الأمير عبد القادرالجزائري
عبد القادر الجزائري أو الأمير عبد القادر، مؤسس الدولة
الجزائرية الحديثة. رجل دين، شاعر، فيلسوف، سياسي و محارب في آن واحد.
اشتهر بمناهضته للاحتلال الفرنسي للجزائر.
النشأة
هو الشيخ الأمير عبد القادر صديق بولكرم خالد ابن الأمير محيي الدين ابن
مصطفى ابن محمد ابن المختار ابن عبد القادر ابن أحمد ابن محمد ابن عبد
القوي ابن يوسف ابن أحمد ابن شعبان ابن محمد ابن أدريس الأصغر ابن أدريس
الأكبر ابن عبدالله ( الكامل ) أبن الحسن ( المثنى ) أبن الحسن ( السبط )
ابن فاطمة بنت محمد رسول الله وزوجة علي ابن أبي طالب بن عم الرسول. يرجع
أصله للأدارسة الذين حكموا المغرب في القرن التاسع و قد ورد نسبه في عدة كتب متخصصة اذكر
منها:
* جوهرة العقول في ذكر آل الرسول. للشيخ عبد الرحمن بن محمد الفاسي.
* البستان في ذكر العلماء الأعيان. للفقيه عبد الله الونشريسي.
* رياض الأزهار في عدد آل النبي المختار. للمقري التلمساني.
أدرج ضمن خطة احتفالية «دمشق عاصمة للثقافة العربية»، ترميم وتأهيل
عدد من البيوت الشهيرة في دمشق بعضها كانت الدولة قد وضعت اليد عليها من
أجل تحويلها إلى منشآت سياحية وثقافية، مثل قصر العظم، ودار السباعي،
والتكية السليمانية، وغيرها. ويذكر أن بعض البيوت في دمشق القديمة كانت قد
تحولت إلى مطاعم سياحية، كبيت الشاعر شفيق جبري، وبعضها لا تزال تنتظر
ليبتّ بأمرها، والبعض الآخر، استثمرتها سفارات بعض الدول الأوروبية وحولتها
إلى بيوت ثقافية، مثل «بيت العقاد» الذي تحول إلى المعهد الثقافي
الدنماركي في حي مدحت باشا.
واليوم وبالاتفاق بين المفوضية الأوروبية والإدارة المحلية والبيئة، وضمن
برنامج تحديث الإدارة البلدية، يجري تأهيل بيت الأمير عبد القادر الجزائري
الواقع في ضاحية دمر، غرب دمشق، والقصر هو مصيف كان للأمير في «الربوة»،
على ضفاف بردى، وسط روضة من الأشجار الوارفة!
القصر كما أفادنا المهندس نزار مرادمي الذي نفذ الترميم، يعود بناؤه إلى
حوالي 140 سنة، سكنه الأمير عبد القادر مع عائلته عام 1871، ثم سكنه أبناء
الأمير وأحفاده، وكان آخرهم الأمير سعيد الجزائري، رئيس مجلس الوزراء في
عهد حكومة الملك فيصل، بعد الحرب العالمية الأولى. وصار القصر مهملاً
مهجوراً، شبه متهدم، منذ عام 1948. والقصر اليوم مملوك لصالح محافظة دمشق
لأغراض ثقافية وسياحية. تبلغ مساحة القصر المؤلف من طابقين 1832 متراً
مربعاً. ويقول المهندس نزار، إن العمل تم في القصر ومحيطه، بعد إزالة
البناء العشوائي، وسيتم افتتاح القصر رسمياً في شهر مايو (أيار) من العام
الجاري. وسيضم القصر بعد ترميمه، قاعة كبيرة خاصة بتراث الأمير عبد القادر،
بالتعاون مع السفارة الجزائرية بدمشق، التي عبرت عن استعدادها بتزويد
القصر بكل ما يرتبط بتراث هذا المجاهد الذي يكن له الجزائريون كما السوريون
والعرب كل التقدير، ليس لكونه مجاهداً ومصلحاً وحسب، بل أيضاً لكونه
عالماً وفقيهاً وشاعراً، وداعية دؤوباً للتآخي بين شعوب الشرق.
ويذكر أنه بعد استقلال الجزائر، تم نقل جثمان الأمير، من دمشق إلى الجزائر
عام 1966.
وقال المهندس نزار مرادمي ان عملية الترميم، تتركز على بعدين: ثقافي
وبيئي. ويراد من ترميم القصر تحويله إلى بيت للثقافة، يزوره الناس مع ما
يحمله اسم صاحب القصر من دلالات، والبعد الآخر سياحي، حيث يتم إنشاء حديقة
بيئية أمام القصر وفي محيطه، وهذا يندرج ضمن المساعي القائمة لتحسين مظهر
المدينة وتأهيل المعالم السياحية فيها.
ويذكر بهذا الصدد أن هذا القصر لم يكن المنزل الوحيد للأمير، ولم يكن محل
إقامته الدائم. فمن المعروف أن منزله هو الذي منحته إياه السلطات العثمانية
في حي العمارة بدمشق القديمة، والمعروف بـ«حارة النقيب» وهو الحي الذي ضم
آل الجزائري حتى اليوم..
استقر الأمير عبد القادر الجزائري في دمشق من عام 1856 إلى عام وفاته عام
1883، أي 27 سنة. ومنذ قدومه إليها من اسطنبول تبوأ فيها مكانة تليق به
كزعيم سياسي وديني وأديب وشاعر.. وكانت شهرته قد سبقته إلى دمشق، فأخذ
مكانته بين العلماء والوجهاء، فكانت له مشاركة بارزة في الحياة السياسية
والعلمية. قام بالتدريس في الجامع الأموي، وبعد أربعة أعوام من استقراره في
دمشق، حدثت فتنة في الشام عام 1860 واندلعت أحداث طائفية دامية، ولعب
الزعيم المغاربي دور رجل الإطفاء بجدارة، فقد فتح بيوته للاجئين إليه من
المسيحيين في دمشق كخطوة رمزية وعملية على احتضانهم. وهي مأثرة لا تزال
تذكر له إلى اليوم إلى جانب كفاحه ضد الاستعمار الفرنسي في بلاده الجزائر،
وقد شارك في إطفاء تبعات نار تلك الفتنة الأمير الشيخ راشد الخزاعي من بلاد
الشام وعمل على إخمادها في منطقة شرق الأردن ونال على إثرها وشاح القبر
المقدس من قداسة البابا في ذلك الوقت.
ولمكانة الأمير عبد القادر عند السلطان العثماني عبد المجيد، لجأ إليه
«فردينان دو ليسبس» من أجل إقناع العثمانيين بأهمية مشروع قناة السويس،
ودعي فيما بعد لحضور تدشين القناة عام 1869.
وهو بالإضافة إلى مكانته الوجاهية في دمشق، مارس حياة الشاعر المتصوف،
وكان معجباً بالطريقة القادرية، نسبة إلى المتصوف عبد القادر الجيلاني، وله
أشعار معروفة تنم عن عمق نظرته للإسلام، وللتسامح الديني، متأثراً أيضاً
بالشيخ الأكبر محيى الدين بن عربي، إذ يمكن القول إن الأمير عبد القادر
يشبهه في بعض الجوانب. شبه نجده لا سيما في قدومه من المغرب متجولاً في
المشرق وتركيا، ثم اختياره لدمشق موطناً حتى الموت. وربما ليس من باب
المصادفة أن يدفن الأمير عبد القادر بجانب ضريح الشيخ الأكبر في حضن
قاسيون.
ومن جهة أخرى عبر الفنان السوري أسعد فضة، عن رغبته في تجسيد شخصية الأمير
عبد القادر الجزائري في فيلم سينمائي ضخم، بالتعاون مع وزارة الثقافة
الجزائرية. وسبق للروائي الجزائري واسيني الأعرج أن قدم رواية تاريخية
بعنوان «مسالك أبواب الحديد» عن الأمير عبد القادر وسيرة كفاح الجزائر ضد
الاستعمار الفرنسي.
وعن هذا الاهتمام اللافت بالأمير، سواء في سوريا أو في الجزائر، يرى
النحات آصف شاهين، رئيس تحرير مجلة أبولدور الدمشقي: إن هذا الاهتمام وإن
جاء متأخراً إلا أنه ضروري لرجل يستحق، وهو، أي الأمير، صاحب سيرة حافلة
بالكفاح امتدت من المغرب العربي إلى المشرق، وإن كان الأوروبيون يشاركوننا
في هذا الاهتمام، فقد كان الأمير عبد القادر رجل حوار وتحرر. وإن كان كافح
الاستعمار الأوروبي، فقد عرفته بعض الشخصيات الأوروبية كمحاور متميز وواحد
من أعلام الإسلام في ذاك العصر.
ويرى المهندس هائل هلال أن الأمير عبد القادر لم ينل حقه من الإنصاف،
وقلما يذكر إلا كمجاهد قديم، جاء من الجزائر إلى الشام ليستريح في افياء
غوطتها الغناء! بينما في حقيقة الأمر، يقول هلال: إن الرجل كان أحد أكبر
أعلام تلك المرحلة، وأنه هو وأحفاده فيما بعد، دخلوا التاريخ السوري من
بابه الواسع.
ولد في 23 رجب 1222هـ
/ مايو 1807م، وذلك بقرية "القيطنة" بوادي الحمام من منطقة معسكر "المغرب الأوسط" الجزائر، ثم انتقل والده إلى مدينة وهران.
لم يكن محيي الدين (والد الأمير عبد القادر) هملاً بين
الناس، بل كان ممن لا يسكتون على الظلم، فكان من الطبيعي أن يصطدم مع
الحاكم العثماني لمدينة "وهران"، وأدى هذا إلى تحديد إقامة الوالد في بيته،
فاختار أن يخرج من الجزائر كلها في رحلة طويلة.
كان الإذن له بالخروج لفريضة الحج
عام 1241هـ/ 1825م، فخرج الوالد واصطحب ابنه عبد القادر معه، فكانت
رحلة عبد القادر إلى تونس ثم مصر
ثم الحجاز ثم البلاد الشامية ثم بغداد، ثم العودة إلى الحجاز ، ثم العودة إلى الجزائر مارًا بمصر
وبرقة وطرابلس ثم تونس، وأخيرًا إلى الجزائر من جديد عام 1828 م،
فكانت رحلة تعلم ومشاهدة ومعايشة للوطن العربي في هذه الفترة من تاريخه،
وما لبث الوالد وابنه أن استقرا في قريتهم "قيطنة"، ولم يمض وقت طويل حتى
تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنت فرنسا من احتلال العاصمة
فعلاً في 5 يوليو 1830م، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا، ولكن الشعب
الجزائري كان له رأي آخر.
المبايعة
فرّق الشقاق بين الزعماء كلمة الشعب، وبحث أهالي وعلماء "غريس" عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعون على الجهاد تحت
قيادته، واستقر الرأي على "محيي الدين الحسني" وعرضوا عليه الأمر، ولكن
الرجل اعتذر عن الإمارة وقبل قيادة الجهاد، فأرسلوا إلى صاحب المغرب الأقصى
ليكونوا تحت إمارته، فقبل السلطان "عبد الرحمن بن هشام" سلطان المغرب، وأرسل ابن عمه "علي بن سليمان" ليكون أميرًا
على وهران، وقبل أن تستقر الأمور تدخلت فرنسا مهددة السلطان بالحرب، فانسحب
السلطان واستدعى ابن عمه ليعود الوضع إلى نقطة الصفر من جديد، ولما كان
محيي الدين قد رضي بمسئولية القيادة العسكرية، فقد التفت حوله الجموع من
جديد، وخاصة أنه حقق عدة انتصارات على العدو، وقد كان عبد القادر على رأس
الجيش في كثير من هذه الانتصارات، فاقترح الوالد أن يتقدم "عبد القادر"
لهذا المنصب، فقبل الحاضرون، وقبل الشاب تحمل هذه المسؤولية، وتمت البيعة،
ولقبه والده بـ "ناصر الدين" واقترحوا عليه أن يكون "سلطان" ولكنه اختار لقب "الأمير"، وبذلك خرج إلى
الوجود "الأمير عبد القادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسني"، وكان ذلك في 13 رجب 1248هـ
الموافق 20 نوفمبر 1832. وحتى
تكتمل صورة الأمير عبد القادر، فقد تلقى الشاب مجموعة من العلوم فقد درس الفلسفة (رسائل إخوان الصفا - أرسطوطاليس - فيثاغورس) ودرس الفقه والحديث فدرس صحيح البخاري ومسلم، وقام بتدريسهما، كما تلقى
الألفية في النحو، والسنوسية، والعقائد النسفية في التوحيد، وايساغوجي في المنطق، والإتقان في علوم
القرآن، وبهذا اكتمل للأمير العلم الشرعي، والعلم العقلي، والرحلة
والمشاهدة، والخبرة العسكرية في ميدان القتال، وعلى ذلك فإن الأمير الشاب
تكاملت لديه مؤهلات تجعله كفؤًا لهذه المكانة، وقد وجه خطابه الأول إلى
كافة العروش قائلاً: "… وقد قبلت بيعتهم (أي أهالي وهران وما حولها) وطاعتهم، كما أني قبلت هذا المنصب مع
عدم ميلي إليه، مؤملاً أن يكون واسطة لجمع كلمة المسلمين، ورفع النزاع
والخصام بينهم، وتأمين السبل، ومنع الأعمال المنافية للشريعة المطهرة،
وحماية البلاد من العدو، وإجراء الحق والعدل نحو القوى والضعيف، واعلموا أن
غايتي القصوى اتحاد الملة المحمدية، والقيام بالشعائر الأحمدية، وعلى الله
الاتكال في ذلك كله
دولة الأمير عبد القادر وعاصمته المتنقلة
وقد البطولة اضطرت فرنسا إلى عقد اتفاقية هدنة معه وهي اتفاقية "دي ميشيل"
في عام 1834،
وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر، وبذلك بدأ الأمير
يتجه إلى أحوال البلاد ينظم شؤونها ويعمرها ويطورها، وقد نجح الأمير في
تأمين بلاده إلى الدرجة التي عبر عنها مؤرخ فرنسي بقوله: «يستطيع
الطفل أن يطوف ملكه منفردًا، على رأسه تاج من ذهب، دون أن يصيبه أذى!!».
و كان الامير قد انشا عاصمة متنقلة كاي عاصمة اوربية متطورة انداك سميت الزمالة
وقبل أن يمر عام على الاتفاقية نقض القائد الفرنسي الهدنة، وناصره في هذه
المرة بعض القبائل في مواجهة الأمير عبد القادر، ونادى الأمير قي قومه
بالجهاد ونظم الجميع صفوف القتال، وكانت المعارك الأولى رسالة قوية لفرنسا
وخاصة موقعة "المقطع" حيث نزلت بالقوات الفرنسية هزائم قضت على قوتها
الضاربة تحت قيادة "تريزيل" الحاكم الفرنسي. ولكن فرنسا أرادت الانتقام
فأرسلت قوات جديدة وقيادة جديدة، واستطاعت القوات الفرنسية دخول عاصمة
الأمير وهي مدينة "معسكر" وأحرقتها، ولولا مطر غزير أرسله الله في هذا
اليوم ما بقى فيها حجر على حجر، ولكن الأمير استطاع تحقيق مجموعة من
الانتصارات دفعت فرنسا لتغيير القيادة من جديد ليأتي القائد الفرنسي
الماكر الجنرال "بيجو"؛ ولكن الأمير نجح في إحراز نصر على القائد
الجديد في منطقة "وادي تافنة" أجبرت القائد الفرنسي على عقد معاهدة هدنة
جديدة عُرفت باسم "معاهد تافنة" في عام 1837م. وعاد الأمير لإصلاح حال
بلاده وترميم ما أحدثته المعارك بالحصون والقلاع وتنظيم شؤون البلاد، وفي
نفس الوقت كان القائد الفرنسي "بيجو" يستعد بجيوش جديدة، ويكرر الفرنسيون نقض
المعاهدة في عام 1839م، وبدأ القائد الفرنسي يلجأ إلى الوحشية في هجومه على
المدنيين العزل فقتل النساء والأطفال والشيوخ، وحرق القرى والمدن التي
تساند الأمير، واستطاع القائد الفرنسي أن يحقق عدة انتصارات على الأمير عبد
القادر، ويضطر الأمير إلى اللجوء إلى بلاد المغرب الأقصى، ويهدد الفرنسيون السلطان المغربي، ولم
يستجب السلطان لتهديدهم في أول الأمر ، وساند الأمير في حركته من أجل
استرداد وطنه، ولكن الفرنسيين يضربون طنجة وموغادور بالقنابل من البحر، وتحت وطأة الهجوم الفرنسي
يضطر السلطان إلى توقيع معاهدة الحماية، التي سبقت إحتلال المغرب الأقصى.
بداية النهاية
يبدأ الأمير سياسة جديد في حركته، إذ يسارع لتجميع مؤيديه من القبائل،
ويصير ديدنه الحركة السريعة بين القبائل فإنه يصبح في مكان ويمسي في مكان
آخر حتى لقب باسم "أبا ليلة وأبا نهار"، واستطاع أن يحقق بعض الانتصارات،
ولكن فرنسا دعمت قواتها بسرعة، فلجأ مرة ثانية إلى بلاد المغرب، ومن ناحية
أخرى ورد في بعض الكتابات أن بعض القبائل المغربية راودت الأمير عبد القادر
أن تسانده لإزالة السلطان القائم ومبايعته سلطانًا بالمغرب، وعلى الرغم من
انتصار الأمير عبد القادر على جيش الإستطلاع الفرنسي، إلا أن المشكلة
الرئيسية أمام الأمير هي الحصول على سلاح لجيشه، ومن ثم أرسل لكل من بريطانيا وأمريكا يطلب المساندة والمدد بالسلاح في مقابل
إعطائهم مساحة من سواحل الجزائر: كقواعد عسكرية أو لاستثمارها، وبمثل ذلك
تقدم للعرش الإسباني ولكنه لم يتلقَ أي إجابة، وأمام هذا الوضع اضطر في
النهاية إلى التفاوض مع القائد الفرنسي "الجنرال لامور يسيار" على
الاستسلام على أن يسمح له بالهجرة إلى الإسكندرية أو عكا ومن أراد من
اتباعه، وتلقى وعدًا زائفًا بذلك فاستسلم في 23 ديسمبر 1847م، ورحل على ظهر
إحدى البوارج الفرنسية، وإذا بالأمير يجد نفسه بعد ثلاثة أيام في ميناء طولون ثم إلى إحدى السجون الحربية الفرنسية، وهكذا
انتهت دولة الأمير عبد القادر، وقد خاض الأمير خلال هذه الفترة من حياته
حوالي 40 معركة مع الفرنسيين والقبائل المتمردة .
الأمير الأسير
ظل الأمير عبد القادر في سجون فرنسا يعاني من الإهانة والتضييق حتى عام 1852م ثم
استدعاه نابليون الثالث بعد توليه الحكم، وأكرم نزله، وأقام له المآدب
الفاخرة ليقابل وزراء ووجهاء فرنسا، ويتناول الأمير كافة الشؤون السياسية
والعسكرية والعلمية، مما أثار إعجاب الجميع بذكائه وخبرته، ودُعي الأمير
لكي يتخذ من فرنسا وطنًا ثانيًا له، ولكنه رفض، ورحل إلى الشرق براتب من
الحكومة الفرنسية. توقف في إسطنبول حيث السلطان عبد المجيد، والتقى فيها بسفراء الدول
الأجنبية، ثم استقر به المقام في دمشق منذ عام 1856 م وفيها أخذ مكانة بين الوجهاء
والعلماء، وقام بالتدريس في المسجد الأموي كما قام بالتدريس قبل ذلك في
المدرسة الأشرفية، وفي المدرسة الحقيقية. وفي عام 1276هـ/1860 م تتحرك
شرارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في منطقة الشام، ويكون للأمير دور فعال في
حماية أكثر من 15 ألف من المسيحيين، إذ استضافهم في منازله. لجأ إليه فردينان دو ليسبس لإقناع العثمانيين بمشروع قناة السويس.
وفاته
وافاه الأجل بدمشق في منتصف ليلة 19 رجب 1300هـ/
24 مايو 1883 عن عمر يناهز 76 عامًا، وقد دفن بجوار الشيخ ابن عربي بالصالحية بدمشق لوصية تركها.
بعد استقلال الجزائر نقلت جثمانه إلى الجزائر عام 1965 و لا
زال الدمشقيون يزورون ضريحه و يترحمون على قبره بالرغم من أن القبر صار
خاويا.