منتديات الجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الجزائردخول

منتديات الجزائر


descriptionبحث حول الحلال والحرام في الإسلام Emptyبحث حول الحلال والحرام في الإسلام

more_horiz
الحلال والحرام في الإسلام



بسم الله الرحمن الرحيم
الحلال والحرام في الإسلام

موضوع الحلال والحرام ، هو قوام الإسلام ، ودليل الإيمان ، وميزان الصدق
عند الواحد الديان ، فلا إيمان بلا عمل ، ولا عمل إلا على مقتضى الأمر
والنهي ، ولا التزام بأمر آمر ، ولا نهي ناهٍ إلا عن حب ، والحب دون اتباع
كذب ونفاق ، ومن هنا كانت خطورة موضوع الحلال والحرام في الإسلام ، الذي هو
شريعة خاتمة ، لبناء حضارة أمة ، هي خير أمةٍ أخرجت للناس ، لقد كانت جميع
الرسالات السابقة تدريباً للبشرية على تقبل تلك الشريعة الخاتمة ،
وتمهيداً لاكتمال الوعي في تلك الأمة المختارة ، فما من أمة عدلت عن تشريع
الله إلا أخذت بالدمار والهلاك ، وما من فرد ، أهمل الأمر والنهي ، إلا
اختل قوامه ، واضطرب حاله ، قال تعالى :
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الاسْلامَ دِينًا
الشريعة رحمة كلها ، عدل كلها ، مصلحة كلها ، حكمة كلها ، إنها تعليمات الصانع الخبير ، " ولا ينبئك مثل خبير " .


لقد أراد الإسلام بناء شخصية المسلم ، متميزةً عن الشخصيات الأخرى ، من
خلال الحلال والحرام ، وقد اتجه الإسلام بأهله إلى بناء مجتمع الجسد الواحد
، والأخوة الإسلامية الصادقة التي تنتهي إلى الأخوة الإنسانية ، على هدى
الحلال والحرام ، لقد احترم الإسلام الإنسان ، وأعلى قدره حينما نظر إلى
الاقتصاد من خلال الإنسان كرامةً وكفايةً وأمناً ، لا من خلال قهره
واستغلاله ، فكان الحلال والحرام صوناً لكرامة الإنسان ، فشرائع الإسلام
صالحةٌ لاستيعاب كل المعاملات والقضايا العصرية ، لتضعها في مكانها من
الحلال والحرام .
الحلال والحرام يتصل بأعمال القلوب ، كما يتصل بأعمال الجوارح ، والصحابة
الكرام على جلالة قدرهم ، وعمق إيمانهم ، وقربهم من رسول الله صلى الله
عليه وسلم كانوا أحرص الناس على رعاية أعمال القلوب ، حرصهم على رعاية
أعمال الجوارح ، إن الإنسان لا يتحرك في أعماله سواءً أكانت فعلاً أو تركاً
، حركةً آليةً بلا دافع قلبي ، يدفعه إلى العمل ، وإلا كان جماداً لا روح
فيه ، هذا الدافع القلبي هو الإرادة والنية ، وقد يدخله كثير من ألوان
الخداع النفسي ، حتى يتحول عمل الطاعة إلى إثم ، ويتحول ترك الحرام إلى
حرام .
إن أعمال القلوب دقيقة المأخذ ، تتقارب فيها حدود الحلال والحرام تقارباً
لا يمكن التمييز بينها ، إلا بعد تأملٍ دقيق ، على هدى من علم شامل ، وفقه
عميق ، كالنفاق المحرم ، والمباهاة المباحة ، كيف نميز بينهما ؟ .. وكالخوف
من الله ، واليأس من رحمته .. كيف نفرق بينهما ؟ .. وكرجاء رحمته ،
والغِرة به ، كإضمار ما يجب ستره ، بنية الدعوة إلى العمل بالقدوة ، ونية
الإعجاب بالعمل والرغبة في ثناء الناس ، كيف نفرق بينهما ؟ .. وكالعجب
والكبر ، والمهابة والوقار ..
إن الأعمال تحتاج إلى شروط صحةٍ من زاوية الأحكام الفقهية التي تتعلق
بالجوارح ، وهذه الشروط موجودة في كتب الفقه ، وتحتاج أعمال الإنسان إلى
شروط صحةٍ أخرى من زاوية قبوله عند الله ، وهذه تتعلق بمعرفة النفس
وأحوالها مع ربها .
فالعمل مطلقاً ، والعمل الصالح بخاصة لا يُقبل عند الله إلا إذا كان خالصاً
وصواباً ؛ خالصاً ما ابتُغي به وجه الله ، وهذا من عمل القلب ، وصواباً ما
وافق السنة ، وهذا من عمل الجوارح ، وكل منهما شرط لازم غير كاف .

القاعدة الأولى : الأصل في الأشياء الإباحة .
إن أول مبدأ قرره الإسلام ، أن الأصل فيما خلق الله من أشياء ومنافع هو
الحلُّ والإباحة ، ولا حرام إلا ما ورد فيه نص صحيح وصريح بتحريمه ، من
الله في كتابه ، أو من رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ، فإذا لم يكن
النص صحيحاً ، أو لم يكن صريحاً في الدلالة على الحرمة ، بقي الأمر على أصل
الإباحة ، قال تعالى :

وما كان الله سبحانه وتعالى ، ليخلق هذه الأشياء ، ويسخرها للإنسان ،
ويمنََّ عليه بها ، ثم يحرمه منها ، بتحريمها عليه ، كيف وقد خلقها ،
وسخرها له ، وأنعم بها عليه ، والذي حرمه جل جلاله ، جزئيات منها بسبب
وحكمة بالغة ، ومن هنا ضاقت دائرة المحرَّمات في شريعة الإسلام ضيقاً
شديداً ، واتسعت دائرة الحلال اتساعاً بالغاً .
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو
، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً .. وتلا قوله
تعالى : " وما كان ربك نسياً " .
[ الحديث حسن أخرجه الحاكم ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وعزاه إلى البزار والطبراني في الكبير وأشار إلى حسنه0 ]
إن أصل الإباحة تشمل الأفعال والتصرفات التي ليست من أمور العبادة ، ففي
الأشياء والأفعال ، الأصل أنها مباحة ، ولا يُحرم شيئاً منها إلا بنص ، وفي
العبادات الأصل هو الحظر ، ولا تُشَّرع عبادة إلا بنصٍ .
القاعدة الثانية : التحليل والتحريم ؛ من حق الله تعالى وحده .
التحليل والتحريم ، من حق الله تعالى وحده ، وليس من حق أحدٍ من خلقه ،
أياً كانت درجته في دين الله ، أو دنيا الناس ، فمن فعل ذلك من بني البشر ،
فقد تجاوز حدّه ، واعتدى على حق الربوبية في التشريع للخلق ، ومن رضي
بعمله هذا واتبعه فقد جعله شريكاً لله ، وعُدَّ اتباعه هذا شركاً ، قال
تعالى :


*
وكان السلف الصالح ، لا يصف شيئاً بأنه حرام ، مالم يكن في كتاب الله ، أو
في سنة رسوله ، بيناً بلا تفسير ، وكانوا لا يطلقون الحرام إلا على ما عُلم
تحريمه بالضرورة قطعاً يقيناً ، وكان أحمد ابن حنبل يقول حين يُسأل : "
أكرهه ، لا يُعجبني ، لا أحبه ، لا أستحسنه " .
القاعدة الثالثة : تحليل الحرام ، وتحريم الحلال من أكبر الكبائر .
تحليل الحرام ، وتحريم الحلال يقترن بالشرك ، يقول عليه الصلاة والسلام ،
فيما يرويه عن ربه : " إني خلقت عبادي حُنفاء ، وإنهم أتتهم الشياطين ،
فاجتالتهم عن دينهم ، وحرَّمت عليهم ما أحللت لهم وأمرَتهم أن يشركوا بي ما
لم أنزل به سلطاناً "
[ أخرجه مسلم في صحيحه 8 - 151 ، وأحمد في مسنده 4-162 من حديث عياض بن صحار المجاشعي]
، وقد حارب النبي صلى الله عليه وسلم نزعة التنطع والتشدد ، من دون موجب ، وذمها ، وأخبر بهلاك أصحابها ، فقال عليه الصلاة والسلام :
" ألا هلك المتنطعون ، ألا هلك المتنطعون ، ألا هلك المتنطعون
[ أخرجه مسلم في صحيحه ( 6 /58 ) ورواه أبو داود (3992 ) وأحمد (3473) واللفظ لأبي داود وهو صحيح ]
والتحريم يستطيعه كل إنسان ، حتى الجاهل ، لكن العلماء المتمكنين العاملين
بعلمهم ، المخلصين في عملهم ، هم الذين يبينون للناس ما هو حلال وما هو
حرام ، بالدليل والتعليل ، فالتبليغ مهمة الأنبياء والرسل ، والتبيين مهمة
العلماء من بعدهم .

القاعدة الرابعة : الحلال طيب ، والحرام خبيث .
من حق الله تعالى ، لكونه خالقاً ومربياً ومسيراً ، ومنعماً على خلقه بنعمة
الإيجاد ، ونعمة الإمداد ، ونعمة الهدى والرشاد ، من حقه أن يُحل لهم ،
وأن يُحرّم عليهم ما يشاء ، كما له أن يتعبدهم بالتكاليف والشعائر بما يشاء
، فهو حق ربوبيته لهم ، ومقتضى عبوديتهم له ؛ ولكنه تعالى ، رحمة منه
بعباده ، جعل التحليل والتحريم ، لأسباب معقولة ، راجعةٍ لمصلحة البشر
أنفسهم ، فلم يحل سبحانه إلا طيباً ، ولم يحرم إلا خبيثاً ، قال تعالى :
يُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ
والطيبات هي الأشياء التي تستطيبها النفوس المعتدلة المتوازنة، ويستحسنها
مجموع الناس ، ذوي الفطر السليمة ، استحساناً غير ناشئ عن أثر العادة ،
فالعلاقة بين الحلال ونتائجه علاقة علمية ، أي علاقة سبب بنتيجة ، والعلاقة
بين الحرام ونتائجة علاقة عليمة ، أي علاقة سبب بنتيجة .

القاعدة الخامسة : في الحلال ما يُغني عن الحرام .

من محاسن الشريعة الإسلامية ، أنها لم تُحرم شيئاً إلا عوضت خيراً منه ،
مما يسد مسده ، ويغني عنه ، فالله تعالى ، لم يضيق على عباده من جانب ، إلا
وسَّع عليهم من جانب آخر ، من جنسه ، فإنه سبحانه وتعالى ، لا يُريد
بعباده عنتاً ، ولا إرهاقاً ، بل يُريد بهم اليُسرَ والخير والهداية
والرحمة ، قال أحد العلماء : حرم الله عباده ، الاستقسام بالأزلام ، وعوضهم
عنه دعاء الاستخارة ، حرم عليهم الربا ، وعوضهم التجارة الرابحة ، حرم
عليهم القمار ، وأعاضهم عنه المسابقة في الدين ، حرم عليهم الحرير ،
وأعاضهم عنه الملابس الفاخرة ، حرم عليهم الزنا ، وأعاضهم عنه الزواج
الحلال ، حرم عليهم شرب المسكرات ، وأعاضهم عنها بالأشربة اللذيذة ، حرم
عليهم الخبائث من المطعومات ، وأعاضهم عنها بالمطاعم الطيبات .
ليس في الدين حرمان ، كما يتوهم الجهلة ، فكل شهوة أودعها الله في الإنسان ،
جعل لها قناةً نظيفةً تتحرك من خلالها ، وكل حاجة ، ألجأ الله إليها عباده
، جعل لهم ، أكثر من سبب لتحقيقها ، فالحلال يُغني عن الحرام ، أيما غناء .

القاعدة السادسة : ما أدى إلى حرام فهو حرام .

ومن المبادئ التي قررها الإسلام ، أنه إذا حرَّم شيئاً حرم ما يُفضي إليه
من وسائل ، وسد الذرائع الموصلة إليه ، فإذا حرَّم الزنا ، حرم كل مقدماته
ودواعيه ، من تبرج جاهلي ، وخلوة آثمة ، واختلاط عابث ، وصور فاضحة ، وأدب
مكشوف ، وغناء فاحش فما أدى إلى حرام فهو حرام .
وقرر أيضاً أن إثم الحرام لا يقتصر على فاعله المباشر وحده ، بل تتسع
الدائرة لتشمل كل من شارك فيه بجهد مادي أو أدبي ، كل يناله من الإثم على
قدر مشاركته ، ففي الخمر لعن معها عشرة شاربها ، وعاصرها وحاملها ،
والمحمولة إليه ، وآكل ثمنها 000

القاعدة السابعة : التحايل على الحرام حرام .

وكما حرَّم الإسلام ، كل ما يفضي إلى المحرمات من وسائل ظاهرة ، حرم أيضاً
التحايل على ارتكابها بالوسائل الخفية ، والحيل الشيطانية ، ومن الحيل
الآثمة تسمية الشيء الحرام بغير اسمه ، وتغيير صورته مع بقاء حقيقته ، ولا
ريب أنه لا عبرةَ بتغيير الاسم إذا بقي المسمى ، ولا بتغيير الصورة إذا
بقيت الحقيقة ، فمن باع سلعةً ديناً لستة أشهر بمئة ، ثم اشتراها نقداً
بثمانين ، وادعى أن هذا بيع وشراء ، نجيبه : بأنه لا عبرة لصورة البيع
والشراء ، إنه أقرض ثمانين ليستردها مئة ، وهذا هو الربا بعينه .

القاعدة الثامنة : النية الحسنة ، لا تبرر الحرام .

الإسلام يقدر الباعث الكريم ، والقصد الشريف ، والنية الطيبة ، في تشريعاته ، وتوجيهاته كلها ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :
" إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل مرئ ما نوى " .
[وراه البخاري برقم 1 ، وأبو داود برق1882، وابن ماجه برقم 4217]
وبالنية الطيبة ، تصبح المباحات والعادات ، طاعات وعبادات ، فمن تناول
غذاءه بنية حفظ الحياة ، وتقوية الجسد على طاعة الله ، وأداء واجبه نحو ربه
وأمته ، كان طعامه وشرابه عبادة وقربة ، قال عليه الصلاة والسلام : " 000
وفي بضع أحدكم صدقة ، قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له
فيها أجر ؟ قال : أليس إن وضعها في حرام كان عليه وزر ؟ فكذلك إن وضعها في
حلال كان له أجر "
[هو جزء من حديث طويل أوله : ذهب أهل الدثور بالأجور000 أخرجه مسلم وأبو داود وأحمد ]

وهكذا كل عمل مباح ، يقوم به المؤمن ، يدخل فيه عنصر النية ، فتحيله إلى عبادة .
أما الحرام فشيء آخر .. الحرام هو حرام ، مهما حسنت نية فاعله ، وشرف قصده ،
ومهما كان هدفه نبيلاً ، لا يرضى الإسلام أبداً أن يُتخذ الحرام وسيلةً
إلى غاية محمودة ، لأن الإسلام يحرص على شرف الغاية ، وطهر الوسيلة معاً ،
ولا تقر شريعة الإسلام بحال مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ، أو مبدأ الوصول إلى
الحق بالخوض في كثير من الباطل ، بل توجب شريعة الإسلام ، الوصول إلى الحق
عن طريق الحق وحده ، فمن جمع مالاً من ربا ، أو سحت ، أو لهوٍ حرام ،
ليبني مسجداً ، أو يُقيم مشروعاً خيرياً ، لم يشفع له نبل قصده ، لأن
الحرام في الإسلام ، لا تؤثر فيه المقاصد والنيات ، فالله طيب ولا يقبل إلا
طيباً .

القاعدة التاسعة : اتقاء الشبهات أولى .

من رحمة الله تعالى بالناس ، أنه لم يذرهم في ظلمة من أمر الحلال والحرام ، لقد بيَّن الحلال ، وفصل الحرام ، قال تعالى :
وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ
فأما الحلال البين فلا حرج في فعله ، وأما الحرام البين فلا رخصة في اتباعه
، وهناك منطقة بين الحلال البين والحرام البين ، هي منطقة الشبهات ، التي
يلتبس بها أمر الحل بالحرمة على بعض الناس ، لا على جميعهم ، إما لاشتباهٍ
في الأدلة عليه ، أو لاشتباه في تطبيق النص على الواقعة ، وقد جعل الإسلام
من الورع أن يتجنب المسلم هذه الشبهات ، حتى لا يجرّه الوقوع فيها إلى
مواقعة الحرام الصرف ، قال عليه الصلاة والسلام :
" الحلال بيِّن والحرام بيِّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يدري كثير من
الناس ، أمن الحلال هي أم من الحرام ، فمن تركها استبراءً لدينه وعرضه ،
فقد سلم ، ومن واقع شيئاً منها يوشك أن يُواقع الحرام " .
[رواه البخاري برقم 50 ، ومسلم برقم 2996 ، والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والدارمي ]



يتبع ....."

descriptionبحث حول الحلال والحرام في الإسلام Emptyرد: بحث حول الحلال والحرام في الإسلام

more_horiz
القاعدة العاشرة : الحرام حرام على الجميع .



الحرام في شريعة الإسلام يتسم بالشمول والاضطراد ، فليس هناك شيء حرام على
الأعجمي ، حلال على العربي ، وليس هناك شيء محظور على الملون ، مباح للأبيض
، وليس هناك جواز أو ترخيص ، ممنوح لفئة من الناس ، تقترف باسمه ما طوع
لها الهوى ، بل ليس للمسلم خصوصية تجعل الحرام على غيره حلالاً له ، كلا إن
الله رب الجميع ، والشرع سيد الجميع ، فما أحل الله بشريعته فهو حلال
للناس كافة ، وما حرَّم فهو حرام على الجميع كافة إلى يوم القيامة .

السرقة مثلاً حرام ، سواء أكان السارق ينتمي إلى المسلمين ، أو لا ينتمي ،
وسواء أكان المسروق ينتمي إلى المسلمين ، أو لا ينتمي، والجزاء لازم
للسارق ، أياً كان نسبه أو مركزه ، وهذا ما صنعه رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأعلنه حينما قال :

" إنما أهلك الذين من قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا
سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم الله ؛ لو أن فاطمة بنت محمد
سرقت لقطعت يدها " .

[رواه مسلم في الحدود برقم 3197 ، والترمذي برقم 1350 ، وأحمد برقم 7797]



القاعدة الحادية عشرة : حول ضابط الكسب الحلال 0



وهي قاعدة مهمة جداً في الكسب ، إن الإسلام لا يُبيح لأبنائه أن يكتسبوا
المال كيفما شاؤوا ، وبأي طرق أرادوا ، بل هو يفرِّق بين الطرق المشروعة ،
باكتساب المعاش ـ نظراً إلى المصلحة الجماعية ـ وبين الطرق غير المشروعة ،
وهذا التفريق ، يقوم على المبدأ الكلي وهو : إن جميع الطرق لاكتساب المال
التي لا تحصل فيها المنفعة للفرد إلا بخسارة فرد غيره ، غير مشروعة .. وإن
الطرق التي يتبادل فيها الأفراد المنفعة فيما بينهم بالعدل والتراضي مشروعة
.. هذا المبدأ يبينه قوله تعالى :



لقد أشارت كلمة لا تأكلوا أموالكم ، ولم يقل الله عز وجل لا تأكلوا أموال
غيركم ، لقد أشارت كلمة " لا تأكلوا أموالكم " في الآية إلى حقيقة أساسية ،
وهي ما ينبغي أن يكون عليه المؤمنون من أخوة صادقة ، ومشاركة وجدانية
حانية ، يجسدها شعور المؤمن الحق أن مال أخيه هو ماله ، من زاوية واحدة ،
وهي وجوب الحفاظ عليه ، وصونه من التلف والضياع ، فلأن يمتنع عن أكله
بالباطل من باب أولى ، وأن مال أخيه هو ماله ، من زاوية ثانية ، وهي أن
المؤمن إذا أكل مال أخيه أضعفه ، وفي إضعافه إضعاف لذاته ، فالمؤمن إذا
أكل ما أخيه فكأنما أكل ماله ، لذلك ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه
وسلم :

" كل المسلم على المسلم حرام ، ماله ودمه وعرضه

[رواه مسلم في البر والصلة برقم 4650، والترمذي برقم 1850، وأبو داود في الأدب برقم 4238 ، وابن ماجه في

الفتن برقم 3923 ، وأحمد 7402]

* * *



أهمية هذه القواعد :



هناك في الدين حقائق ، يجب أن تُعلم بالضرورة ، وهي فرض عين على كل مسلم ،
ذكراً كان أو أنثى ، بصرف النظر عن اختصاصه العلمي ، وعمله المهني ، ودوره
الاجتماعي ، وحاله النفسي ، فإن لم يعلمها شقي ، وهلك في الدنيا والآخرة ،
حقائق يجب أن تعلم بالضرورة .. نضرب على هذا مثلاً ، حينما يهبط إنسان من
طائرة بالمظلة ، هناك حقائقُ كثيرة عن المظلة ، نوع قماشها ، مساحته ، شكله
، لونه ، نوع حبالها ، أطوالها ، أقطارها ، ألوانها ، وطريقة فتح المظلة ،
فقد يجهل الذي يستخدم المظلة للهبوط من الطائرة نوع قماشها ، ومساحته ،
وشكله ، ولونه ، ونوع حبالها وأطوالها ، وأقطارها ، وألوانها ، ويهبط
سالماً .. أما إذا جهل طريقة فتح المظلة فلا بد من أن يصل إلى الأرض ميتاً ،
طريقة فتح المظلة يجب أن تُعلم بالضرورة لأي مظلي ، والحلال والحرام جزء
من الدين ، وهو من أخطر أجزائه ، وهو الذي ينبغي أن يُعلم بالضرورة لكل
مسلم ، وحاجة المسلم إلى معرفة الحلال والحرام ، كحاجة المظلي إلى معرفة
طريقة فتح المظلة .



* * *



قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد فتح خيبر الحجاج بن علاط
السلمي ، فأسلم ، وكان غنياً كثير المال ، فقال يا رسول الله : إن مالي عند
امرأتي أم شيبة بمكة ، ومتفرق في تجار مكة ، فاذن لي يا رسول الله ، أن
آتي مكة ، لآخذ مالي ، قبل أن يعلموا بإسلامي ، عندئذ لا أقدر على أخذ شيء
منه ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال الحجاج يا رسول الله :
لا بد من أن أقول [ أي أتقول ، أذكر ما هو خلاف الواقع ] حتى أحتال به
لأخذ ماله ، فقال عليه الصلاة والسلام ، كمالاً منه ، ورحمة بالحجاج : قل
ما شئت ، قال الحجاج فخرجت حتى إذا قدمت مكة ، وجدت بثنية البيضاء رجالاً
من قريش يستمعون الأخبار ، ويسألون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد
بلغهم أنه سار إلى خيبر ، وهي من أقوى قرى الحجاز ، وهم يتجسسون الأخبار من
الركبان ، وكان بينهم تراهن عظيم على مئة بعير حول من سيغلب ، أهل خيبر أم
رسول الله ، فلما رأوا الحجاج ولم يكونوا علموا بإسلامه ، قالوا : الحجاج
والله عنده الخبر اليقين ؛ يا حجاج ، إنه قد بلغنا أن القاطع [يعنون رسول
الله صلى الله عليه وسلم ] قد سار إلى خيبر ، فقال الحجاج : عندي من الخبر
ما يسركم ، فاجتمعوا عليه يقولون إيه يا حجاج ، قال الحجاج : فقلت لهم : لم
يلق محمد وأصحابه قوماً يحسنون القتل مثلهم ، فهزم هزيمةً لم يُسمع بمثلها
، وأسر محمد ، وقالوا لا نقتله حتى نبعث به إلى مكة ، فنقتله بين أظهرهم ،
بمن كان أصاب من رجالهم ، فانطلق هؤلاء الرجال فرحين أشد الفرح إلى أهل
مكة ، فقيل لهم قد جاءكم الخبر ، هذا محمد ، إنما تنتظرون أن يُقدم به
عليكم فيُقتل بين أظهركم ، ثم قال لهم الحجاج ، أعينوني على غرمائي أريد أن
أقدم فأصيب من غنائم محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى هناك ، فجمعوا
إليّ مالي على أحسن ما يكون ، ففشا ذلك بمكة ، وأظهر المشركون الفرح
والسرور ، وانكسر من كان بمكة من المسلمين ، وسمع بذلك العباس بن عبد
المطلب ، فجعل لا يستطيع أن يقوم ، من شدة حزنه من هذا الخبر ، ثم بعث
العباس إلى الحجاج غلاماً ليقول له يا حجاج : الله أعلى وأجل من أن يكون
الذي جئت به حقاً ، فقال الحجاج للغلام : اقرأ على أبي الفضل السلام ، وقل
له : ليُخِلِ لي بعض بيوته ، لآتيه بالخبر على ما يسره ، واكتم عني ، فأقبل
الغلام فقال : أبشر أبا الفضل ، فوثب العباس فرحاً كأن لم يمسه شيء ،
وأخبره بذلك ، فأعتقه العباس رضي الله عنه لوجه الله : وقال لله علي عتق
عشر رقاب على هذا الخبر السار ، فلما كان الظهر ، جاءه الحجاج ، فناشد
العباس أن يكتم عنه ثلاثة أيام ، وقال إني أخشى الطلب ، فإذا مَضَتْ ثلاثٌ
فأظهر أمرك ، وطالت على العباس تلك الأيام الثلاث ، وبعد مضي هذه الأيام
الثلاث عمد العباس رضي الله عنه إلى حُلة فلبسها ، وتخلق بخلوقٍ [ أي تطيب
بنوع من الطيب ] وأخذ بيده قضيباً ، ثم أقبل يخطر حتى أتى مجالس قريش ، وهم
يقولون ـ إذا مر بهم لا يصيبك ـ إلا الخير يا أبا الفضل ، هذا والله من
التجلد بحرّ المصيبة ، قال : كلا والله الذي حلفتم به ، لم يصبني إلا خير ،
بحمد الله ، أخبرني الحجاج أن خيبر فتحها الله على يد رسوله صلى الله
عليه وسلم ، وجرت فيها سهام الله وسهام رسوله ، وتزوج رسول الله ، صلى الله
عليه وسلم صفية بنت ملكهم ، وإنما قال لكم ذلك ليخلص ماله منكم ، وإلا فهو
ممن أسلم ، فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين ، على المشركين فقال
المشركون : ألا يا عباد الله ، انفلت عدو الله [ يعنون حجاجاً ] أما والله
لو علمنا لكان لنا وله شأن ، ولم يلبثوا أن جاءهم الخبر بذلك .

[وقد ذكر هذه القصة ابن سعد في طبقاته ]

تتصل هذه القصة ، من زاوية واحدة من زواياها ، بموضوع الحلال والحرام ، ويستنبط منها ثلاث حقائق 0

الحقيقة الأولى : تتعلق بسنة من سنن الله في خلقه ، وهي أن الله جل جلاله
ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد 0

والحقيقة الثانية : تتعلق بخلق عظيم من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو رحمته بأصحابه ، وحرصه على مصالحهم 0

والحقيقة الثالثة : تتعلق بحكم فقهي في المال ، وهو أن حقوق العباد مبنية عل المشاححة ، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة 0



* * *



تطبيقاً لقول الله عز وجل : " يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " 0 هذه
الشجرة المباركة ، الزيتونة ، تعد ثمرتها غذاء ووقاء ودواء ، فقد أهمل
الطب الحديث البحث عما في غذاء الإنسان من فوائد وقائية ، وعلاجية ،
وغذائية ، لكن في عام ألف وتسعمئة وستة وثمانين ، ظهرت أول دراسة موضوعية
عن أثر زيت الزيتون في تخفيض شحوم الدم ، ثم أظهرت دراسة أخرى تبعتها ، أن
أمراض شرايين القلب ، واحتشاء العضلة القلبية ، كانت نادرةً بل شبه معدومة
في جزيرة كريت ، بسب أن أهل هذه الجزيرة يأكلون زيت الزيتون بكميات كبيرة ،
وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :

" كلوا الزيت وادهنوا به ، فإنه يخرج من شجرة مباركة " .

[رواه الترمذي في الأطعمة برقم 1774، وابن ماجه في الأطعمة برقم 3311 ، وأحمد في مسند المكيين برقم15475 وهو صحيح 0]

يقول العلماء : زيت الزيتون أسهل أنواع الزيوت هضماً ، وفيه قيمة وقائية
وعلاجية وغذائية ، وقد أجمع الأطباء على أن هذا الزيت له تأثير علاجي عجيب
، من هذا التأثير ، أنه يمكن أن نستخدمه ، لخفض الكولسترول ، الضار في
الإنسان ، ورفع الكولسترول النافع ، ويستخدم أيضاً ، لخفض الضغط المرتفع ،
ويُستخدم أيضاً لمرضى السكر، ويستخدم لوقاية الشرايين والأوعية من تصلبها ،
وفيه مادة تمنع تخثرالدم ، وتقي الشرايين من ترسب المواد الدهنية على
جدرانها ، ومن التحليلات الدقيقة أن مئة غرام من زيت الزيتون فيه غرام
بروتينات ، وأحد عشر غراماً من الدسم ، وفيه البوتاسيوم ، والكالسيوم ،
والمنغنيزيوم ، والفوسفور، والحديد والنحاس، والكبريت ، وفيه ألياف ، وهو
غني بأهم الفيتامينات المتعلقة بتركيب الخلايا ونشاطها ، والمتعلقة
بالتناسل وبالعظام ، وهو غذاء للدماغ جيد ، وغذاء للأطفال ، وله تأثير في
تفتيت الحصيات ؛ حصيات المرارة والمثاني ، وله أثر ملطفٌ للالتهابات
والأمراض الجلدية ، هذا الزيت له أثر طيب ، ونافع حتى في الاستعمال
الخارجي ، والنبي عليه الصلاة والسلام ، لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي
يُوحى . فهناك أحاديث كثير عن الزيت ، من أبرزها هذا الحديث :

" كلوا الزيت وادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة "

ويكاد بلدنا الطيب بفضل الله تعالى ، أن يصل إلى المرتبة الأولى في العالم في زراعة شجرة الزيتون .



ختاماً لهذا الموضوع ، أضع بين أيديكم ، الحقيقة التالية ، يتفوق الإنسان
في الدين ، لا بحجم ثقافته الدينية ، ولا بحجم عواطفه الجياشة ، نحو
الإسلام والمسلمين ، ولا بحجم المظاهر الدينية التي يحيط بها نفسه ، ولكن
يتفوق في الدين بمدى استقامته على منهج ربه ، قال تعالى :

" إن أكرمكم عند الله أتقاكم "

ويتفوق أيضاً ، بحجم عمله الصالح ، الذي يعود نفعه على المسلمين بخاصة ، وعلى الإنسانية بعامة ، قال تعالى :

" ولكل درجات مما عملوا "

هذه الاستقامة ، وهذا العمل الصالح ، لا يُقبلان عند الله في الآخرة إلا إذا بُنيا على معرفة بالله صحيحة ومتينة ، قال تعالى :



قيل لأحد العارفين ، من هو الولي ، أهو الذي يمشي على وجه الماء ، قال :
لا ، قالوا أهو الذي يطير في الهواء ، قال :
لا ، قال : الولي كل الولي ،
الذي تجده عند الحرام والحلال " أن يجدك حيث أمرك ، وأن يفتقدك حيث نهاك

بحث حول الحلال والحرام في الإسلام 136996

descriptionبحث حول الحلال والحرام في الإسلام Emptyرد: بحث حول الحلال والحرام في الإسلام

more_horiz
شكرااااااااااا لك اخي
على الموضوع المميز




بحث حول الحلال والحرام في الإسلام 397959 بحث حول الحلال والحرام في الإسلام 397959
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد