عميد الأسرى المقدسيين محكوم 3 مؤبدات و11 عامًا
فؤاد الرازم: شمس الحرية تشرق بعد 30 عامًا من الأسر (تقرير)
بعد 30 عامًا خلف قضبان الأسر، سيتنسم عميد الأسرى المقدسيين
فؤاد قاسم عرفات الرازم، ربيع الحرية، بعد أن انتزعت كتائب القسام اسمه
بقوة ليكون ضمن قائمة المحررين في صفقة "وفاء الأحرار" تقديرًا للمدينة
المباركة ولمسيرة جهاد وتضحية فريدة.
وعلم مراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" أن الرازم الذي فشلت في
السابق كلُّ مساعي الإفراج عنه وكانت قوات الاحتلال تضعه ضمن الخطوط الحمر
كونه نفذ عمليات قتلت صهاينة وكونه من مدينة القدس المحتلة، هو بالفعل أحد
الذين سيطلق سراحهم ضمن صفقة التبادل، وأنه سيحرر إلى غزة بانتظار العودة
إلى مسقط رأسه القدس ولو بعد حين.
في القدس ولد..
الأسير الرازم هو من مواليد 9/12/1957 في مدينة القدس، وأنهى
تعليمه الابتدائيّ والإعدادي في مدرسة سلوان، ثمّ انتقل للدراسة في مدرسة
دار الأيتام الإسلامية الثانويّة، وبعد تخرّجه التحق بالمعهد الشرعي في
القدس عام 1977م ، وأثناء دراسته في المعهد الشرعي عمل موظفًا في دائرة
الأوقاف الإسلامية وإمامًا لمسجد في إحدى ضواحي مدينة القدس، ليتخرّج في
المعهد عام 1979م.
مسيرة الجهاد
بدأ الرّازم عمله الجهادي عام 1976م حين شارك في المظاهرات التي
كانت تنطلق من ساحات المسجد الأقصى المبارك على إثر مذابح ومجازر تل الزعتر
في لبنان، وقد استمرت تلك المظاهرات ما يقرب الشهرين، وكان للرّازم دورٌ
كبير في قيادتها بحكم قرب المدرسة التي كان يدرس بها من المسجد الأقصى.
في تلك السنة تدرب الرّزام على صناعة قنابل المولوتوف على أيدي
أحد طلاب المدرسة، فصنّع الرّازم عدة زجاجات منها ووألقاها على قوّات
الاحتلال، ومنذ تلك اللحظة بدأ نشاطه السياسي والمقاوم، فشكّل مع مجموعة من
أصدقائه خليّة مقاومة ذاتيةً.
حاول أفراد هذه الخليّة بناء أنفسهم ذاتيًّا؛ فبدأوا بالتدرّب
على رياضة الكاراتيه حيث كان أحد أفراد الخليّة يحمل الحزام الأسود وبدأ
بتدريبهم، أمّا السّلاح فكانوا يستحوذون عليه من جنود ودوريّات الاحتلال.
قتل جنود صهاينة
وكانت قطعة السّلاح الأولى التي حصلوا عليها مسدّسًا بسيطًا
يحوي ستّ رصاصات فقط انتزعوه من أحد الجنود الذين كانوا يتجوّلون في أحياء
القدس، وبواسطة هذا المسدّس نفّذوا عمليّتهم الأولى بتاريخ 4/4/1978 ؛ حين
هاجم أفراد المجموعة أحد الجنود المدجّجين شرق مدينة القدس وأطلق الرّازم
رصاصةّ واحدةً عليه من مسافة صفر فأرداه قتيلا، لكنّه ورفاقه لم يستطيعوا
الحصول على سلاحه لأن سيارةً عسكرية صهيونية وصلت في نفس اللحظة التي تم
إطلاق النار فيها، فآثروا الاختفاء على أخذ السلاح.
كانت هذه أولى العمليات التي نفّذها أفراد هذه المجموعة توالت
بعدها سلسلة من العمليّات منها اغتيال جنديٍّ آخر عام 1978م، وخطف مسدس من
جنديٍّ ثانٍ، وقتل مستوطنٍ يهوديٍّ في القدس بتاريخ 17/9/1979، إضافةً إلى
عددٍ آخر من الهجمات وعمليّات الاستحواذ على السّلاح.
الاعتقــــال
في عام 1981 اعتُقل أحد أصدقاء الرّازم في المعهد الشّرعي، وتحت
التّعذيب اعترف صديقه بأنّ فؤاد هو من درّبه على استخدام السّلاح، فداهمت
قوّات الاحتلال منزل عائلة الرّازم في 30/1/1981 بعد فترةٍ بسيطة من عودته
من أداء فريضة الحج، واقتحم جنود الاحتلال المنزل وعاثوا فيه فسادًا ثمّ
اعتقلوه، وتعرّض فؤاد الذي كان في الـ22 من عمره لموجات شرسة من التعذيب
الوحشي لانتزاع المعلومات منه على مدار أربعة أشهر متواصلة من دون رحمة،
أوصلته إلى حالة صحية سيئة.
لمحاولة الضغط النفسي على فؤاد اعتقل المحتلّون والديْه
وأخضعوهما لمضايقات جعلتهما يدخلان المشفى فور إطلاق سراحهما، إذ وُضعا في
غرفة تطلق هواء ساخنًا وخانقًا، ولم يسمح لهما بمغادرتها ورغم طرقاتهما
المتواصلة على الباب إلى أن فقدت الوالدة الوعي، وأصيب الوالد بنوبات من
الغثيان والقيء المستمر لساعات، واضطرّ بعدها والدا الرّازم إلى السير على
أقدامهما أربع ساعات للوصول للبيت بعد ما حلّ بهما.
رغم ذلك كلّه رفض فؤاد الإدلاء بأي اعتراف يشفي غليل المحتلّين
وغيظهم، فلجأوا إلى اعتقال شقيقته نبيلة (أم نضال) -التي كانت والدة لطفلين
آنذاك- مع والدته بالقوّة. وإيهام فؤاد بالاعتداء عليهما لزيادة الضغط
النفسي عليه.
الحكم الجائر
وبعد 36 جلسة من الأخذ والرد واستجواب شهود ادعاء ضده بلغ عددهم
130 شخصًا، جاء يوم النّطق بالحكم في 9/6/1982 وسُمح لوالدة فؤاد فقط
بالحضور، بينما بقي أفراد أسرته خارج مبنى المحكمة بانتظار إصدار الحكم،
وبشجاعة نادرة تحدّى فؤاد القاضي الذي كان مسلحًا ويلبس بزّة عسكرية، فبعد
النطق بالحكم الجائر القاضي بسجن فؤاد الرازم لثلاثة مؤبدات وأحد عشر عامًا
بتهمة قتل جنودٍ وعملاء وحرق سيارات السماسرة وباعة الأراضي في القدس،
وتحضير العبوات الناسفة، والتحريض وتجنيد الشباب في خليته، هجم فؤاد على
القاضي مع أحد زملائه وحاول انتزاع سلاحه ولكن الحرّاس رشّوه بالغاز المسيل
للدموع وأوسعوه ضربًا حتى فقد وعيه داخل المحكمة واقتيد من هناك إلى سجن
الرملة.
وفاة والدته ولقاء الوداع
ويقول الباحث في شئون الأسرى، عبد الناصر فروانة، أنه وخلال
مسيرة حياته واعتقاله الطويلة تعرض "فؤاد" للكثير من المواقف المؤلمة
والمحزنة، المؤثرة والمعبِّرة، أهمها وفاة والدته، و حرمانه من رؤيتها
طوال أكثر من ست سنوات سبقت وفاتها، وحينما اشتد عليها المرض، وانتقلت إلى
المستشفى في وضع صحي خطير للغاية، تقدم بطلب لإدارة السجن للسماح له
بزيارتها ولو لبضع دقائق في المستشفى حيث كانت ترقد هناك في غرف العناية
المركزة، إلا أن الإدارة رفضت طلبه، وبعد إلحاح شديد وتدخل بعض المؤسسات
الحقوقية، سُمح بإحضار والدته من غرف العناية المركزة وعلى سرير الموت داخل
سيارة الإسعاف، لتزوره بسجن "أهلي كيدار" في بئر السبع حيث كان يقبع هناك،
وسمح لهما بالتقاط بعض الصور التذكارية المؤلمة والقاسية للقاء صعب وكأنه
لقاء الوداع الأخير، وكان ذلك بتاريخ 24-8-2005، ولم تمضِ سوى أيام حتى
فارقت الحياة بتاريخ 13-9-2005 ليُحرم من رؤيتها وإلى الأبد، ودون أن تكتحل
عيناها برؤيته خارج قضبان السجن كما كانت تحلم دومًا.
وبعد زيارة والدته له كتب "الرازم" قصة يصف فيها لقاءه الأخير
بوالدته قبل وفاتها بعنوان "زيارة أُم مودعة" وورد فيها "لا يعرف قلب الأم
إلا الألم، الأيام والسنون في قلب السجون تسرق الأعمار دون رقيب أو حسيب
ودون أن يشعر الإنسان، ويبقى الشوق والحنين حبيس الصدور إلى الأهل ..الأم ،
الأب .. الإخوة والأخوات ، ولكل أبنائهم وبناتهم، ولكن تبقى الأم هي
العنوان، فرغم ما يمر بها من آلام وأحزان، رغم قسوة المرض المزمن الذي نال
من جسدها حتى أصبح نحيلًا وجعلها حبيسة المنزل ملاصقة الفراش، متنقلة بين
المنزل والمستشفيات، يبقى قلب الأم هو قلب الأم، القلب الرؤوف الرحيم
الحنون".
تنقل بين السجون
تنقّل الرّازم، وهو أقدم أسرى حركة الجهاد الإسلامي في السجون
الصهيونية، على مدار 30 عامًا بين غالبية السجون ومنها: الرّملة وعسقلان
وبئر السّبع ونفحة وشطّة وهداريم وبئر السبع.
ورغم كلّ ما قاساه استمر فؤاد بتعبئة الأسرى في خطب الجمعة التي
يلقيها، فكان عقابه كلّ مرّةٍ قاسيًا مريرًا؛ حيث كان يٌعزل لشهور ويمنع من
الزيارات إضافةً إلى التضييق على أهله أثناء الزّيارات، وبعد كلّ هذا، كان
فؤاد يوصي أهله في كل زيارة بقوله: "لا تتوسلوا لأحد بل الجأوا إلى رب
العالمين فهو نصيرنا وهو مغيثنا والفرج قريب بإذن الله لا بإرادة المحتل،
والصبح قريب فاصبروا فإنني صابر ومحتسب".
فؤاد الرازم: شمس الحرية تشرق بعد 30 عامًا من الأسر (تقرير)
بعد 30 عامًا خلف قضبان الأسر، سيتنسم عميد الأسرى المقدسيين
فؤاد قاسم عرفات الرازم، ربيع الحرية، بعد أن انتزعت كتائب القسام اسمه
بقوة ليكون ضمن قائمة المحررين في صفقة "وفاء الأحرار" تقديرًا للمدينة
المباركة ولمسيرة جهاد وتضحية فريدة.
وعلم مراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" أن الرازم الذي فشلت في
السابق كلُّ مساعي الإفراج عنه وكانت قوات الاحتلال تضعه ضمن الخطوط الحمر
كونه نفذ عمليات قتلت صهاينة وكونه من مدينة القدس المحتلة، هو بالفعل أحد
الذين سيطلق سراحهم ضمن صفقة التبادل، وأنه سيحرر إلى غزة بانتظار العودة
إلى مسقط رأسه القدس ولو بعد حين.
في القدس ولد..
الأسير الرازم هو من مواليد 9/12/1957 في مدينة القدس، وأنهى
تعليمه الابتدائيّ والإعدادي في مدرسة سلوان، ثمّ انتقل للدراسة في مدرسة
دار الأيتام الإسلامية الثانويّة، وبعد تخرّجه التحق بالمعهد الشرعي في
القدس عام 1977م ، وأثناء دراسته في المعهد الشرعي عمل موظفًا في دائرة
الأوقاف الإسلامية وإمامًا لمسجد في إحدى ضواحي مدينة القدس، ليتخرّج في
المعهد عام 1979م.
مسيرة الجهاد
بدأ الرّازم عمله الجهادي عام 1976م حين شارك في المظاهرات التي
كانت تنطلق من ساحات المسجد الأقصى المبارك على إثر مذابح ومجازر تل الزعتر
في لبنان، وقد استمرت تلك المظاهرات ما يقرب الشهرين، وكان للرّازم دورٌ
كبير في قيادتها بحكم قرب المدرسة التي كان يدرس بها من المسجد الأقصى.
في تلك السنة تدرب الرّزام على صناعة قنابل المولوتوف على أيدي
أحد طلاب المدرسة، فصنّع الرّازم عدة زجاجات منها ووألقاها على قوّات
الاحتلال، ومنذ تلك اللحظة بدأ نشاطه السياسي والمقاوم، فشكّل مع مجموعة من
أصدقائه خليّة مقاومة ذاتيةً.
حاول أفراد هذه الخليّة بناء أنفسهم ذاتيًّا؛ فبدأوا بالتدرّب
على رياضة الكاراتيه حيث كان أحد أفراد الخليّة يحمل الحزام الأسود وبدأ
بتدريبهم، أمّا السّلاح فكانوا يستحوذون عليه من جنود ودوريّات الاحتلال.
قتل جنود صهاينة
وكانت قطعة السّلاح الأولى التي حصلوا عليها مسدّسًا بسيطًا
يحوي ستّ رصاصات فقط انتزعوه من أحد الجنود الذين كانوا يتجوّلون في أحياء
القدس، وبواسطة هذا المسدّس نفّذوا عمليّتهم الأولى بتاريخ 4/4/1978 ؛ حين
هاجم أفراد المجموعة أحد الجنود المدجّجين شرق مدينة القدس وأطلق الرّازم
رصاصةّ واحدةً عليه من مسافة صفر فأرداه قتيلا، لكنّه ورفاقه لم يستطيعوا
الحصول على سلاحه لأن سيارةً عسكرية صهيونية وصلت في نفس اللحظة التي تم
إطلاق النار فيها، فآثروا الاختفاء على أخذ السلاح.
كانت هذه أولى العمليات التي نفّذها أفراد هذه المجموعة توالت
بعدها سلسلة من العمليّات منها اغتيال جنديٍّ آخر عام 1978م، وخطف مسدس من
جنديٍّ ثانٍ، وقتل مستوطنٍ يهوديٍّ في القدس بتاريخ 17/9/1979، إضافةً إلى
عددٍ آخر من الهجمات وعمليّات الاستحواذ على السّلاح.
الاعتقــــال
في عام 1981 اعتُقل أحد أصدقاء الرّازم في المعهد الشّرعي، وتحت
التّعذيب اعترف صديقه بأنّ فؤاد هو من درّبه على استخدام السّلاح، فداهمت
قوّات الاحتلال منزل عائلة الرّازم في 30/1/1981 بعد فترةٍ بسيطة من عودته
من أداء فريضة الحج، واقتحم جنود الاحتلال المنزل وعاثوا فيه فسادًا ثمّ
اعتقلوه، وتعرّض فؤاد الذي كان في الـ22 من عمره لموجات شرسة من التعذيب
الوحشي لانتزاع المعلومات منه على مدار أربعة أشهر متواصلة من دون رحمة،
أوصلته إلى حالة صحية سيئة.
لمحاولة الضغط النفسي على فؤاد اعتقل المحتلّون والديْه
وأخضعوهما لمضايقات جعلتهما يدخلان المشفى فور إطلاق سراحهما، إذ وُضعا في
غرفة تطلق هواء ساخنًا وخانقًا، ولم يسمح لهما بمغادرتها ورغم طرقاتهما
المتواصلة على الباب إلى أن فقدت الوالدة الوعي، وأصيب الوالد بنوبات من
الغثيان والقيء المستمر لساعات، واضطرّ بعدها والدا الرّازم إلى السير على
أقدامهما أربع ساعات للوصول للبيت بعد ما حلّ بهما.
رغم ذلك كلّه رفض فؤاد الإدلاء بأي اعتراف يشفي غليل المحتلّين
وغيظهم، فلجأوا إلى اعتقال شقيقته نبيلة (أم نضال) -التي كانت والدة لطفلين
آنذاك- مع والدته بالقوّة. وإيهام فؤاد بالاعتداء عليهما لزيادة الضغط
النفسي عليه.
الحكم الجائر
وبعد 36 جلسة من الأخذ والرد واستجواب شهود ادعاء ضده بلغ عددهم
130 شخصًا، جاء يوم النّطق بالحكم في 9/6/1982 وسُمح لوالدة فؤاد فقط
بالحضور، بينما بقي أفراد أسرته خارج مبنى المحكمة بانتظار إصدار الحكم،
وبشجاعة نادرة تحدّى فؤاد القاضي الذي كان مسلحًا ويلبس بزّة عسكرية، فبعد
النطق بالحكم الجائر القاضي بسجن فؤاد الرازم لثلاثة مؤبدات وأحد عشر عامًا
بتهمة قتل جنودٍ وعملاء وحرق سيارات السماسرة وباعة الأراضي في القدس،
وتحضير العبوات الناسفة، والتحريض وتجنيد الشباب في خليته، هجم فؤاد على
القاضي مع أحد زملائه وحاول انتزاع سلاحه ولكن الحرّاس رشّوه بالغاز المسيل
للدموع وأوسعوه ضربًا حتى فقد وعيه داخل المحكمة واقتيد من هناك إلى سجن
الرملة.
وفاة والدته ولقاء الوداع
ويقول الباحث في شئون الأسرى، عبد الناصر فروانة، أنه وخلال
مسيرة حياته واعتقاله الطويلة تعرض "فؤاد" للكثير من المواقف المؤلمة
والمحزنة، المؤثرة والمعبِّرة، أهمها وفاة والدته، و حرمانه من رؤيتها
طوال أكثر من ست سنوات سبقت وفاتها، وحينما اشتد عليها المرض، وانتقلت إلى
المستشفى في وضع صحي خطير للغاية، تقدم بطلب لإدارة السجن للسماح له
بزيارتها ولو لبضع دقائق في المستشفى حيث كانت ترقد هناك في غرف العناية
المركزة، إلا أن الإدارة رفضت طلبه، وبعد إلحاح شديد وتدخل بعض المؤسسات
الحقوقية، سُمح بإحضار والدته من غرف العناية المركزة وعلى سرير الموت داخل
سيارة الإسعاف، لتزوره بسجن "أهلي كيدار" في بئر السبع حيث كان يقبع هناك،
وسمح لهما بالتقاط بعض الصور التذكارية المؤلمة والقاسية للقاء صعب وكأنه
لقاء الوداع الأخير، وكان ذلك بتاريخ 24-8-2005، ولم تمضِ سوى أيام حتى
فارقت الحياة بتاريخ 13-9-2005 ليُحرم من رؤيتها وإلى الأبد، ودون أن تكتحل
عيناها برؤيته خارج قضبان السجن كما كانت تحلم دومًا.
وبعد زيارة والدته له كتب "الرازم" قصة يصف فيها لقاءه الأخير
بوالدته قبل وفاتها بعنوان "زيارة أُم مودعة" وورد فيها "لا يعرف قلب الأم
إلا الألم، الأيام والسنون في قلب السجون تسرق الأعمار دون رقيب أو حسيب
ودون أن يشعر الإنسان، ويبقى الشوق والحنين حبيس الصدور إلى الأهل ..الأم ،
الأب .. الإخوة والأخوات ، ولكل أبنائهم وبناتهم، ولكن تبقى الأم هي
العنوان، فرغم ما يمر بها من آلام وأحزان، رغم قسوة المرض المزمن الذي نال
من جسدها حتى أصبح نحيلًا وجعلها حبيسة المنزل ملاصقة الفراش، متنقلة بين
المنزل والمستشفيات، يبقى قلب الأم هو قلب الأم، القلب الرؤوف الرحيم
الحنون".
تنقل بين السجون
تنقّل الرّازم، وهو أقدم أسرى حركة الجهاد الإسلامي في السجون
الصهيونية، على مدار 30 عامًا بين غالبية السجون ومنها: الرّملة وعسقلان
وبئر السّبع ونفحة وشطّة وهداريم وبئر السبع.
ورغم كلّ ما قاساه استمر فؤاد بتعبئة الأسرى في خطب الجمعة التي
يلقيها، فكان عقابه كلّ مرّةٍ قاسيًا مريرًا؛ حيث كان يٌعزل لشهور ويمنع من
الزيارات إضافةً إلى التضييق على أهله أثناء الزّيارات، وبعد كلّ هذا، كان
فؤاد يوصي أهله في كل زيارة بقوله: "لا تتوسلوا لأحد بل الجأوا إلى رب
العالمين فهو نصيرنا وهو مغيثنا والفرج قريب بإذن الله لا بإرادة المحتل،
والصبح قريب فاصبروا فإنني صابر ومحتسب".