الطلاق بتفصيل اكبر
المشكلات الاجتماعية
مقدمة:
مما لاشك فيه أن ديننا الإسلامي قد جعل الطلاق في أضيق الحدود، وفي حالة
استحالة العشرة بين الزوجين، وبما لا تستقيم معه الحياة الزوجية، وصعوبة
العلاج إلا به وحتى يكون مخرجاً من الضيق وفرجاً من الشدة في زوجية لم تحقق
ما أراده الله –سبحانه وتعالى- لها من مقاصد الزواج التي تقوم على المودة
والسكن النفسي والتعاون في الحياة.
كما أن الطلاق ظاهرة عامة وموجودة في كل المجتمعات وبنسب متفاوتة وهو أمر
عرفته البشرية من قديم الزمان، وكانت له طرق وأشكال تختلف من بيئة إلى
بيئة، ومن عصر إلى عصر، وقد أقرته جميع الأديان كلٌ بطريقته، فأقر الإسلام
الطلاق ونظمه تنظيماً دقيقاً مراعياً في ذلك استقرار الأسرة وسعادتها من
ناحية وحفظ كيان المجتمع البشري بأكمله من ناحية أخرى، يقول الله تعالى:
﴿الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان﴾ [
والحقيقة أن الإسلام كره الطلاق ونفَّر منه والرسول –صلى الله عليه وسلم-
قال: {ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق ، واعتبر الحياة الزوجية لها
قدسية خاصة لابد من احترامها، وأن هدمها ليس بالأمر السهل، فهي ميثاق غليظ
ينبغي عدم نقضه بسهولة، والقرآن الكريم يقول فيه : ﴿وأخذنا منكم ميثاقاً
غليظاً﴾.
وهذا دليل على أن الإسلام صان قداسة الزوجية من العبث بها، لما يترتب على
ذلك من أضرار تقع على الأسرة وعلى المجتمع الإسلامي بأكمله، فوضع العقبات
في طريق الطلاق ليمنع وقوعه أو يؤخره، وحبَّذ التريث في معالجة ما ينشب بين
الرجل وامرأته لعل الأمور تعود إلى طبيعتها وهذا ما أوضحته آية الطلاق:
﴿لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً﴾ ، وذلك لآن الطلاق هو موقف مؤقت
لعلاقة لم تتحقق فيها مقاصد الزواج كما ذكرت، ولكنها أيضاً ليست حسماً
صارماً، ومن هنا لا يرتضي الإسلام هذه الكلمة في كل وقت بل جعل لها أوقاتاً
خاصة عند استحالة العشرة، بل واستبقى مجالاً للحياة الزوجية بعد الطلاق
لعل مشاعر الحب تعود بينهما مرة أخرى أو يتدخل أهل الخير في جو هادئ لإصلاح
الصدع بينهما وأولى الناس بهذه المهمة أقارب الزوجين، يقول الله تعالى:
﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا
إصلاحاً يوفق الله بينهما﴾
ولكن في الآونة الأخيرة كانت ظاهرة الطلاق أمراً مزعجاً لدى كثير من
المجتمعات لما طرأ عليها من ارتفاع قد تكون نتيجة الظروف الراهنة التي
تواجه المجتمعات ا أو التفكك الذي يعيش فيه العالم اليوم أو التقصير في
الحقوق الزوجية سواء كانت مادية أو معنوية أو اجتماعية .
يعتبر الطلاق من الأحداث الصعبة في الحياة ويعتبر نقطة تحول تؤثر في كثير
من الأحيان على حياة الأطفال وعلى نموهم النفسي والمعرفي والسلوكي.
إن معظم الأطفال لا يقبلون طلاق الوالدين، حتى وإن كان الوالدان في صراع
دائم أمام أعينهم، إلا في حالات العنف الشديد فإنهم يميلون إلى انفصال
الوالدين.
إن نظرة الطفل لوالده الذي اختار الطلاق تكون سلبية، فهو ينظر إليه على أنه
تنازل عنه ولا يريده ويضحي به من أجل مصلحته، وأحياناً يعتبر الأولاد هذا
الوالد أو الوالدة كمن يرفضهم ولا يتقبلهم. هؤلاء الأولاد يعيشون حياة
نفسية مليئة بالغضب والإحباط مع عدم القدرة على فعل شيء مع الشعور بالحزن
والآلام.
يعتبر الطلاق مشكلة اجتماعية نفسية.. وهو ظاهرة عامة في جميع المجتمعات
ويبدو أنه يزداد انتشاراً في مجتمعاتنا في الأزمنة الحديثة والطلاق هو "
أبغض الحلال " لما يترتب عليه من آثار سلبية في تفكك الأسرة وازدياد
العداوة والبغضاء والآثار السلبية على الأطفال ومن ثم الآثار الاجتماعية
والنفسية العديدة بدءاً من الاضطرابات النفسية إلى السلوك المنحرف والجريمة
وغير ذلك.
ومما لا شك فيه أن تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة وتكوين
الأسرة قد نال اهتمام المفكرين منذ زمن بعيد. ونجد في كل الشرائع والقوانين
والأخلاق فصولاً واسعة لتنظيم هذه العلاقة وضمان وجودها واستمرارها. ويهتم
الدين ورجال الفكر وعلماء الاجتماع وعلماء النفس بهذه العلاقة، كل يحاول
من جانبه أن يقدم ما يخدم نجاح هذه العلاقة لأن في ذلك استمرار الحياة
نفسها وسعادتها وتطورها
وتتعدد أسباب الطلاق ومنها الملل الزوجي وسهولة التغيير وإيجاد البديل
وطغيان الحياة المادية والبحث عن اللذات وانتشار الأنانية وضعف الخلق، كل
ذلك يحتاج إلى الإصلاح وضرورة التمسك بالقيم والفضائل والأسوة الحسنة.
ومن الأسباب الأخرى "الخيانة الزوجية" وتتفق كثير من الآراء حول
استحالة استمرار العلاقة الزوجية بعد حدوث الخيانة الزوجية لاسيما في حالة
المرأة الخائنة. وفي حال خيانة الرجل تختلف الآراء وتكثر التبريرات التي
تحاول دعم استمرار العلاقة.
وفي بلادنا يبدو أن هذه الظاهرة نادرة مقارنة مع المجتمعات
الأخرى ، ويمكن للشك والغيرة المرضية واتهام أحد الزوجين الآخر دون دليل
مقنع على الخيانة الزوجية يكون سبباً في فساد العلاقة الزوجية وتوترها
واضطرابها مما يتطلب العلاج لأحد الزوجين أو كليهما، ذلك أن الشك يرتبط
بالإشارات الصادرة والإشارات المستقبلة من قبل الزوجين معاً، ويحدث أن
ينحرف التفكير عند أحدهما بسبب غموض الإشارات الكلامية والسلوكية التي يقوم
بها . كأن يتكلم قليلاً أو يبتسم في غير مناسبة ملائمة أو أنه يخفي
أحداثاً أو أشياء أخرى وذلك دون قصد أو تعمد واضح مما يثير الريبة والشك
والظنون في الطرف الآخر ويؤدي غلى الشك المرضي. وهنا يجري التدريب على لغة
التفاهم والحوار والإشارات الصحيحة السليمة وغير ذلك من الأساليب التي تزيد
من الثقة والطمأنينة بين الزوجين وتخفف من اشتعال الغيرة والشك مثل
النشاطات المشتركة والجلسات الترفيهية والحوارات الصريحة إضافة للابتعاد عن
مواطن الشبهات قولاً وعملاً.
وهنا نأتي إلى سبب مهم من أسباب الطلاق وهو "عدم التوافق بين
الزوجين" ويشمل ذلك التوافق الفكري وتوافق الشخصية والطباع والانسجام
الروحي والعاطفي. وبالطبع فإن هذه العموميات صعبة التحديد، ويصعب أن نجد
رجلاً وامرأة يتقاربان في بعض هذه الأمور، وهنا تختلف المقاييس فيما تعنيه
كلمات "التوافق" وإلى أي مدى يجب أن يكون ذلك، ولابد لنا من تعديل أفكارنا
وتوقعاتنا حول موضوع التوافق لأن ذلك يفيد كثيراً تقبل الأزواج لزوجاتهم
وبالعكس.
والأفكار المثالية تؤدي إلى عدم الرضا وإلى مرض العلاقة
وتدهورها. وبشكل عملي نجد أنه لابد من حد أدنى من التشابه في حالة استمرار
العلاقة الزوجية نجاحها. فالتشابه يولد التقارب والتعاون، والاختلاف يولد
النفور والكراهية والمشاعر السلبية. ولا يعني التشابه أن يكون أحد الطرفين
نسخة طبق الأصل عن الأخر. ويمكن للاختلافات بين الزوجين أن تكون مفيدة إذا
كانت في إطار التكامل والاختلاف البناء الذي يضفي على العلاقة تنوعاً
وإثارة وحيوية.
وإذا كان الاختلاف كبيراً أو كان عدائياً تنافسياً فإنه يبعد
الزوجين كلا منهما عن الآخر ويغذي الكره والنفور وعدم التحمل مما يؤدي إلى
الطلاق.
ونجد أن عدداً من الأشخاص تنقصه "الحساسية لرغبات الآخر ومشاعره
أو تنقصه الخبرة في التعامل مع الآخرين" وذلك بسبب تكوين شخصيته وجمودها أو
لأسباب تربوية وظروف قاسية وحرمانات متنوعة أو لأسباب تتعلق بالجهل وعدم
الخبرة.
وهؤلاء الأشخاص يصعب العيش معهم ومشاركتهم في الحياة الزوجية مما
يجعلهم يتعرضون للطلاق، وهنا لابد من التأكيد على أن الإنسان يتغير وأن
ملامح شخصيته وبعض صفاته يمكن لها أن تتعدل إذا وجدت الظروف الملائمة وإذا
أعطيت الوقت اللازم والتوجيه المفيد، ويمكن للإنسان أن يتعلم كيف ينصت
للطرف الآخر وأن يتفاعل معه ويتجاوب بطريقة إيجابية ومريحة.
وهكذا فإنه يمكن قبل التفكير بالطلاق والانفصال أن يحاول كل من
الزوجين تفهم الطرف الآخر وحاجاته وأساليبه وأن يسعى إلى مساعدته على
التغير، وكثير من الأزواج يكبرون معاً، ولا يمكننا نتوقع أن يجد الإنسان "
فارس أحلامه" بسهولة ويسر ودون جهد واجتهاد ولعل ذلك "من ضرب الخيال" أو "
الحلم المستحيل " أو "الأسطورة الجميلة" التي لا تزال تداعب عقولنا وآمالنا
حين نتعامل مع الحقيقة والواقع فيما يتعلق بالأزواج والزوجات. ولا يمكننا
طبعاً أن نقضي على الأحلام ولكن الواقعية تتطلب نضجاً وصبراً وأخذاً وعطاءً
وآلاماً وأملاً.
وتبين الحياة اليومية أنه لابد من الاختلاف والمشكلات في العلاقة
الزوجية. ولعل هذا من طبيعة الحياة والمهم هو احتواء المشكلات وعدم السماح
لها بأن تتضخم وتكبر وهذا بالطبع يتطلب خبرة ومعرفة يفتقدها كثيرون، وربما
يكون الزواج المبكر عاملاً سلبياً بسبب نقص الخبرة والمرونة وزيادة
التفكير الخيالي وعدم النضج فيما يتعلق بالطرف الآخر وفي الحياة نفسها.
ونجد عملياً أن "مشكلات التفاهم وصعوبته" هي من الأسباب المؤدية
للطلاق. ويغذي صعوبات التفاهم هذه بعض الاتجاهات في الشخصية مثل العناد
والإصرار على الرأي وأيضاً النزعة التنافسية الشديدة وحب السيطرة وأيضا
الاندفاعية والتسرع في القرارات وفي ردود الفعل العصبية. حيث يغضب الإنسان
وتستثار أعصابه بسرعة مما يولد شحنات كبيرة من الكراهية التي يعبر عنها
بشكل مباشر من خلال الصياح والسباب والعنف أو بشكل غير مباشر من خلال
السلبية "والتكشير" والصمت وعدم المشاركة وغير ذلك. كل ذلك يساهم في صعوبة
التفاهم وحل المشكلات اليومية العادية مما يجعل الطرفين يبتعد كل منها عن
الآخر في سلوكه وعواطفه وأفكاره.
وفي هذه الحالات يمكن للكلمة الطيبة أن تكون دواء فعالاً يراجع
الإنسان من خلالها نفسه ويعيد النظر في أساليبه. كما يمكن تعلم أساليب
الحوار الناجحة وأساليب ضبط النفس التي تعدل من تكرار المشكلات وتساعد على
حلها "بالطرق السلمية" بعيداً عن الطلاق.
ويمكن " لتدخل الآخرين " وأهل الزوج أو أهل الزوجة وأمه وأمها أن
يلعب دوراً في الطلاق، وهذا ما يجب التنبه إليه وتحديد الفواصل والحدود
بين علاقة الزواج وامتداداتها العائلية. والتأكيد على أن يلعب الأهل دور
الرعاية والدعم والتشجيع لأزواج أبنائهم وبناتهم من خلال تقديم العون
والمساعدة "وأن يقولوا خيراً أو يصمتوا" إذا أرادوا خيراً فعلاً.
وفي الأسر الحديثة التي يعمل فيها الطرفان نجد أن "اختلاط
الأدوار والمسؤوليات" يلعب دوراً في الطلاق مما يتطلب الحوار المستمر
وتحديد الأدوار والمسئوليات بشكل واقعي ومرن. حيث نجد أحد الطرفين يتهم
الآخر بالتقصير ويعبر عن عدم الرضا ولكنه يستخدم مقاييس قديمة من ذاكرته عن
الآباء والأمهات دون التنبه إلى اختلاف الظروف والأحداث. ولابد لهذه
المقاييس أن تتعدل لتناسب الظروف المستجدة مما يلقي أعباءً إضافية على
الطرفين بسبب حداثة المقاييس المستعملة ونقصها وعدم وضوحها.
ومن أسباب الطلاق الأخرى " تركيبة العلاقة الخاصة بزوج معين" كأن
يكون للزوج أبناء من زوجة أخرى أو أن الزوجة مطلقة سابقاً وغير ذلك، وهذه
المواصفات الخاصة تجعل الزواج أكثر صعوبة بسبب المهمات الإضافية والحساسيات
المرتبطة بذلك، ويتطلب العلاج تفهماً أكثر وصبراً وقوة للاستمرار في
الزواج وتعديل المشكلات وحلها.
ومن الأسباب أيضاً " تكرار الطلاق " في أسرة الزوج أو الزوجة.
حيث يكرر الأبناء والبنات ما حدث لأبويهم .. وبالطبع فالطلاق ليس مرضاً
وراثياً ولكن الجروح والمعاناة الناتجة عن طلاق الأبوين إضافة لبعض الصفات
المكتسبة واتجاهات الشخصية المتعددة الأسباب .. كل ذلك يلعب دوراً في تكرار
المأساة ثانية وثالثة، ولابد من التنبه لهذه العملية التكرارية وتفهمها
ومحاولة العلاج وتعديل السلوك.
ومن أسباب الطلاق أيضاً انتشار "عادات التلفظ بالطلاق وتسهيل
الفتاوى" بأن الطلاق قد وقع في بعض الحالات، ويرتبط ذلك بجملة من العادات
الاجتماعية والتي تتطلب فهما وتعديلا وضبطاً كي لا يقع ضحيتها عدد من
العلاقات الزوجية والتي يمكن لها أن تستمر وتزدهر. والطلاق هنا ليس مقصوداً
وكأنه حدث خطأ...
وهكذا نجد أن أسباب الطلاق متعددة وأن الأنانية والهروب من المسؤولية وضعف
القدرة على التعامل مع واقعية الحياة ومع الجنس الآخر، أنها عوامل عامة
تساهم في حدوث الطلاق. ولا يمكننا أن نتوقع أن ينتهي الطلاق فهو ضرورة وله
مبررات عديدة في أحيان كثيرة ولا يمكن لكل العلاقات الزوجية أن تستمر إذا
كانت هناك أسباب مهمة ولا يمكن تغييرها.
أثر الطلاق على نفسية الأولاد
يعتبر الطلاق من الأحداث الصعبة في الحياة ويعتبر نقطة تحول تؤثر في كثير
من الأحيان على حياة الأطفال وعلى نموهم النفسي والمعرفي والسلوكي.
إن معظم الأطفال لا يقبلون طلاق الوالدين، حتى وإن كان الوالدان في صراع
دائم أمام أعينهم، إلا في حالات العنف الشديد فإنهم يميلون إلى انفصال
الوالدين.
إن نظرة الطفل لوالده الذي اختار الطلاق تكون سلبية، فهو ينظر إليه على أنه
تنازل عنه ولا يريده ويضحي به من أجل مصلحته، وأحياناً يعتبر الأولاد هذا
الوالد أو الوالدة كمن يرفضهم ولا يتقبلهم. هؤلاء الأولاد يعيشون حياة
نفسية مليئة بالغضب والإحباط مع عدم القدرة على فعل شيء مع الشعور بالحزن
والآلام.
تشكل رعاية الأطفال بعد طلاق ذويهم مشكلة صعبة بالنسبة للمحاكم . و تحتار
المحاكم بين أن تعهد بالمسئولية عن هؤلاء إلى الآباء أو تسمح للأم بنقلهم
إلى الأماكن التى ستقيم فيها
و ينبغى على الآباء و القضاة إدراك آثار الطلاق على الأطفال بحسب ما يقول الخبراء.
يقول الباحث ويليام فابريكس ، عالم نفس فى جامعة ولاية أريزونا ، أنها أصعب
مشكلة تواجه المحاكم إسألوا أى قاضى و سيقول لكم ذلك ، و قد نشرت الدراسة
فى مجلة "علم النفس العائلى" .
و يصف الباحث دراسته هذه بمثابة جرس الإنذار بالنسبة للآباء و الأمهات
الذين يعتقدون أن بإمكانهم الإنفصال دون التأثير على أطفالهم الأطفال الذين
ينتقلون من منازلهم بسبب الطلاق حزينون.
إشتملت الدراسة التى تعتبر الأولى من نوعها على طلاب السنة الأولى ، فرع
علم النفس حيث ملا الطلاب إستمارة مفصلة و سئل الطلاب بالإضافة إلى أشياء
أخرى حول ما إذا إنتقلوا إلى أماكن تبعد بالسيارة ساعة واحدة عن منزلهم
الأصلى.
كذلك وجهت عدة أسئلة إلى الطلاب لتحديد درجة العدوانية لديهم ، السعادة أو
عدمها ، و حول الصحة التى يتمتعون بها بالإضافة إلى المدى الذى أثر فيه
الطلاق على نظراتهم إلى الحياة بشكل عام.
و كان حوالى 600 طالب من أصل 2067 شملتهم الدراسة لأبوين مطلقين ، و أفاد
هؤلاء بأن الإنفصال بين آبائهم و أمهاتهم كان ضارا بهم فى معظم مناحى
حياتهم.
و كان هؤلاء الطلاب يتميزون عن غيرهم فيما يلى:
- زيادة صفة العدوانية لديهم
- وصف المسئولين الجدد عنهم بأنهم سيئون و لا يشكلون مصدر دعم لهم.
- أفاد الطلاب بأن آبائهم و أمهاتهم لم يكونوا يطيقون بعضهم البعض.
- وصف الطلاب حياتهم بشكل عام بأنها أقل كفاية من حياة الأطفال الآخرين الذين بقوا مع آبائهم و أمهاتهم.
- كانت صحة هؤلاء الطلاب أسوأ من زملائهم.
و أضاف الباحث أنه حين إنتقل الأب من المنزل بعد الطلاق ، فإن أثر ذلك على الأطفال كان نفسه.
من الأولى بحث الأسباب الواقعية والملموسة ومحاولة تعديلها لعلاج
مشكلة الطلاق وأسبابه والحد منه. وأيضاً مراجعة النفس والتحلي بالصبر
والأناة والمرونة لتقبل الطرف الآخر وتصحيح ما يمكن تصحيحه في العلاقة
الزوجية مما يشكل حلاً واقعياً ووقاية من التفكك الأسري والاجتماعي.
المشكلات الاجتماعية
مقدمة:
مما لاشك فيه أن ديننا الإسلامي قد جعل الطلاق في أضيق الحدود، وفي حالة
استحالة العشرة بين الزوجين، وبما لا تستقيم معه الحياة الزوجية، وصعوبة
العلاج إلا به وحتى يكون مخرجاً من الضيق وفرجاً من الشدة في زوجية لم تحقق
ما أراده الله –سبحانه وتعالى- لها من مقاصد الزواج التي تقوم على المودة
والسكن النفسي والتعاون في الحياة.
كما أن الطلاق ظاهرة عامة وموجودة في كل المجتمعات وبنسب متفاوتة وهو أمر
عرفته البشرية من قديم الزمان، وكانت له طرق وأشكال تختلف من بيئة إلى
بيئة، ومن عصر إلى عصر، وقد أقرته جميع الأديان كلٌ بطريقته، فأقر الإسلام
الطلاق ونظمه تنظيماً دقيقاً مراعياً في ذلك استقرار الأسرة وسعادتها من
ناحية وحفظ كيان المجتمع البشري بأكمله من ناحية أخرى، يقول الله تعالى:
﴿الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان﴾ [
والحقيقة أن الإسلام كره الطلاق ونفَّر منه والرسول –صلى الله عليه وسلم-
قال: {ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق ، واعتبر الحياة الزوجية لها
قدسية خاصة لابد من احترامها، وأن هدمها ليس بالأمر السهل، فهي ميثاق غليظ
ينبغي عدم نقضه بسهولة، والقرآن الكريم يقول فيه : ﴿وأخذنا منكم ميثاقاً
غليظاً﴾.
وهذا دليل على أن الإسلام صان قداسة الزوجية من العبث بها، لما يترتب على
ذلك من أضرار تقع على الأسرة وعلى المجتمع الإسلامي بأكمله، فوضع العقبات
في طريق الطلاق ليمنع وقوعه أو يؤخره، وحبَّذ التريث في معالجة ما ينشب بين
الرجل وامرأته لعل الأمور تعود إلى طبيعتها وهذا ما أوضحته آية الطلاق:
﴿لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً﴾ ، وذلك لآن الطلاق هو موقف مؤقت
لعلاقة لم تتحقق فيها مقاصد الزواج كما ذكرت، ولكنها أيضاً ليست حسماً
صارماً، ومن هنا لا يرتضي الإسلام هذه الكلمة في كل وقت بل جعل لها أوقاتاً
خاصة عند استحالة العشرة، بل واستبقى مجالاً للحياة الزوجية بعد الطلاق
لعل مشاعر الحب تعود بينهما مرة أخرى أو يتدخل أهل الخير في جو هادئ لإصلاح
الصدع بينهما وأولى الناس بهذه المهمة أقارب الزوجين، يقول الله تعالى:
﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا
إصلاحاً يوفق الله بينهما﴾
ولكن في الآونة الأخيرة كانت ظاهرة الطلاق أمراً مزعجاً لدى كثير من
المجتمعات لما طرأ عليها من ارتفاع قد تكون نتيجة الظروف الراهنة التي
تواجه المجتمعات ا أو التفكك الذي يعيش فيه العالم اليوم أو التقصير في
الحقوق الزوجية سواء كانت مادية أو معنوية أو اجتماعية .
يعتبر الطلاق من الأحداث الصعبة في الحياة ويعتبر نقطة تحول تؤثر في كثير
من الأحيان على حياة الأطفال وعلى نموهم النفسي والمعرفي والسلوكي.
إن معظم الأطفال لا يقبلون طلاق الوالدين، حتى وإن كان الوالدان في صراع
دائم أمام أعينهم، إلا في حالات العنف الشديد فإنهم يميلون إلى انفصال
الوالدين.
إن نظرة الطفل لوالده الذي اختار الطلاق تكون سلبية، فهو ينظر إليه على أنه
تنازل عنه ولا يريده ويضحي به من أجل مصلحته، وأحياناً يعتبر الأولاد هذا
الوالد أو الوالدة كمن يرفضهم ولا يتقبلهم. هؤلاء الأولاد يعيشون حياة
نفسية مليئة بالغضب والإحباط مع عدم القدرة على فعل شيء مع الشعور بالحزن
والآلام.
يعتبر الطلاق مشكلة اجتماعية نفسية.. وهو ظاهرة عامة في جميع المجتمعات
ويبدو أنه يزداد انتشاراً في مجتمعاتنا في الأزمنة الحديثة والطلاق هو "
أبغض الحلال " لما يترتب عليه من آثار سلبية في تفكك الأسرة وازدياد
العداوة والبغضاء والآثار السلبية على الأطفال ومن ثم الآثار الاجتماعية
والنفسية العديدة بدءاً من الاضطرابات النفسية إلى السلوك المنحرف والجريمة
وغير ذلك.
ومما لا شك فيه أن تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة وتكوين
الأسرة قد نال اهتمام المفكرين منذ زمن بعيد. ونجد في كل الشرائع والقوانين
والأخلاق فصولاً واسعة لتنظيم هذه العلاقة وضمان وجودها واستمرارها. ويهتم
الدين ورجال الفكر وعلماء الاجتماع وعلماء النفس بهذه العلاقة، كل يحاول
من جانبه أن يقدم ما يخدم نجاح هذه العلاقة لأن في ذلك استمرار الحياة
نفسها وسعادتها وتطورها
وتتعدد أسباب الطلاق ومنها الملل الزوجي وسهولة التغيير وإيجاد البديل
وطغيان الحياة المادية والبحث عن اللذات وانتشار الأنانية وضعف الخلق، كل
ذلك يحتاج إلى الإصلاح وضرورة التمسك بالقيم والفضائل والأسوة الحسنة.
ومن الأسباب الأخرى "الخيانة الزوجية" وتتفق كثير من الآراء حول
استحالة استمرار العلاقة الزوجية بعد حدوث الخيانة الزوجية لاسيما في حالة
المرأة الخائنة. وفي حال خيانة الرجل تختلف الآراء وتكثر التبريرات التي
تحاول دعم استمرار العلاقة.
وفي بلادنا يبدو أن هذه الظاهرة نادرة مقارنة مع المجتمعات
الأخرى ، ويمكن للشك والغيرة المرضية واتهام أحد الزوجين الآخر دون دليل
مقنع على الخيانة الزوجية يكون سبباً في فساد العلاقة الزوجية وتوترها
واضطرابها مما يتطلب العلاج لأحد الزوجين أو كليهما، ذلك أن الشك يرتبط
بالإشارات الصادرة والإشارات المستقبلة من قبل الزوجين معاً، ويحدث أن
ينحرف التفكير عند أحدهما بسبب غموض الإشارات الكلامية والسلوكية التي يقوم
بها . كأن يتكلم قليلاً أو يبتسم في غير مناسبة ملائمة أو أنه يخفي
أحداثاً أو أشياء أخرى وذلك دون قصد أو تعمد واضح مما يثير الريبة والشك
والظنون في الطرف الآخر ويؤدي غلى الشك المرضي. وهنا يجري التدريب على لغة
التفاهم والحوار والإشارات الصحيحة السليمة وغير ذلك من الأساليب التي تزيد
من الثقة والطمأنينة بين الزوجين وتخفف من اشتعال الغيرة والشك مثل
النشاطات المشتركة والجلسات الترفيهية والحوارات الصريحة إضافة للابتعاد عن
مواطن الشبهات قولاً وعملاً.
وهنا نأتي إلى سبب مهم من أسباب الطلاق وهو "عدم التوافق بين
الزوجين" ويشمل ذلك التوافق الفكري وتوافق الشخصية والطباع والانسجام
الروحي والعاطفي. وبالطبع فإن هذه العموميات صعبة التحديد، ويصعب أن نجد
رجلاً وامرأة يتقاربان في بعض هذه الأمور، وهنا تختلف المقاييس فيما تعنيه
كلمات "التوافق" وإلى أي مدى يجب أن يكون ذلك، ولابد لنا من تعديل أفكارنا
وتوقعاتنا حول موضوع التوافق لأن ذلك يفيد كثيراً تقبل الأزواج لزوجاتهم
وبالعكس.
والأفكار المثالية تؤدي إلى عدم الرضا وإلى مرض العلاقة
وتدهورها. وبشكل عملي نجد أنه لابد من حد أدنى من التشابه في حالة استمرار
العلاقة الزوجية نجاحها. فالتشابه يولد التقارب والتعاون، والاختلاف يولد
النفور والكراهية والمشاعر السلبية. ولا يعني التشابه أن يكون أحد الطرفين
نسخة طبق الأصل عن الأخر. ويمكن للاختلافات بين الزوجين أن تكون مفيدة إذا
كانت في إطار التكامل والاختلاف البناء الذي يضفي على العلاقة تنوعاً
وإثارة وحيوية.
وإذا كان الاختلاف كبيراً أو كان عدائياً تنافسياً فإنه يبعد
الزوجين كلا منهما عن الآخر ويغذي الكره والنفور وعدم التحمل مما يؤدي إلى
الطلاق.
ونجد أن عدداً من الأشخاص تنقصه "الحساسية لرغبات الآخر ومشاعره
أو تنقصه الخبرة في التعامل مع الآخرين" وذلك بسبب تكوين شخصيته وجمودها أو
لأسباب تربوية وظروف قاسية وحرمانات متنوعة أو لأسباب تتعلق بالجهل وعدم
الخبرة.
وهؤلاء الأشخاص يصعب العيش معهم ومشاركتهم في الحياة الزوجية مما
يجعلهم يتعرضون للطلاق، وهنا لابد من التأكيد على أن الإنسان يتغير وأن
ملامح شخصيته وبعض صفاته يمكن لها أن تتعدل إذا وجدت الظروف الملائمة وإذا
أعطيت الوقت اللازم والتوجيه المفيد، ويمكن للإنسان أن يتعلم كيف ينصت
للطرف الآخر وأن يتفاعل معه ويتجاوب بطريقة إيجابية ومريحة.
وهكذا فإنه يمكن قبل التفكير بالطلاق والانفصال أن يحاول كل من
الزوجين تفهم الطرف الآخر وحاجاته وأساليبه وأن يسعى إلى مساعدته على
التغير، وكثير من الأزواج يكبرون معاً، ولا يمكننا نتوقع أن يجد الإنسان "
فارس أحلامه" بسهولة ويسر ودون جهد واجتهاد ولعل ذلك "من ضرب الخيال" أو "
الحلم المستحيل " أو "الأسطورة الجميلة" التي لا تزال تداعب عقولنا وآمالنا
حين نتعامل مع الحقيقة والواقع فيما يتعلق بالأزواج والزوجات. ولا يمكننا
طبعاً أن نقضي على الأحلام ولكن الواقعية تتطلب نضجاً وصبراً وأخذاً وعطاءً
وآلاماً وأملاً.
وتبين الحياة اليومية أنه لابد من الاختلاف والمشكلات في العلاقة
الزوجية. ولعل هذا من طبيعة الحياة والمهم هو احتواء المشكلات وعدم السماح
لها بأن تتضخم وتكبر وهذا بالطبع يتطلب خبرة ومعرفة يفتقدها كثيرون، وربما
يكون الزواج المبكر عاملاً سلبياً بسبب نقص الخبرة والمرونة وزيادة
التفكير الخيالي وعدم النضج فيما يتعلق بالطرف الآخر وفي الحياة نفسها.
ونجد عملياً أن "مشكلات التفاهم وصعوبته" هي من الأسباب المؤدية
للطلاق. ويغذي صعوبات التفاهم هذه بعض الاتجاهات في الشخصية مثل العناد
والإصرار على الرأي وأيضاً النزعة التنافسية الشديدة وحب السيطرة وأيضا
الاندفاعية والتسرع في القرارات وفي ردود الفعل العصبية. حيث يغضب الإنسان
وتستثار أعصابه بسرعة مما يولد شحنات كبيرة من الكراهية التي يعبر عنها
بشكل مباشر من خلال الصياح والسباب والعنف أو بشكل غير مباشر من خلال
السلبية "والتكشير" والصمت وعدم المشاركة وغير ذلك. كل ذلك يساهم في صعوبة
التفاهم وحل المشكلات اليومية العادية مما يجعل الطرفين يبتعد كل منها عن
الآخر في سلوكه وعواطفه وأفكاره.
وفي هذه الحالات يمكن للكلمة الطيبة أن تكون دواء فعالاً يراجع
الإنسان من خلالها نفسه ويعيد النظر في أساليبه. كما يمكن تعلم أساليب
الحوار الناجحة وأساليب ضبط النفس التي تعدل من تكرار المشكلات وتساعد على
حلها "بالطرق السلمية" بعيداً عن الطلاق.
ويمكن " لتدخل الآخرين " وأهل الزوج أو أهل الزوجة وأمه وأمها أن
يلعب دوراً في الطلاق، وهذا ما يجب التنبه إليه وتحديد الفواصل والحدود
بين علاقة الزواج وامتداداتها العائلية. والتأكيد على أن يلعب الأهل دور
الرعاية والدعم والتشجيع لأزواج أبنائهم وبناتهم من خلال تقديم العون
والمساعدة "وأن يقولوا خيراً أو يصمتوا" إذا أرادوا خيراً فعلاً.
وفي الأسر الحديثة التي يعمل فيها الطرفان نجد أن "اختلاط
الأدوار والمسؤوليات" يلعب دوراً في الطلاق مما يتطلب الحوار المستمر
وتحديد الأدوار والمسئوليات بشكل واقعي ومرن. حيث نجد أحد الطرفين يتهم
الآخر بالتقصير ويعبر عن عدم الرضا ولكنه يستخدم مقاييس قديمة من ذاكرته عن
الآباء والأمهات دون التنبه إلى اختلاف الظروف والأحداث. ولابد لهذه
المقاييس أن تتعدل لتناسب الظروف المستجدة مما يلقي أعباءً إضافية على
الطرفين بسبب حداثة المقاييس المستعملة ونقصها وعدم وضوحها.
ومن أسباب الطلاق الأخرى " تركيبة العلاقة الخاصة بزوج معين" كأن
يكون للزوج أبناء من زوجة أخرى أو أن الزوجة مطلقة سابقاً وغير ذلك، وهذه
المواصفات الخاصة تجعل الزواج أكثر صعوبة بسبب المهمات الإضافية والحساسيات
المرتبطة بذلك، ويتطلب العلاج تفهماً أكثر وصبراً وقوة للاستمرار في
الزواج وتعديل المشكلات وحلها.
ومن الأسباب أيضاً " تكرار الطلاق " في أسرة الزوج أو الزوجة.
حيث يكرر الأبناء والبنات ما حدث لأبويهم .. وبالطبع فالطلاق ليس مرضاً
وراثياً ولكن الجروح والمعاناة الناتجة عن طلاق الأبوين إضافة لبعض الصفات
المكتسبة واتجاهات الشخصية المتعددة الأسباب .. كل ذلك يلعب دوراً في تكرار
المأساة ثانية وثالثة، ولابد من التنبه لهذه العملية التكرارية وتفهمها
ومحاولة العلاج وتعديل السلوك.
ومن أسباب الطلاق أيضاً انتشار "عادات التلفظ بالطلاق وتسهيل
الفتاوى" بأن الطلاق قد وقع في بعض الحالات، ويرتبط ذلك بجملة من العادات
الاجتماعية والتي تتطلب فهما وتعديلا وضبطاً كي لا يقع ضحيتها عدد من
العلاقات الزوجية والتي يمكن لها أن تستمر وتزدهر. والطلاق هنا ليس مقصوداً
وكأنه حدث خطأ...
وهكذا نجد أن أسباب الطلاق متعددة وأن الأنانية والهروب من المسؤولية وضعف
القدرة على التعامل مع واقعية الحياة ومع الجنس الآخر، أنها عوامل عامة
تساهم في حدوث الطلاق. ولا يمكننا أن نتوقع أن ينتهي الطلاق فهو ضرورة وله
مبررات عديدة في أحيان كثيرة ولا يمكن لكل العلاقات الزوجية أن تستمر إذا
كانت هناك أسباب مهمة ولا يمكن تغييرها.
أثر الطلاق على نفسية الأولاد
يعتبر الطلاق من الأحداث الصعبة في الحياة ويعتبر نقطة تحول تؤثر في كثير
من الأحيان على حياة الأطفال وعلى نموهم النفسي والمعرفي والسلوكي.
إن معظم الأطفال لا يقبلون طلاق الوالدين، حتى وإن كان الوالدان في صراع
دائم أمام أعينهم، إلا في حالات العنف الشديد فإنهم يميلون إلى انفصال
الوالدين.
إن نظرة الطفل لوالده الذي اختار الطلاق تكون سلبية، فهو ينظر إليه على أنه
تنازل عنه ولا يريده ويضحي به من أجل مصلحته، وأحياناً يعتبر الأولاد هذا
الوالد أو الوالدة كمن يرفضهم ولا يتقبلهم. هؤلاء الأولاد يعيشون حياة
نفسية مليئة بالغضب والإحباط مع عدم القدرة على فعل شيء مع الشعور بالحزن
والآلام.
تشكل رعاية الأطفال بعد طلاق ذويهم مشكلة صعبة بالنسبة للمحاكم . و تحتار
المحاكم بين أن تعهد بالمسئولية عن هؤلاء إلى الآباء أو تسمح للأم بنقلهم
إلى الأماكن التى ستقيم فيها
و ينبغى على الآباء و القضاة إدراك آثار الطلاق على الأطفال بحسب ما يقول الخبراء.
يقول الباحث ويليام فابريكس ، عالم نفس فى جامعة ولاية أريزونا ، أنها أصعب
مشكلة تواجه المحاكم إسألوا أى قاضى و سيقول لكم ذلك ، و قد نشرت الدراسة
فى مجلة "علم النفس العائلى" .
و يصف الباحث دراسته هذه بمثابة جرس الإنذار بالنسبة للآباء و الأمهات
الذين يعتقدون أن بإمكانهم الإنفصال دون التأثير على أطفالهم الأطفال الذين
ينتقلون من منازلهم بسبب الطلاق حزينون.
إشتملت الدراسة التى تعتبر الأولى من نوعها على طلاب السنة الأولى ، فرع
علم النفس حيث ملا الطلاب إستمارة مفصلة و سئل الطلاب بالإضافة إلى أشياء
أخرى حول ما إذا إنتقلوا إلى أماكن تبعد بالسيارة ساعة واحدة عن منزلهم
الأصلى.
كذلك وجهت عدة أسئلة إلى الطلاب لتحديد درجة العدوانية لديهم ، السعادة أو
عدمها ، و حول الصحة التى يتمتعون بها بالإضافة إلى المدى الذى أثر فيه
الطلاق على نظراتهم إلى الحياة بشكل عام.
و كان حوالى 600 طالب من أصل 2067 شملتهم الدراسة لأبوين مطلقين ، و أفاد
هؤلاء بأن الإنفصال بين آبائهم و أمهاتهم كان ضارا بهم فى معظم مناحى
حياتهم.
و كان هؤلاء الطلاب يتميزون عن غيرهم فيما يلى:
- زيادة صفة العدوانية لديهم
- وصف المسئولين الجدد عنهم بأنهم سيئون و لا يشكلون مصدر دعم لهم.
- أفاد الطلاب بأن آبائهم و أمهاتهم لم يكونوا يطيقون بعضهم البعض.
- وصف الطلاب حياتهم بشكل عام بأنها أقل كفاية من حياة الأطفال الآخرين الذين بقوا مع آبائهم و أمهاتهم.
- كانت صحة هؤلاء الطلاب أسوأ من زملائهم.
و أضاف الباحث أنه حين إنتقل الأب من المنزل بعد الطلاق ، فإن أثر ذلك على الأطفال كان نفسه.
من الأولى بحث الأسباب الواقعية والملموسة ومحاولة تعديلها لعلاج
مشكلة الطلاق وأسبابه والحد منه. وأيضاً مراجعة النفس والتحلي بالصبر
والأناة والمرونة لتقبل الطرف الآخر وتصحيح ما يمكن تصحيحه في العلاقة
الزوجية مما يشكل حلاً واقعياً ووقاية من التفكك الأسري والاجتماعي.