بيان الوسيلة ومزيدٌ من العلم لحقيقة اسم الله الأعظم ..
رابط البيان
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]English فارسى Español Deutsh Italiano Melayu Türk Français
الإمام ناصر محمد اليماني
18 - 10 - 1430 هـ
08 - 10 - 2009 مـ
11:39 مساءً
ــــــــــــــــــــــــ
بيان الوسيلة ومزيدٌ من العلم لحقيقة اسم الله الأعظم ..
بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وأفضلهم وأعلمهم وأحبهم إلى الله وأقربهم محمد رسول الله - صلى الله عليه وآله - التوابين المتطهرين وسلّم تسليماً، وبعد..
يا محمود؛ بيني وبينك القرآن المجيد الذي جاء به محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - وأدعو النّاس إلى عبادة الله وحده لا شريك له على بصيرةٍ من ربّي، تصديقاً لقول الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ على بصيرةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي وَسبحان اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} صدق الله العظيم [يوسف:108].
وأمر الله عبده ورسوله أن يجاهدهم بالبصيرة الحقّ إلى الهدى جهاداً كبيراً. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَلَا تُطِعِ الكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} صدق الله العظيم [الفرقان:52].
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي البصيرة التي أمر الله محمداً عبده ورسوله أن يُحاجِج بها الكُفار؟
والجواب من مُحكم الكتاب. قال الله تعالى: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ} صدق الله العظيم [النمل:92].
والسؤال الآخر: وهل أمرهم محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أن يجعلوا الوسيلة حصرياً لهُ من دونهم وحرَّم عليهم أن يُنافسوه وجميع عباد الله المكرمين في حُبّ الله وقربّه؟
والجواب: قال الله تعالى على لسان رسوله في القرآن المحفوظ من التحريف: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:35].
والسؤال: ما هو الهدف في القلب لابتغاء الوسيلة إلى الربّ؟ والجواب: ليتنافس العبيد إلى الربّ المعبود أيّهم أحبّ وأقرب.
مُقاطعة؛ فما هو سلطان العلم المُحكم من الكتاب على هذه الفتوى الكُبرى؟ والجواب: سلطان العلم من الكتاب لهذه الفتوى الكُبرى (يتنافس العبيد إلى المعبود) هي قول الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَى ربّهم الْوَسِيلَةَ أيّهم أَقْرَبُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
وما يرجوا الأنبياء والمؤمنون برسل ربّهم المُكرمين من التنافس على الربّ؟ والجواب من مُحكم الكتاب. قال الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَى ربّهم الْوَسِيلَةَ أيّهم أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
والسؤال الآخر: وما هي رحمته التي يرجوها من ربّهم رُسل الله ومن اتَّبعهم فآمن بدعوتهم؟
والجواب من محكم الكتاب. قال الله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} صدق الله العظيم [الفتح:29].
والسؤال: فهل رضي الله عنهم ورضوا عنه؟
والجواب من مُحكم الكتاب. قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جنّات تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} صدق الله العظيم [التوبة:100].
وما هو هدف الأنبياء ومن آمن بدعوتهم واتَّباعهم يعبدون رضوان الله، فما يرجون من ذلك؟
والجواب من مُحكم الكتاب. قال الله تعالى: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} صدق الله العظيم [الفتح:29].
سؤال؛ وما هو فضل الله الذي عرَّفهم به؟
والجواب من محكم الكتاب. قال الله تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الجنّة عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)} صدق الله العظيم [محمد].
وما هو التعريف لجَنَّتِه في الكتاب؟
والجواب من محكم الكتاب. قال الله تعالى: {مَّثَلُ الجنّة الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَـفِرِينَ النَّارُ} [الرعد:35].
وقال تعالى: {مَّثَلُ الجنّة الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كلّ الثَّمَرَتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن ربّهم كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِى النَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ} [محمد:15].
وقال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـلِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَـبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَـلِدُونَ} [البقرة:25].
وقال تعالى: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ﴿١٤﴾ وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا ﴿١٥﴾ قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ﴿١٦﴾ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا ﴿١٧﴾ عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلًا ﴿١٨﴾ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا ﴿١٩﴾ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴿٢٠﴾} [الإنسان].
وقال تعالى: {فِي جنّة عَالِيَةٍ (10) لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)} [الغاشية].
وقال تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج:23].
وقال تعالى: {عَـلِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ ربّهم شَرَاباً طَهُوراً} [الإنسان:21].
وقال تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِىٍّ حِسَانٍ} [الرحمن:76].
وقال تعالى: {مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الاَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً} [الإنسان:13].
وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ ءَامِنِينَ (55)} [الدخان].
وقال تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـفٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الاَنْفُسُ وَتَلَذُّ الاَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَـلِدُونَ} [الزخرف:71].
وقال تعالى: {فِيهِنَّ قَـاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ (56) فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)} [الرحمن].
وقال تعالى: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِى الْخِيَامِ (72)} [الرحمن].
وقال تعالى: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [السجدة:17].
وقال تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَـبُ الجنّة هُمْ فِيهَا خَـلِدُونَ} صدق الله العظيم [يونس:26].
مهلاً مهلاً، وما هو الزائد على جنّات النّعيم؟
والجواب من محكم كتاب قال الله تعالى: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} صدق الله العظيم [الفتح:29].
إذاً النّعيم الذي يزيد على جنّة النّعيم هو نعيم رضوان الله عليهم، السائل يقول: مهلاً مهلاً، وكيف يكون نعيم رضوانه على عباده؟ فهل هو نعيمٌ روحيٌّ في قلوبهم أم نعيمٌ ماديٌّ؟
والجواب من مُحكم الكتاب: بل هو نعيم رضوان الربّ، روح يلقيها في القلب. وقال الله تعالى: {فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمقربين ﴿88﴾ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّت نَعِيمٍ ﴿89﴾ } صدق الله العظيم [الواقعة].
سؤال يطرح نفسه فهل نعيم الجنّة أكبر أم نعيم رضوان الله على عباده؟
والجواب من مُحكم الكتاب{وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جنّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جنّات عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} صدق الله العظيم [التوبة:72].
وعن النّعيم الأعظم سوف يُسألون لأنّ فيه سرّ الحكمة من خلقهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثمّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثمّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النّعيم (8)} [التكاثر].
سؤالٌ آخر، وما هو سرّ الحكمة من خلق الله لعباده هل لكي يدخلهم جنتّه أو يعذبهم بناره؟
والجواب من مُحكم الكتاب. قال الله تعالى:
{ وَمَا خَلَقْتُ الجنّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات:56].
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كلّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } [النحل:36].
{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } [الإسراء:23].
{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } صدق الله العظيم [النساء:36].
سؤال هام، قال الله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثمّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثمّ يَكُونُ حُطَامًا} صدق الله العظيم [الحديد:20].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون:9].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النّاس إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنيا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} صدق الله العظيم [فاطر:5].
والسؤال هو: فإذا ألهتهم الحياة الدُّنيا عن الحكمة من خلقهم حتى قضى أجلهم، فماذا سوف يسألهم الله عنه يوم لقائه؟
والجواب من مُحكم الكتاب: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثمّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ(7) ثمّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النّعيم (8)} [التكاثر].
الآن تبيّن للناس الحكمة من خلقهم فيقتضي سرّ الحكمة من خلقهم في النّعيم الذي ألهاهم عنه التكاثر في الحياة الدُّنيا وزينتها فعن النّعيم الذي ألهاهم عنه التكاثر في الحياة الدُّنيا سوف يُسألون لأنه الحكمة من خلقهم في هذه الحياة كما بيَّنت للناس من الكتاب، والسؤال الهام: فهل نعيم رضوان الله هو حقاً أكبر من جنّة النّعيم التي وعدهم بها؟
والجواب من محكم الكتاب. قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جنّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جنّات عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} صدق الله العظيم [التوبة:72].
إذاً ذلك النّعيم الذي يزيد على نعيم الجنّة هو نعيم رضوان الرحمن. تصديقاً لقول الله تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَـبُ الجنّة هُمْ فِيهَا خَـلِدُونَ} صدق الله العظيم [يونس:26].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴿٣٤﴾لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [ق].
فقد تبيّن أنّ المزيد هو ليس رؤية الله كما يقول على الله الذين لا يعلمون؛ بل النّعيم الزائد هو نعيم زائد على جنّة النّعيم؛ بل هو أعظم وأكبر منها وهو نعيم رضوان الله. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جنّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جنّات عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} صدق الله العظيم.
إذاً يا ناصر محمد اليماني علِّمني ما هي الدرجة العاليّة في الجنّة التي يرجو كلّ عبدٍ من عباد الله من الأنبياء والصالحين الربّانيين أن يكون هو.
والجواب من مُحكم الكتاب: إن الجنّة التي وعد الله بها المُتقون هي غرفةٌ واحدةٌ عرضها السماوات والأرض. تصديقاً لقول الله تعالى:
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴿٦٣﴾ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴿٦٤﴾ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴿٦٥﴾ إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴿٦٦﴾ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا ﴿٦٧﴾ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴿٦٨﴾ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴿٦٩﴾ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٧٠﴾ وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّـهِ مَتَابًا ﴿٧١﴾ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴿٧٢﴾ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ﴿٧٣﴾ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴿٧٤﴾ أُولَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ﴿٧٥﴾ خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴿٧٦﴾} صدق الله العظيم [الفرقان].
إذاً الجنّة التي عرضها السموات والأرض تتكون من غرفة كُبرى وداخلها غُرفٌ مبنيّة من فوقها غُرفٌ. تصديقاً لقول الله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا ربّهم لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} صدق الله العظيم [الزمر:20].
وأعلى غرفة فيها مُلتصقة بعرش الرحمن ولا ينبغي إلا أن تكون لعبدٍ واحدٍ من عباد الله سواءً يكون من عباد الله الصالحين أو من الأنبياء والمرسلين فأيّهم أقرب إلى الله يسكنها وعليها يتنافسون أيّهم أقرب إلى الله لكي يفوز بها، وكُل عبدٍ من عباد الرحمن الربّانيين يرجو أن يكون هو ذلك العبد. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَى ربّهم الْوَسِيلَةَ أيّهم أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
فابتغوا إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب حتى يكون صاحب تلك الغرفة العاليّة في قمة الجنّة؛ بل هي طيرمانة الجنّة التي عرضها السموات والأرض، فظنّ سليمان أنّ الوسيلة هي الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الله في الأرض وإدخال النّاس في الإسلام طوعاً أو كرها وهم صاغرون. ولذلك قال: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} صدق الله العظيم [ص:35].
وحين علم أنّه يُعبَد غير الله في سبأ كتب إليهم وقال: {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ﴿30﴾ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مسلمين ﴿31﴾} صدق الله العظيم [النمل:30]. وحين أرسلت له ملكة سبأ بهديةٍ؛ أطناناً من الذهب الخالص قال: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)} صدق الله العظيم [النمل:37]. وأراد أن يقطع السبيل على الآخرين من عباد الرحمن فيفوز هو بالدرجة العاليّة الرفيعة ولكن الله آتاه ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده من أهل بيته، فملك الجنّ والطير والريح فكيف يستطيعون أن يرثوها من بعده؟! فأمّا درجة الغرفة العاليّة في الجنّة فلم ينَلها هو وآتاه الله من غرف الأنبياء دونها ولم يُضِعِ اللهُ أجرَه ولكنّه لم يُدرك الوسيلةَ الحقّ.
وهكذا يبحث عبادُ الله المُقربون عن الوسيلة الحقّ ليفوزوا بالدرجة العاليّة الرفيعة في الجنّة كما عرّفناها لكم من محكم الكتاب أنّها أعلى الغرف المبنيّة في جنّات النّعيم؛ بل هي طيرمانة مبنيّة في قمة جنّة النّعيم سقفها عرش الرحمن مباشرةً وليس بينها وبين ذات الرحمن إلا الحجاب ولذلك يتنافس عليها كافة عباد الله المُقربون. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَى ربّهم الْوَسِيلَةَ أيّهم أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
إذاً يا أيها الإمام ناصر محمد اليماني، فمن الذي فاز بها من عباد الله؟ ثمّ يردّ عليكم الإمام المهديّ إلى النّعيم الأعظم ناصر محمد اليماني وأقول: فاز بها في عالم الكتاب الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني كما بشَّره بذلك محمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حين قابله في الرؤيا الحقّ، ثمّ بشّره محمدٌ رسول الله بها بإذن الله ثمّ أهداها لجدّه قُربةً إلى ربّه كوسيلةٍ إلى الرحمن لتحقيق النّعيم الأعظم منها فيكون الله راضياً في نفسه، وأعوذُ بالله أن أرضى بها وأنا أعلم ما يقوله الرحمن في نفسه بسبب ظُلم عباده لأنفسهم: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كلّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)} صدق الله العظيم [يس:30].
مهلاً مهلاً؛ ومتى يقول الله ذلك في نفسه؟ والجواب من محكم الكتاب: حين يهلكهم بسبب تكذيبهم لرسل ربّهم. وقال الله تعالى:
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمبين (17) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمرسلين (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِي لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنقِذُونِ (23) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مبين (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلْ الجنّة قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26 )بِمَا غَفَرَ لِي ربّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27))وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كلّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)} صدق الله العظيم [يس].
ولن يتحقق النّعيم الأعظم فيكون الله راضياً في نفسه على عباده حتى يدخل النّاس في رحمته فيجعلهم أمّةً واحدةً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} صدق الله العظيم [يونس:99].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(48)} صدق الله العظيم [المائدة].
وتصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جهنّم مِنَ الجنّة وَالنّاس أَجْمَعِينَ(119)} صدق الله العظيم [هود].
مهلاً مهلاً أيها الإمام ناصر محمد اليماني فهل خلقهم الله للاختلاف؟ ألم يقل الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاس أمّةً واحدةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جهنّم مِنَ الجنّة وَالنّاس أَجْمَعِينَ(119)} صدق الله العظيم [هود]؟
الجواب من مُحكم الكتاب: لم يخلقهم الله للاختلاف. وقال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجنّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} صدق الله العظيم [الذاريات:56].
إذاً أيها الإمام فما يقصد بقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاس أمّة واحدة وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)} صدق الله العظيم [هود]؟
والجواب من محكم الكتاب: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} صدق الله العظيم [الأعراف:30].
إذاً أيُّها الإمام فلماذا يقول الله تعالى: { إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } صدق الله العظيم [هود:119]؟
ذلك صاحب الهدف الأعظم عبد النّعيم الأعظم من جنّات النّعيم الذي لم يتخذ النّعيم الأعظم وسيلةً لتحقيق النّعيم الأصغر الدرجة العاليّة الرفيعة في جنّة النّعيم؛ بل اتَّخذ الدرجة العاليّة الرفيعة في جنّة النّعيم وسيلةً لتحقيق النّعيم الأعظم فأنفقها لجده قُربةً إلى ربّه لتحقيق النّعيم الأعظم منها وهو أن يكون الله راضياً في نفسه، وكيف يكون راضياً في نفسه؟ حتى يجعل النّاس كُلهم أجمعون أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيم.
مهلاً مهلاً أيُّها الإمام، وهل تقصد أن الله خلقهم من أجل المهديّ؟
والجواب: أعوذُ بالله من غضب الله وما أنا إلا عبدٌ من عباد الله الصالحين؛ بل يقصد بقوله: {إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} صدق الله العظيم [هود:119]، أيْ إنّ الله رحم الإمام المهديّ بتحقيق الهدف الذي خلقهم الله من أجله ليتحقق نعيم الإمام المهديّ الأعظم من جنّات النّعيم وهو أن يكون الله راضياً في نفسه، وكيف يكون راضياً في نفسه؟ وذلك حتى يجعل النّاس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيم يعبدون الله وحده لا يشركون به شيئاً .
أفلا ترى يا محمود إنك ظلمت الإمام المهديّ ظُلما عظيماً، وها نحن قد أكرمناك بهذا البيان العظيم إن شئت الهدى مُحاولةً أخيرةً لإنقاذك إن لم تكن من شياطين البشر، وأقمنا عليك الحجّة بالحقّ وتثبيتاً للأنصار السابقين الأخيار الذين زلزلتهم يا محمود زِلزالاً شديداً إلا قليلاً منهم، وكيف لا يغضب الله عليك يا محمود والفتنة عن الحقّ لهي أشدُّ عند الله إثماً من القتل في الكتاب أن تفتن المؤمنَ عن الحقّ يا محمود؟ فساعةً تخاطب بخطاب الأنثى! وساعة ً بخطاب الذكر! ولا يهمني تكون ذكراً أم أنثى؛ بل يهمني أن تهتدي إلى صراطٍ مستقيم فتعبد الله وحده لا شريك فلا تفضّل الإمام المهديّ في حُبّ الله وقربه ولا أحداً من أنبياء الله ورسله، فهل وجدت يا محمود أن أحداً من الأنبياء الذي فضّل الله بعضهم على بعض فهل وجدت الأدنى تفضيلاً قد فضَّل الذي فضَّلهم الله عليه أن يكون أقرب منه إلى ربّه؟ والجواب كلا ثمّ كلا؛ بل يتنافسون على ربّهم أيّهم أقرب. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَى ربّهم الْوَسِيلَةَ أيّهم أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
ولكن للأسف إنّ أكثر النّاس لا يؤمنون، وكذلك للأسف إنّ القليل الذين آمنوا لا يؤمن أكثرهم إلا وهم مشركون بربهم عباده المقربين. وقال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} صدق الله العظيم [يوسف:106].
ويا معشر المسلمين والنّاس أجمعين، كيف يكون على الضلال الإمامُ المهديّ الذي يدعوكم إلى عبادة الله وحده لا شريك له؟ فهل إذا اتبعتموني ترون إنكم قد ضَلَلْتُم عن الصراط المستقيم بعبادة الله وحده لا شريك له؟ أفلا تتقون يا معشر المسلمين المؤمنين بالقرآن العظيم؟ فهل أحاجِجكم إلا بالقرآن العربيّ المبين لعالِمكم وجاهِلكم؟ ولكن مُشكلتُكم هي إنكم ترفضون أن تعبدوا الله وحده فتتنافسون على حُبّه وقربه كما أمركم الله في مُحكم كتابه، في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:35].
بمعنى أن تبتغوا إلى ربّكم الوسيلة أيُّكم أحبّ وأقرب. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَى ربّهم الْوَسِيلَةَ أيّهم أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
ألا والله لو يسأل الإمام المهديّ أكبر فطحولٍ من علماء النّصارى وأقول: فهل ترى أنه يجوز لك أن تُنافس رسول الله المسيح عيسى ابن مريم – صلى الله عليه وعلى أمّه وآل عمران وسلّم - في حُبّ الله وقربّه؟ لزأر في وجه المهديّ المنتظَر وقال: "كيف تُريدني أن أُنافس ولد الله في حُبّ الله وقربّه؟ بل ولد الله أولى بأبيه مني! بل أنا أعبد المسيح عيسى ابن مريم قربةً إلى الله لأنه ولد الله ليقربني إلى ربّي". ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ وأقول: سبحان الله العظيم عمّا يشركون وتعالى علواً كبيراً!
وكذلك لو أسأل أكبر فطحول من علماء أمّة الإسلام الأميين التّابعين لجدي النّبيّ الأمّي محمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: هل ترون أنّه ينبغي لكم أن تُنافسوا محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - في حُبّ الله وقربه؟ كذلك سوف يزأر علينا بصوت مرتفع: "وكيف تُريدني أن أُنافس محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - خاتم النبيين شفيعنا بين يدي الله يوم الدين؟ فاذهب أيها المجنون". ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ: فهل تعبد الله أم تعبد محمداً رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ ثمّ يردّ علينا: "بل أعبد الله وحده لا شريك له". ثمّ يسأله الإمام المهديّ مرةً أخرى ويقول: وهل تحبّ مُحمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أكثر أم الله؟ ثمّ يردّ علينا: "بل أحبّ الله أكثر من محمدٍ عبده ورسوله". ثمّ يردّ عليه الإمام المهدي: ألا والله لو كنت تحبّ الله أكثر من حبّك لمحمدٍ عبده ورسوله لأخذتك الغيرة على ربِّك من شدة حبّك لربّك ولنافست كافة الأنبياء والمرسلين في حُبّ الله وقربه، ألا والله لو لم تزالوا على الهُدى لما ابتعث الله الإمام المهديّ ليهديكم إلى صراط العزيز الحميد بالبيان الحقّ للقرآن المجيد.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد، وسلامٌ على المرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين.
خليفة الله وعبده الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
_______________