الإتحاف بأحكام الاعتكاف !!
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
وبعـــــــــــــــد .. ..
أولاً : تعريف الإعتكاف لغة :
الإعتكاف : افتعال من عكف على الشيء يعْكُف ويعْكِف عكفاً وعكوفاً وهو يأتي متعدٍ ويكون مصدره العكف ، ولازم ويكون مصدره العكوف .
والمتعدي لغة : بمعنى الحبس والمنع ومنه قوله تعالى :
( وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)(الفتح: من الآية25) . أي : محبوساً . ويقال عكفته عن حاجته أي : منعته .
واللازم لغة : بمعنى ملازمة الشيء والمواظبة والإقبال والمقام عليه خيراً كان أو شراً ؛
ومنه قوله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) أي مقيمون ،
ومنه قوله : ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) أي ملازمون ،
وقال تعالى : ( وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفاً ) أي مقيماً .
اصطلاحاً : هو لزوم مسجد لعبادة الله تعالى من شخص مخصوص على صفة مخصوصة .
ثانياً : حكمته :
من
حكم الإعتكاف صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى بلم شعثه
بالإقبال على الله تعالى وترك فضول المباحات وتحقيق الأنس بالله تعالى
والاشتغال به وحده والتفكر في تحصيل مراضيه .
ثالثاً : أدلة مشروعيته :
دل على مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع :
1- الكتاب :
قوله
تعالى : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا
بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) البقرة
125
وقوله تعالى : ( وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة 187
فإضافته إلى المساجد المختصة بالقربات وترك الوطء المباح لأجله دليل على أنه قربة .
2- السنة : قول عائشة رضي الله عنها :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده )
[ رواه البخاري برقم ( 2026 ) ومسلم برقم ( 1172 ) ] . ويأتي غيره من الأحاديث .
3- الإجماع : نقله ابن المنذر وابن حزم والنووي وابن قدامه وشيخ الإسلام والقرطبي وابن هبيرة والزركشي وابن رشد .
رابعاً : حكم الاعتكاف :
وفيه ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : حكمه للرجل :
حكمه لغير المرأة سنة وقد حكي إجماعاً لأدلة مشروعيته المتقدمة .
وقد روى بعض المالكية كراهته عن الإمام مالك رحمه الله وقال : ( ما رأيت صحابياً اعتكف )
وذكر أنه لم يبلغه عن أحد أنه اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الرحمن قال : ( وذلك والله أعلم لشدة الاعتكاف )
وعلل بعضهم كراهته لأنه من الرهبانية المنهي عنها أو أنه كرهه مخافة ألا يوفي شرطه .
قال ابن حجر : " لعله أراد صفة مخصوصة ، وإلا فقد حكيناه عن غير واحد من الصحابة أنه اعتكف " .
المسألة الثانية : حكمه للمرأة :
اختلف العلماء في حكمه للمرأة على أقوال أرجحها هو قول الجمهور : أنه يسن لها الإعتكاف كالرجل .
واستدلوا لذلك بما يلي :
1- عمومات أدلة مشروعية الإعتكاف والتي لم تفرق بين الرجل والمرأة .
2- قوله تعالى : ( فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا) مريم 17
وقوله : ( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ) آل عمران 37
وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه .
3- حديث عائشة رضي الله عنها وفيه : ( إذنه صلى الله عليه وسلم لها ولحفصة رضي الله عنهما أن يعتكفا معه )
[ البخاري ( 2041 ) ومسلم ( 1173 ) ] .
4-
حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( اعتكف معه امرأة من أزواجه مستحاضة
فكانت ترى الحمرة والصفرة فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي )
[ البخاري ( 309 ) ] . وقد جاء مفسراً بأنها أم سلمة رضي الله عنها .
5- حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهن من المسجد حتى يطهرن )
[ عزاه ابن قدامة في المغني 4/487 لأبي حفص العكبري وعزاه ابن مفاح في الفروع 3/176 لابن بطة وقال : " إسناد جيد " .
وأما
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنقض قباب أزواجه لما أردن الإعتكاف معه
فإنه فعل ذلك عليه الصلاة والسلام لما خافه عليهن من المنافسة والغيرة
ولهذا قال : ( آلبر يُردن ؟ ) .
المسألة الثالثة : حكمه في غير رمضان والعشر الأواخر منه :
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ذلك على أقوال أرجحها هو قول الجمهور وهو أنه مسنون واستدلوا على ذلك بما يلي :
1- عمومات أدلة الإعتكاف وهي تشمل رمضان وغيره والعشر وغيرها .
2-
حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه ... وترك الإعتكاف في رمضان حتى
اعتكف العشر الأواخر من شوال )
[ البخاري ( 2040 ) ] وعند مسلم ( 1173 )
( العشر الأول من شوال ) . فدل على أن رمضان والعشر محل لشرعية الإعتكاف .
3- حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ؟ قال صلى الله عليه وسلم : {فأوفِ بنذرك })
[ البخاري ( 2032 ) ومسلم ( 1656 ) ] .
وهذا يشمل كل ليلة في رمضان وغيره في العشر وغيرها .
4- حديث أبي هريرة رضي الله عنها قال :
( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً )
[ البخاري ( 2044 ) ]
فدل على أن غير العشر محل لشرعية الاعتكاف .
وغير ذلك من الأدلة .
وهذا والله أعلم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
وبعـــــــــــــــد .. ..
أولاً : تعريف الإعتكاف لغة :
الإعتكاف : افتعال من عكف على الشيء يعْكُف ويعْكِف عكفاً وعكوفاً وهو يأتي متعدٍ ويكون مصدره العكف ، ولازم ويكون مصدره العكوف .
والمتعدي لغة : بمعنى الحبس والمنع ومنه قوله تعالى :
( وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)(الفتح: من الآية25) . أي : محبوساً . ويقال عكفته عن حاجته أي : منعته .
واللازم لغة : بمعنى ملازمة الشيء والمواظبة والإقبال والمقام عليه خيراً كان أو شراً ؛
ومنه قوله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) أي مقيمون ،
ومنه قوله : ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) أي ملازمون ،
وقال تعالى : ( وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفاً ) أي مقيماً .
اصطلاحاً : هو لزوم مسجد لعبادة الله تعالى من شخص مخصوص على صفة مخصوصة .
ثانياً : حكمته :
من
حكم الإعتكاف صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى بلم شعثه
بالإقبال على الله تعالى وترك فضول المباحات وتحقيق الأنس بالله تعالى
والاشتغال به وحده والتفكر في تحصيل مراضيه .
ثالثاً : أدلة مشروعيته :
دل على مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع :
1- الكتاب :
قوله
تعالى : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا
بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) البقرة
125
وقوله تعالى : ( وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة 187
فإضافته إلى المساجد المختصة بالقربات وترك الوطء المباح لأجله دليل على أنه قربة .
2- السنة : قول عائشة رضي الله عنها :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده )
[ رواه البخاري برقم ( 2026 ) ومسلم برقم ( 1172 ) ] . ويأتي غيره من الأحاديث .
3- الإجماع : نقله ابن المنذر وابن حزم والنووي وابن قدامه وشيخ الإسلام والقرطبي وابن هبيرة والزركشي وابن رشد .
رابعاً : حكم الاعتكاف :
وفيه ثلاث مسائل :
المسألة الأولى : حكمه للرجل :
حكمه لغير المرأة سنة وقد حكي إجماعاً لأدلة مشروعيته المتقدمة .
وقد روى بعض المالكية كراهته عن الإمام مالك رحمه الله وقال : ( ما رأيت صحابياً اعتكف )
وذكر أنه لم يبلغه عن أحد أنه اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الرحمن قال : ( وذلك والله أعلم لشدة الاعتكاف )
وعلل بعضهم كراهته لأنه من الرهبانية المنهي عنها أو أنه كرهه مخافة ألا يوفي شرطه .
قال ابن حجر : " لعله أراد صفة مخصوصة ، وإلا فقد حكيناه عن غير واحد من الصحابة أنه اعتكف " .
المسألة الثانية : حكمه للمرأة :
اختلف العلماء في حكمه للمرأة على أقوال أرجحها هو قول الجمهور : أنه يسن لها الإعتكاف كالرجل .
واستدلوا لذلك بما يلي :
1- عمومات أدلة مشروعية الإعتكاف والتي لم تفرق بين الرجل والمرأة .
2- قوله تعالى : ( فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا) مريم 17
وقوله : ( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ) آل عمران 37
وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه .
3- حديث عائشة رضي الله عنها وفيه : ( إذنه صلى الله عليه وسلم لها ولحفصة رضي الله عنهما أن يعتكفا معه )
[ البخاري ( 2041 ) ومسلم ( 1173 ) ] .
4-
حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( اعتكف معه امرأة من أزواجه مستحاضة
فكانت ترى الحمرة والصفرة فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي )
[ البخاري ( 309 ) ] . وقد جاء مفسراً بأنها أم سلمة رضي الله عنها .
5- حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهن من المسجد حتى يطهرن )
[ عزاه ابن قدامة في المغني 4/487 لأبي حفص العكبري وعزاه ابن مفاح في الفروع 3/176 لابن بطة وقال : " إسناد جيد " .
وأما
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنقض قباب أزواجه لما أردن الإعتكاف معه
فإنه فعل ذلك عليه الصلاة والسلام لما خافه عليهن من المنافسة والغيرة
ولهذا قال : ( آلبر يُردن ؟ ) .
المسألة الثالثة : حكمه في غير رمضان والعشر الأواخر منه :
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ذلك على أقوال أرجحها هو قول الجمهور وهو أنه مسنون واستدلوا على ذلك بما يلي :
1- عمومات أدلة الإعتكاف وهي تشمل رمضان وغيره والعشر وغيرها .
2-
حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه ... وترك الإعتكاف في رمضان حتى
اعتكف العشر الأواخر من شوال )
[ البخاري ( 2040 ) ] وعند مسلم ( 1173 )
( العشر الأول من شوال ) . فدل على أن رمضان والعشر محل لشرعية الإعتكاف .
3- حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ؟ قال صلى الله عليه وسلم : {فأوفِ بنذرك })
[ البخاري ( 2032 ) ومسلم ( 1656 ) ] .
وهذا يشمل كل ليلة في رمضان وغيره في العشر وغيرها .
4- حديث أبي هريرة رضي الله عنها قال :
( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً )
[ البخاري ( 2044 ) ]
فدل على أن غير العشر محل لشرعية الاعتكاف .
وغير ذلك من الأدلة .
وهذا والله أعلم