أنجز حر ما وعد
أول من قال ذلك الحرث بن عمرو آكل المرار
الكندي لصخر بن نهشل بن دارم، وذلك أن الحرث قال لصخر: هل أدلك على غنيمة على أن
لي خمسها؟ فقال صخر: نعم. فدله على ناس من اليمن، فأغار عليهم بقومه فظفروا
وغنموا، فلما انصرفوا قال له الحرث: أنجز حر ما وعد.
يداك أوكتا وفوك نفخ
ودونها خليج من البحر، فأتاها قوم يريدون أن يعبروها فلم يجدوا معبراً،
فجعلوا ينفخون أسقيتهم ثم يعبرون عليها، فعمد رجل منهم فأقل النفخ وأضعف الربط،
فلما توسط الماء جعلت الريح تخرج حتى لم يبق في السقاء شيء، وغشية الموت فنادى
رجلاً من أصحابه أن يا فلان إني قد هلكت. فقال: ما ذنبي يداك أوكتا وفوك نفخ فذهب
قوله مثلاً. اوكيت رأس السقاء إذا شددته وقال بعض الشعراء:
دعاؤك حذر البحر أنت نفخته ... بفيك وأوكته يداك لتسبحا
قطعت جهيزة قول كل خطيب
أصله أن قوماً اجتمعوا يخطبون في صلح بين حيين قتل أحدهما من الآخر قتيلاً،
ويسألون أن يرضوا بالدية، فبينا هم في ذلك إذ جاءت أمة يقال لها جهيزة فقالت: إن
القاتل قد ظفر به بعض أولياء المقتول فقتله. فقالوا عند ذلك: قطعت جهيزة قول كل خطيب. أي قد استغني عن الخطب.
يضرب لمن يقطع على الناس ما هم فيه بحماقة يأتي بها.
جزاء سنمار
أي، جزائي جزاء سنمار، وهو رجل رومي، بني الخورنق الذي بظهر الكوفة للنعمان بن امرئ القيس، فلما
فرغ منه ألقاه من أعلاه فخر ميتاً، وإنما فعل ذلك لئلا يبني مثله لغيره. فضربت
العرب به المثل لمن يجزي بالإحسان الإساءة.
مواعيد عرقوب
قال أبو عبيد: هر رجل من العماليق أتاه أخ
له يسأله، فقال له عرقوب:
إذا اطلعت هذه النخلة فلك طلعها. فلما اطلعت أتاه للعدة فقال: دعها حتى تصير
بلحاً؛ فلما أبلحت قال: دعها حتى تصير زهواً، فلما زهت قال: دعها حتى تصير رطباً،
فلما أرطبت قال: دعها حتى تصير تمراً، فلما أتمرت عمد إليها عرقوب من الليل فجذها، لم يعط أخاه شيئاً. فصار
مثلاً في الخلف.
ما يوم حليمة بسر
هي بنت الحرث بن أبي شمر. وكان أبوها وجه
جيشاً إلى المنذر بن ماء السماء، فأخرجت لهم طيباً من مركن فطيبتهم، وقال المبرد:
هو أشهر أيام العرب. يقال ارتفع في هذا اليوم من العجاج ما غطى الشمس حتى ظهرت
الكواكب. يضرب مثلاً في كل أمر متعالم مشهور.
إنك لا تجني من الشوك العنب
أي، لا تجد عند ذي المنبت السوء جميلاً.
والمثل من قول أكثم. يقال: أراد إذا ظلمت فأحذر الانتصار، فإن الظلم لا يكسبك إلا
مثل فعلك.
إذا كنت في قوم فاحلب في إنائهم
يضرب في الأمر بالموافقة، كما قال الشاعر:
إذا كنت في قوم عدي لست منهم ... فكل ما علفت من خبيث وطيب
بلغ السيل الزبى
هي جمع زبية، وهي حفرة تحفر للأسد إذا أرادوا صيده. وأصلها الرابية لا
يعلوها الماء فإذا بلغها السيل كان جارفاً مجحفاً. يضرب لما جاوز الحد.
أجود من حاتم
وهو حاتم
بن عبد الله الطائي، وكان ينحر كل يوم، فلما رأى أبوه إهلاكه المال وهب له فرساً
وفلواً وجارية، وألحقه بمواشيه، فبينا هو فيها إذ مر به ركب فيه بشر بن أبي خازم
والحطيئة يريدان النعمان بن المنذر، فقالا له: هل من قرىً؟ قال: أتسألان عن القرى
وأنتما تريان الإبل والغنم! فأنزلهما ونحر لكل واحد منهما جزوراً، فقالا: إنما
تكفينا شاة، قال: أردت أن يحدث كل واحد منكما بما رأى، قالا: من أنت؟ قال: حاتم بن عبد الله بن سعد، فقال بشر: تالله ما
رأيت غلاماً قط أندى كفاً، ولا أقرب عطفاً، ولا أحضر عرفاً منك، وأنشأ يرتجز:
ما إن رأيت كابن سعد رجلا ... في الناس أندى راحةً وأكملا
فتىً إذا ما قال شيئاً فعلا
رب عجلة تهب ريثاً
يضرب مثلاً للرجل يشتد حرصه على الحاجة، فيخرق فيها، ويفارق التؤدة في
التماسها، فتفوته وتسبقه. وأصله في الرجل يغذ السير ويواصله حتى يعطب ظهره، فيقعد
عن حاجته. والريث: الإبطاء، راث يريث ريثاً، إذا أبطأ، والعامة تقول في معنى هذا
المثل: تمشي وتدوم خير من أن تعدو ولا تقوم ويرويه من لا يعرف: تهب ريثاً
بالتشديد، وهو خطأ، إنما هو تهب من الهبة، ومنه أخذ القطامي قوله:
قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل
والمثل لمالك بن عمرو بن عوف بن محلم، وذاك أن أخاه ليث بن عمرو تزوج خماعة
بنت فلان، فتحمل للنجعة بها، فنهاه مالك وقال: إني أخاف عليك بعض مقانب العرب أن
يصيبك، فأبى وسار بأهله وماله، فلم يلبث إلا يسيراً حتى جاء وقد أخذ أهله وماله،
فقال مالك: رب عجلة تهب ريثاً،
ورب فروقة يدعى ليثاً، ورب غيث لم يكن غيثاً فذهبت كلماته أمثالاً، ونحوه قول
الشاعر:
يا طالب الحاجات يرجو نفعها ... ليس النجاح مع الأخف الأعجل
حسبك من شر سماعه
معناه: كفاك بالقول عاراً وإن كان باطلاً.
والمثل لفاطمة بنت الخرشب الأنمارية. ومن حديثه أن الربيع بن زياد ساوم قيس بن
زهير بدرع، فأخذها منه، ووضعها بين يديه وهو راكب، ثم ركض بها ولم يردها على قيس،
فعرض قيس لفاطمة بنت الخرشب الأنمارية أم الربيع، وهي تسير في ظعائن من بني عبس،
فاقتاد جملها ليرتهنها بالدرع، فقالت له: ما رأيت كاليوم قط فعل رجل، أين ضل حلمك؟
أترجو أن تصطلح أنت وبنو زياد وقد أخذت أمهم فذهبت بها يميناً وشمالاً، فقال الناس
ما شاءوا، وإن حسبك من شر سماعه!
فأرسلتها مثلاً، فعرف قيس صواب قولها، وخلى سبيلها، وطرد إبلاً لبني زياد، فقدم
بها مكة، وباعها من عبد الله بن جدعان القرشي.
جاء بقرني حمار
إذا جاء بالكذب والباطل. وذلك أن الحمار لا قرن له، فكأنه جاء بما لا يمكن
أن يكون.
ركب جناحي نعامة
يضرب لمن جد في أمر، إما انهزام وإما غير ذلك.
إنّ القرين بالمقارن يقتدي
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّما المرء بخليله، فلينظر امرؤ من يخالل. وقريب
منه بيت عدي بن زيد:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فإن القرين بالمقارن يقتدي
المرء بخليله
معناه: أنك منسوبٌ إلى خليلك فانظر من تخال، قال عدى بن زيد:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فإن القرين بالمقارن يقتدى
وقال أكثم بن صيفى: من فسدت بطانته كان كمن غص بالماء. وله معنى آخر، وهو
أن المرء يقوى بخليله، على حسب ما قال النبى صلى الله عليه وسلم: " المرء
كثيرٌ بأخيه " ، قال الشاعر:
أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح
أول من قال ذلك الحرث بن عمرو آكل المرار
الكندي لصخر بن نهشل بن دارم، وذلك أن الحرث قال لصخر: هل أدلك على غنيمة على أن
لي خمسها؟ فقال صخر: نعم. فدله على ناس من اليمن، فأغار عليهم بقومه فظفروا
وغنموا، فلما انصرفوا قال له الحرث: أنجز حر ما وعد.
يداك أوكتا وفوك نفخ
ودونها خليج من البحر، فأتاها قوم يريدون أن يعبروها فلم يجدوا معبراً،
فجعلوا ينفخون أسقيتهم ثم يعبرون عليها، فعمد رجل منهم فأقل النفخ وأضعف الربط،
فلما توسط الماء جعلت الريح تخرج حتى لم يبق في السقاء شيء، وغشية الموت فنادى
رجلاً من أصحابه أن يا فلان إني قد هلكت. فقال: ما ذنبي يداك أوكتا وفوك نفخ فذهب
قوله مثلاً. اوكيت رأس السقاء إذا شددته وقال بعض الشعراء:
دعاؤك حذر البحر أنت نفخته ... بفيك وأوكته يداك لتسبحا
قطعت جهيزة قول كل خطيب
أصله أن قوماً اجتمعوا يخطبون في صلح بين حيين قتل أحدهما من الآخر قتيلاً،
ويسألون أن يرضوا بالدية، فبينا هم في ذلك إذ جاءت أمة يقال لها جهيزة فقالت: إن
القاتل قد ظفر به بعض أولياء المقتول فقتله. فقالوا عند ذلك: قطعت جهيزة قول كل خطيب. أي قد استغني عن الخطب.
يضرب لمن يقطع على الناس ما هم فيه بحماقة يأتي بها.
جزاء سنمار
أي، جزائي جزاء سنمار، وهو رجل رومي، بني الخورنق الذي بظهر الكوفة للنعمان بن امرئ القيس، فلما
فرغ منه ألقاه من أعلاه فخر ميتاً، وإنما فعل ذلك لئلا يبني مثله لغيره. فضربت
العرب به المثل لمن يجزي بالإحسان الإساءة.
مواعيد عرقوب
قال أبو عبيد: هر رجل من العماليق أتاه أخ
له يسأله، فقال له عرقوب:
إذا اطلعت هذه النخلة فلك طلعها. فلما اطلعت أتاه للعدة فقال: دعها حتى تصير
بلحاً؛ فلما أبلحت قال: دعها حتى تصير زهواً، فلما زهت قال: دعها حتى تصير رطباً،
فلما أرطبت قال: دعها حتى تصير تمراً، فلما أتمرت عمد إليها عرقوب من الليل فجذها، لم يعط أخاه شيئاً. فصار
مثلاً في الخلف.
ما يوم حليمة بسر
هي بنت الحرث بن أبي شمر. وكان أبوها وجه
جيشاً إلى المنذر بن ماء السماء، فأخرجت لهم طيباً من مركن فطيبتهم، وقال المبرد:
هو أشهر أيام العرب. يقال ارتفع في هذا اليوم من العجاج ما غطى الشمس حتى ظهرت
الكواكب. يضرب مثلاً في كل أمر متعالم مشهور.
إنك لا تجني من الشوك العنب
أي، لا تجد عند ذي المنبت السوء جميلاً.
والمثل من قول أكثم. يقال: أراد إذا ظلمت فأحذر الانتصار، فإن الظلم لا يكسبك إلا
مثل فعلك.
إذا كنت في قوم فاحلب في إنائهم
يضرب في الأمر بالموافقة، كما قال الشاعر:
إذا كنت في قوم عدي لست منهم ... فكل ما علفت من خبيث وطيب
بلغ السيل الزبى
هي جمع زبية، وهي حفرة تحفر للأسد إذا أرادوا صيده. وأصلها الرابية لا
يعلوها الماء فإذا بلغها السيل كان جارفاً مجحفاً. يضرب لما جاوز الحد.
أجود من حاتم
وهو حاتم
بن عبد الله الطائي، وكان ينحر كل يوم، فلما رأى أبوه إهلاكه المال وهب له فرساً
وفلواً وجارية، وألحقه بمواشيه، فبينا هو فيها إذ مر به ركب فيه بشر بن أبي خازم
والحطيئة يريدان النعمان بن المنذر، فقالا له: هل من قرىً؟ قال: أتسألان عن القرى
وأنتما تريان الإبل والغنم! فأنزلهما ونحر لكل واحد منهما جزوراً، فقالا: إنما
تكفينا شاة، قال: أردت أن يحدث كل واحد منكما بما رأى، قالا: من أنت؟ قال: حاتم بن عبد الله بن سعد، فقال بشر: تالله ما
رأيت غلاماً قط أندى كفاً، ولا أقرب عطفاً، ولا أحضر عرفاً منك، وأنشأ يرتجز:
ما إن رأيت كابن سعد رجلا ... في الناس أندى راحةً وأكملا
فتىً إذا ما قال شيئاً فعلا
رب عجلة تهب ريثاً
يضرب مثلاً للرجل يشتد حرصه على الحاجة، فيخرق فيها، ويفارق التؤدة في
التماسها، فتفوته وتسبقه. وأصله في الرجل يغذ السير ويواصله حتى يعطب ظهره، فيقعد
عن حاجته. والريث: الإبطاء، راث يريث ريثاً، إذا أبطأ، والعامة تقول في معنى هذا
المثل: تمشي وتدوم خير من أن تعدو ولا تقوم ويرويه من لا يعرف: تهب ريثاً
بالتشديد، وهو خطأ، إنما هو تهب من الهبة، ومنه أخذ القطامي قوله:
قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل
والمثل لمالك بن عمرو بن عوف بن محلم، وذاك أن أخاه ليث بن عمرو تزوج خماعة
بنت فلان، فتحمل للنجعة بها، فنهاه مالك وقال: إني أخاف عليك بعض مقانب العرب أن
يصيبك، فأبى وسار بأهله وماله، فلم يلبث إلا يسيراً حتى جاء وقد أخذ أهله وماله،
فقال مالك: رب عجلة تهب ريثاً،
ورب فروقة يدعى ليثاً، ورب غيث لم يكن غيثاً فذهبت كلماته أمثالاً، ونحوه قول
الشاعر:
يا طالب الحاجات يرجو نفعها ... ليس النجاح مع الأخف الأعجل
حسبك من شر سماعه
معناه: كفاك بالقول عاراً وإن كان باطلاً.
والمثل لفاطمة بنت الخرشب الأنمارية. ومن حديثه أن الربيع بن زياد ساوم قيس بن
زهير بدرع، فأخذها منه، ووضعها بين يديه وهو راكب، ثم ركض بها ولم يردها على قيس،
فعرض قيس لفاطمة بنت الخرشب الأنمارية أم الربيع، وهي تسير في ظعائن من بني عبس،
فاقتاد جملها ليرتهنها بالدرع، فقالت له: ما رأيت كاليوم قط فعل رجل، أين ضل حلمك؟
أترجو أن تصطلح أنت وبنو زياد وقد أخذت أمهم فذهبت بها يميناً وشمالاً، فقال الناس
ما شاءوا، وإن حسبك من شر سماعه!
فأرسلتها مثلاً، فعرف قيس صواب قولها، وخلى سبيلها، وطرد إبلاً لبني زياد، فقدم
بها مكة، وباعها من عبد الله بن جدعان القرشي.
جاء بقرني حمار
إذا جاء بالكذب والباطل. وذلك أن الحمار لا قرن له، فكأنه جاء بما لا يمكن
أن يكون.
ركب جناحي نعامة
يضرب لمن جد في أمر، إما انهزام وإما غير ذلك.
إنّ القرين بالمقارن يقتدي
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّما المرء بخليله، فلينظر امرؤ من يخالل. وقريب
منه بيت عدي بن زيد:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فإن القرين بالمقارن يقتدي
المرء بخليله
معناه: أنك منسوبٌ إلى خليلك فانظر من تخال، قال عدى بن زيد:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ... فإن القرين بالمقارن يقتدى
وقال أكثم بن صيفى: من فسدت بطانته كان كمن غص بالماء. وله معنى آخر، وهو
أن المرء يقوى بخليله، على حسب ما قال النبى صلى الله عليه وسلم: " المرء
كثيرٌ بأخيه " ، قال الشاعر:
أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح