سوريا: نجاح دفاعي ينسف ادعاء ات مزيفة / بقلم: العميد الركن د. أمين حطيط

سوريا: نجاح دفاعي ينسف ادعاء ات مزيفة / بقلم: العميد الركن د. أمين حطيط  B84c5756f6a889fa332015e4458021f9_XL


تحاول ادوات المخطط التفتيتي الاحتلالي ان يصنعوا لانفسهم نصرا في سوريا بتعداد منجزاتهم، من اجل هدفين:

- الاول اكتساب الثقة بصوابية التحرك و انتاجيته.

- و الثاني من اجل رفع معنويات من تبعهم بعد ان خدع بشعاراتهم و خططهم ما دفعه للانخراط في المسار التنفيذي لهذا المخطط - المؤامرة .

و في هذا السياق يحتسبون من عداد منجزاتهم قدرتهم على التأثير على بعض الضباط و المسؤولين و حملهم على الانشقاق و التمرد و الالتحاق بالحركة المستهدفة للدولة السورية و نظامها ، كما يضيفون بعد التضخيم ( بشكل لا يقبله عقل و لا يثبته واقع) حجم التظاهرات مدعين سلميتها ، مضيفين ردة فعل الدولة في مواجهتها ، و لكن الورقة الاهم التي يستندون اليها بشكل اكبر و افعل كما يبدو من سلوكهم هي ورقة الخارج ، حيث يصوروا الدولة السورية بنظامها القائم باتت معزولة و انها لن تقوى على الاستمرار في هذه العزلة الدولية لان صبر الخارج لن يطول و سيضطر للتدخل في يوم قريب تحت عنوان معين حتى و لو كان انسانيا ليغير الواقع .( طبعا نرى في رهانهم على الخارج و تطلعهم اليهم شيء من واقعية لا يمكن ان ننكرها لانه لولا هذا الخارج لاتخذت الحركة المطلبية في سوريا مسارا آخراً و لرأيت السوريين بقادة الرأي و الفكر لديهم جميعا يتحلقون حول طاولة حوار وطني باحثين عن السبيل الاسلم و المسار الافضل لبلدهم لتطوير نظامه و تراكم القوة فيه ) .

و الان و في مناقشة ما يحتسبه من يسمى معارضة سورية انجازات نجد الحقيقة في مكان و الادعاء في مكان آخر حيث نرى:

1) بالنسبة
للقوى العسكرية و الرسمية المدنية : ظهر بالدليل القاطع ان التماسك الرسمي
في النظام و في اجهزته المدنية و العسكرية فوق ما كان يتصور ارباب الخطة –
المؤامرة و قد صرح ذلك علنا وامام لجنة الشؤون الخارجية الاميركية
السفير الاميركي في دمشق عندما استدعي لبلاده للاستماع اليه حول الوضع
السوري ، كما اكدت هذه الحقيقة كل وسائل الاعلام الغربي التي بقيت على حد
معقول من الموضوعية و لم تنجرف في تحيزها و تحريضها الى حد التزوير الكلي .
كما ان من ادعي انشقاقه او تمرده تبين انه خطف او غرر به و لم يكن خروجه
نتيجة قناعة و في كل الاحوال لا يشكل وجود بضعة افراد من هؤلاء ظاهرة يبنى
عليها . فيكون الانجاز الاول كذبة لا يتضرر منها الا من اطلقها لانه يغري
نفسه بشيء غير موجود فيبني عليه و سرعان ما يتفاجأ بانهيار البناء.

2) بالنسبة للتظاهرات المدنية فقد بات يقينا و تحت سمع و بصر العالم ان التظاهرات تراجعت في سوريا من خروج ما يقارب المليون
متظاهر او اكثر بقليل في كل انحاء سوريا و ساحاتها في الاشهر اثلاثة
الاولى للتحرك تراجعت الى ما دون بضعة الاف في كل انحاء سوريا معظهم ممن
يخرجون من المساجد بعد صلاة الجماعة او الجمعة فيستغل الحشد عند الخروج
ليدخل فيه من يطلق شعارا او عنواناً ضد النظام و يصور على ان الجميع وراء
هذا الامر ، و اننا في التحليل و التقييم الميداني لا يمكن اعتبار الحركة
المدنية الاحتجاجية مستمرة في الشارع السوري اليوم و السبب برأينا هو
انكشاف حقيقة الخطة – المؤامرة امام وعي الشعب السوري الذي ثبت باليقين القاطع .

3) و يبقى الامر الاخير و هو ما يستحق التوقف عنده لانه السلاح المتبقي
الاساس بيد المخطط و المنفذ ضد سوريا و هو دور الخارج . و السؤال الاساس
هل نجحت المؤامرة فعلا في عزل سوريا ؟ و هل ان سوريا عاجزة عن التعايش مع
الواقع الدولي المستجد ؟

في سياق تعداد من يقف موقفا سلبيا من سوريا متدرجا من
الجفاء و القطيعة الى الخصومة و العداء يذكر المعارضون موقف الامين للعام
للامم المتحدة للايحاء بانه موقف الامم المتحدة كلها ، ثم يدرجون الحلف
الاطلسي بالقيادة الاميركية و الاتحاد الاوروبي و اوروبا خاصة الدول
المؤثرة ( فرنسا – بريطانيا – المانيا ) و يتابعون ذكر مجلس تعاون بلدان
الخليج (الفارسي) العربية و موقف الامين العام للجامعة العربية و مجلس
الجامعة . و اذا حللت طبيعة هذه الكيانات لرأيتها كلها كانت في
الاصل منتظمة في منظومة دولية واحدة قامت من اجل تنفيذ المشروع الغربي و
ارساء المصالح الاميركية الاوروبية، و بالتالي فان اتخاذها لموقف واحد ضد
سوريا ليس بالامر الجديد و هي لم تكن يوما الا عاملة ضدها لان سوريا استمرت
متمسكة بسيادتها و حقوقها القومية . و هنا تسجل ملاحظة حول اقحام الامم
التحدة و الجامعة العربية من خلال مواقف الامين العام لكل منهما و نذكر ان
الامين العام لا يحدد سياسة المنظمة بل ينطق بقراراتها و ينفذها ، و نعلم
ان الامم المتحدة لم تتخذ قرارا واحدا ضد سوريا و بالتالي فان موقف الامين
العام فيها هو موقف شخصي يسدد
عبره فواتير تعيينه للحلف الغربي ، اما الجامعة العربية فيعلم الجميع ان
قراراتها لا تتخذ الا بالاجماع و ان مجلس الجامعة منقسم على نفسه حيال
سوريا و ان اي موقف يتخذه الامين العام ضد سوريا يعد خروجا عن الميثاق و لا
يلزم الجامعة .

- وفي مقابل من يجافي او يخاصم سوريا نجد ان هناك من يحتضنها و بالتالي ان العزلة المتحدث عنها غير موجودة لأن الواقع يظهر
الان ان في العالم انقسام الى معسكرين متواجهين : واحد تقوده اميركا و
اسرائيل من اجل الاطاحة بقلعة استراتيجية منعت نجاح المشروع الغربي او
عرقلت مراحله ، و آخر و هو مؤلف من دول عربية و اسلامية و دولية كبرى يرى
ان في استمرار سوريا في موقعها الاستراتيجي تحقيقا لمصالحه القومية و
الانسانية , و لكل من المعسكرين اوراق قوة فاعلة يستعملها لكن الفارق
بينهما ان المعسكر الاول يمارس الهجوم التأمري و الثاني يمارس الدفاعي
المشروع ، و هو يملك من القوة و الاوراق ما يمكنه من النجاح في المواجهة و
اسقاط الهجوم الذي يستهدفه . و استطاع هذا الدفاع ان يحقق دوليا اقفال مجلس
الامن و يعطل شرعية قرارات الجامعة العربية و يمنع تشكل اي حالة تشرذم
محلي في سوريا و هو بذلك سجل من الانجازات ما يمكنه من القول بانه في مأمن و طمأنينة للمستقبل .

و
على هذا نرى ان ما يدعيه منفذو المخطط التآمري على سوريا من انجازات هو
وهم لا واقعية فيه ، و ان بيد سوريا و المعسكر الذي يعنيه شأنها من الاوراق ما يمكنها من المتابعة الفاعلة للعملية الدفاعية التي نفذتها بنجاح مؤكد حتى الان .