د.صلاح بن فهد الشلهوب
خلال منتدى التنافسية الخامس, الذي انعقد في الرياض في الفترة بين 23
و25/1/2011، عرض الوزير المهندس عادل فقيه رؤيته لسوق العمل في المملكة,
خصوصا ما يتعلق بالسعودة، من خلال دراسة للوضع الراهن، حيث طرح بشكل موجز
عددا من القضايا المتعلقة بسوق العمل، وأفكارا يرى أنه من الممكن أن تسهم
في علاج مشكلة البطالة، ولم تتضمن كلمته وعودا لحل مشكلة البطالة من
جذورها، وتحدث خلال إجابته عن بعض المداخلات مسألة هروب العمالة المنزلية،
وقضية الحد الأدنى من الرواتب، حيث يطرح معالي الوزير رؤية مختلفة بدلا من
الحد الأدنى من الرواتب، لعله تتم مناولتها في مقال لاحق. ونظرا لأن
الوزير في ختام حديثه دعا الجميع إلى أن يقدموا له مقترحاتهم وأفكارهم
وآراءهم، فإن هذا المقال, وقد تتلوه مقالات أخرى, تأتي لتبرز قضايا
معلومة, لكن من الأهمية بمكان الاهتمام بها، لإيجاد بيئة مناسبة لتوفير
فرص. حيث إن المملكة ودول الخليج بشكل عام دول يحصل فيها بشكل دوري إيجاد
لفرص عمل هائلة، لكن ــ مع الأسف ــ لا يستفيد منها إلا القليل من
المواطنين. إذ ليس هناك مشكلة فعليا في توفير فرص العمل، لكن من المهم
تفعيل البيئة التنظيمية التي تجعل الأولوية في هذه الفرص للمواطنين.
من القضايا التي لم يتناولها معالي الوزير نظام الكفالة، الذي يعتبر
واحدة من القضايا, التي برزت في الآونة الأخيرة التي تحتاج إلى إعادة نظر
فيها في نظام العمل والعمال في المملكة من ناحيتين، الأولى أنها تؤدي بشكل
أو آخر إلى سوء استغلال يؤدي إلى تجاوزات تتعلق بحقوق الإنسان, إذ إنها
تفرض على العامل قيودا شخصية تكون في يد الكفيل، منها أمور تتعلق بالعمل
أو بالإجراءات النظامية والشخصية الخاصة بالعامل، فكثير من الشؤون الشخصية
للعامل تجد أن لها ارتباطا بشكل مباشر بموافقة الكفيل، وفي حال أي خلاف
شخصي مع كافله، فإنه سيتحمل عبء العودة إلى بلاده، حيث قد لا تتوافر له
فرصة للعمل مرة أخرى في المملكة، وهذه تمثل بالنسبة له عقوبة حتى إن لم
يكن مقصرا في عمله، أو أنه سينتقل إلى كفيل آخر قد يمارس قيودا مشابهة على
العامل. كما أن بعض المواطنين ـــ مع الأسف ـــ يستغل هذه الحقوق التي
كفلها له النظام بغرض حفظ حقه، ليستغل هذا العامل ويبتزه ليدفع له مبلغا
شهريا، مقابل إبقائه للعمل في المملكة.
والمشكلة تكمن أيضا في أن بعض المواطنين ـــ مع الأسف ـــ يستغل هذا
النظام لاستقدام مجموعة من القوى العاملة من مختلف بقاع الأرض، لا لتعمل
بشكل مباشر في مشاريع أو عمل أو نشاط تجاري يخصه، بل يكون قد أنشأ مشروعا
وهميا بغرض الاستقدام، ليحصل على إتاوة شهرية من كل عامل مقابل الحصانة
التي سيقدمها له ليتمكن من ممارسة نشاطه التجاري أو الإقامة والعمل في
المملكة، وبالتالي سيمارس هذا العامل العمل في أي نشاط كان، دون قيد أو
شرط بعد حصوله على هذه الحصانة. بل إن البعض يؤسس لنشاط تجاري ويجعل ملكية
هذا النشاط بالكامل لمجموعة من غير المواطنين كنوع من التستر بشكل غير
نظامي، نظير مبلغ شهري مقتطع ليوفر لهؤلاء جميع الضمانات والحقوق النظامية
التي تكفل لهم ممارسة النشاط وكأنهم مواطنون.
وبهذا يكون قد ارتكب مجموعة من المخالفات والتجاوزات، منها المخالفة
الصريحة والواضحة للنظام في المملكة، الذي يحظر بشكل صريح هذه الممارسات
التي تضر بالاقتصاد الوطني. يضاف إلى ذلك أيضا أن هذا الشخص يأخذ مال
هؤلاء العاملين بغير حق، حيث إنه يقتطع منهم مالا بشكل دوري دون أي وجه
حق، وكونه وفر البيئة التي تسمح لهم بممارسة نشاط وتجارة معينة، هذا لا
يكفى لأن يكون له الحق في اقتطاع جزء من جهدهم واجتهادهم. يضاف إلى ذلك
أنه يوفر بيئة مهيأة للمخالفات النظامية والجريمة، حيث إن مجموعة من هؤلاء
المخالفين عندما لا تتوافر لهم فرصة العمل في عمل مشروع بأجرة مناسبة،
يلجأ بعضهم إلى ممارسات غير مشروعة, ومن يتابع وسائل الإعلام في قضايا
تتعلق بمخالفات تتعلق بتصنيع الخمور أو السرقات أو الممارسات غير
الأخلاقية، سيجد قصصا لا تكاد تنتهي.
قد لا يكون من اليسير إلغاء نظام الكفالة في يوم وليلة، إذ إن قرارا من
هذا النوع قد تكون له جوانب سلبية إذا تم بشكل مفاجئ، لكن لماذا لا يتم
النظر أولا في جانب إمكانية تطبيقه، ودراسة تجارب دول الخليج التي ألغت
العمل أخيرا بنظام الكفالة، ثم تكون هناك خطة لإلغاء هذا النظام بشكل جزئي
أو كلي مراعاة للمصلحة الوطنية، ولتكون وسيلة للحد من منافسة القوى
العاملة الأجنبية للمواطن.
ولذلك من المتصور أن يتم البدء بتسوية أوضاع القوى العاملة التي يطلق
عليها سائبة بوضعها الحالي التي لا تعمل مع مكفولها. وتكون هناك خطة زمنية
لذلك، ومن يتجاوز في هذا الأمر من الكفلاء، ينظر إليه على أنه ارتكب جريمة
وطنية يستحق عليها العقوبة، ولا ينتهي الأمر, كما هو حاصل اليوم, بتسفير
المكفول فقط، بل يوقع بالمخالف من المواطنين وغيرهم عقوبة رادعة للحد من
التجاوزات.
من الممكن أيضا أن يتم وضع خطة زمنية لإلغاء هذا النظام بشكل جزئي أو
كامل, خصوصا فيما يتعلق بالوظائف التي تكون عادة مستهدفة لتوفير فرص عمل
للمواطن
خلال منتدى التنافسية الخامس, الذي انعقد في الرياض في الفترة بين 23
و25/1/2011، عرض الوزير المهندس عادل فقيه رؤيته لسوق العمل في المملكة,
خصوصا ما يتعلق بالسعودة، من خلال دراسة للوضع الراهن، حيث طرح بشكل موجز
عددا من القضايا المتعلقة بسوق العمل، وأفكارا يرى أنه من الممكن أن تسهم
في علاج مشكلة البطالة، ولم تتضمن كلمته وعودا لحل مشكلة البطالة من
جذورها، وتحدث خلال إجابته عن بعض المداخلات مسألة هروب العمالة المنزلية،
وقضية الحد الأدنى من الرواتب، حيث يطرح معالي الوزير رؤية مختلفة بدلا من
الحد الأدنى من الرواتب، لعله تتم مناولتها في مقال لاحق. ونظرا لأن
الوزير في ختام حديثه دعا الجميع إلى أن يقدموا له مقترحاتهم وأفكارهم
وآراءهم، فإن هذا المقال, وقد تتلوه مقالات أخرى, تأتي لتبرز قضايا
معلومة, لكن من الأهمية بمكان الاهتمام بها، لإيجاد بيئة مناسبة لتوفير
فرص. حيث إن المملكة ودول الخليج بشكل عام دول يحصل فيها بشكل دوري إيجاد
لفرص عمل هائلة، لكن ــ مع الأسف ــ لا يستفيد منها إلا القليل من
المواطنين. إذ ليس هناك مشكلة فعليا في توفير فرص العمل، لكن من المهم
تفعيل البيئة التنظيمية التي تجعل الأولوية في هذه الفرص للمواطنين.
من القضايا التي لم يتناولها معالي الوزير نظام الكفالة، الذي يعتبر
واحدة من القضايا, التي برزت في الآونة الأخيرة التي تحتاج إلى إعادة نظر
فيها في نظام العمل والعمال في المملكة من ناحيتين، الأولى أنها تؤدي بشكل
أو آخر إلى سوء استغلال يؤدي إلى تجاوزات تتعلق بحقوق الإنسان, إذ إنها
تفرض على العامل قيودا شخصية تكون في يد الكفيل، منها أمور تتعلق بالعمل
أو بالإجراءات النظامية والشخصية الخاصة بالعامل، فكثير من الشؤون الشخصية
للعامل تجد أن لها ارتباطا بشكل مباشر بموافقة الكفيل، وفي حال أي خلاف
شخصي مع كافله، فإنه سيتحمل عبء العودة إلى بلاده، حيث قد لا تتوافر له
فرصة للعمل مرة أخرى في المملكة، وهذه تمثل بالنسبة له عقوبة حتى إن لم
يكن مقصرا في عمله، أو أنه سينتقل إلى كفيل آخر قد يمارس قيودا مشابهة على
العامل. كما أن بعض المواطنين ـــ مع الأسف ـــ يستغل هذه الحقوق التي
كفلها له النظام بغرض حفظ حقه، ليستغل هذا العامل ويبتزه ليدفع له مبلغا
شهريا، مقابل إبقائه للعمل في المملكة.
والمشكلة تكمن أيضا في أن بعض المواطنين ـــ مع الأسف ـــ يستغل هذا
النظام لاستقدام مجموعة من القوى العاملة من مختلف بقاع الأرض، لا لتعمل
بشكل مباشر في مشاريع أو عمل أو نشاط تجاري يخصه، بل يكون قد أنشأ مشروعا
وهميا بغرض الاستقدام، ليحصل على إتاوة شهرية من كل عامل مقابل الحصانة
التي سيقدمها له ليتمكن من ممارسة نشاطه التجاري أو الإقامة والعمل في
المملكة، وبالتالي سيمارس هذا العامل العمل في أي نشاط كان، دون قيد أو
شرط بعد حصوله على هذه الحصانة. بل إن البعض يؤسس لنشاط تجاري ويجعل ملكية
هذا النشاط بالكامل لمجموعة من غير المواطنين كنوع من التستر بشكل غير
نظامي، نظير مبلغ شهري مقتطع ليوفر لهؤلاء جميع الضمانات والحقوق النظامية
التي تكفل لهم ممارسة النشاط وكأنهم مواطنون.
وبهذا يكون قد ارتكب مجموعة من المخالفات والتجاوزات، منها المخالفة
الصريحة والواضحة للنظام في المملكة، الذي يحظر بشكل صريح هذه الممارسات
التي تضر بالاقتصاد الوطني. يضاف إلى ذلك أيضا أن هذا الشخص يأخذ مال
هؤلاء العاملين بغير حق، حيث إنه يقتطع منهم مالا بشكل دوري دون أي وجه
حق، وكونه وفر البيئة التي تسمح لهم بممارسة نشاط وتجارة معينة، هذا لا
يكفى لأن يكون له الحق في اقتطاع جزء من جهدهم واجتهادهم. يضاف إلى ذلك
أنه يوفر بيئة مهيأة للمخالفات النظامية والجريمة، حيث إن مجموعة من هؤلاء
المخالفين عندما لا تتوافر لهم فرصة العمل في عمل مشروع بأجرة مناسبة،
يلجأ بعضهم إلى ممارسات غير مشروعة, ومن يتابع وسائل الإعلام في قضايا
تتعلق بمخالفات تتعلق بتصنيع الخمور أو السرقات أو الممارسات غير
الأخلاقية، سيجد قصصا لا تكاد تنتهي.
قد لا يكون من اليسير إلغاء نظام الكفالة في يوم وليلة، إذ إن قرارا من
هذا النوع قد تكون له جوانب سلبية إذا تم بشكل مفاجئ، لكن لماذا لا يتم
النظر أولا في جانب إمكانية تطبيقه، ودراسة تجارب دول الخليج التي ألغت
العمل أخيرا بنظام الكفالة، ثم تكون هناك خطة لإلغاء هذا النظام بشكل جزئي
أو كلي مراعاة للمصلحة الوطنية، ولتكون وسيلة للحد من منافسة القوى
العاملة الأجنبية للمواطن.
ولذلك من المتصور أن يتم البدء بتسوية أوضاع القوى العاملة التي يطلق
عليها سائبة بوضعها الحالي التي لا تعمل مع مكفولها. وتكون هناك خطة زمنية
لذلك، ومن يتجاوز في هذا الأمر من الكفلاء، ينظر إليه على أنه ارتكب جريمة
وطنية يستحق عليها العقوبة، ولا ينتهي الأمر, كما هو حاصل اليوم, بتسفير
المكفول فقط، بل يوقع بالمخالف من المواطنين وغيرهم عقوبة رادعة للحد من
التجاوزات.
من الممكن أيضا أن يتم وضع خطة زمنية لإلغاء هذا النظام بشكل جزئي أو
كامل, خصوصا فيما يتعلق بالوظائف التي تكون عادة مستهدفة لتوفير فرص عمل
للمواطن