على الأقل في الصدر الأول من الإسلام .
5- التحريف بمعنى النقيصة في الآيات والسور بما يؤدي إلى عدم التحفظ على القرآن المنزّل , أي ان القرآن الذي بين أيدينا لا يشمل جميع القرآن الذي نزل من السماء , هذا التحريف هو محل النزاع بين الخاصة والعامة . فالشيعة خاصة كما ذكرنا ان الشهرة العظيمة بين علمائهم ومحققيهم على القول بعدم التحريف وما نقل عن البعض فيحمل على باقي المعاني للتحريف وليس على هذا المعنى .
أما عند الأخوان السنة فالمشهور(ان لم يكن الإجماع) عند مفسريهم وعلمائهم كما نقل عنهم في الصحاح ان التحريف بهذا المعنى قد وقع في القرآن ويوجد العديد من الموارد أذكر منها :
1- ذكر السيوطي : أول من جمع القرآن أبو بكر , وكتبه زيد .... وان عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها لأنه كان وحده .
2- عن عمر بن الخطاب (الخليفة الثاني) : كنا نقرأ { ولا ترهبوا آبائكم فأنه كفر بكم } .
3- عن أبي موسى الأشعري : أنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فنسيتها , غير أني قد حفظت منها { لو كان لأبن آدم واديان من المال , لأبتغي وادياً ثالثاً , ولا يملئ جوف ابن آدم إلا التراب } .
4- وقال أيضاً : كنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى التسبيحات فأنسيتها غير أني حفظت منها { يا أيها الذين أمنوا لم تقولوا ما لا تفعلوا فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة } .
أدلة ومؤيدات عدم التحريف
ويستدل على عدم وجود التحريف في القرآن , بالقرآن والسنة والسيرة المتشرعية بصورة مباشرة وبالمطابقة أو التضمن أو الالتزام وأذكر لك باختصار بعض تلك الموارد :
1- قوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ } الحجر/9 .
2- قوله تعالى : { .... إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ # لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فصلت / 41-42.
3- الروايات الصادرة من النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والتي تحث على حفظ القرآن ومثل هذه الروايات تشير إلى وجود القرآن وجمعه في زمن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) .
4- الاقتران بين العترة والكتاب وعلى أنهما باقيان في الناس إلى يوم القيامة .
5- إرشاد الأئمة(عليهم السلام) لأصحابهم بالاستدلال بالقرآن , كما ان الأئمة أنفسهم(عليهم السلام) كانوا يستدلون به .
6- الروايات الدالة على طرح ما خالف الكتاب والأخذ بما وافق الكتاب .
7- الروايات الدالة على ان ما خالف القرآن زخرف وباطل
أ- فلو كان فيه زيادة فأن مخالفة الزيادة ليس بزخرف لأنها ليست من القرآن , وهذا يعني طرح مثل تلك الروايات المخالفة للزيادة , وهذا مخالف للواقع .
ب – ولو كان فيه نقيصة فلو كانت النقيصة في بعض المخصصات , فإذا خالفت الرواية العام القرآني الذي له مخصص في الواقع لكنه قد نقص وضاع في الظاهر ففي هذه الحالة سوف نطرح هذه الرواية المعارضة المخالفة للعام تطبيقاً للروايات الدالة على أنها زخرف وباطل , علماً ان هذه الرواية المطروحة ليست مخالفة للعام لوجود المخصص في الواقع .
8- الأدعية الواردة عند ختم القرآن .
وللتفصيل راجع المصادرة التالية :
1- الاحتجاج/ الطبرسي / ج1 / 370.
2- تفسير الميزان / الطباطبائي/ ج12 / 103 .
3- بحار الأنوار / المجلسي / ج89 .
4- البيان / السيد الخوئي .