د.قصي بن عبدالمحسن الخنيزي
شهدت الأعوام القليلة الماضية طرح عدد من المواضيع والحلول المرتبطة
بارتفاع أسعار العقار وخصوصاً أسعار الأراضي التي تستخدم للبناء الفردي أو
التطوير العقاري في محاولة لرفع مستويات العرض الكلي لتتناسب مع ارتفاع
الطلب خصوصاً في المدن الكبرى بهدف الوصول إلى نقطة توازن يرتفع فيها كم
الوحدات السكنية في الاقتصاد مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار تبعاً
للمحصلة النهائية. وتم اقتراح وطرح عدة حلول تنظيمية ترتبط بالمخططات
والمنح، تحفيز التمويل العقاري والتسريع بإصدار نظام الرهن العقاري، دعم
وإعادة هيكلة الصناديق الحكومية ذات العلاقة مثل صندوق التنمية العقارية،
واقتراح تكرر أكثر من مرة وبمستويات مختلفة بشأن فرض زكاة أو ضريبة على
الأراضي البيضاء التي يتم الاحتفاظ بها لأغراض استثمارية. وقد نفت وزارة
العدل يوم الأربعاء الماضي في بيان تم إرساله إلى ''الاقتصادية'' وجود
مشروع ناشئ لديها يتعلق بفرض زكاة على الأراضي البيضاء المعدة للتجارة.
كما قالت الوزارة أنها لا تتوقع ارتفاع أو انخفاض أسعار العقارات، لأن هذا
ليس من اختصاصها''. هذا النفي السريع والقاطع من قبل وزارة العدل يدل على
عدم وجود مشروع فرض الزكاة على الأراضي البيضاء المعدة للتجارة، ومن أهم
ما في التصريح هو التأكيد بأن أسعار العقارات وسوقها ليست من اختصاصات
الوزارة.
وقد طرح هذا الموضوع من قبل في مجلس الشورى الذي حدد في توصية سابقة
الضوابط التي يستدل من خلالها كون الأرض معدة للتجارة والتي تشتمل على
''أن تكون الأرض معروضة للمساهمة العامة، وأن تكون داخل النطاق العمراني،
وهي من السعة حيث لا يتصور عرفاً أن تكون للاستعمال الخاص، وأن يزيد ما
عنده من أراضٍ على حاجته الخاصة وحاجة أسرته''. وقد أيد عبد الله الأحمري
رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة القرار وذهب إلى التأكيد على أن ''فرض
الزكاة على الأراضي هو الطريق السهل للتحكم في المضاربات المحمومة في
العقارات والتي أوصلت بدورها الأسعار إلى مستويات غير مقبولة ومبالغ فيها
وتعتبر أكبر حافز للبيع أو التطوير في العقارات المعلقة والمتروكة داخل
النطاق العمراني للمدن. وبين رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة التجارية
أن الأسعار الحالية لن تصمد أمام فرض الزكاة لو أقرت، وستبدأ في التراجع
تدريجيا إلى أن تصل لانخفاض بـ 50 في المائة خلال ثلاثة أعوام. وستسهم تلك
الخطوة في سد ثغرة كبيرة من الاحتياج للمساكن، حيث يبدي كثير من
المستثمرين العقاريين استعدادهم توفير منازل بأسعار مناسبة في حال توافرت
لهم الأراضي لتطويرها''.
حقيقة، يفتقد الطرح السابق سواء المرتبط بضوابط تحديد الأراضي البيضاء
المعدة للتجارة أو رأي رئيس اللجة العقارية في غرفة جدة المرتبط
بالتأثيرات المتوقعة لهكذا قرار كثيرا من العلمية. أي أن الضوابط وتوقع
تأثيراتها من الأرجح أن تؤدي إلى نتائج عكسية لهدف خفض أسعار العقار من
خلال تحفيز العرض الكلي. فعلى سبيل المثال، من المستحيل التمكن قانونياً
تحديد حاجة المالك لأرض هو وأسرته إلى الأراضي وبالإمكان أن يتم الالتفات
على هذا المحدد من خلال استخدام أسماء الأبناء والأقارب وغير ذلك أو حتى
الوصول إلى صيغ من البيع والشراء تكون محصلتها صفر وتمكن من الالتفاف على
هذا المحدد. أما، تطبيق الزكاة بشكل انتقائي على الأراضي المعدة للتجارة
فقد يخلق إشكالات من ناحية ''التعريف'' والتحديد. أما في استنتاجات رئيس
اللجنة العقارية في غرفة جدة فهي عجيبة وغريبة، فكيف سيؤدي فرض الزكاة على
الأراضي المعدة للتجارة إلى التحكم في المضاربات ولن يؤدي إلى زيادة أسعار
هذه الأراضي وخلق فقاعة في سوق الأراضي البيضاء؟ فمثلاً، لو كانت هناك
مضاربات محمومة على أرض قيمتها 100 ألف وبارتفاعات في المضاربة تبلغ 10 في
المائة، فإن السعر التالي للأرض سيبلغ 110 آلاف، وحين تباع مرة أخرى
فسيبلغ السعر 121 ألف ريال كسعر للأرض بعد أن بيعت لشخصين. أما حين يتم
تطبيق زكاة الأراضي ولنفترض أنها 2.5 في المائة، فإن سعر التكلفة للأرض مع
الزكاة يبلغ 112.5 في أول بيع ثم يرتفع إلى 126.6 في المائة وهو يشمل
ارتفاع بنحو 10 في المائة، إضافة إلى زكاة الأرض البيضاء. إذن، قد يؤدي
تطبيق الزكاة على الأراضي المعدة للتجارة إلى إضافة تكلفة الزكاة لتكلفة
الأرض الكلية ما قد يؤدي إلى نتائج معاكسة للأهداف المطلوبة. وحقيقة، لا
أعلم من أين أتى رئيس اللجنة العقارية بتوقع انخفاض أسعار العقار بنحو 50
في المائة خلال ثلاث سنوات!
وأخيراً، تعد فكرة فرض الزكاة على الأراضي البيضاء المعدة للتجارة
جميلة نظرياً وعلى الورق إلا أنها من الصعب أن تصمد أمام حقائق السوق
وتحدي التطبيق، فمشكلة الإسكان وارتفاع الأسعار ترتبط أولاً وأخيراً
بالعرض الكلي والطلب الكلي الحقيقي والآليات التي تؤثر في جانبي العرض
والطلب بشكل مباشر كالتمويل العقاري، أسعار الأراضي وتقنيات البناء
المستخدمة والتي تؤثر بشكل مباشر في تكلفة الوحدات العقارية.
شهدت الأعوام القليلة الماضية طرح عدد من المواضيع والحلول المرتبطة
بارتفاع أسعار العقار وخصوصاً أسعار الأراضي التي تستخدم للبناء الفردي أو
التطوير العقاري في محاولة لرفع مستويات العرض الكلي لتتناسب مع ارتفاع
الطلب خصوصاً في المدن الكبرى بهدف الوصول إلى نقطة توازن يرتفع فيها كم
الوحدات السكنية في الاقتصاد مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار تبعاً
للمحصلة النهائية. وتم اقتراح وطرح عدة حلول تنظيمية ترتبط بالمخططات
والمنح، تحفيز التمويل العقاري والتسريع بإصدار نظام الرهن العقاري، دعم
وإعادة هيكلة الصناديق الحكومية ذات العلاقة مثل صندوق التنمية العقارية،
واقتراح تكرر أكثر من مرة وبمستويات مختلفة بشأن فرض زكاة أو ضريبة على
الأراضي البيضاء التي يتم الاحتفاظ بها لأغراض استثمارية. وقد نفت وزارة
العدل يوم الأربعاء الماضي في بيان تم إرساله إلى ''الاقتصادية'' وجود
مشروع ناشئ لديها يتعلق بفرض زكاة على الأراضي البيضاء المعدة للتجارة.
كما قالت الوزارة أنها لا تتوقع ارتفاع أو انخفاض أسعار العقارات، لأن هذا
ليس من اختصاصها''. هذا النفي السريع والقاطع من قبل وزارة العدل يدل على
عدم وجود مشروع فرض الزكاة على الأراضي البيضاء المعدة للتجارة، ومن أهم
ما في التصريح هو التأكيد بأن أسعار العقارات وسوقها ليست من اختصاصات
الوزارة.
وقد طرح هذا الموضوع من قبل في مجلس الشورى الذي حدد في توصية سابقة
الضوابط التي يستدل من خلالها كون الأرض معدة للتجارة والتي تشتمل على
''أن تكون الأرض معروضة للمساهمة العامة، وأن تكون داخل النطاق العمراني،
وهي من السعة حيث لا يتصور عرفاً أن تكون للاستعمال الخاص، وأن يزيد ما
عنده من أراضٍ على حاجته الخاصة وحاجة أسرته''. وقد أيد عبد الله الأحمري
رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة القرار وذهب إلى التأكيد على أن ''فرض
الزكاة على الأراضي هو الطريق السهل للتحكم في المضاربات المحمومة في
العقارات والتي أوصلت بدورها الأسعار إلى مستويات غير مقبولة ومبالغ فيها
وتعتبر أكبر حافز للبيع أو التطوير في العقارات المعلقة والمتروكة داخل
النطاق العمراني للمدن. وبين رئيس اللجنة العقارية في غرفة جدة التجارية
أن الأسعار الحالية لن تصمد أمام فرض الزكاة لو أقرت، وستبدأ في التراجع
تدريجيا إلى أن تصل لانخفاض بـ 50 في المائة خلال ثلاثة أعوام. وستسهم تلك
الخطوة في سد ثغرة كبيرة من الاحتياج للمساكن، حيث يبدي كثير من
المستثمرين العقاريين استعدادهم توفير منازل بأسعار مناسبة في حال توافرت
لهم الأراضي لتطويرها''.
حقيقة، يفتقد الطرح السابق سواء المرتبط بضوابط تحديد الأراضي البيضاء
المعدة للتجارة أو رأي رئيس اللجة العقارية في غرفة جدة المرتبط
بالتأثيرات المتوقعة لهكذا قرار كثيرا من العلمية. أي أن الضوابط وتوقع
تأثيراتها من الأرجح أن تؤدي إلى نتائج عكسية لهدف خفض أسعار العقار من
خلال تحفيز العرض الكلي. فعلى سبيل المثال، من المستحيل التمكن قانونياً
تحديد حاجة المالك لأرض هو وأسرته إلى الأراضي وبالإمكان أن يتم الالتفات
على هذا المحدد من خلال استخدام أسماء الأبناء والأقارب وغير ذلك أو حتى
الوصول إلى صيغ من البيع والشراء تكون محصلتها صفر وتمكن من الالتفاف على
هذا المحدد. أما، تطبيق الزكاة بشكل انتقائي على الأراضي المعدة للتجارة
فقد يخلق إشكالات من ناحية ''التعريف'' والتحديد. أما في استنتاجات رئيس
اللجنة العقارية في غرفة جدة فهي عجيبة وغريبة، فكيف سيؤدي فرض الزكاة على
الأراضي المعدة للتجارة إلى التحكم في المضاربات ولن يؤدي إلى زيادة أسعار
هذه الأراضي وخلق فقاعة في سوق الأراضي البيضاء؟ فمثلاً، لو كانت هناك
مضاربات محمومة على أرض قيمتها 100 ألف وبارتفاعات في المضاربة تبلغ 10 في
المائة، فإن السعر التالي للأرض سيبلغ 110 آلاف، وحين تباع مرة أخرى
فسيبلغ السعر 121 ألف ريال كسعر للأرض بعد أن بيعت لشخصين. أما حين يتم
تطبيق زكاة الأراضي ولنفترض أنها 2.5 في المائة، فإن سعر التكلفة للأرض مع
الزكاة يبلغ 112.5 في أول بيع ثم يرتفع إلى 126.6 في المائة وهو يشمل
ارتفاع بنحو 10 في المائة، إضافة إلى زكاة الأرض البيضاء. إذن، قد يؤدي
تطبيق الزكاة على الأراضي المعدة للتجارة إلى إضافة تكلفة الزكاة لتكلفة
الأرض الكلية ما قد يؤدي إلى نتائج معاكسة للأهداف المطلوبة. وحقيقة، لا
أعلم من أين أتى رئيس اللجنة العقارية بتوقع انخفاض أسعار العقار بنحو 50
في المائة خلال ثلاث سنوات!
وأخيراً، تعد فكرة فرض الزكاة على الأراضي البيضاء المعدة للتجارة
جميلة نظرياً وعلى الورق إلا أنها من الصعب أن تصمد أمام حقائق السوق
وتحدي التطبيق، فمشكلة الإسكان وارتفاع الأسعار ترتبط أولاً وأخيراً
بالعرض الكلي والطلب الكلي الحقيقي والآليات التي تؤثر في جانبي العرض
والطلب بشكل مباشر كالتمويل العقاري، أسعار الأراضي وتقنيات البناء
المستخدمة والتي تؤثر بشكل مباشر في تكلفة الوحدات العقارية.