خطبه عن الصلاه
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله الذي فرض الصلاة على العباد رحمةً به وإحساناً وجعلها صلة بينه
وبينهم ليزدادوا بذلك أيماناً وكررها كل يوم حتى لا يحصل الجفاء ويسرها
عليهم حتى لا يحصل لهم التعب والعناء وأجزل لهم ثوابها فكانت بالفعل خمسة
وبالثواب خمسين فضلاً من الله ورحمة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم
بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى (وحافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وقوموا
لله قانتين ) عباد الله إن الصلاة عمود دينكم وقوامه فلا دين لمن لا صلاة
له ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة إقامة الصلاة أيمان وتركها كفر من
حافظ عليها كانت له نوراً في قلبه ونوراً في وجهه ونوراً في قبره ونوراً في
حشره وكانت له نجاة يوم القيامة وحشر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين ومن لم يحافظ على صلاته لم يكن له نور ولا
نجاة يوم القيامة وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف أيها المسلمون
كيف تضيعون الصلاة وهي الصلة بينكم وبين ربكم إذا لم يكن بينكم وبين ربكم
صلة فأين العبودية وأين المحبة لله والخضوع له لقد خاب وخسر قوم إذا سمعوا
داعي الدنيا وزهرتها لبوا له سراعا وإذا سمعوا منادي الله يدعو حي على
الصلاة حي على الفلاح تثاقلوا عنه وولوا أدبارا أيها المسلمون ألم تعلموا
أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته فإن صلحت صلح سائر عمله وإن
فسدت فسد سائر عمله يا أمة محمد يا من تقولون أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمد رسول الله أقيموا صلاتكم ما دمتم في زمن المهلة تعرفوا إلى الله في
الرخاء يعرفكم في الشدة فإن من نسي الله نسيه الله ومن أضاع أمر الله أضاعه
الله يا أمة محمد من منكم عنده أمان من الموت حتى يتوب ويصلى أليس كل منكم
يخشى الموت ولا يدري متى يأتيه لا يدرى أيصبحه أم يمسيه ألم يكن الموت
يأخذ الناس بغتةً وهم لا يشعرون أما هجم على أناس وهم في ديناهم غافلون أما
بغت أناس خرجوا من بيوتهم فما استطاعوا مضياً ولا يرجعون فمن منكم أعطي
أماناً أن لا تكون حاله كحال هؤلاء أيها المسلمون المؤمنون وماذا بعد الموت
الذي لا تدرون متى يفجؤكم أنه ليس بعده شيء سوى الجزاء على العمل (فمن
يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره) أيها المسلمون أيها
المؤمنون بالله ورسوله أيها الشاهدون بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول
الله أيها المؤمنون بما أنزل على محمد من ربه إن مما أوجب الله عليكم في
صلاتكم أن تؤدوها في المساجد في جماعة المسلمين (وأقيموا الصلاة وأتوا
الزكاة وأركعوا مع الراكعين) إن الصلاة مع الجماعة فرض عين على كل رجل وهي
طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام قال عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن يلقى الله غداً
مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى
الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما
يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم يعني طريقته ولو تركتم سنة
نبيكم لضللتم ومما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه
المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفع بها له درجه ويحط عنه
بها سيئة ولقد رأيتما وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان
الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف هكذا حكى عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه عن الصحابة رضي الله عنهم مع نبيهم محمد صلى الله عليه
وسلم أيها المسلمون إن الصلاة مع الجماعة في المساجد من واجبات صلاتكم ومن
إقامتها والمحافظة عليها أن يصلى مع الجماعة قائماً بما فرض الله عليه
والمتخلف عن الجماعة بلا عذر عاصي لربه مخاطر بصلاته فإن من علماء المسلمين
من يقول إن من ترك الصلاة مع الجماعة بلا عذر فصلاته باطلة يعني أن من ترك
الصلاة مع الجماعة بلا عذر فهو كمن صلى بغير وضوء أو كمن صلى إلى غير
القبلة صلاته باطلة قال ذلك شيخ الإسلام أبن تيميه رحمه الله وقاله الإمام
أحمد بن حنبل في رواية عنه فكيف أيها المسلم كيف تغرر بصلاتك فتدع الجماعة
بدون عذر وقد قال من قال من علماء المسلمين إن صلاتك غير مقبولة في هذه
الحال المصلى مع الجماعة هو الكيس الحازم الحائز للغنيمة فإن الصلاة مع
الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين درجة والمتخلف عن الجماعة بلا عذر
كسول مهمل محروم تشبه حاله حال المنافقين الذين قال الله فيهموإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ) وقال فيهم نبيه محمد صلى الله عليه وسلمأثقل
الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما
لأتوهما ولو حبوا ) و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده
لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء ) هكذا
أقسم النبي عليه الصلاة والسلام بأن الواحد من هؤلاء المنافقين المتخلفين
عن الجماعة لو وجد شيئاً زهيداً من الدنيا لحضر الصلاة وإن كثيراً من
المتخلفين عن الجماعة لو كان له شغل من الدنيا وقت طلوع الفجر مثلاً لوجدته
حريصاً على هذا الشغل لا يتخلف عنه أبدا إن الصلاة مع الجماعة ملاذ
وطمأنينة والتخلف عنها كسل وإسراع بها غالباً بدون طمأنينة كما ترى في
الذين تفوتهم الجماعة إذا صلوا ما بقي عليهم من الصلاة نقروها نقر الغراب
أيها المسلمون ان من الناس من نراهم من بعض هؤلاء أصحاب الدكاكين الذين إذا
أذن المؤذن أظلموا دكاكينهم ووقفوا عندها دون أن يصلوا مع الجماعة وهؤلاء
حرموا من أجر الدنيا والآخرة فلا هم بقوا في دكاكينهم ولا هم ذهبوا الى
بضاعة رابحة وحاذوا بها على المغانم الكثيرة ، وهذا العمل منهم عمل يجب على
المسئولين أن يلاحظوهم ملاحظة تامة فإنهم أن وجدوا الرجل واقف عند دكانه
دون أن يحضر صلاة الجماعة فإن عليهم أن يؤدبوه تأديباً يردعه وأمثاله عن
هذا العمل لأن هذا العمل يتضمن الاستهزاء بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم
وعلى من يرى هؤلاء أن يتعاونوا مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والأمارة و المحكمة فانه يجب عليهم جميعاً أن يتعاونوا على البر والتقوى ،
فإن هذه حال الأمة الإسلامية كما قال الله عز وجل (ولتكن منكم أمة يدعون
إلى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا
كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم )
قد يقول القائل إن هذه مسئولية السلطات منحصرة نوعا ًعلى هيئة الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ونقول إن هناك نظاماً شرعياً هو نظام الله عز
وجل الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو وسيط بين الله وعباده وقالمن
رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع
فبقلبه).أيها المسلمون اتقوا الله تعالى واقيموا الصلاة جماعة واذكروا قول
الله تعالىإِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ *الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون *أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ
دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) بارك الله لي
ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول
قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب واستغفروه أنه
كان غفور رحيم ... هذا الرجل يسأل يقول إن هناك أناس يبقون في مجالسهم وإذا
أمرناهم بالصلاة مع الجماعة قالوا إننا نصليها هنا جماعة ولكننا نقول إن
هذا ليس بعذر وإن كل إنسان يستطيع أن يحضر المسجد فأنه يجب عليه أن يحضر
المسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لقد هممت أن أمر بالصلاة فتقام
ثم أمر رجلاً فيصلى بالناس ثم أنطلق إلى قوم لا يشهدون الجماعة أو قال لا
يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) فقال أذهب إلى قوم وهذا يشمل ما
إذا كان هذا القوم يصلون في بيوتهم جماعة أو يصلون فرادى لذلك يجب على
المسلم أن يحضر المساجد إلا أن بعض أهل العلم يقولوا إذا كان في دائرة أو
جهة مستقلة ولا سيما إذا كان عندهم مسجد فلا بأس أن يصلوا في مساجدهم هذا
جوابنا على سؤال الأخ . وخطبتنا الثانية أننا نحمد الله نحمده ونستعينه
ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده
الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى بين يدي الساعة
بشيراً ونذيرا وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فبلغ الرسالة وأدى
الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين وصلوات الله
وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعلموا أن الله ما توفى رسوله محمد صلى الله
وعليه وسلم حتى أتم به النعمة وأكمل به الدين ولم يبقى شئ يقرب إلى الله عز
وجل إلا ذكره لأمته حتى بلغهم بلاغاً كافياً ولم يبقى شئ مما بلغه صلى
الله عليه وسلم لأمته إلا نقل إلى الأمة لأن الله يقول (إنا نحن نزلنا
الذكر وإنا له لحافظون ) وعلى هذا الأساس فإننا نقول كل من أبتدع بدعة أو
تعبد إلى لله بما يرى أنه قربة وليس ذلك ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم فإن ما أحدثه مردود عليه وهو لا يزيده من الله إلا بعدا قال النبي
صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية
(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وإن مما أحدثه الناس الاحتفال بليلة
النصف من شعبان ليلة النصف من هذا الشهر يحتفلون فيها بعبادات وأذكار وقصص
ليس لها صحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإننا نتكلم عن هذه الليلة من
نواحي ثلاث الناحية الأولى أن بعض الناس يعتقدون أن ليلة النصف من شعبان
هي ليلة القدر وأنه يكتب فيها ما يكون في تلك السنة وهذا ليس بصحيح لأنه
منافي لكتاب الله عز وجل فالله تبارك وتعالى يقول في القرآن (شهر رمضان
الذي أنزل فيه القرآن) فتبين أن إنزاله في شهر رمضان بنص القرآن ويقول
سبحانه وتعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ويقول عن هذه الليلة التي
أنزل فيها القرآن ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منزلين * فيها يفرق
كل أمر حكيم) وبهذه الأدلة يتبين قطعاً أن ليلة القدر التي يفرق فيها أي
يفصل فيها كل أمر حكيم يقضيه الله عز وجل إنما هي في رمضان خاصة وليست في
شعبان أما الناحية الثانية فهو من ناحية فضل هذه الليلة وقد وردت فيها
أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هذه الأحاديث كلها ضعيفة
ضعفها جمهور أهل العلم وحاول بعض المتأخرين أن يصححها بكثرة طرقها ولكنه لم
ينجح لأن غاية ما فيها إن قلنا بأن بعضها يقوي بعضاً أن تكون من قسم الحسن
لغيره وهو من الأحاديث المقبولة لكنه أضعف درجات الأحاديث المقبولة ونحن
وإن قلنا بفضل هذه الليلة بناء على هذه الأحاديث الواهية الضعيفة وأنا لا
أقول بها لكني أقول إن سلمنا جدلاً أنها ليلة فاضلة فإنها لا تقتضي الناحية
الثالثة وهي أن تخص بقيام دون غيرها من الليالي فإن فضلها لا يقتضي أن
تخصص بشيء ولهذا من المعلوم أن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ومع هذا نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخص بصيام فكذلك على فرض ثبوت فضل ليلة
النصف من شعبان فإنه لا يجوز أن نخصها بصلاة لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى
الله عليه وسلم ولا عن أصحابه لذلك أنا أدعو أخواني من المواطنين وغير
المواطنين أن لا يحتفلوا بهذه الليلة وأن يجعلوها تمر عليهم كما تمر سائر
الليالي لأن هذه هي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأما صوم يوم
النصف فهو كذلك لم يثبت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث ولهذا من
البدعة أن يخصص يوم النصف من شعبان للصيام فيه دون غيره لهذا نقول من أراد
أن يصوم أيام البيض الثلاثة من هذا الشهر فإنه لا بأس به لأن صيام أيام
البيض مما جاءت به السنة وأما أن نخصص يوم النصف وحده فإن هذا لا أصل له في
الشرع وهو من البدع التي لا ينبغي للمسلم فعلها لا سيما وأنه هذه السنة
سيوافق يوم الجمعة التي نهي نبي الله صلى الله عليه وسلم عن صيامها إلا أن
يصوم الإنسان يوم قبلها أو يوم بعدها أيها المسلمون أيها الحريصون على
الخير أيها المريدون لقرب قول الله تعالى إذا كنتم كما تكونون في الجد وفي
العزيمة والحرص فبما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من التعبد لله فيه
كفاية توصلكم إلى رضوان الله وجنته فاختصروا على ما ثبت عن نبيكم ودعوا ما
أحدثه الناس من هذه الاحتفالات فإن ذلك خيراً لكم . ما تصنعون .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله الذي فرض الصلاة على العباد رحمةً به وإحساناً وجعلها صلة بينه
وبينهم ليزدادوا بذلك أيماناً وكررها كل يوم حتى لا يحصل الجفاء ويسرها
عليهم حتى لا يحصل لهم التعب والعناء وأجزل لهم ثوابها فكانت بالفعل خمسة
وبالثواب خمسين فضلاً من الله ورحمة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم
بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى (وحافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وقوموا
لله قانتين ) عباد الله إن الصلاة عمود دينكم وقوامه فلا دين لمن لا صلاة
له ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة إقامة الصلاة أيمان وتركها كفر من
حافظ عليها كانت له نوراً في قلبه ونوراً في وجهه ونوراً في قبره ونوراً في
حشره وكانت له نجاة يوم القيامة وحشر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين ومن لم يحافظ على صلاته لم يكن له نور ولا
نجاة يوم القيامة وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف أيها المسلمون
كيف تضيعون الصلاة وهي الصلة بينكم وبين ربكم إذا لم يكن بينكم وبين ربكم
صلة فأين العبودية وأين المحبة لله والخضوع له لقد خاب وخسر قوم إذا سمعوا
داعي الدنيا وزهرتها لبوا له سراعا وإذا سمعوا منادي الله يدعو حي على
الصلاة حي على الفلاح تثاقلوا عنه وولوا أدبارا أيها المسلمون ألم تعلموا
أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته فإن صلحت صلح سائر عمله وإن
فسدت فسد سائر عمله يا أمة محمد يا من تقولون أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمد رسول الله أقيموا صلاتكم ما دمتم في زمن المهلة تعرفوا إلى الله في
الرخاء يعرفكم في الشدة فإن من نسي الله نسيه الله ومن أضاع أمر الله أضاعه
الله يا أمة محمد من منكم عنده أمان من الموت حتى يتوب ويصلى أليس كل منكم
يخشى الموت ولا يدري متى يأتيه لا يدرى أيصبحه أم يمسيه ألم يكن الموت
يأخذ الناس بغتةً وهم لا يشعرون أما هجم على أناس وهم في ديناهم غافلون أما
بغت أناس خرجوا من بيوتهم فما استطاعوا مضياً ولا يرجعون فمن منكم أعطي
أماناً أن لا تكون حاله كحال هؤلاء أيها المسلمون المؤمنون وماذا بعد الموت
الذي لا تدرون متى يفجؤكم أنه ليس بعده شيء سوى الجزاء على العمل (فمن
يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره) أيها المسلمون أيها
المؤمنون بالله ورسوله أيها الشاهدون بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول
الله أيها المؤمنون بما أنزل على محمد من ربه إن مما أوجب الله عليكم في
صلاتكم أن تؤدوها في المساجد في جماعة المسلمين (وأقيموا الصلاة وأتوا
الزكاة وأركعوا مع الراكعين) إن الصلاة مع الجماعة فرض عين على كل رجل وهي
طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام قال عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن يلقى الله غداً
مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى
الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما
يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم يعني طريقته ولو تركتم سنة
نبيكم لضللتم ومما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه
المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفع بها له درجه ويحط عنه
بها سيئة ولقد رأيتما وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان
الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف هكذا حكى عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه عن الصحابة رضي الله عنهم مع نبيهم محمد صلى الله عليه
وسلم أيها المسلمون إن الصلاة مع الجماعة في المساجد من واجبات صلاتكم ومن
إقامتها والمحافظة عليها أن يصلى مع الجماعة قائماً بما فرض الله عليه
والمتخلف عن الجماعة بلا عذر عاصي لربه مخاطر بصلاته فإن من علماء المسلمين
من يقول إن من ترك الصلاة مع الجماعة بلا عذر فصلاته باطلة يعني أن من ترك
الصلاة مع الجماعة بلا عذر فهو كمن صلى بغير وضوء أو كمن صلى إلى غير
القبلة صلاته باطلة قال ذلك شيخ الإسلام أبن تيميه رحمه الله وقاله الإمام
أحمد بن حنبل في رواية عنه فكيف أيها المسلم كيف تغرر بصلاتك فتدع الجماعة
بدون عذر وقد قال من قال من علماء المسلمين إن صلاتك غير مقبولة في هذه
الحال المصلى مع الجماعة هو الكيس الحازم الحائز للغنيمة فإن الصلاة مع
الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين درجة والمتخلف عن الجماعة بلا عذر
كسول مهمل محروم تشبه حاله حال المنافقين الذين قال الله فيهموإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ) وقال فيهم نبيه محمد صلى الله عليه وسلمأثقل
الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما
لأتوهما ولو حبوا ) و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده
لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء ) هكذا
أقسم النبي عليه الصلاة والسلام بأن الواحد من هؤلاء المنافقين المتخلفين
عن الجماعة لو وجد شيئاً زهيداً من الدنيا لحضر الصلاة وإن كثيراً من
المتخلفين عن الجماعة لو كان له شغل من الدنيا وقت طلوع الفجر مثلاً لوجدته
حريصاً على هذا الشغل لا يتخلف عنه أبدا إن الصلاة مع الجماعة ملاذ
وطمأنينة والتخلف عنها كسل وإسراع بها غالباً بدون طمأنينة كما ترى في
الذين تفوتهم الجماعة إذا صلوا ما بقي عليهم من الصلاة نقروها نقر الغراب
أيها المسلمون ان من الناس من نراهم من بعض هؤلاء أصحاب الدكاكين الذين إذا
أذن المؤذن أظلموا دكاكينهم ووقفوا عندها دون أن يصلوا مع الجماعة وهؤلاء
حرموا من أجر الدنيا والآخرة فلا هم بقوا في دكاكينهم ولا هم ذهبوا الى
بضاعة رابحة وحاذوا بها على المغانم الكثيرة ، وهذا العمل منهم عمل يجب على
المسئولين أن يلاحظوهم ملاحظة تامة فإنهم أن وجدوا الرجل واقف عند دكانه
دون أن يحضر صلاة الجماعة فإن عليهم أن يؤدبوه تأديباً يردعه وأمثاله عن
هذا العمل لأن هذا العمل يتضمن الاستهزاء بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم
وعلى من يرى هؤلاء أن يتعاونوا مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والأمارة و المحكمة فانه يجب عليهم جميعاً أن يتعاونوا على البر والتقوى ،
فإن هذه حال الأمة الإسلامية كما قال الله عز وجل (ولتكن منكم أمة يدعون
إلى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا
كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم )
قد يقول القائل إن هذه مسئولية السلطات منحصرة نوعا ًعلى هيئة الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ونقول إن هناك نظاماً شرعياً هو نظام الله عز
وجل الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو وسيط بين الله وعباده وقالمن
رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع
فبقلبه).أيها المسلمون اتقوا الله تعالى واقيموا الصلاة جماعة واذكروا قول
الله تعالىإِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ *الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون *أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ
دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) بارك الله لي
ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول
قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب واستغفروه أنه
كان غفور رحيم ... هذا الرجل يسأل يقول إن هناك أناس يبقون في مجالسهم وإذا
أمرناهم بالصلاة مع الجماعة قالوا إننا نصليها هنا جماعة ولكننا نقول إن
هذا ليس بعذر وإن كل إنسان يستطيع أن يحضر المسجد فأنه يجب عليه أن يحضر
المسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لقد هممت أن أمر بالصلاة فتقام
ثم أمر رجلاً فيصلى بالناس ثم أنطلق إلى قوم لا يشهدون الجماعة أو قال لا
يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) فقال أذهب إلى قوم وهذا يشمل ما
إذا كان هذا القوم يصلون في بيوتهم جماعة أو يصلون فرادى لذلك يجب على
المسلم أن يحضر المساجد إلا أن بعض أهل العلم يقولوا إذا كان في دائرة أو
جهة مستقلة ولا سيما إذا كان عندهم مسجد فلا بأس أن يصلوا في مساجدهم هذا
جوابنا على سؤال الأخ . وخطبتنا الثانية أننا نحمد الله نحمده ونستعينه
ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده
الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى بين يدي الساعة
بشيراً ونذيرا وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فبلغ الرسالة وأدى
الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين وصلوات الله
وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعلموا أن الله ما توفى رسوله محمد صلى الله
وعليه وسلم حتى أتم به النعمة وأكمل به الدين ولم يبقى شئ يقرب إلى الله عز
وجل إلا ذكره لأمته حتى بلغهم بلاغاً كافياً ولم يبقى شئ مما بلغه صلى
الله عليه وسلم لأمته إلا نقل إلى الأمة لأن الله يقول (إنا نحن نزلنا
الذكر وإنا له لحافظون ) وعلى هذا الأساس فإننا نقول كل من أبتدع بدعة أو
تعبد إلى لله بما يرى أنه قربة وليس ذلك ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم فإن ما أحدثه مردود عليه وهو لا يزيده من الله إلا بعدا قال النبي
صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية
(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وإن مما أحدثه الناس الاحتفال بليلة
النصف من شعبان ليلة النصف من هذا الشهر يحتفلون فيها بعبادات وأذكار وقصص
ليس لها صحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإننا نتكلم عن هذه الليلة من
نواحي ثلاث الناحية الأولى أن بعض الناس يعتقدون أن ليلة النصف من شعبان
هي ليلة القدر وأنه يكتب فيها ما يكون في تلك السنة وهذا ليس بصحيح لأنه
منافي لكتاب الله عز وجل فالله تبارك وتعالى يقول في القرآن (شهر رمضان
الذي أنزل فيه القرآن) فتبين أن إنزاله في شهر رمضان بنص القرآن ويقول
سبحانه وتعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ويقول عن هذه الليلة التي
أنزل فيها القرآن ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منزلين * فيها يفرق
كل أمر حكيم) وبهذه الأدلة يتبين قطعاً أن ليلة القدر التي يفرق فيها أي
يفصل فيها كل أمر حكيم يقضيه الله عز وجل إنما هي في رمضان خاصة وليست في
شعبان أما الناحية الثانية فهو من ناحية فضل هذه الليلة وقد وردت فيها
أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هذه الأحاديث كلها ضعيفة
ضعفها جمهور أهل العلم وحاول بعض المتأخرين أن يصححها بكثرة طرقها ولكنه لم
ينجح لأن غاية ما فيها إن قلنا بأن بعضها يقوي بعضاً أن تكون من قسم الحسن
لغيره وهو من الأحاديث المقبولة لكنه أضعف درجات الأحاديث المقبولة ونحن
وإن قلنا بفضل هذه الليلة بناء على هذه الأحاديث الواهية الضعيفة وأنا لا
أقول بها لكني أقول إن سلمنا جدلاً أنها ليلة فاضلة فإنها لا تقتضي الناحية
الثالثة وهي أن تخص بقيام دون غيرها من الليالي فإن فضلها لا يقتضي أن
تخصص بشيء ولهذا من المعلوم أن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ومع هذا نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخص بصيام فكذلك على فرض ثبوت فضل ليلة
النصف من شعبان فإنه لا يجوز أن نخصها بصلاة لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى
الله عليه وسلم ولا عن أصحابه لذلك أنا أدعو أخواني من المواطنين وغير
المواطنين أن لا يحتفلوا بهذه الليلة وأن يجعلوها تمر عليهم كما تمر سائر
الليالي لأن هذه هي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأما صوم يوم
النصف فهو كذلك لم يثبت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث ولهذا من
البدعة أن يخصص يوم النصف من شعبان للصيام فيه دون غيره لهذا نقول من أراد
أن يصوم أيام البيض الثلاثة من هذا الشهر فإنه لا بأس به لأن صيام أيام
البيض مما جاءت به السنة وأما أن نخصص يوم النصف وحده فإن هذا لا أصل له في
الشرع وهو من البدع التي لا ينبغي للمسلم فعلها لا سيما وأنه هذه السنة
سيوافق يوم الجمعة التي نهي نبي الله صلى الله عليه وسلم عن صيامها إلا أن
يصوم الإنسان يوم قبلها أو يوم بعدها أيها المسلمون أيها الحريصون على
الخير أيها المريدون لقرب قول الله تعالى إذا كنتم كما تكونون في الجد وفي
العزيمة والحرص فبما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من التعبد لله فيه
كفاية توصلكم إلى رضوان الله وجنته فاختصروا على ما ثبت عن نبيكم ودعوا ما
أحدثه الناس من هذه الاحتفالات فإن ذلك خيراً لكم . ما تصنعون .