دور البيئة في حياة الحيوان
تلعب البيئة المحيطة دوراً هاماً في حياة الحيوان، وذلك بسبب مجموعة من
العوامل أهمها المناخ الذي يعتبر حصيلة لجملة من العناصر مثل درجة الحرارة،
الرطوبة، الندى، حركة الهواء، أشعة الشمس، الضغط الجوي. ومن بين هذه
العناصر نجد أن درجة الحرارة والرطوبة وأشعة الشمس ذات تأثير كبير على صحة
الحيوان. كما أن هناك عوامل أخرى لها تأثيرها على قطعان الحيوانات ومنها
الارتفاع عن سطح البحر والإضاءة والتلوث البيئي.
وقد تتأثر الحيوانات في هذا السياق بطريقة مباشرة من خلال الأثر على الظروف
البيئية للحيوانات أو بطريقة غير مباشرة من خلال التأثير على نوع ونمو
المحاصيل العلفية، وانتشار بعض الأمراض.
كما أن تعرض الحيوان لأي عامل بيئي غير طبيعي سيكون له الأثر البالغ على
الكفاءة الإنتاجية للحيوان. وتعتمد الآثار الناجمة عن التغيرات البيئية عند
الحيوان على مجموعة من العناصر أهمها شدة العامل البيئي ونوعية الحيوان.
إلا أن بعض الحيوانات يمكنها التأقلم مع الظروف البيئية المحيطة بشكل
مناسب، وتصبح قادرة على استعادة طاقتها الإنتاجية من اللحم والحليب
والكفاءة التناسلية.

تكيف أو أقلمة الحيوانات:
تعرف الأقلمة بأنها عبارة عن مجموعة متداخلة من العمليات التي تحدث
للحيوانات لكي تجعلها قادرة على مسايرة الظروف التي تعيش فيها، كما يمكن
تعريف القدرة على التأقلم بأنها قابلية الحيوان لتنظيم إمكانياته
الفسيولوجية للعيش في ظروف بيئية مختلفة من خلال تعرفه بشكل مستمر أو متقطع
إلى نوع من الضغوط البيئية. وتنقسم الحيوانات من حيث قدرتها على التكيف مع
درجة الحرارة مثلا إلى نوعين:
1- الحيوانات ذات الدم الحار:
ومثال ذلك الطيور والثدييات وهي تقوم
بتغيير طفيف في درجة حرارة جسمها عندما يحدث تغير ملحوظ في درجة حرارة
الجو، أي أن لها القدرة على تنظيم درجة حرارة جسمها في حدود ضيقة في وجه
التغير الواسع بدرجة حرارة الجو.
2- الحيوانات ذات الدم البارد:
ومثال ذلك الأسماك والزواحف، وهي تقوم بتغيير ملحوظ في درجة أجسامها عندما
تتغير درجة حرارة الجو أي أن ليس لها القدرة على التحكم في تثبيت درجة
حرارة جسمها.
وهناك تباين كبير بين الأنواع الحيوانية المختلفة، وكذلك بين أفراد نفس
النوع في القدرة على التأقلم، وتعد قابلية الحيوان الوراثية والنظام
الإداري للحيوان من أهم العوامل التي تحدد مستوى ودرجة أقلمة الحيوان مع
البيئة، وبالإمكان الحكم على بعض الحيوانات بأنها ذات قابلية جيدة للتأقلم
مع البيئة من خلال جملة من الدلائل العينية مثل:
1- الكفاءة التناسلية العالية للحيوانات.
2- المقاومة العالية للأمراض المختلفة.
3- أقل نسبة ممكنة في الوزن الحي.
4- انخفاض معدلات النفوق وطول عمر الحيوان.
وتجدر الإشارة إلى انه بالإمكان التعرف على مقدار الإجهاد أو الضغظ البيئي
الذي يتعرض له الحيوان من خلال التغيرات التي تظهر على سلوكياته وتصرفاته،
إضافة إلى عدد من العمليات الحيوية الأخرى مثل التنفس.
مراحل التأقلم البيئي للحيونات:
إن تعرض الحيوانات لأي تغيرات بيئية
غير طبيعية كارتفاع درجة حرارة الجو مثلا يمكن أن ينشأ عنها تغيرات
فسيولوجية عديدة لتتجنب الآثار البيئية الضارة التي قد تتعرض لها، وإن
الفشل في الوصول إلى هذه الدرجة من التوازن مع المتغيرات البيئية قد يؤدي
إلى حالات خطيرة قد تفضي إلى النفوق أحياناً. ويمر الحيوان بعدة مراحل
للتأقلم هي:
1- المرحلة التمهيدية:
حيث يواجه الحيوان هذه الظروف بجملة من العمليات الفسيولوجية الطارئة،
والمصحوبة بانخفاض في معدلات الغذاء والطاقة وزيادة في نشاط عدد من الغدد
الصماء.
2- مرحلة المقاومة:
وتكون في العادة أطول من سابقتها، وتتصف بانخفاض في معدل النمو والخصوبة
والإنتاج، وتكون مصحوبة بانخفاض ملحوظ في الطعام والطاقة، وقد تستطيع بعض
الحيوانات استرداد معدلات آدائها الطبيعي وتتأقلم مع التغير البيئي، فيما
لا تستطيع بعضها ذلك مما يجعلها عرضة للإنهاك وظهور أعراض الضعف والهزال
العام والتوقف عن الإنتاج وهذا مؤشر لأعراض التأقلم البيئي.
3- مرحلة التأقلم أو النفوق:
وتعتمد وضعية الحيوان خلال هذه الفترة على حالته أثناء المرحلة السابقة،
فالحيوانات التي استطاعت التأقلم مع الأثر البيئي يمكنها العيش والبقاء،
أما تلك التي لم تظهر استعداداً لمقاومة التغير البيئي فإنها في الغالب لا
تلبث أن تنهك وتكون نهايتها النفوق.

أمثلة للآثار البيئية المباشرة على الحيوانات:
* درجات الحرارة العالية:
لا شك أن تعرض الحيوانات إلى درجات الحرارة العالية ولفترات طويلة يؤدي إلى
العديد من النتائج السلبية مثل ارتفاع درجة حرارة المستقيم وانخفاض الغذاء
المتناول من قبل الحيوان، وازدياد نسبة ماء الشرب وانخفاض كميات الحليب
المنتج ومعدلات النمو وبالتالي نقص الوزن. كما أن الحيوانات تلجأ إلى تجنب
الرعي أثناء النهار في فصل الصيف وتميل إلى ذلك أثناء الليل، كل هذه
العوامل مجتمعة يمكن أن يكون لها بالغ الأثر على معدلات النمو وتعد من
الأسباب ذات العلاقة في جعل وزن المواليد أقل من الطبيعي إضافة إلى ضعف
نموها، المصحوب بارتفاع نسبة النفوق بين المواليد الحديثة.
كما يؤدي تعرض الإناث إلى الهواء الحار إلى انخفاض كميات الدهن والمواد
الصلبة اللادهنية في الحليب بسبب الانخفاض في كمية العليقة المتناولة من
قبل الحيوان، كذلك فإن ارتفاع درجات حرارة الجو يكون لها تأثير على تكوين
الحيوانات المنوية وكذلك انخفاض الكفاءة التناسلية لدى النعاج. إلا أن
ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة وآثارها يمكن التغلب عليها من خلال الإدارة
الجيدة والخبرة العالية.

* أشعة الشمس:
هناك العديد من العوامل التي من شأنها أن تزيد من معدل آثار أشعة الشمس
المباشرة على الحيوان، مثل لون الجسم وطول وكثافة وطبيعة الشعر ووضعية
الحيوان من وقوف أو استلقاء. ويكمن تأثير أشعة الشمس على الحيوانات في حدوث
العديد من الأمراض مثل التحسس الضوئي في الخيول وبعض السرطانات الجلدية.
أمثلة للآثار البيئية غير المباشرة على الحيوانات:
يعتبر التأثير غير المباشر للمناخ على الحيوانات ذا أهمية بالغة بسبب ما
يترتب عنه من مشاكل ذات طبيعة متنوعة، فالأثر البيئي على نوعية وكمية
الأعلاف الخضراء المزروعة كعلف للحيوانات يعد من أهم الجوانب، حيث أن معظم
المحاصيل تحتاج إلى مدى معين من درجات الحرارة والرطوبة حتى تنمو بشكل
مناسب، فالحشائش الخضراء تزداد نمواً مع هطول الأمطار لتصبح مع هبوب الرياح
الموسمية الساخنة جافة بقدر كبير.
كما أن هناك علاقة وطيدة بين المناخ والعديد من الأمراض وخاصة الطفيلية
منها كالجرب والقراد حيث تسمح درجات الحرارة والرطوبة العاليتين بتكاثر
الطفيليات والبكتيريا والفطريات، التي تعد من العوامل ذات الأثر السلبي على
صحة ونمو الحيوانات، ولعل من أهم الأمراض الفيروسية التي تظهر مع حلول فصل
الشتاء وهطول الأمطار هو مرض جدري الإبل الذي يتسبب في خسائر كبيرة
للمربين بسبب النفوق.D